جاء ذكر اسم الخبير فى القرآن فى مواطن عديدة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى(وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ? وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) "الأنعام 18" قال إمام الدعاة رحمه الله فى خواطره حول هذه الآية: إن الله سبحانه وتعالى رتب الكون والخلق بأسباب ومسببات وكل شيء موجود هو واسطة بين شيء وشيء آخر فالأرض واسطة لاستقبال النبات، والإنسان واسطة بين أبيه وابنه، ولنعلم جميعا أن الحق فوق عباده لأنه غالب بقدرته، يدير الكون بحكمة وإحاطة علم. فكلمة الخبير كما وضحها الإمام ابن القيم: هو الذى انتهى علمه إلى الإحاطة ببواطن الأشياء وخفاياها كما أحاط بظواهرها، فكيف يخفى على اللطيف الخبير ما تحويه الضمائر وما تخفيه الصدور وهو خالقها. ويقول إمام الدعاة: إنه سبحانه وتعالى غنى عن إخبار أحد بذنوب عباده فهو أعلم بها لأنه سبحانه لا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماء (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِى الصُّدُورُ) “غافر 19” فسبحانه وتعالى لا يحتاج إلى أن يخبر عباده بما فى صدورهم وما يدور بأفكارهم بل يكفى إذا طلب العبد الصالح طلبا يعلم أنه مجيب بفائدة تتحقق أو دعاء يستجاب فيدرك أن الخالق قد اطلع على أسرار صدره وأجابها. وقال إمام الدعاة: هنا قد يقول قائل: طالما أن الله تعالى يعلم كل شيء ولا تخفى عليه خافية فلماذا يسأل الناس يوم القيامة عن أعمالهم؟ نقول والقول لإمام الدعاة: لأن السؤال يرد لإحدى فائدتين: الأولى كأن يسأل الأستاذ تلميذه فى الامتحان لا ليعلم منه ولكن ليقدره بما علم، وهكذا الحق سبحانه ولله المثل الأعلى يسأل عبده يوم القيامة عن أعماله ليقدره بها، وليجعله شاهدا على نفسه، فإذا علم العبد أنه سبحانه مطلع على سره فليرفع همته إليه ويستحضر حاجته بقلبه لربه من غير أن ينطق بلسانه أو يعرب عن بيانه، حكى أن رجلا جاء إلى أبى يزيد البسطامى وقال: أيها الشيخ إن الناس قد احتاجوا إلى المطر فادع الله يرزقهم به قال أبو يزيد: يا رجل أصلح الميزان. فلم يفرغ الرجل من إصلاح الميزان حتى جاء المطر ولم يتكلم بشيء بعدها، فأدرك الرجل أن علام الغيوب اطلع على ما فى صدر البسطامى وأجاب دعاءه الخفي.