أكد توركو داودوف، نائب المفتي العام ، أن المسلمين في الشيشان يتمتعون بحرية بناء المساجد ويتلقون الدعم الكامل للجامعات والمعاهد والمراكز الإسلامية من روسيا الاتحادية. وكذلك إطلاق القنوات الفضائية التي تحمل لواء الدعوة، والتي تتحمل الدولة تكاليف بثها ومصروفاتها. وقال في حوار مع « الأهرام» إن الوجود الإسلامي في منطقة القوقاز الشمالي له عدة خصوصيات تميزه عن غيره، منها وصول الإسلام مبكرًا في عهد الصحابة، بالإضافة إلى أن المسلمين الروس مواطنون أصليون، ويوجد تفاعل وتعاون وتواصل بين المسلمين الروس وإخوانهم في العالم الإسلامي، كما أن نموذج التعايش السلمي هناك يُضرب به المثل، والشعب الشيشانى يمثل المسلمون فيه نسبة مائة بالمائة، فإلى نص الحوار... بداية نود التعريف بكم؟ وما هى رحلتكم فى طلب العلم؟ اسمى توركو داودوف، من القومية الشيشانية، سافرت إلى سوريا حينما كان عمرى 17 سنة، والتحقت بمعهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، ثم كلية الدعوة الإسلامية، وانتقلت إلى دولة الكويت، حيث عملت بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وكنت مسئولاً عن تنسيق العلاقة للوزارة مع الإدارات الدينية والمؤسسات الإسلامية فى روسيا الاتحادية وجمهوريات الاتحاد السوفييتى سابقاً، والآن أشغل منصب نائب مفتى الشيشان للعلاقات الخارجية. ما الأهمية الإستراتيجية لمنطقة القوقاز الشمالي؟ منطقة القوقاز لها أهمية إستراتيجية كبرى، فعلى المستوى الجغرافي، تمثل خطًّا فاصلاً بين قارتى آسيا وأوروبا، كما أنها تربط بحر قزوين بالبحر الأسود، وهى غنية بالبترول، وكان بها أكبر ثانى مصنع لتصفية البترول خلال حقبة الاتحاد السوفييتى السابق، وتمر عبر المنطقة وخاصة الشيشان خطوط أنابيب بترول بحر قزوين نحو الخارج. وعلى المستوى الحضاري، تعد منطقة فاصلة بين العالم الإسلامى جنوباً والعالم المسيحى شمالاً، ويمارس مسلمو القوقاز دوراً فى التواصل الحضارى بين روسيا والعالم الإسلامى والعربي. متى وصل الإسلام إلى الشيشان؟ يعود تاريخ الإسلام فى القوقاز إلى عهد الخليفة العادل عمر بن الخطاب عندما وجه حملة بقيادة سراقة بن عمرو إلى بلاد الفرس ووصلت فى عام 22ه حتى مدينة «دربنت» فى جمهورية داغستان، وفى هذه المدينة توجد قلعة وبها مقبرة لنحو أربعين من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، ويقال: إنهم كانوا من الأنصار وعلى رأسهم سلمان وعبدالرحمن ابنا ربيعة، وتعد هذه القلعة من معالم البلاد التاريخية الأثرية، ويعتنى بها من قبل وكالة فيدرالية للرقابة والحفاظ على الإرث الثقافى والتاريخى فى روسيا. ماذا عن المذاهب الإسلامية داخل روسيا عموما والقوقاز الشمالى خصوصا؟ المسلمون فى روسيا يتبعون منهج أهل السنة والجماعة، ولم يكن لهم احتكاك بأى فرق إسلامية أخرى. ونحن فى منطقة القوقاز الشمالى نتبع المدرسة الأشعرية والماتريدية، وفى الفقه نتبع المذهب الحنفى والمذهب الشافعي. هل لديكم جامعات إسلامية معترف بها أو مدارس أو فضائيات؟ لدينا جامعات ومعاهد إسلامية معترف بها من قبل السلطات الروسية الرسمية وبتمويل من الدولة، ولدينا الحرية الكبيرة فى بناء المساجد، وترجمة الكتب الإسلامية من شتى اللغات إلى اللغة الروسية، وإطلاق القنوات الفضائية التى تحمل لواء الدعوة، مثل قناة «الطريق» باسم المرحوم أحمد حاج قاديروف، حيث تتحمل الدولة تكاليف بثها ومصروفاتها، ولدينا بث إذاعى إسلامى خاص بنا فى جمهورية الشيشان، وكذلك الجمهوريات المجاورة لها بث إذاعى خاص بها، وإن لم يكن لديها بث تلفازى حتى الآن. ماذا عن التصوف ودوره فى نشر الدعوة الإسلامية فى الشيشان؟ لولا «التصوف» فى عهد الشيوعية لانقرض المسلمون، فكبار المتصوفة كانوا يديرون حلقات الذكر بالخفية، ويقصون على الناس الحكايات المليئة بالعظة والعبر، فى ظل غياب الكتب الإسلامية التى كانت تتم محاربتها من قبل السلطات السوفييتية، كانت حلقات الذكر وما يصاحبها من وعظ وإرشاد تقرب الناس من الدين وتعلمهم أهم ما يحتاج إليه الانسان فى حياته اليومية، مع العلم أن تصوفنا ضمن حدود الكتاب والسنة، والمسلمون فى الشيشان ينتمون إلى طريقتى التصوف «القادرية» و«النقشبندية». والمشكلة تتمثل فى حالة التصادم بين الفكر الصوفى الأصيل فى بلاد القوفاز الشمالى والأفكار المتشددة الوافدة عليه من الخارج، التى تتهم التصوف بالشرك. ما أهم ملامح النهضة الإسلامية فى الشيشان؟ هناك مساجد فى الشيشان تتسع لعشرة آلاف مصلٍّ، ومساجد تتسع لخمسة عشر ألف مصلٍّ، ونحن بصدد افتتاح مسجد يتسع لعشرين ألف مصلٍّ عما قريب إن شاء الله. وتتمثل النهضة الدينية أيضا فى التزام الكثير من النساء بالزى الإسلامي، وكذلك انتشار حركة ترجمة الكتب الإسلامية إلى اللغة الروسية، وإنشاء القنوات الفضائية الإسلامية، وقنوات البث الإذاعي، وإنشاء المطابع الخاصة بطباعة الكتب الإسلامية. ما دوركم كهيئة دينية إسلامية فى تعريف الشعب الروسى على الإسلام؟ وهل هناك إقبال على اعتناقه؟ نقوم بترجمة الكتب الدينية والفكرية من اللغة العربية وغيرها من اللغات إلى اللغة الروسية، والشعب الروسى يقبل على البحث والاطلاع والقراءة، على عكس الشعوب المسلمة قليلة القراءة، وتلك المشكلة نعانى منها نحن المسلمين فى روسيا، لذا فترجمة الكتب الإسلامية من شتى اللغات إلى اللغة الروسية أمر فى غاية الأهمية؛ لأنه يزيد من عدد المعتنقين للإسلام وخصوصا من القومية الروسية، حيث هى أكبر قومية من الناحية العددية. وبفضل الله ومنِّه دخل من القوميين الروس فى الإسلام أكثر من نصف مليون مسلم خلال العشرين سنة الماضية.