لكى تنجح أى حياة زوجية لابد من توافر عنصرين مهمين معا بين طرفيها: الحب والاحترام، لأن الحب مشاعر تحتاج إلى سلوك عملى لا يؤكده إلا الاحترام، ولأن الحب قد تتسبب ظروف معينة فى ضعفه أو تلاشيه، فيبقى الاحترام هو الرابط الأبقى والأشمل فى العلاقة بين الطرفين، وقد يؤدى إلى إنبات مشاعر حب غير موجودة أو تجدد مشاعر تلاشت أو بددتها الظروف. وكما يوضح الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، فإنه قد يعجز الزوجان عن الوصول لدرجة الحب لسبب أو لآخر, وقد يكونان قد وصلا إلى الحب ثم تراجع هذا الحب تحت ضغط المشكلات والظروف, وقد تستمر الحياة الزوجية لاعتبارات معينة رغم فقدان الحب أو تراجعه, وهنا ننتقل إلى القاعدة الأوسع وهى علاقة الاحترام, وإذا كان الحب مشاعر لا نملك التحكم فيها, فإن الاحترام سلوك عملى نستطيع أن نمارسه, وهذا الاحترام يتبعه شيء آخر مهم وهو الواجب, أى أن يقوم كل طرف بواجباته نحو الطرف الآخر. وقد جاء رجل إلى سيدنا عمر يقول له: أريد أن أطلق زوجتى ... قال له عمر رضى الله عنه : ولم؟ .. قال الرجل: لأنى لا أحبها, فضربه عمر بالدرة وقال: وهل لا تبنى البيوت إلا على الحب؟!. وهذه حقيقة واقعية حيث تستمر الكثير من الزيجات رغم افتقاد الحب بمعناه المعروف, أى الحب الرومانسي. وقد تبين أن الزيجات التى تبنى على مستوى الحب والسعادة لا تتعدى 20% فى كثير من الشعوب, ومع هذا تستمر بقية الزيجات على مستويات أخرى أولها الاحترام والواجب, يليه التوافق, يليه الاتفاق, وأخيرا مستوى الاضطرار. والاحترام فى حد ذاته هو القاعدة التى يرتكز عليها الحب ويعيش فى كنفها ويستمد منها طاقة استمراره ومناعته ضد ضغوط الحياة وتقلباتها.. فلا حب بدون احترام, ولو وجد فهو مجرد حالة افتتان مؤقتة سرعان ما تتحول وتنطفئ، لذلك كان الاحترام أطول عمرا من الحب. والاحترام يحتاج لحس إنسانى وتقدير نبيل للآخر حتى عند الاختلاف معه, وهو يحتاج لدرجة من النضج والقدرة على التسامح والعفو والغفران والتغاضى عن الأخطاء والزلات. والأبناء قد لا يرون الحب فى علاقة الأبوين ولكنهم بالتأكيد يرون الاحترام, فالحب قد يظل مشاعر مستترة لسبب أو لآخر, ولكن الاحترام سلوك ولهذا لا يمكن إخفاؤه.. وهو درس للأبناء فى التعامل مع الآخر – أى آخر – باحترام وتقدير. والاحترام قد يولد من رحمه الحب, لأن طبيعة الإنسان أنه يقدر من يحترمه ويشعر بقيمته فى وجوده ويشعر بالأمان فى التعامل معه ويثق به.