عندما أراد الله أن يكرم عباده الذين آمنوا برسالته الخالدة في القرآن، وبمحمد خاتم الأنبياء والرسل، اختار سبحانه وتعالى أن يكون هذا التكريم في شهر كامل، يقترب المسلمون فيه أكثر من خالقهم، ويقترب فيه الخالق سبحانه من عباده، ورمضان هدية عظيمة من الخالق سبحانه، فهو شهر الله كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم، وفيه تقيد الشياطين، وترفع الأعمال، ويغفر الله الذنوب للمستغفرين الصادقين، ومن مات منهم في هذا الشهر أعتقه الله من النار، وفيه ليلة خير من الف شهر. وأعلى غاية للنفس الإنسانية يحققها الإنسان بعد رياضة النفس على التضحية والفداء وتحمل المشاق من أجل السمو الروحي واكتمال إنسانية الإنسان. وكل جماعة بشرية لها عقيدة دينية لابد أن تكون لهذه العقيدة شعائر، وليس في الشعائر ما يفوق الصيام لتهذيب الروح ولتحقيق التسامى والتعالى على متطلبات الجسد. ومع ذلك فإن مراكز الأبحاث الطبيعية قد توصلت إلى أن الصيام علاج للجسم والنفس، وفي أحدث بحث عن فوائد الصيام بإشراف الأستاذين آلان كوت وجيروم يوجيني حصر فوائد الصيام للإنسان في 27 فائدة منها تحسين حالة الجسم العامة، وتحسين الحالة العقلية والمزاجية للصائم، وإعطاء فترة راحة للجسم ليتخلص من المخلفات والسموم، وفضلا عن ذلك فإن الصيام يساعد على ضبط ضغط الدم وخفض الكوليسترول، ويقلل التدخين بآثاره الضارة، ويزيد الطاقة ويساعد على إزالة التوتر، وينظم عمل المعدة والأمعاء، وينشط الذهن والعمليات العقلية، ويساعد على احترام الذات، والمشاركة الوجدانية مع الفقراء، وممارسة ضبط النفس والقدرة على التحكم الذاتي، وفوق ذلك فإن الصيام يؤدي إلى إبطاء شيخوخة الخلايا. وفي معهد موسكو للعلاج النفسي بدأ البروفيسور يوري نيكولايف علاج بعض الأمراض النفسية، وسجل نتائج هذا الأسلوب أن المرضى عادوا إلى حياتهم بلا أزمات أو أعراض مرضية بعد اتباع نظام غذائي يعتمد على الصوم، ونصح سكان المناطق المزدحمة المعرضين لعوادم السيارات السامة ونقص الأوكسجين وإلى عوادم المصانع والتلوث الجوي عموما أن يمارسوا الصيام لأنه ضروري لاستعادة التوازن إلى أجسامهم وعقولهم. وسبحان الله الذي يهدي عباده شهرا يخرجون منه بخير كثير، والله العليم الخبير أعلم بما فيه الخير والمصلحة لعباده (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) “الملك 14” لمزيد من مقالات رجب البنا;