توالت ردود الفعل الغاضبة أمس على قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب انسحاب الولاياتالمتحدة من اتفاق باريس للمناخ، الخاصة بمواجهة التغيرات المناخية الناجمة عن الاحتباس الحراري، والتى تم اعتمادها من جانب وفود 196 دولة فى ختام مؤتمر باريس للتغير المناخى فى 12 ديسمبر من العام قبل الماضى 2015. وعلى الصعيد الخارجي، فقد سيطر الشعور بخيبة الأمل والإحباط على ردود فعل المجتمع الدولي. وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأممالمتحدة إن قرار الولاياتالمتحدةالأمريكية بالانسحاب من اتفاق باريس للمناخ هو «خيبة أمل كبيرة للجهود الدولية للحد من انبعاث غازات الاحتباس الحرارى وتعزيز الأمن الدولي». وشدد دوجاريك على أهمية أن تبقى الولاياتالمتحدة رائدة فى مجال القضايا البيئية، مشيرا إلى أن «الأمين العام يتطلع إلى التواصل مع الحكومة الأمريكية وجميع الأطراف فى الولاياتالمتحدة وحول العالم لبناء المستقبل الذى يعتمد عليه أحفادنا». وفى برلين، علقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق بالتأكيد على أنها ستواصل جهود التعامل مع ظاهرة الاحتباس الحراري. ودعت ميركل دول العالم للعمل سويا من أجل «حماية كوكب الارض» من ظاهرة تغير المناخ، وقالت «لكل من يهمهم مستقبل كوكبنا: واصلوا السير فى الطريق سويا حتى ننجح فى حماية أرضنا الأم». وفى وقت سابق، أصدرت برلينوباريس وروما بيانا مشتركا أبدت فيه «أسفها» للقرار الأمريكي، مؤكدة أنه لا يمكن فى أى من الأحوال معاودة التفاوض فى الاتفاقية. ورأى الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون أن ترامب ارتكب «خطأ بحق الولاياتالمتحدة» و»خطأ بحق كوكبنا» فى آن، داعيا العلماء والمهندسين ورجال الأعمال الأمريكيين إلى القدوم إلى فرنسا للعمل على «حلول عملية» من أجل المناخ. وفى موسكو، أعلن دميترى دونسكوى وزير الموارد الطبيعية والبيئة الروسى أن روسيا تخطط للتصديق على معاهدة باريس للمناخ قبل حلول عام 2020، والقرار النهائى ستتخذه بعد يناير 2019. وأكد دونسكوى أنه سيتم اتخاذ القرار مع مراعاة الأنظمة المتعلقة بتنفيذه، مشيرا إلى أنه «سيتم وضع هذه الوثيقة من قبل فريق عمل خاص بتنفيذ مقررات اتفاق باريس، وسيشارك فيها وفد حكومى مشترك بين الوزارات الروسية». وأوضح أنه «بالنسبة لنا أكثر ما يهمنا هو التصديق على اتفاقية باريس من قبل شركائنا التجاريين الأساسيين وليس أمريكا». وفى السياق ذاته، تعهدت بكين بالاستمرار فى تنفيذ اتفاق باريس. وأكدت هوا شونيينج المتحدثة باسم وزارة الخارجية أن الاتفاق «يعكس أوسع توافق فى الأسرة الدولية بشأن التغير المناخي، وعلى الأطراف أن تتمسك بهذه النتيجة التى توصلت إليها بجهد كبير». وفى سول، أعربت الحكومة الكورية الجنوبية عن الأسف لإعلان إدارة ترامب عن انسحاب بلادها من اتفاقية باريس. وذكر مصدر بوزارة الخارجية أن الحكومة تشعر بالأسف لانسحاب أمريكا من اتفاقية باريس للمناخ، الأمر الذى من شأنه أن يضعف من التضامن وجهود المجتمع الدولى لمواجهة التغير المناخي. وأضاف أن كوريا الجنوبية ستواصل تنفيذ اتفاقية باريس للمناخ من أجل المستقبل، مشيرا إلى أن اتفاقية باريس للمناخ هى اتفاقية تاريخية لحل مشكلة التغير المناخي. ويحدد اتفاق باريس أهدافا طويلة الأجل لكل دولة للحد من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، وهو السبب الرئيسى للاحتباس الحرارى فى الكرة الأرضية، لا يشمل هذا الاتفاق التخلى عن موارد الطاقة وتقييد الانبعاثات الناتجة عن الغازات الحمضية. ولكن يلزم الاتفاق كل الأطراف الموقعة باعتماد تدابير وطنية تهدف إلى تقليص الانبعاثات، وتكييف المعدات التقنية مع تغيرات المناخ. وعلى الصعيد الداخلي، أعلنت ثلاث ولايات أمريكية تحدى ترامب وأعلنت تمسكها بالاتفاقية. وذكرت صحيفة «ذا هيل» الأمريكية أن حكام ثلاث ولايات أمريكية، وهى واشنطن وكاليفورنيا ونيويورك، أكدوا تمسكهم باتفاقية باريس رغم من قرار الخروج منها. وقال جيرى براون حاكم ولاية كاليفورنيا إن رأى ترامب فى أن «التغيرات المناخية مجرد خيال يعارض أراء جميع العلماء»، وأن كاليفورنيا وولايات أخرى ستشارك فى الاتفاقية. من جهته، اتهم أندرو كوامو حاكم ولاية نيويورك إدارة ترامب ب»التراجع عن الزعامة والجلوس فى الصف الثانى مقارنة مع الدول الأخري»، فيما أعلن جاى إينسلى حاكم ولاية واشنطن أن المدن والولاياتالأمريكية تتحمل الآن كافة مسئوليتها عن المناخ. وبحسب ترامب، فإن اتفاقية باريس للمناخ «غير عادلة بالنسبة للولايات المتحدة»، واقترح الرئيس الأمريكى النظر فى إبرام اتفاقية أخري. وانتقد ترامب اتفاق باريس أثناء حملته لانتخابات الرئاسة، واصفا إياه ب»الخدعة»، التى تهدف إلى إضعاف الصناعة الأمريكية. وفى السياق نفسه، ذكرت هيلارى كلينتون المرشحة الرئاسية السابقة أن قرار ترامب أوقع الولاياتالمتحدة فى «خطأ تاريخي». وكتبت كلينتون فى تغريدة على حسابها الخاص فى «تويتر» أنه «خطأ تاريخي، فبينما يسير العالم على طريق التغيرات المناخية إلى الأمام يشد الانسحاب من اتفاق باريس العمال الأمريكيين وأسرهم للخلف». ومن جانبه، أبدى باراك أوباما الرئيس الأسبق للولايات المتحدة أسفه الشديد لقرار خلفه. وقال فى بيان «أعتبر أن على الولاياتالمتحدة أن تكون فى الطليعة. ولكن حتى فى غياب القيادة الأمريكية، وحتى لو انضمت هذه الإدارة إلى حفنة صغيرة من الدول التى ترفض المستقبل، أنا واثق بأن ولاياتنا ومدننا وشركاتنا ستكون على قدر المسئولية، وستبذل مزيدا من الجهود لحماية كوكبنا من أجل الأجيال المقبلة». كذلك ندد جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى السابق، أحد مهندسى اتفاق باريس، فى بيان ب»تخل غير المسبوق عن زعامة أمريكا، سندفع ثمنه على صعيد النفوذ» الدولي. وشدد كيرى على أن الخروج من اتفاق المناخ «يعزل الولاياتالمتحدة بعدما وحدنا العالم» عند توقيع النص فى العاصمة الفرنسية قبل حوالى 18 شهرا. وانقسم الكونجرس بين جمهوريين رحبوا عموما بقرار ترامب، وديمقراطيين نددوا ب»انتكاسة معيبة لزعامة أمريكا فى العالم»، بحسب تصريح السناتور فى لجنة الشئون الخارجية بن كاردين.