فى وسط المدينة حرفيا يقبع أشهر ميادينها، يربط شرايينها، ومنه يسهل الانطلاق إلى أى نقطة فى «وسط البلد». قصر النيل ثم سليمان باشا وأخيرا طلعت حرب هى الأسماء التى خلعها المصريون على الميدان منذ بداية تخطيطه أوائل القرن الماضي. بداية الحكاية نعلمها جميعا.. الخديوى اسماعيل يحلم بتحويل القاهرة الى مدينة طبق الاصل من باريس فى التخطيط والعمارة.. وقد كان! تلك البقعة المميزة فى القاهرة الخديوية عبارة عن تاريخ ناطق، تحكيه العمارات التى تطل على بهوه. تلك البنايات التى كانت شديدة العصرية فى زمنها، أبرزها دون منافسة عمارة« جروبي» التى بدأ بناؤها عام 1924، يحتل الدور الأرضى منها مقهى جروبى الشهير، الذى جعل منه صانع الشيكولاتة السويسرى جاك جروبى أكثر من مجرد محل لبيع الحلوى وتقديم الشاي، وفى الطابق الأول كان مقر نادى الجالية اليونانية العامر بالحفلات والسهرات الفنية. الميدان مر تخطيطه بتغييرات كثيرة ، فربما لا يعلم كثيرون أن عمارة بهلر الشهيرة بنيت مكان فندق سافوى الذى تم هدمه عام 1930، وكانت مداخلها محلات لبيع أحدث الازياء الباريسية. وربما لا يعلم كثيرون أيضا أن كافيه ريش الشهير كانت له حديقة كبيرة تطل على الميدان تعود فى الاصل لقصر الامير محمد علي، الذى قام بهدمه وبناء غيره فى منيل الروضة، فبيعت الأرض لصاحب الكافيه واستغلها فى عمل مسرح، اعتلته الانسة ام كلثوم وغيرها من المطربين الصاعدين فى ذلك الوقت، الى أن بنى على تلك الارض بناء شبه دائري، وتنقلت ملكيته إلى أن أصبح ملك شركة مصر للتأمين، أما عمارة صيدناوى العتيقة، فقد أقيمت مكان بناية قديمة كانت قد احتلت هى الاخرى أرض حديقة قصر موسى قطاوى رجل الاعمال الشهير. من المعروف ان تمثال سليمان باشا- القائد العام للجيش المصرى فى عهد الخديوى عباس وجد الملكة نازلي- كان يتوسط الميدان منذ نشأته تقديرا لدوره فى بناء الجيش، لكن بعد ثورة يوليو، حل محله تمثال طلعت حرب، وتم تغيير اسم الميدان باسمه فى منتصف الستينيات، .فى الصور التى أهداها لنا الفنان سمير الغزولى من أرشيفه، يظهر الميدان فى فترات زمنية مختلفة ،منذ أن كان ينعم بالهدوء والبراح ، حتى احتلته السيارات وخنقه الزحام.