جرت سنة الله فى خلقه أن يكون لكل شىء مواسم، فللحصاد وجنى الثمار مواسم، وللتزاوج بين الحيوانات مواسم، وللهجرة بين الطيور مواسم، وللعبادات والطاعات مواسم، ولعل شهر رمضان المبارك يعد من أهم تلك المواسم فى حياة الإنسان. وذلك لما خصَّه الله عز وجل به من فضل وشرف بين سائر الشهور، فعن سلمان قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى آخر يوم من شعبان فقال: «أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا، من تقرب فيه بخصلة من الخير، كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزداد فيه رزق المؤمن، من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء» [صحيح ابن خزيمة] ليس هذا فحسب فعن أبى هريرة؛ أنه قال:» إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين» [موطأ مالك] ولذا فإن العاقل من لايدع هذه الفرصة تمر من بين يديه مرور الكرام، بل يَهُبُّ لاغتنامها، ويحسن استغلالها فيشمر عن ساعد الجد، وينهض إلى الطاعات، ولله در القائل: إِذا هَبَّتْ رِياحُكَ فَاغْتَنِمْها فَعُقْبَى كُلِّ خافِقَة سُكُوْنُ ولا تغفل عن الإحسان فيها فلا تدرى السكونُ متى يكونُ وقد كان سيد الخلق صلى الله عليه وسلم أحرص ما يكون على اغتنام هذه الفرصة العظيمة، وحسن استغلالها فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ، صلى الله عليه وسلم «إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ» [صحيح مسلم] وقد أدرك سلفنا الصالح هذا المعنى جيدا فنظروا إلى الشهر الفضيل وكأنه سوق قام ثم انفض، ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر، وأن الله قد جعله مضماراً لخلقه؛ يتسابقون فيه بالطاعات فمنهم السابق الفائز ومنهم المتخلف الخاسر .. والسؤال الآن: هل لنا أن نحسن اغتنام الفرصة السانحة، ونحسن الاقتداء برسولنا الكريم وسلفنا الصالح فنجد فى الطاعات ونجتهد فى فعل الخيرات علنا نكون من السابقين الفائزين ؟! لمزيد من مقالات د. عماد الشويحى