لعل أهم ما خرجت به من هذا العرض الذي شاهدته لك هذا الأسبوع باسم نهر الدم هو أن المسرح لا يحتاج إلي الكثير والكثير ليزدهر أو علي الأقل ليوجد.. هنا العرض يقدم في مساحة من حديقة المسرح العائم بالمنيل.. هذه المساحة تحيط بها ما يشبه الخيمة ولكنها مصممة بحيث توحي بمضمون العرض, ثم خشبة مسرح لا ترتفع عن مستوي المتفرجين أكثر من نصف متر وحولها مقاعد المتفرجين. هذا بالفعل يعني أن المسرح موجود مهما تكن الامكانيات قليلة, فالمفروض أن يقدم هذا العرض بالمسرح الصغير بالمكان المعروف باسم المسرح العائم في المنيل ولكن هذا المسرح في حاجة إلي الكثير من الاصلاحات وشبكة الكهرباء والمقاعد وغيرهما. هنا كان العرض في الحديقة المقابلة للمسرح الصغير الذي تم تخصيصه منذ فترة لمسرح الشباب الذي يقدم هذا العرض وهو أول إنتاج لمديره الجديد حلمي فوده. نحن داخل المسرح أو الخيمة كما لو كنا في حلبة مصارعة يغلفها اللون الأحمر من إضاءة وستاير وغيرهما. موضوع العمل يحذر أو يتناول الشيطان الذي يحرك كل ما هو سييء في الانسان ويحرك فيه مشاعر الجحود ويحرك فيه مشاعر الحقد ويحرك فيه مشاعر القهر.. كل هذا من خلال الحركة فقط.. حركة أشبه بالمصارعة التي أجاد مصممها حركات هذه المصارعة بحرفية ملموسة وهو فاروق جعفر. والنص عبارة عن ثلاث لوحات بالطبع صامتة الا من صراخ الأبطال إثر ضربة من هنا أو إنبطاح من هناك وهكذا. المخرج شاب قدم فكرته هذه وأخرجها ليقدم بها مرحلة أو بداية مخرج جديد. فقط كان عليه إبراز فكرته أكثر مما شاهدنا لأنها بالفعل فكرة جيدة لكن كان المفروض أن تتضح معالمها أكثر للجمهور, ومع هذا كان مشهد القبر.. الذي تبدأ به المسرحية من خلال الموتي أمامنا نائمون جيدا ليصحوا الواحد تلو الآخر يحكي مأساته أو مأساة الشيطان معه. الملابس كانت مناسبة للعمل معظمها من الخيش بينما الشيطان كان في منتهي الأناقة ربما لإغراء البشر الضعيف علي فعل ما يستحق عليه العقاب. أجسام الممثلين والممثلات ساعدت كثيرا علي الإبهار من خلال حركات غاية في الصعوبة والرشاقة أيضا.