رغم الحراك السياسي الذي يشهده المجتمع المصري حاليا نتيجة قيام ثورة يناير التي طالبت بإسقاط النظام ورفعت شعار التغيير;إلا أن المسرح مازال يقف ساكنا بعيدا عما يحدث في المجتمع من متغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية. ويقف أيضا المسئولون عن الحركة المسرحية عاجزين, وعلي رأسهم رئيس البيت الفني للمسرح السيد محمد علي الذي يبتعد بفكره عن المفهوم الثوري, والدور الذي كان لابد ان يلعبه في الخروج بالمسرح من هذه المرحلة الخطيرة ليلعب دوره التنويري والتثقيفي ورغم التجارب التي قدمت عقب الثورة وتحمل روح التغيير إلا إنها سرعان ما توقفت ليحل محلها عروض بعيدة كل البعد عن المفهوم الثوري, ومن هنا يطرح السؤال نفسه.. إلي أين يتجه المسرح ؟ الدكتور أحمد سخسوخ العميد الأسبق للمعهد العالي للفنون المسرحية يقول إن المسرح يتجه كما يتجه المجتمع ولديك وزراء ليس لهم علاقة بالسياسة ويدير مكاتب كثيرين منهم سكرتارية الوزراء المخلوعون ولديك رئيس للبيت الفني لمسرح الدولة غير متخصص في المسرح وان كان له بعض الكتابات النصية وعقليته بعيدة تماما عن عقلية المفكر المسرحي وهو أول من تم تعيينه بعد ثورة يناير وهو يصدر أوامره بالمنع وتوقف في عهده أعمال فنية رائعة مثلبلقيس وتتوقف عن الاستمرار في العرض أعمال ثورية مثل ورد الجناين عن شهداء الثورة ويقدم أعمالا ليست في المستوي ويهاجم أعمالا فنية مهمة مثل كلام في سري ويوصي نفسه علي الحركة المسرحية وتعينيه يؤكد أن الوزير يتخذ قراراته بشكل اغضب الجميع; وفي عهد رئيس مسرح الدولة الحالي قدمت أعمال متواضعة القيمة في الوقت الذي أوقفت أعمال كبيرة القيمة وفي الوقت نفسه الذي قدم فيه القطاع الخاص أعمالا مهمة ومسئولة مثل عرض محمود الطوخي وجلال الشرقاوي دنيا اراجوازات وقدم المسرح اعمالا ثورية مثل حكاية ميدان لعمرو قبيل ويقول د.سخسوخ إن المجتمع المصري الآن في مفترق طرق والمسرح أيضا رغم انه كان يجب أن يكون متقدما عن المجتمع لأنه يلعب دورا تنويريا فالمجتمع ينقسم إلي ثوار والي فلول والمسرح كذلك ينقسم الي مسرح دولة يعجز عن القيام بدوره ومسرح شباب ثائر يسعي الي تقديم أعمال في مستوي الحدث; ولن ينصلح حال المجتمع الا باستمرار الثورة ولن ينصلح حال المسرح الا باستمرار التطهير وعودة المسرح الي المسرحيين الحقيقيين الذين يلعبون دورا تنويريا في المجتمع والمسرح... ومن جانبه أكد الدكتور حسن عطية العميد الأسبق للمعهد العالي للفنون المسرحية أن المسرح يتجه الي نفق مظلم, ولكن في النهاية هناك شعاع من الضوء.. هذا الشعاع علينا ان نتمسك به لأنه شعاع التغيير الذي يبحث عن جوهر الثورة في المجتمع المصري ويعبر عنها ويجتمع حولها ويسعي لتقديم عروض لا ترتدي أقنعة التجريب ولا تختبئ في أرضية ما بعد الحداثة وإنما تتوجه الي الجمهور الذي هو في حاجة لتوعية عقله ودفعه للحركة والإنتاج, وهذا يتطلب سياسة ثقافية جديدة تؤكد النص الجيد والكلمة الرسالة والعرض الممتع الذي لا يلهي عقل الجمهور بل يجعله مستيقظا وان تكون هذة العروض مؤسسة علي كتابات تقدم تاريخنا الحقيقي ورموزنا التي تمثل قدوة لأجيال فقدت قدوتها خلال السنوات الماضية, وثارت علي الأب الذي لم يستطع ان يكون قدوة حقيقية في الحياة كما لابد من التوجه نحو المحيط العربي وان نؤسس مهرجانا للمسرح العربي نستطيع من خلاله الحوار مع العروض العربية الساعية بدورها للثورة علي مجتمعاتنا العربية; فإذا اتجهت عروضنا علي نفس المنوال السابق قبل الثورة أو توقفت عن توثيق ما حدث أثناء الثورة كما هو واضح في كل العروض التي قدمت خلال الستة أشهر الماضية; فإننا سنغرق في النفق المظلم, ونحن في حاجة إلي ثقافة مسرحية تشارك فيها أجهزة الدولة, وتعي أن إغلاق المسرح يوما يعني إظلام المجتمع... ويري المخرج الكبير فهمي الخولي أن المسرح بعد احتضار دام فترة طويلة يتجه إلي مرحلة الموت والسبب في ذلك المسرحيون أنفسهم من مخرجين ومؤلفين وجهات إنتاج ويقول إن مسرح القطاع الخاص انتهي وأصبح غير موجود, ومسرح الدولة حاليا لا يهتم باي مسرحي او مسئول ثقافي واذا نظرت الي مؤتمر الوفاق والحوار الوطني تجد عدم انتباه اي من المسئولين عنهما باشتراك أي رجل مسرح أو رجل ثقافة فيه.. فلا يوجد اهتمام بالثقافة ولا المسرح ولن يأتي ذكر الفنون الأخري في دائرة الاهتمام.. ولم يهتم اي من المسرحيين سواء لجنة المسرح بالمجلس الأعلي للثقافة في أن يكون لهما تواجد لأنة لاتوجد رغبة في إعادة الحياة لهذا الجسد المسرحي الميت. ويضيف فهمي الخولي: اما بالنسبة لتصوري فيما يجب أن يكون علية المسرح في المستقبل ما بعد ثورة25 يناير أن يحدث تغيير شامل في كل عناصره ويصبح مسرحنا المصري مسرحا ثوريا ومغايرا بحيث يبتعد عن كل ما هو تقليدي في التأليف والإخراج والأداء وأسلوب المشاهدة وان يفكر الجميع بفعل مستقبلي يهتم بالجمهور ولا يتكلم عن الحاضر أو الماضي بل يتكلم ما يجب أن يكون عليه المستقبل وان يدفع المتفرج إلي أن يكون مشاركا في الفعل المسرحي وان يهتم بالمتعة البصرية والسمعية, وان تتكامل كافة أنواع الفنون, وان يدخل إليه كافة التقنيات الحديثة من فنون الديجيتال السينوغرافيا وكافة عناصر الإبهار والمستحدثات من الفنون وان يكون كل عنصر مساهم في توصيل رؤية وتفسير المخرج والمؤلف وان تصبح العملية الإنتاجية مغايرة تماما لما تعودنا عليه بدلا من أن ننتج عملا ونصرف عليه من المال العام ثم ننتظر أن يأتي الجمهور إلينا فيجب أن نذهب نحن إليه ونبتعد عن القاعات المغلقة, و نتجه إلي الشارع والميادين والمصانع والجامعات والنوادي ونقدم لهم مسرحا يهتم بهم; ولا نفكر في أن تصبح الدولة هي الراعي الوحيد للمسرح بل يشارك رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال في عملية الإنتاج; ونضع في اعتبارنا القاعدة التي تقول إن أردت أن تتعرف علي حضارة أمة فانظر إلي فنونها, وأيضا اعطني خبزا ومسرحا أعطيك شعبا صالحا..