لماذا نحتفل فى إفريقيا ويحتفل العالم بيوم 25 مايو من كل عام بوصفه «يوم إفريقيا» ؟ وتأتى الإجابة بسيطة واضحة؛ إنه اليوم الذى شهد مولد إرادة قارة إفريقيا بأكملها للسير فى طريق الاستقلال والحرية والقضاء على الظلم والاستعمار والتفرقة العنصرية. كان الطريق طويلا وشاقا والدماء التى سالت عليه كثيرة ولكنها الإرادة والأمل فى غد أفضل هى التى دفعت شعوب إفريقيا لتحويل إرادتها إلى فعل ملموس يتمثل فى إقامة كيان قارى يشمل جميع دول القارة من أجل تحقيق آمالها فى الحرية والاستقلال. وخلال الفترة من عام 1949 وحتى عام 1963 حدثت محاولات متتالية لتوحيد جهود جميع الدول الإفريقية تحت راية واحدة من أجل الحرية والاستقلال. وظهر تأثير ثورة 23 يوليو 1952 فى مصر واتجاهاتها التحررية الاستقلالية فى مؤتمر باندونج بأندونيسيا عام 1955 بمشاركة الزعيم المصرى الراحل جمال عبد الناصر. وفى ذلك المؤتمر بدت الوحدة القارية كأمل وحيد لتحقيق حلم الحرية والاستقلال. ولم تمر سوى سنوات قليلة إلا وقد اكتسحت موجة من التحرر والاستقلال القارة الإفريقية، وباتت الوحدة مطلبا «قاريا» من أجل الحرية والحفاظ على الاستقلال والتقدم نحو المستقبل، وهو ما عبرت عنه العديد من المؤتمرات الإفريقية المتتالية. وجاء عام 1963 إيذانا بمولد منظمة الوحدة الإفريقية كمنظمة إقليمية تضم فى عضويتها كل الدول المستقلة فى القارة؛ وشهد شهر مايو عام 1963 انعقاد مؤتمر القمة الإفريقى الأول (الخاص بالدول والحكومات) فى أديس ابابا بمشاركة لفيف من القادة والزعماء الأفارقة، وفى مقدمتهم الرئيس جمال عبد الناصر، وتم الاتفاق على تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية وعلى ميثاق المنظمة يوم 25 مايو عام 1963، وهو اليوم الذى تم اتخاذه يوما لإفريقيا. وكان لمصردورٌ بارزٌ فى جهود إنشاء تلك المنظمة فقد كانت مصر إحدى الدول الأعضاء المؤسسين لها. وجاءت الأهداف الرئيسية لمنظمة الوحدة الإفريقية، المنصوص عليها فى ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية، معبرة عن مطالب القارة الإفريقية فى ذلك الوقت حيث اتجهت الأهداف إلى تعزيز الوحدة والتضامن بين الدول الإفريقية، وتنسيق وتكثيف التعاون والجهود المبذولة لتحقيق حياة أفضل لشعوب إفريقيا، والحفاظ على السيادة والسلامة الإقليمية للدول الأعضاء وعدم تغيير الحدود التى تم إقرارها عند الإستقلال، وتخليص القارة من الاستعمار والتمييز العنصرى، وتعزيز التعاون الدولى فى إطار الأممالمتحدة، ومواءمة سياسات الدول الأعضاء السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والتعليمية والثقافية والصحية والرعاية الاجتماعية والعلمية والفنية والدفاعية. وخلال تسعينيات القرن الماضى، ناقش القادة ضرورة تعديل هياكل منظمة الوحدة الإفريقية لتعكس تحديات عالم متغير. فأصدر رؤساء الدول والحكومات بمنظمة الوحدة الإفريقية إعلان سرت عام 1999 الذى يدعو إلى إنشاء اتحاد إفريقى جديد. كانت الرؤية للاتحاد بناء على عمل منظمة الوحدة الإفريقية من خلال إنشاء الهيئة التى يمكن أن تسرع بعملية التكامل فى إفريقيا، ودعم وتمكين الدول الإفريقية فى الاقتصاد العالمى ومعالجة المشاكل الإجتماعية والاقتصادية والسياسية المتعددة الجوانب التى تواجه القارة. وقد عقدت أربعة اجتماعات للقمة فى الفترة التى سبقت الاطلاق الرسمى للاتحاد الإفريقى، وكانت كما يلى :1 قمة سرت (1999)، التى اعتمدت إعلان سرت والدعوة إلى إنشاء الاتحاد الإفريقى. 2 قمة لومى (2000)، التى اعتمدت القانون التأسيسى للاتحاد الإفريقى. 3 قمة لوساكا (2001)، التى صاغت خريطة الطريق لتنفيذ الاتحاد الإفريقى. 4 قمة ديربان (2002)، التى أطلقت الاتحاد الإفريقى وعقد أول قمة لرؤساء الدول والحكومات. وتم دمج عدد كبير من هياكل منظمة الوحدة الإفريقية فى الاتحاد الإفريقى. وبالمثل، فإن العديد من الالتزامات الأساسية لمنظمة الوحدة الإفريقية والقرارات والأطر الاستراتيجية استمرت فى صياغة سياسات الاتحاد الإفريقى. وبالرغم من قوة تأثير منظمة الوحدة الإفريقية، فقد أنشأ القانون التأسيسى للاتحاد الإفريقى والبروتوكولات عددا من الهياكل الجديدة، سواء على مستوى الأجهزة الرئيسية أو من خلال مجموعة من اللجان الفنية والفرعية الجديدة التى تطورت العديد منها منذ عام 2002. واليوم أصبحت هناك 54 دولة إفريقية حرة مستقلة وعضوة بالاتحاد الإفريقى وبالأممالمتحدة. وعلى الرغم من حصول الدول الإفريقية على استقلالها فإن الطريق أمامها مازال طويلا للتخلص من هيمنة وتدخلات قوى الاستعمار الجديد ولهذا تم تدشين «أجندة عام 2063» التى تعد رؤية ودعوة للعمل لتحقيق التطلعات الإفريقية ورؤية الاتحاد الإفريقى المتمثلة فى «إفريقيا متكاملة ومزدهرة تعيش فى سلام، مدفوعة بمواطنيها وتمثل قوة ديناميكية فاعلة فى الساحة العالمية».