« لأقصر بلدنا بلد سواح فيها الأجانب تتفسح وكل عام وقت المرواح بتبقى مش عاوزه تروح» !!
من منا لايتذكر هذه الإغنية التى تغنى بها الفنان محمد العزبى ومن منا إذا سمع هذه الأغنية ، ولم يكن قد زار الأقصر ، إلا ويتمنى أن يزورها ؟! .................................................. الفن إن لم ينعكس بالإيجاب يصبح لاقيمة له ... تعالوا بنا نتأمل كلمات كتبها الشاعر عبدالفتاح مصطفى ولحنها الموسيقار رياض السنباطى وتغنت بها أم كلثوم ..... « طوف بجنة ربنا ببلادنا ، واتفرج وشوف ضفتين بيقولوا أهلا ، والنخيل شامخ صفوف وابتسامة شمسنا أجمل تحية للضيوف والنسيم يرقص بموج النيل على الناى والدفوف» !! ثم .... « شوف هنا جنب المصانع والمداخن والزحام الغيطان اللى آخرها المدنة وأبراج الحمام والسواقى إللى ما نامت ليلة من كام ألف عام شوف جمال الريف وآمن بالمحبة والسلام » !! إلى أن تقول ..... « شوف أثار أجيال ملو الدنيا حضارة وإبتكار علموا قلب الحجر يوصف معارك الإنتصار علموه يبقى سفير الدهر ليهم بالفخار كان نهار الدنيا ما طلعشى ، وهنا عِز النهار » !! فالفن لم يكن أبدا لمجرد التسلية وتضييع الوقت , فالفن رسالة ، ورسالة الفن لاتنحصر فى الغناء والتمثيل فقط فتحت كلمة فن يندرج كل نتاج فكرى وإبداعى من كتابة أدبية ( قصة شعر مسرح مقالة ) !! وفى مجال الكتابة كان للأدب دوره فى خدمة الوطن ، فعندما نال الروائى الراحل نجيب محفوظ جائزة نوبل فى الرواية عام 1988 بدأت عيون العالم تتطلع إلى مصر ، فبالأدب استطاع نجيب محفوظ أن يقدم للعالم معالم الحارة المصرية ، فكانت بحق خير دعاية لمصر ، جعلت السائح يسأل عن خان الخليلى والجمالية والحسين وحى السيدة ، ويبحث عن المقاهى التى وردت أسماؤها فى روايات محفوظ مثل ( الفيشاوى ، قشتمر ، ريش ) ليجلس عليها كما كان يجلس أبطال روايات محفوظ !! فالعلاقة بين الأدب والفن والثقافة والسياحة لاتنفصل ، فإذا كانت السياحة من طبيعة ومعالم تاريخية وأثرية حَبا الله بها مصر تلعب دورا فى تقديم صورة للوطن ، فإن دور الأدب أن يقوم بالدعاية والترويج لهذه الطبيعة والمعالم التاريخية ، فالأدب مرآة الشعوب التى تعكس صورتها !! ومن دائرة نجيب محفوظ ومحيط مصر نخرج إلى ماهو خارج الحدود ، فعلى الرغم من أن كولومبيا تمتلك سواحل على المحيط الهادئ والبحر الكاريبى تقع فى الجزء الشمالى الغربى من قارة أمريكا الجنوبية، إلا أن كولومبيا بعد فوز كاتبها الكبير الروائى جابرييل جارسيا ماركيز بجائزة نوبل للآداب عام 1982 تم وضعها على خريطة العالم بفضل الأدب !! وهناك خدمة أخرى يقدمها الأدب للسياحة من خلال أدب الرحلات فمن منا لم يتشوق لزيارة الهند مثلا ، بعد أن قرأ عنها فى كتاب 200 يوم حول العالم للكاتب الراحل أنيس منصور ؟! ولايجب أن ننسى خصوصية المكان التى يقدمها الأدب للقاريء الأمر الذى يثير شهية السائح ويجعله يبحث عن المكان ، ففى كتابات إبن البحر الأحمر الكاتب الروائى سعيد رفيع تشم رائحة البحر ، وتتجول فى رحلة سفارى يقودك فيها الكاتب من خلال حكاياته وقصصه عن البحر الأحمر وقبائل البحر الأحمر !! فمن الخطأ أن يظن البعض أن كل يغرد فى مجاله بمعزل عن الآخر ، فعلى الرغم من أن الفرقة الموسيقية تتكون من عدة عازفين، إلا أن الكل يعزف فى تناسق هارمونى لتخرج لنا موسيقى متناغمة متجانسة ، هكذا يجب أن يكون الأدب والثقافة والفن ،فيجب توحيد العزف على وتر متناسق لتخرج لنا مقطوعة موسيقية سياحية باسم مصر ، وعندها .... « على اسم مصر يقدر يقول التاريخ ماشاء أنا مصر عندى أحب وأجمل الأشياء » !!