المُرَجَّح أن يكون الرئيس الروسى بوتين فى غاية السعادة بالسمعة الرائجة عنه على ألسنة قادة كبار فى الدول الغربية، تنقل عنهم صحف كبرى وتليفزيونات عالمية، صنعوا له صورة القادر على انتهاك النظم الحمائية المستحكمة للعمليات الانتخابية فى أوروبا وأمريكا، وأنه يستطيع أن يغير اتجاهات التصويت، وأن يدفع إلى الحكم بمن يشاء عن طريق ألاعيب تزوير تقوم بها أجهزة الاستخبارات الروسية، وأنه نجح فى ذلك بالفعل فى أمريكا بدعم فرص ترامب، حتى أن هيلارى كلينتون ومساعديها لم يتوقفوا عن ترديد هذا الكلام حتى أول هذا الأسبوع، فى سياق التخويف من أن الروس يتدخلون أيضاً فى الانتخابات الفرنسية، وأما طريقته فى نفى الاتهام فتترك انطباعاً بأنه يريد أن يُرسِّخ صحة هذه المعلومات!! واضح أن هناك فوارق كبيرة فى مستويات المهارات السياسية، لمصلحة بوتين وفريقه، أمام المدارس الحاكمة فى الدول الغربية، التى من المؤكد أن فيها بعض كفاءات على مستوى عالٍ ولكنهم استثناء فى هوجة الأداء المتواضع بالمقارنة. خُذْ هذه الحالة الأخيرة، فحتى الآن، لم تعلن أى مؤسسات أمريكية، حتى المستقل منها عن هيمنة الرئيس الأمريكي، أى أدلة جادة عن التدخل الروسي، كما أن فرنسا أيضاً لم تفصح عن العلاقة بين موسكو المتهمة وبين التسريبات التى خرجت من حملة ماكرون! فهل لا يعلم هؤلاء أن شُحّ المعلومات فى إطار الغموض هو أهم عنصر فى انتعاش الشائعة التي، على الأقل، تحبط شعوبهم؟ وأما بوتين، ومن باب مصلحة بلاده، فأيهما أفضل له: أن يكون متهماً بعمل خارق يُضفِى عليه قوة استثنائية وعلى أجهزته إمكانات يُخشى جانبها؟ أم أن يكون بريئاً مسالما فى مواجهة عقلية لا تكترث إلا بالأقوياء؟ ثم إن هذه ورقة لصالحه، حتى إذا كانت غير حقيقية، تفيد فى التفاوض والضغط فى قضايا متعددة محل صراع شديد عليه فيها أن يُقدِّم تنازلات، فما الذى يمنع أن يكون التنازل عن شيء غير موجود مع الإيهام بأنه موجود وفاعل بل ويمكن أن يتسبب فى أضرار؟! [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;