من الخطورة ترك مثل هذه البيئة التى تنشط فيها الشائعات دون التدخل السريع العاقل بتوفير المعلومات للرأى العام أولاً بأول! فحتى مساء الخميس أمس الأول، لم تكن مصلحة الطب الشرعى قد أصدرت تقريرها للصفة التشريحية لحالة المواطن مجدى مكين خليل جرجس الذى لقى مصرعه فى قسم الوايلى. ووفقاً لتصريحات مسئول فى وزارة العدل فإن ما صدر هو مجرد تصريح بالدفن يشير فقط ودون تفاصيل إلى أن السبب الطبى للوفاة هبوط فى الدورة الدموية. ولكن الشائعات انطلقت تتحدث عن سعى المصلحة لإخفاء الحقيقة بعد أن أظهرت عائلة الضحية علامات تعذيب رهيبة على جسده، وهو ما صار مادة لشائعات تستهزئ من التقرير المزعوم من المصلحة، الذى لم يصدر بعد، وتفترض إنه هو تصريح الدفن، وقيل إنه ينفى وقوع تعذيب، وأن النية معقودة لتبرئة رجال الشرطة قبل إجراء أى تحقيق. والحقيقة، أن الداخلية هى أول من يستفيد من إخضاع الخارج على القانون من رجالها للعدالة، وتكون البداية بإثبات الجدية فى المشارَكة فى إعلان المعلومات المتاحة والشروع فوراً فى اتخاذ الإجراءات التى ينصّ عليها القانون ضد من تُوجَّه له الاتهامات. ولا يضير الداخلية، كما لا يضير أى وزارة أو مؤسسة فى مصر، أو فى أى دولة فى العالم، أن يكون أحد رجالها، أو آحاد من رجالها، متورطين فى أى جريمة. ولكن الفيصل الحاكم، الذى يحدد الفوارق الحقيقية بين كل هذه الجهات الرسمية المسئولة، هو إدراك أن مجازاة المخطئ تعود بالنفع أولاً على المؤسسة التى اندس فى صفوفها والتى هى ملزمة، ويجب أن تكون ملتزمة، باحترام المواطنين وحمايتهم. مع الانتباه إلى أن التهاون مع المخطئ ينال من سُمعة عموم رجال الشرطة الشرفاء الذين يجودون بحياتهم فى التصدى للإرهاب. ومن الأخطاء الجسيمة التى لا يحتملها الموقف أن تصدر عن البعض تصريحات بأن ما وقع للمواطن الضحية بسبب عقيدته المسيحية، لأن الأحق أن يكون التركيز على صفته كمواطن التى هى كافية لتأكيد جميع حقوقه الدستورية. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب