حين كان عمري22 عاما, انتهيت وأنا الخريج الحديث من جامعة القاهرة من تأليف كتاب بعنوان فوة مدينة المساجد ساعدني علي نشره مجلس مدينة فوة. وفصلت من عملي بالمجلس الأعلي للآثار لأني تجرأت علي هذا الفعل, لكن مع ما اعتصرني من ألم ومعاناة, ظللت إلي اليوم وفيا لهذه المدينة, التي بسببها عرفني عدد كبير من علماء الآثار الاسلامية في جامعات غربية وعربية, وراسلتني مؤسسات تراثية للاستفسار عن هذه المدينة التراثية العظيمة المجهولة. لكن إلي اليوم لم تستثمر محافظة كفر الشيخ هذا, ولا المجلس الأعلي للآثار, ففوة بلا متحف أثري يقدم تراثها ويرعي حرفها اليدوية المميزة كصناعة الكليم والأثاث والتحف النحاسية, وقد بات من المهم أن يسعي الجميع لهذا الهدف, فالمدينة تعج بآثار لا حصر لها وتحف فنية رائعة, وميراث من الفنون الشعبية المميزة. هل ستصدم عزيزي القاريء إذا قلت لك إن أرض هذا المتحف متوافرة ومملوكة لمجلس مدينة فوة, يتبقي اتخاذ القرار والتمويل, أعرف أن البعض سيشكك في جدوي هذا المتحف, لكن السؤال الأهم ما جدوي إقامة متحف في كفر الشيخالمدينة الادارية الميتة, بينما فوة يزورها اليوم عدد لا بأس به من الزوار, بل سيشجع هذا المتحف علي نمو حركة السياحة بها وتوظيف عدد من أبنائها, وترويج اقتصادي لها. ساعات صنعت في مصر في عصر محمد علي توجد في مساجد فوة ماركة السيد البدوي, شواهد قبور, قطع ذات نقوش فرعونية نادرة, دكك مبلغين صنعت في فوة في العصر العثماني, مشكاوات فوية تعود للعصر المملوكي, مراسيم سلطانية مملوكية, قطع نسيج تزين أضرحة الصوفية, أبواب منازل صنعت بحرفية عالية, أشياء لا حصر لها يمكن أن يضمها هذا المتحف الحلم. كما أنني وبعض أبناء فوة يجب أن نسعي لتأسيس جمعية أهلية لتراث فوة, تؤسس لها موقعا علي شبكة الانترنت بعدة لغات وتسهم في إنشاء متحفها, وترعي حرفها التراثية وتقيم مهرجانا سنويا بها, وتصدر الكتيبات والأدلة لها, هنا يمكن أن نري مقصدا سياحيا جديدا في مصر, لكن لكي يصبح كذلك هل تتضامن المحافظة مع المجلس الأعلي للآثار مع المجتمع المدني لتحقيق هذا الهدف, سؤال ستجيب عنه الأيام القادمة؟!