مهما يكن عمق انتماء الرئيس المنتخب لجماعة الإخوان المسلمين, ومهما يكن عرفانه بالدور المهم والرئيسي الذي لعبته الجماعة كي يصبح رئيسا لمصر, يبقي الرئيس محمد مرسي وحده المسئول عن فك حالة الاستقطاب الحاد التي قسمت مصر الي فسطاطين: فسطاط جماعات الإسلام السياسي ابتداء من الإخوان المسلمين الي التيار السلفي الي الجماعة الإسلامية, وفسطاط الجماعات المدنية علي تنوع أحزابها وقواها السياسية, لأن بقاء هذا الاستقطاب يعني استمرار الشرخ الطولي الذي قسم البلاد ويعني استنزاف جهدها في معارك جانبية. وما من سبيل للتخلص من هذا الاستقطاب الحاد سوي إعلاء قيم الدولة المدنية والالتزام الكامل بحقوق المواطنة ورفض ومعاقبة كل صور التمييز الديني والعنصري, ووضع الضوابط الصارمة التي تحول دون إساءة استخدام الدين لتبرير سياسات انسانية تحتمل الخطأ و الصواب, والوقوف الصارم ضد شطط المتطرفين الذين يتخفون تحت عباءة الدين لتبرير جرائم جنائية وأعمال عنف وإكراه تهدد السلم الأهلي والحريات العامة والشخصية, والحذر من الهرولة نحو تطبيق بعض أحكام الشريعة التي لم تعد تتوافق مع متطلبات الدولة العصرية واحترام حقوق الإنسان, والتفرقة الصارمة بين النشاط الدعوي الذي يدعو الي سبيل الله بالموعظة الحسنة وبين عصابات الإجرام التي قتلت شابا في السويس لأنه يمشي مع خطيبته, التي تنتعش الآن بدعوي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وتجريم كل من يحاول أن يأخذ القانون بيده بدعوي مقاومة أخطاء البشر لأنه يغتصب سلطة الأمن والعدالة دون مسوغ. وأظن أن كل هذه المهام تدخل في اختصاص الرئيس الجديد الذي يتحتم عليه الالتزام بوسطية الإسلام واعتداله ان أراد بالفعل أن يكون رئيسا لكل المصريين, لأن مصر بحكم الموقع والتاريخ لا يمكن أن تكون مجتمعا منغلقا علي نفسه تحكمه أفكار الغلو والتطرف, وتجعل من بن لادن والظواهري وعصابات القاعدة أبطالها الوطنيين. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد