يكتب الصحفيون وينفي المسئولون ويكذبون ما نشر غداة نشره ويغرق القاريء في البحث عن الحقيقة. هكذا أتأمل المسألة وأراها بعين المدقق في مهنة عشت فيها عمرا ليس بالقصير, فالمشهد الحالي يسبح في قليل من الحقائق, كثير من الشائعات لم ينج منها إلا القليل من الصحف, ففي الصفحة الأولي لإحدي الصحف اليومية الصادرة صباح الخميس الماضي أدهشني في المانشيت الرئيسي المتحدث باسم الرئيس محمد مرسي وهو ينفي أخبارا خمس مرات, بينما أكد واحدا فقط. أدري أننا معشر الصحفيين نلهث وراء الحقيقة تحت حالة من الإعياء الشديد لغياب المعلومات أو قل إخفاءها وحجبها فحرية تداول المعلومات في بلادنا مازالت رفاهية تخشي السلطات أن نتعود عليها فتفسدنا رغم مئات المصادر والوسائط الممكن استقاء المعلومات منها ومع ذلك تبقي جهة وحيدة وداخلها مصدر أوحد يكون لديه الخبر اليقين وهو الذي يتمنع علي أبناء مهنتي, مما يثير البلبلة ويكثر الشائعات, خاصة في ظل المنافسة الشرسة بين الصحف لإرضاء القاريء يوميا. ويعجب المرء وهو يري كل ذلك في عنفوان ثورة قامت لتجعل من الحرية تسبيحة عذبة علي ألسنة المبشرين بها, وتلك أمانينا في مهنة لايتنفس ضميرها إلا في الفضاء الرحب للحرية والمعلومات هواؤه. أين الحقيقة مثلا في قصة الغيبوبة التي دخل فيها الرئيس السابق مبارك اللهم إلا نفس المصدر الذي يرفض ذكر اسمه, فالحقيقة الساطعة التي لالبس فيها هي التقارير الطبية الممهورة بتوقيع الأطباء المعالجين تنشر في الصحف ليقف الشعب علي بينة دون شك أو مراوغة. يذكرني بعض التضليل الإعلامي الذي أقرؤه بقصة الصحيفة التي نشرت خبر الجمل الذي فر من مجزر مصر القديمة ومازال يعدو حتي وصل إلي قصر عابدين يستغيث بالملك فاروق فأغاثه, وقد أنشد أحد الشعراء من مجمع اللغة العربية شعرا أشاد فيه بعظمة فاروق وذكر هذا الحادث دليلا ناصعا علي هذه العظمة! المزيد من أعمدة سهيلة نظمى