لعل أبرز مشكلتين يعانيهما المصريون اليوم هما: الفساد والأزمة الاقتصادية وتوابعهما. وإذا كان كل مصرى يتمنى أن يوفق الله مصر وأهلها فى مواجهة هاتين المشكلتين والتغلب عليهما، فإن علينا أن ندرك حقيقة أن كل مصرى عليه دور ومسئولية فى هذه المواجهة، لاسيما أن جميع المصريين يشعرون بالراحة لجهود أجهزة الدولة الرقابية فى تتبع وكشف الفساد والمفسدين، ويطالبون بمزيد من الجهد حتى تتطهر مصر من الفساد نهائيا، ونقضى على كل مظاهر الاحتكار باعتباره السبيل الأمثل لتوفير احتياجات الناس من السلع بأسعار مناسبة. ولا تقتصر محاربة الفساد فقط على جرائم الرشوة والسرقة والاحتكار، ولكن تشمل أيضا مجالات أخرى تتسبب فى معاناة الشعب، مثل تبوير الأراضى الزراعية، وإلقاء مخلفات الصرف الصحى والصناعى فى النيل، والقمامة ومخلفات المبانى فى الشوارع، فضلا عن إتلاف الطرق الرئيسية والسريعة، والمخالفات المتعمدة فى بناء العقارات مما يقلل من عمرها الافتراضى. هذا إلى جانب سلبيات أخرى فى سلوكيات الأفراد مثل أكل الحقوق والحرمات استهتار موظفى الحكومة بالمواطنين وتعطيل مصالحهم وعدم إعطائهم حقوقهم وهو ما يمكن إجماله فى ضياع المعروف بين الناس. إن ما نعانيه من مظاهر الفساد إنما يرجع إلى ما اكتسبته أيدى الناس ودخل بطونهم من أموال حرام، وليس فقط على أيدى الحكام والمسئولين. أما ما يتعلق بالأزمة الاقتصادية التى نعانيها، فليس بخاف على أحد أنها نتاج تراكم الكثير من المشكلات والمواقف عبر عشرات السنين، وبديهى أنه لا يمكن أن يتم إصلاح كل هذه المشكلات بين عشية وضحاها، بل ستستغرق وقتا، وستتطلب صبراً وجهداً وعملا دؤوباً بزيادة الإنتاج وتحسين الخدمات، وهو ما يجرى ويشعر به الجميع يوما بعد يوم، ويتطلب أيضا التضحية والتحمل من جانبنا جميعا، وأن يساعد القادرون غير القادرين بما تجود به نفوسهم، ولهم حسن الجزاء من المولى عز وجل الذى وعد بذلك، لذلك علينا أن ننظر إلى مشكلة الأزمة الاقتصادية فى ضوء قوله تعالى: «ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وبشر الصابرين» (البقرة -155) أى إن الكثير مما نعانيه إنما هو على سبيل الابتلاء والاختبار من قبل المولى عز وجل ليمحص إيماننا، وما علينا إلا أن نصبر ونجتهد فى أعمالنا بما يرضى الله ورسوله، لنحظى بالبشرى التى يبشر بها الله الصابرين على هذا الابتلاء، وهو شيء قليل على حكم قوله تعالى «بشىء من الخوف والجوع»، ونتذكر أياما أصعب من ذلك مرت على المصريين إبان محنة هزيمة 1967 وحتى مَنَّ الله علينا بنصر أكتوبر 1973، حين فُرجت بعض ضيق، وعم الخير البلاد. لذا فإن المطلوب منا اليوم الثقة فى وعد الله وبشراه للمؤمنين الصابرين. لمزيد من مقالات لواء: حسام سويلم