رغم التحديات الكثيرة والضخمة التى تواجه المجتمع بسبب مكافحة الإرهاب الاسود خصوصاً وأن مصر تقاوم الإرهاب دفاعاً عن العالم الدولى أذ أننا فى حالة حرب حقيقية ومواجهة شرسة لإرهاب يقتل ويصيب الأبرياء من المواطنين وينتج عنه خسائر فادحة وأضرار جسيمة على بلدنا. وفى هذه الحرب الشرسة مازلنا نتعامل معها عن طريق المواجهات الأمنية فقط بآليات القوات المسلحة والشرطة وهما اللذان يقدمان تضحيات عظيمة من الشهداء والمصابين ..خلال المواجهات الأمنية ضد هؤلاء الإرهابيين الذين تم غسل عقولهم بالأفكار الظلامية التعصبية والمتطرفة والمغلوطة بتكفير المجتمع وغيرها من عينة تلك الأفكار المسمومة ضد الإنسانية والأديان وغرسها فى نفوس أطفالنا وشبابنا. وعلى الجانب الآخر المقاوم للإرهاب ومكافحته تناسينا بل أهملنا معركة المواجهة والحرب المكملة لهزيمة الإرهاب وهى معركة «الأفكار» ومن هنا يأتى اقتراحنا بضرورة انشاء لجنة عليا لمواجهة الإرهاب تكون داعماً أساسياً فى معركة مواجهة الأفكار المتطرفة والفكر الظلامى .. وتكون مهمة اللجنة العليا كشف وحرب الفكر العقائدى للمتطرفين والإرهابيين.وذلك عن طريق إعادة النظر فى المناهج التعليمية والدينية وغيرها من أدوات تغيير الخطاب الدينى مع غرس روح التسامح فى نفوس اطفالنا وشبابنا مع كشف فساد «اللاعبين بالعقول» وزراعة الأفكار الغريبة وغير الانسانية وبنشر ثقافة التنوير والفكر الرشيد وطمس فكر الغيبيات والدجل والشعوذة .. كما تكون ضمن مهام اللجنة العليا نشر الكتيبات التى تساعد على الاستفادة العقلية ونشر ثقافة التسامح الإنسانى . ومن هنا يلعب الاعلام دوره التنموى عن طريق الدراما والاغانى والاعمال الفنية وكذلك الاعلان المدروس الذى يشكل ويعمق الافكار بعيداً عن التسطيح الاعلانى الذى يستهدف المستهلك للربح فقط ، كذلك عن طريق اعلان المسابقات عن الكتابة التنويرية على ان يكون هناك رعاة لتلك الحملات من رجال الاعمال واعادة نشر سلسلة كتب التنوير والمواجهات الفكرية وعقد اللقاءات والندوات الثقافية ضد الفكر الظلامى وعن طريق الاعمال السينمائية والمسرحية وكافة الفنون، على ان تنتشر سيارات المكتبات العامة المتنقلة فى الريف واعادة تدريب شيوخ وأئمة رجال الدين الاسلامى والمسيحى فى المساجد والكنائس لمواجهة الارهاب اى استخدام كل أدوات القوى الناعمة فى مصر من اجل هزيمة هذا الفكر الظلامي. إن «اللجنة العليا لمواجهة الارهاب والتطرف» التى نقترحها لابد أن يتم تشكيلها وفقا للمهام والمسئوليات المحددة والملقاة على عاتقها وأساس تشكيلها من خبراء علم الاجتماع والتعليم والثقافة والفنون والمبدعين من الفنانين والكتاب ورجال الدين وحتى من نجوم الرياضة المحبوبين ومن الموسيقيين والمبدعين وغيرهم من رجال الاحزاب من المجتمع المدنى والجمعيات الاهلية، على أن يراعى فى تشكيلها التمثيل النوعى والفئوى للمجتمع.. ويكون لهذا الكيان مهام واضحة وجدول زمنى للتنفيذ والمتابعة الدورية، فضلا عن أعمال ملموسة على ارض الواقع . إن «اللجنة العليا لمكافحة الأرهاب» لن تكون بعيدة عن الاتصال والتنسيق مع مجلس الأمن القومى المنصوص عليه دستورياً طبقاً للمادة «205» برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب ووزراء الدفاع الداخلية الخارجية المالية العدل الصحة الاتصالات التعليم رئيس المخابرات العامة ورئيس لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب . ومن المعروف ان مجلس الامن القومى هو المسئول دستوريا عن إقرار استراتيجيات تحقيق أمن البلاد ومواجهة حالات الكوارث والأزمات بشتى أنواعها واتخاذ ما يلزم لاحتوائها وتحديد مصادر الأخطار على الأمن القومى المصرى فى الداخل والخارج والاجراءات اللازمة للتصدى لها على المستويين الرسمى والشعبي. وللمجلس أن يدعو من يرى من ذوى الخبرة والاختصاص لحضور اجتماعه دون أن يكون لهم صوت معدود ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى ونظام عمله. وبعد فإننى على ثقة أن الاقتراح سوف يأخذ صدى واهتماما من المسئولين عن بلادنا خصوصا بعد أن وافقت عليه لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب برئاسة الدكتور أسامة العبد. وبعد فإن الأمر مرهون بالعمل الجماعى المنظم الذى تتحد فيه القوى الناعمة من اجل سحق الإرهاب بمكافحته معاً بإذن الله. لمزيد من مقالات عبدالحميد كمال;