«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صراع حفتر والسراج على السلطة فى ليبيا؟!
نشر في الأهرام اليومي يوم 25 - 03 - 2017

مع الاسف، ورغم كل الجهود التى تبذلها مصر تساندها دول الجوار الجغرافى من أجل تحقيق مصالحة وطنية شاملة فى ليبيا تنهى الصراعات القبلية والجهوية التى مزقت البلاد، وتقلص سطوة الجماعات المسلحة وأولها داعش على معظم المدن الليبية حفاظا على وحدة الدولة والارض، وتهيئ المناخ الصحيح لاعادة بناء مؤسسات الدولة وفى مقدمتها الجيش والامن وتعيد الاستقرار إلى ربوع البلاد، وتؤمن مصادر قوتها الاقتصادية المتمثلة فى حقول البترول وموانيه داخل منطقة الهلال النفطى تحت سلطة الدولة المركزية، بعيدا عن صراع المليشات المسلحة..مع الاسف لاتزال الفوضى تضرب أطنابها فى ليبيا رغم كل هذه الجهود ولاتزال قوى التخريب تعمل معاولها لهدم اى انجاز يتم تحقيقه على ارض الواقع، ولاتزال نسبة غير قليلة من القيادات الليبية فى مستويات السلطة العليا مشغولة بطموحاتها بأكثر من انشغالها بالصالح الوطنى العام، تحركها الرغبة فى الاستئثار بالسلطة والانتقام من خصومها السياسيين!. بينما يظهر غالبية الليبيين فى الشرق والغرب والجنوب استياءهم البالغ وضجرهم الشديد من عبثية المشهد السياسى خاصة فى المدن الاساسية الثلاث، بنغازى ومصراتة وطرابلس الاكثر فاعلية وتأثيرا فى حياة الشعب الليبي، الامرالذى تبدى بوضوح شديد فى خروج تظاهرات ضخمة فى مدينة طرابلس تطالب باخراج جميع المليشيات المسلحة من العاصمة، كما تبدى فى موجة الغضب البالغ التى اجتاحت مدينة بنغازى من عناصر الجيش الليبى المنفلتة بعد ان سيطرت عليها الرغبة فى الانتقام من بعض جماعات المتطرفين التى لاتزال تشكل جيوبا لتنظيم داعش داخل بنغازى إلى حد نبش قبور قتلى هذه الجماعات واخراج جثثهم والتمثيل بها علننا فى مواكب تطوف شوارع المدينة.. ما الذى غير فجأة صورة المشهد الليبى الذى كان قبل اقل من شهرين فقط يوحى بالامل والتفاؤل،عندما اجتمع فى القاهرة فى غضون شهرى يناير وفبراير الماضيين اكثر من 64 شخصية ليبية يمثلون كل القبائل وجميع القوى السياسية والجهوية وكل نخب المثقفين والمهنيين المهتمين بالشأن العام، على رأسهم الاقطاب الثلاثة حفتر قائد الجيش الليبى شرق البلاد وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب فى طبرق وفايز السراج رئيس المجلس الرئاسي، اتفقوا جميعا على الخطوط العريضة لخارطة طريق تعالج اوجه القصور فى اتفاق الصخيرات المتمثلة فى وضع المؤسسة العسكرية الليبية وقائدها الاعلى والقائد العام للجيش الليبى وقضايا أخرى تتعلق باعادة تشكيل المجلس الرئاسى ومجلس الدولة تفتح الطريق امام المصالحة الوطنية الشاملة، ثم جاءت عملية استيلاء المليشيات الجهوية والاسلامية وفى القلب منها تنظيم داعش وجماعة الاخوان المسلمين على راس لانوف وسدرة الميناءين المهمين لتصدير البترول داخل الهلال النفطى لتعيد الامور إلى سيرتها الاولى وتعود الفوضى تضرب اطنابها فى البلاد رغم نجاح الجيش الوطنى بقيادة حفتر فى استعادة الموقعين راس لانوف وسدرة..،ومن المسئول عن افشال جهود المصالحة الوطنية!؟،وما هى حدود مسئولية الاقطاب الثلاثة، السراج وحفتر وعقيلة عن هذا الفشل؟!،ومتى تخرج ليبيا من هذه المتاهة الشائكة التى تهدد وجود الدولة الليبية كما تهدد امن مصر..،أظن ان الوصول إلى اجابات صحيحة وشاملة لهذه الاسئلة الثلاثة يتطلب اولا، رؤية ابعاد الصراع داخل المدن الثلاثة وفى مقدمتها مصراتة التى يعتقد البعض انها المسئولة عن تصدير الفوضى إلى معظم ارجاء ليبيا!.
مصراتة مدينة ساحلية تجارية نشيطة يصفها الجميع بانها قلب ليبيا النابض، تقع فى المنطقة الغربية على مسافة 200كيلو متر من العاصمة طرابلس، يزيد عدد سكانها على 700الف نسمة معظمهم ينتمى إلى اصول عربية والقليل منهم ينتمى إلى اصول شركسية، يتميزون بالحراك الشديد ويشكلون غالبية التجارفى معظم المدن الليبية خاصة بنغازي، حيث يتواجد منذ القدم جالية واسعة من أهل مصراتة تعمل بالتجارة فى محيط سكانى اوسع يتسم بالقبلية والبداوة يعتبرهم غرباء عن المدينة رغم قدم الوجود وتواصل الاجيال، وفى غياب سلطة مركزية قوية كثيرا ما يتعرضون لغارات البدو وهجماتهم التى ادت إلى نزوح اكثر من 130الفا عادوا جميعا إلى مصراتة لكنهم يتحينون فرصة العودة إلى بنغازى ويعتبرون ذلك حقا لا ينبغى التنازل عنه.
وسط هذا المناخ نشأت فى ظل الفوضى والدمار الذى لحق بليبيا من جراء غارات حلف الناتو التى استهدفت اسقاط حكم العقيد القذافى مليشيات سرايا الدفاع من مواطنين تعود اصولهم إلى مصراتة، ينتصرون لعودة المهاجرين، وبسبب هذه المليشيات التى نجحت قطر فى اختراقها والسيطرة عليها ساءت العلاقات بين مصراتة وعدد من المدن الليبية، واصبحت ميليشات مصراتة التى يسيطر على قيادتها المتطرفون عنصر قلق دائم خاصة فى بنغازي..والان تحاول مصراتة جهدها كى تتخلص من هذه القيادات المتطرفة لسرايا الدفاع املا فى اقامة علاقات طيبة تحمى جالياتها التجارية الموجودة فى كل مكان.
وكما تبدلت الاوضاع فى مصراتة تبدلت فى بنغازى رغم ان الجيش الوطنى الليبى تحت قيادة حفتر نجح فى القضاء على معظم الجماعات المسلحة التى تتبع داعش باستثناء بعض الجيوب الصغيرة اخطرها فى قنفودة داخل منطقة العمارات الاثنتى عشرة، يقول بعض الخبثاء انه كان من الممكن تحريرها منذ زمن لكن حفتر أجل هذه المهمة لغرض فى نفس يعقوب،وسواء كان ذلك جزءا من حملة التشهير التى يتعرض لها حفتر ام ان للقصة ظلا من الحقيقة، فقد سارعت قوات حفتر بعد نجاحه فى استعادة رأس لانوف وسدرة فى منطقة الهلال البترولى الى تحرير منطقة قنفودة مستخدمة فى ذلك اساليب اشد قسوة طالت أكثر من 90 اسرة تعرضت لتجاوزات غير انسانية شملت نبش القبور والتنكيل بالجثث علنا والقتل عمدا لضحايا عزل لاتحمل السلاح..وبرغم اعلان حفتر استنكاره لهذه الممارسات المنافية لروح الاسلام والاخلاق العربية وقواعد الحرب ونصوص الاتفاقات الدولية، كما يقول حفتر فى بيانه الذى يدعو إلى تقديم مرتكبى هذه الجرائم لمحاكمات عسكرية والمثول امام لجان التحقيق التى تم تكليفها، إلا ان ما حدث فى بنغازى اساء كثيرا إلى سمعة الجيش الوطنى الليبى واظهر ضعف انضباطه كما قلل من شعبية حفتر إلى حد اتهامه بانه تأخر عمدا فى تحرير قنفودة ليتمكن من السيطرة على كل الاطراف فى بنغازي!،ومع الاسف محت احداث بنغازى دور الجيش فى عملية استرداد رأس لانوف وسدرة، ودفعت الممثل الخاص لسكرتير عام الامم المتحدة الى اصدار بيان عاجل يؤكد رفضه لخطاب الكراهية والعنف والانتقام والتمثيل بالجثث التى ارتكبها الجيش فى مدينة بنغازي.
والحق ان شعبية المشير حفتر كانت إلى وقت قريب تغطى معظم ربوع المنطقة الشرقية وتتجاوزها الى الكثير من اجزاء المنطقة الغربية رغم حملات الغرب التى صورت حفتر على انه مجرد تكرار لصورة العقيد القذافى فى استعلائه وغروره المصطنع ينطوى فى داخله على ديكتاتور!، لكن هذه الشعبية هبطت كثيرا فى الاونة الاخيرة لاسباب عديدة اهمها تشدد المشير حفتر هو وحليفه عقيلة صالح رئيس مجلس النواب المنتخب فى طبرق فى قضية المصالحة الوطنية بين شرق ليبيا وغربها واصرارهما على فرض شروطهما بالكامل فى مشروع وطنى يتعلق بالمصالحة يتطلب بالضرورة تنازلات مشتركة من كل الاطرف.
وبرغم الجهد الكبير الذى بذلته مصر لتحقيق المصالحة عندما دعت الاقطاب الثلاثة السراج وحفتر وعقيلة فى اواخر يونيو عام 2016 لبحث سبل دفع عملية التسوية السلمية للازمة الليبية ثم عاودت دعوتهم فى منتصف فبراير عام 2017لمباحثات مع اللجنة المصرية المعنية بليبيا التى يرأسها الفريق محمود حجازى رئيس اركان حرب القوات المسلحة المصرية وحضرها وزير الخارجية سامح شكري، رفض المشير حفتر الجلوس مع فايز السراج رئيس المجلس الرئاسى رغم توافقهما على معظم القضايا بدعوى ان حكومة السراج تشكلت باوامر قوى خارجية ترأسها الولايات المتحدة ثم جاءت الحوادث الاخيرة التى ارتكبتها بعض قوات الجيش اللليبى فى بنغازى وكشفت حجم الانفلات وقلة الانضباط داخل بعض وحدات القوات العسكرية للمشير حفتر لتقلل من شعبية حفتر كثيرا.
وكما هى الحال فى بنغازى ومصراتة تخضع العاصمة طرابلس لسيطرة عدد من الجماعات المسلحة يرتكز كل منها فى احدى مناطق المدينة، تغلق مخارجها ومداخلها بحواجز عازلة ونقاط تفتيش مسلحة تجعل منها دولة داخل الدولة!، اخطرها الجماعة السلفية المقاتلة التى يتشكل معظمها من الافغان العرب العائدين من افغانستان وينتمون إلى تنظيم القاعدة وتمولهم دولة قطر ويحتلون منطقة الغابة وسط طرابلس، وكثيرا ما تشتبك هذه الجماعات فى صراعات مسلحة لاتفه الاسباب، اخرها اقتحام عدد من المسلحين منطقة سوق الجمعة مقر المجلس الرئاسى فى قاعدة ابوستة البحرية..وبينما تهدد القيادة العامة لقوات حفتر بدخول العاصمة طرابلس بقوة السلاح يهدد المجلس الاعلى قوات حفتر بعزمه مخاطبة المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق فى جرائم الحرب التى ارتكبتها قوات حفتر فى بنغازي، وشملت نبش القبور واخراج الجثث والتمثيل بها فى شوارع المدينة!،ويكاد يجمع المراقبون على صعوبة ان لم يكن استحالة دخول قوات حفتر مدينة طرابلس بقوة السلاح بدعوى ان قوات حفتر التى لاتزال غير قادرة على تأمين نفسها بصورة كافية فى منطقة بنغازى لاتستطيع اقتحام طرابلس عنوة!..، وداخل طرابلس يوجد سجن(الهضبة)، الذى يقضى فيه اركان نظام العقيد القذافى وكبار المسئولين فى عهده وفى مقدمتهم رئيس المخابرات الليبى السابق عبدالله سنوسى فترة عقوباتهم، ويشكل سجن الهضبة هدفا مهما تتسابق المليشيات المسلحة على محاولة اقتحامه للافراج عن المسجونين اوستخدامهم كأوراق تفاوض فى صراع المليشيات الذى لايتوقف ويهدد المدينة واستقرارها.
وبالطبع لامجال للحديث عن سيطرة الدولة فى ظل هذه الفوضى الشاملة التى تضرب اطنابها فى جميع البلاد وغياب الاهتمام الجاد بمصالح الوطن العليا من جانب مستويات عديدة من القيادات تتوزع ولاءاتها على قوى الخارج او انتماءاتها القبلية وكل ما يهمها تعزيز مواقفهم ومواقعهم فى مواجهة خصومهم القبليين والسياسيين، ويزيد من صعوبة الوضع التفتيت المستمر الذى طرأ على مجلس النواب المنتخب واضعف دوره وقدرته على ممارسة الضغوط على الاطراف المتصارعة بغية لم شتاتها رغم مهارات رئيسه عقيلة صالح التكتيكية وقدرته الفائقة على المناورة بين المجموعات المختلفة!.
ويعتقد المبعوث الاممى لليبيا مارتن كوبلر ان الهبات الشعبية ضد هذه الفوضى العارمة التى تتجسد فى وجود تيارات وطنية فى عدد من المدن تدعو بين الحين والاخر إلى التظاهر ضد المليشيات المسلحة الجهوية والمدنية كما حدث فى طرابلس ومصراتة لاتزال تفتقد القدرة على تغيير المشهد السياسى الراهن، لانها لاتزال فى بداياتها ولان الازمة رغم خطورتها لا تعض المواطن الليبى فى مصلحته المباشرة بسبب انتظام البنك المركزى الليبى فى صرف رواتب جميع العاملين فى ليبيا نتيجة عوائد البترول التى تصاعدت اخيرا بعد ان ارتفع حجم تصدير النفط الليبى الى ما يقرب من 750 الف برميل فى اليوم الواحد منذ ان سيطرت المؤسسة العامة للبترول على حقول النفط وموانيه فى ظل حماية الجيش الوطنى الليبي..لكن ما من شك فى ان دخول الصراع بين المليشيات المسلحة والجيش الوطنى الليبى بقيادة حفتر مرحلة النزاع على السيطرة على حقول البترول وموانيه يشكل متغيرا خطيرا يزيد من خطورة الموقف، ان شملت المعارك مناطق التصدير بخزاناتها ومضخاتها وبنيتها الاساسية فى موانى التصدير بشكل يمثل تهديدا قويا ومباشرا لعمليات تصدير النفط ان تضررت هذه المنشآت او اصابها الحريق لاقدر الله.
وإذا كان هذا الاحتمال يشكل قلقا لقوى الغرب التى تعطى الاولوية لاستيراد البترول الليبى لقربه من اوروبا فضلا عن جودته الفائقة، فانه يشكل عامل ازعاج دائم للامن المصرى يلزم مصر بتكريس المزيد من الجهد لسرعة انهاء هذا الصراع رغم كل ما حدث حفاظا على كيان الدولة الليبية من التفكك والانهيار خاصة ان كل الفرقاء الليبين كانوا قد توافقوا فى اجتماعات القاهرة على مجموعة من الثوابت الاساسية تشكل ضمانات مهمة لجميع اطراف الازمة، تبدأ من الالتزام بوحدة التراب الليبى وحقن الدماء وضرورة المحافظة على مدنية الدولة والتداول السلمى للسلطة ورفض كل اشكال التهميش والاقصاء والتأكيد على وحدة الجيش الليبى ونبذ التدخلات الاجنبية، ولم يعد باقيا من اوجه الخلافات الجوهرية التى تباعد بين مواقف الاطراف سوى عدد محدود من القضايا تتعلق بعملية بناء هيكل الدولة الجديد،تتمثل اولا فى قضية الحفاظ على وحدة المؤسسة العسكرية واستمرارها وابعادها عن التجاذبات السياسية واهمية وجود قائد أعلى للقوات المسلحة مدنى يخضع لسلطاته القائد العام للجيش الليبي، وتتمثل ثانيا فى مراجعة اعداد المجلس الرئاسى الذى يمثل اعلى سلطة تنفيذية ويتشكل الان من تسعة اعضاء يرأسهم فايز السراج، اثبت التجربة العملية ضرورة خفض هذا العدد إلى ثلاثة شخوص يمثلون الشرق والغرب والجنوب كما تتمثل اخيرا فى توسيع نطاق مجلس الدولة وهو مجلس استشارى يقابل البرلمان بحيث يضم اعضاء المؤتمر الوطنى المنتخبين عام 2012 مع استمرار جميع شاغلى المناصب الرئيسية فى مناصبهم لحين انتهاء الفترة الانتقالية واجراء انتخابات برلمانية ورئاسية فى موعد اقصاه فبراير2018.
وبالطبع، يصعب وجود ضمان حقيقى، يؤكد ان هذه الخطط سوف تمضى فى طريقها المرسوم دون عوائق فى ظل هذه الفوضى التى تضرب أطنابها ووسط هذه التدخلات المحمومة من قوى الخارج،لكن ايا كان ما يحدث فى ليبيا فليس امام مصر، تعاونها دول الجوار الجغرافى سوى ان تستأنف جهودها وسط هذه المصاعب وتواصل السير على الشوك مهما طال الطريق إلى ان يتحقق امن ليبيا وتنحسر قوى الشر والارهاب حفاظا على امن ليبيا و الامن المصري.. كان الله فى عون مصر والمصريين!.
لمزيد من مقالات مكرم محمد أحمد;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.