من غير المعروف علي وجه التحديد تاريخ بداية وجود المسلمين في المكسيك,البعض يرد الفضل إلي مهاجرين من تركيا ولبنان وسوريا. إلا أن هناك بعض المصادر تشير إلي دلائل علي وجود مسلمين في الأمريكتين قبل وصول كريستوفركولومبس إلي تلك الأراضي، حيث يبدو في الفن الهندي- الأمريكي أفارقة وساميون, خاصة في بعض المجتمعات التجارية في المكسيك, كما عثر علي بقايا مساجد في كوباوالمكسيك وتكساس ونيفادا. ويري المؤرخ المكسيكي باسكال ألمازان في كتابه أنهيرج آن موسولمان أن مسلما من أهل الأندلس وصل إلي المكسيك من المغرب واسمه يوسف بن العباس, بعد أن خطفه القراصنة في القرن السادس عشر الميلادي, حيث تم اعتقاله من طرف الإسبان وبيع في أسواق النخاسة, ولم يكن معروفا آنذاك بفصله وأصله, لكن اليوم وبعد تطور الدراسات التاريخية والأثرية تيقن للكثير من الدارسين والباحثين أن هذا الشخص هو مصطفي الأزموري المغربي أول رجل مسلم- من خارج قبائل الهنود- يكتشف المكسيكالجديدة. وقد بدأ أول تجمع للمسلمين يتشكل في منتصف الثمانينيات في النادي المصري التابع للسفارة المصرية في العاصمة المكسيكية, وقد قدمته للمسلمين كقاعة لإقامة الصلاة, ثم في السفارة الباكستانية التي قامت كذلك بتخصيص غرفة لأداء صلاة الجمعة, الأمر الذي شجع الكثير من العرب علي الهجرة إلي المكسيك, وتأسس المركز الإسلامي الأول في المكسيك في عام1988 م علي يد الداعية عمر واتسون الذي حث المسلمين علي التجمع وأداء صلاة الجمعة في المركز ومن ثم تزايد عدد المصلين وانضم عدد من المسلمين للعمل الدعوي,ويزيد عددهم الآن علي أكثر من نصف مليون مسلم يعيشون في المكسيك, وفي كل جمعة يجتمع عدد قليل من المسلمين لأداء الصلاة, ويلقي أحدهم درسا دينيا باللغة الأسبانية. وتوجه دعاة المركز لزيارة المسلمين في مختلف أنحاء البلاد, ودعوة غير المسلمين, وأصبح الإسلام معروفا لدي شعب المكسيك, وأخذت الإذاعات والتليفزيونات تتحدث عن الإسلام, وعرضت كتبا عن الإسلام في معرض الكتاب الدولي في المكسيك وفي عدة مدن وعقدت مؤتمرات عن الإسلام في عدة جامعات ووضعت كتب عن الإسلام في المكتبات الكبري ونشرت مقالات في الصحف الكبري والمجلات وافتتح المركز الإسلامي قاعات للصلاة في مدن مونتيري وجوادالاخارا وثيوداد وأوبريجون وشاباس, كما أرسل المركز8 طلاب مسلمين للدراسة في الجامعة الإسلامية في المدينةالمنورة. وفي مدينة مونتيري ثاني أكبر مدن المكسيك أسس المسلمون فرعا للمركز الإسلامي وفتحت قاعة للصلاة وفي مدينة توريون بني مهاجر سوري مسجدا جميلا, وفي مدينة جوادالاخارا, ثالث مدن المكسيك افتتح المسلمون قاعة للصلاة, وفي مدينة سان كريستوبال في ولاية شياباس بني المسلمون مسجدا صغيرا, وأصبح للمركز الإسلامي في المكسيك اتصالات مع المسلمين في20 مدينة مكسيكية. وفي هذا السياق سألنا علاء الدين أبو عمر نائب رئيس المركز الإسلامي في المكسيك, وهو مصري مقيم بالمكسيك عن نشاطات المركز وتاريخ تأسيسه فأجاب قائلا: بتزايد الجالية الإسلامية من خلال الدعوة والهجرة العربية نحو المكسيك, قمنا بتأسيس المركز الإسلامي بالتعاون مع مجموعة من الإخوة, وفي سبتمبر1995 م سجل المركز رسميا وتم الاعتراف به من قبل السلطات المكسيكية المعنية, وأصبحت الصلوات الخمس تؤدي يوميا, وتزايد عدد المسلمين الجدد الذين كانت تعطي لهم دروس في التوحيد والفقه, وأصبحت تقدم الوجبات وتعقد اللقاءات في المركز. عقبات وتحديات ويعد الجهل بالإسلام وفهم مقاصده النبيلة بالإضافة إلي الصورة المشوهة التي ينشرها الإعلام الغربي له, خاصة عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر, من أكبر الصعوبات التي تواجه مسلمي المكسيك الذين لا يريدون سوي الحياة في سلام, وتعايش ووئام مع جميع مكونات الشعب المكسيكي, حيث يشعرون بأن هناك قصصا تروي عن الإسلام تمنع الناس من معرفة حقيقته. وبالرغم من أن البعض يرون المسلمين أناسا عنيفين ويضعونهم في قالب الإرهاب, فإن المكسيكيين الذين اعتنقوا الإسلام قد وجدوا فيه نمط حياة طيبة وبناءة بالنسبة للفرد والمجتمع, منوها إلي أن أفراد الجالية الإسلامية يعملون دوما فيما بينهم علي ألا يكون هناك أناس فقراء, حيث يقوم من يحظون منهم بإمكانات مادية كبيرة بمساعدة ذوي الإمكانات الأقل. وأوضح أن الإسلام ينتشر وأعداد المسلمين تتزايد يوما بعد يوم, وأن عائلات بكاملها تدخل في الإسلام مجتمعة, ومن الطريف في الأمر في الفترة الأخيرة أن النساء يقبلن علي الدخول في الإسلام أكثر من الرجال, رغم علمهن بأن الدخول في الإسلام يلزمهن بأمور معينة سواء في المظهر الخارجي أو الزواج من مسلم, لكننا نجد إصرارا منهن علي الدخول في الإسلام وبعضهن يلبسن الحجاب ويذهبن لعمل مقابلات العمل به, وإذا تم رفضهن بسبب الحجاب تصررن علي التمسك به ويذهبن للبحث في مكان آخر يقبلهن بالحجاب. وحول أنشطة المركز يقول مصطفي علاء الدين ابو عمر إن المركز يقوم أيضا بنشاط علمي إلي جانب النشاط الدعوي من خلال تعليم اللغة العربية مجانا طوال الأسبوع سواء للمسلمين أو غيرهم والتعريف بالدين الإسلامي لإزالة اللبس والأفكار المضللة عن الإسلام والمسلمين. وأشار مصطفي علاء الدين أبو عمر إلي أن هناك مشاريع أخري مستقبلية تتضمن إقامة مجمع إسلامي كبير يضم مسجدا ومدرسة للأطفال ومركزا تعليميا, وأضاف أن المسلمين بالمكسيك يأملون في ان يتولي الازهر الشريف في مصر دعمهم ورعايتهم وتنظيم لقاءات شهرية وأسبوعية لهم مع بعثة المسلمين والدعاة. كما طالب بتقديم الدعم بكل الوسائل وتبادل الزيارات والقيام بتنظيم مؤتمرات اسلامية لأن المسلمين في أمريكا اللاتينية يشعرون بأنهم مهملون, خاصة في مجال الدعوة لأنه ليس هناك أي تعاون بين المركز الإسلامي والأزهر الشريف.