طرحنا فى الأسبوع الماضى تصوراً لتطوير منظومة الطيران المصرى بضرورة البحث عن أفكار جديدة «خارج الصندوق» لكى تنطلق بقوة للعالمية ونلحق بدول وشركات طيران فى المنطقة سبقناها بسنوات طويلة جدا ولكنها سبقتنا الآن بمراحل ! ومن هنا وانطلاقاً من دور «الأهرام» الوطنى فى طرح رؤى وأفكار تسهم فى تحقيق نقلة نوعية للإقتصاد الوطنى نطرح من خلال «عالم المطارات» فكرة مشروع جديد يمكن أن يكون «مشروعاً قومياً» لوزارة الطيران وهو إنشاء «مدينة متخصصة لصناعات الطيران والفضاء فى مصر».. كمجمع متكامل نقترح أن يتم تسميتها «مصر لصناعات الطيران والفضاء». فمصر من أوائل الدول التى انضمت للمنظمة الدولية للطيران المدنى «الإيكاو» وبها أقدم شركة بالشرق الأوسط تأسست عام 1932 وهى مصر للطيران وأنشأنا أقدم معهد للتدريب على أعمال الطيران بالمنطقة كما أننا من أوائل الدول التى انضمت عام 1944 لمعاهدة شيكاغو التى تعد «دستور» النقل الجوى العالمى. ولكن ماذا حدث الآن... الواقع يشير إلى أن دولا فى المنطقة أحدث عهدا منا بالطيران سبقتنا الآن سواء بقوة شركات طيرانها أو مطاراتها أو المعاهد التدريبية بها لمختلف تخصصات الطيران لأسباب عديدة!... ووصل الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك فقد أقامت بعض الدول بالمنطقة العربية مدنا لصناعات الطيران وجذبت شركات صناعة الطائرات العملاقة مثل إيرباص الأوروبية وبوينج الأمريكية وشركات صناعة الطائرات الاقليمية مثل بومبارديه الكندية وإمبراير البرازيلية، وعدد من الشركات العالمية المتخصصة فى تصنيع أجزاء ومكونات من الطائرات وأنظمة التحكم والتشغيل بها لتنشىء مصانع تابعة لها داخل هذه الدول... فها هى المغرب بها الآن مدينة متكاملة لصناعة الطيران ووصلت إلى المركز الرابع عالميا فى تصنيع أسلاك الطائرات وبها مركز اقليمى لتصنيع بعض مكونات وقطع غيار الطائرات الإيرباص وبوينج ضمن خطة استثمارية تسهم بنحو 5٫2 مليار دولار فى الناتج المحلى بها بل وتسعى الآن لإنتاج طائرات صغيرة!... كما أعلنت السعودية أنها نجحت فى تعزيز بنية صناعة الطيران بها بتصنيع طائرة شحن بالتعاون بين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وشركة انتونوف الروسية، وستحلق فى الأجواء العام الحالى!.. أبوظبى أيضا لديها الآن مركز متخصص لصناعة الطيران من خلال مجمع نبراس العين... كما تنتج تونس مكونات تستخدم فى تصنيع الطائرات... فأين نحن من كل ذلك!. لقد تأخرنا كثيرا بسبب الاستغراق فى تنفيذ مشروعات بأفكار نمطية! ولم يعد لدينا ترف إضاعة الوقت وآن الأوان لكى نبدأ الآن فى دراسة إنشاء، وتنفيذ مشروع مثل هذا المجمع العملاق وذلك لجذب الاستثمارات العالمية فى هذه الصناعة والصناعات المغذية لها فى مصر.. وهو مشروع يحتاج إلى إرادة وصدور قرارات بتخصيص أراض لإنشاء هذه المدينة ثم يأتى دور وزارة الطيران فى جذب شركات تصنيع الطائرات ومكوناتها وتوفير المناخ الملائم لإقامتها بالتنسيق مع كل الوزارات المعنية من خلال تسهيلات ضريبية وحوافز، كما حدث فى الدول الأخرى لخفض تكلفة التصنيع لجذب المستثمرين، وهناك مناطق عديدة تصلح لإقامة هذه المدينة المتخصصة مثل منطقة محور قناة السويس أو بالقرب من العاصمة الإدارية الجديدة ومطار القاهرة بالاتفاق مع الشركات العالمية مثل إيرباص وبوينج، وغيرها لإنشاء مصانع تابعة لها فى مصر لتصنيع أجزاء من مكونات طائراتها، وبعض أنظمة التشغيل بها. وأتصور أن تنفيذ مثل هذا المشروع القومى يواكب الانطلاقة الحقيقية التى تهدف إليها القيادة المصرية للنهوض بالاقتصاد الوطنى وفتح مصانع جديدة باستثمارات مصرية وأجنبية وتوفير آلاف من فرص العمل... ولم لا فمصر بموقعها الجغرافى المتميز ومكانتها الدولية فى مجال الطيران، ومع وجود مناخ استثمارى جاذب مع صدور قانون الاستثمار الجديد ووجود خبرات وعمالة مصرية ماهرة فى مختلف تخصصات الطيران... كل هذه العوامل وغيرها تشكل عناصر جذب للشركات العالمية لإنشاء هذه المدينة العملاقة فى مصر وتحقيق نقلة نوعية باقامة قاعدة صناعية متخصصة لتصنيع مكونات الطائرات التجارية فى مصر، وتصنيع طائرات صغيرة الحجم فى المستقبل لنصبح من الدول المهمة فى هذا المجال فلسنا أقل ممن سبقونا!. وهنا لابد أن نشير إلى أن إقامة هذه المدينة المتخصصة لصناعة الطيران لا يتعارض مع مشروع ايربورت سيتى الذى تتحدث عنه وزارة الطيران منذ سنوات، ولم ير النور حتى الآن، بل إن العكس هو الصحيح لأن ايربورت سيتى سيضم مشروعات تجارية ولوجستية وسياحية ورياضية وترفيهية حول مطار القاهرة، بينما مدينة صناعات الطيران ستمثل إضافة كبيرة لهذا المشروع. ... و الأهرام إذ تطرح فكرة هذا المشروع الاستراتيجى للنقاش والدراسة، وترحب بكل الآراء والمقترحات عبر صفحة عالم المطارات تمهيدا لعقد ندوة لمناقشتها بما يسهم فى تطويرها وتنفيذها سريعا إيمانا منا بأن مصرنا الغالية يجب أن تستعيد مكانتها الرائدة فى المنطقة بجهود كل المخلصين فى كل المجالات.