رأيت اختراق مسلسل مناهج الدراسة لأعود إليها بعد تناول أحداث أربعة شغلت التفكير واستحقت الكتابة... منها ما يدعو للحزن والأسف، ومنها ما يدعو للرضاء والتفاؤل للرضا أو مزيج من الاثنين. نتناولها حسب توقيتها الزمني. جاءت ذكرى بطرس غالى لتؤكد أن الإنسان ذكرى بعده وأن من الناس من يرحلون لكنهم لاينتهون. مرت سنة على رحيله لكنه مازال فى ذهن وفكر الكثيرين. كان طبيعياً أن تعود الذاكرة لسنوات العمر الأولى وعلاقات امتدت عبر الأجيال والآباء والأمهات والأجداد. كان من التقاليد العائلية قضاء شم النسيم فى «مزرعة غالي» كان الصبية من رفاقه يركبون الخيل وينظرون إلينا بتعال لأننا صغار وفارق السن فى هذه المرحلة العمرية يعنى الكثير.. باستثناء بطرس الذى كان متفهماً صادقاً يستمع إلينا ويؤكد لنا أننا سوف نكبر يوماً ونركب الخيل؟ مرت السنوات وتضاءل فرق السن إلى أن اختفى واستمرت صفات الفهم والتفاهم والصدق مع النفس جزءا منه. وأصبح يعاملنا كأصدقاء اختلفت معه فى الرأى حول زيارة القدس ومعاهدة السلام تحاورنا استمع إليّ بصبر وهدوء لم يقنعنى بوجهة نظره لكنى اقتنعت أنه صادق مع نفسه لا يساير الأحداث يفعل ما يؤمن أنه فى صالح الوطن . تأكدت خصاله فى ندوة نقاش فى نيويورك حول الصراع الدامى فى إفريقيا بين قبائل كادت تبيد بعضها البعض.. كانت الدول الكبرى تنتقد الإفريقيين على ما يحدث قال هو بوضوح، وقوة مازلت أذكرها، افريقيا ليس بها مصانع سلاح ولا تنتج تلك الأسلحة التى أصبح ثمنها فى افريقيا أقل من رغيف العيش.. وتساءل هل المشكلة فى الأفارقة أم الذين يمدونهم بالدعم والسلاح؟ تصريح أعجب به الحاضرون من العقلاء وأغضب غيرهم. كان يجلس بجوارى سفير فرنسا وبابتسامة عريضة همس لى «يبدو أن د. غالى لا يرغب فى منصبه فترة ثانية». بالفعل رصدت له واشنطن مواقفه التى ساندت حقوق العرب وفلسطين ودول العالم الثالث وفى موعد التجديد أخذت موقفا قويا ضد استمراره. قابلته مهندسة الحملة ضده «أولبرايت» وعرضت عليه «حل وسط» هو تجديد منصبه سنتين فقط على أن يتعاون معهم!! كان رأيه قاطعاً جادا لسنا فى سوق شعبية تبرر «الفصال». مرت السنوات وثبتت مواقفه النبيلة الشجاعة. ذكريات تثير الحزن على الفراق والرضاء على الذكري. جرائم سيناء كانت أسوأ الأحداث. أصابت المصريين جميعاّ بالحزن والغضب والإصرار على إحباط محاولات الأعداء. ما تعرضت له مجموعة من المصريين من قتل وذبح بسبب عقيدتهم الدينية جريمة نكراء كان لها تداعيات صادمة. تفاوتت أوصافها قيل إنها نزوح، أو هروب أو تهجير. كلمة تهجير لها مفهوم إيجابى عندما تقوم به الدولة بنقل بعض المواطنين من منازلهم لحمايتهم من السيول والبراكين أو الكوارث الطبيعية كما فى آسيا أو لمصلحة الوطن كما فى أسوان، ومعنى سلبى عندما يجبر الأفراد على ترك منازلهم وأوطانهم وطرد سكان الأرض لاحتلالها وهو ما برعت فيه إسرائيل ومارسته بنجاح. إن ما حدث لم يكن قطعاً تهجيراّ تقوم به الدولة نرى فيه أصابع إسرائيل التقت أهدافها مع أهداف إرهابيين يريدون إحداث الفرقة بين المصريين إلى جانب التخلص من المسيحيين فى الشرق وتحويل سيناء لموطن فلسطينى رغماً عنهم. المرأة محافظ كافحت المصرية حتى دخلت مجلس الشعب والوزارة والقضاء أما منصب المحافظ فقد حجب عنها طويلاً لمقولة خاطئة هى أن المنصب يحتاج لقوة بدنية لا تتوافر للمرأة، بينما نحن نعيش فى عصر القوة المطلوبة فيه ليست القوة البدنية والعضلات، إنما قوة الفكر والعقل والقدرة على مواجهة المواقف وإعمال العقل لاختيار القرارات الرشيدة وتحتاج لوطنية ودراية بأحوال المواطنين والمثابرة والصبر. كلها مؤهلات توجد لدى المرأة والرجل على حد سواء جاء القرار دليلا آخر يؤكد أن النظام الحالى لايفرق بين المواطنين بسبب الجنس أو اللون أو العقيدة يقوم على معايير الكفاءة والوطنية وكلها توافرت للمهندسة نادية عبده التى تعاملت معها نائبا لهيئة مياه الإسكندرية ولمست فيها كفاءة ووطنية ثم نائباً لمحافظ البحيرة ثلاث سنوات عايشت فيها المواطنين ومشكلاتهم ونتوقع لها التوفيق. كان اجتماع حكماء المسلمين الذى دعا إليه فضيلة شيخ الأزهر الموقر إنجازا حضاريا مستنيرا يليق به وبمصر يدعو للتفاؤل والأمل. عندما دعيت إليه منذ شهر قبلت فوراً وتوقعت أنه لحماية الإسلام مما ينسب إليه زوراً. قضية أهتم بها كثيراً ويجب أن يهتم بها كل من يهتم بالسلام وكرامة الإسلام. وجدته أكثر من ذلك سواء من ناحية الهدف والمضمون والمشاركين لم يكن فقط لحكماء المسلمين لكن لحكماء الإسلام. كانت كلمة الرئيس عدلى منصور - كعادته - تشع صدقاً ووطنية ورؤى وكانت علاقة المحبة والاحترام المتبادل بين البابا تواضروس والدكتور الطيب رسالة بليغة فى المحبة والتعايش.. لم يكن اللقاء ندوة لمجرد الحوار وتحليل الأحداث، قدمت فيه عددا من المقترحات والآليات والوسائل التى تحقق الأهداف نتطلع لمتابعتها. جاء الاجتماع مؤكداً دعوة الرئيس السيسى أن تصبح مصر منبراً ومنارة ومصدر إشعاع للتعايش وتكون قدوة ومثلاً على التنسيق والاحترام المتبادل بين أصحاب الثقافات والمذاهب وهى على ذلك قادرة. لمزيد من مقالات د. ليلي تكلا;