يظل عش الزوجية حلم كل شاب, والمملكة لكل فتاة, وهو بكل تأكيد يحتاج الى الحب والصدق للحفاظ عليه.. أما الزواج المبنى على الغش فإنه سيصبح هشا سهل الكسر، ودائما ينتهى بفشل العلاقة الزوجية, ويؤكد ذلك ارتفاع معدلات الطلاق فى الآونة الأخيرة طبقا للتقارير الرسمية. تقول غادة: تزوجت زواج صالونات وأنجبت ثلاثة من الأبناء.. منذ بداية الارتباط أظهر الكرم وأغدق على بالهدايا وتظاهر بالحب لدرجة العشق, وأنه رجل كريم لايرضى بأن تشارك زوجته فى مصاريف البيت.. وبعد الزواج ظهرت صورته الحقيقية أنه إنسان شديد البخل والأنانية فى كل شىء، مما اضطرنى للعمل لأتحمل مصاريفى والمشاركة فى النفقات المنزلية رغم قدرته المالية مما أصابنى بالأمراض العضوية والنفسية. يقول هيثم: بصفات الهدوء والتدين جعلتنى أتقدم للارتباط بها، أعجبنى فى بداية الخطبة وداعتها والقناعة والرضا بظروفى الاقتصادية المحدودة فى بداية الحياة العملية، ولكن سرعان ما تبدلت بعد الزواج إلى كائن آخر من الطمع وعدم الرضا والعصبية ناقمة مصابة بالغيرة الجنونية وحاولت الإصلاح وتقديم كل ما يرضيها ولكن دون فائدة. د.عماد مخيمر أستاذ علم النفس ووكيل كلية الآداب جامعة الزقازيق يقول المشكلة أن عددا كبيرا من الأشخاص يحاول التجمل لدرجة الغش فى بداية فترة التعارف أو الخطوبة ويظهرعكس طبيعته فى أمور خطيرة لا تقبل التجمل مما يهدد بفشل العلاقة الزوجية. ويضيف أن انتشار ظاهرة الغش فى حياتنا تعكس خللا وتراجعا فى التنشئة للأبناء على القيم والعادات الاجتماعية الإيجابية، وأن الشخصية الغشاشة هى شخصية سيكوباتية تسعى الى الوصول الى أى مكتسب عن طرق غير مشروعة, وأن الإنسان السوى هوالمتسق والمتطابق مع نفسه ومع صفاته والتى لاتتغير مهما تغيرت الأحداث. وهناك من يعانون من بعض الأمراض العضوية او النفسية او اضطراب فى الشخصية فيحاول إخفاء حقيقته بدلا من سعيه لطلب المساعدة والعلاج.. للأسف بعد مرور أيام شهر العسل تنكشف الأقنعة ويظهر على طبيعته ومن ثم تبدأ المشكلات والخلافات الى أن تتسع، وفى الغالب تنتهى بالانفصال والطلاق.. لذلك المفروض أن يظهر كل من الطرفين على طبيعته ولا داعى الى الظهور بعكس الباطن، فالزواج هو عبارة عن مجموعة احتياجات كل طرف يكمل الطرف الآخر، وأن الحب يأتى بالعشرة ولكن من المؤكد أن الكذب والغش والتزييف فى المشاعر وفى أمور الزواج هى غير قابلة للإصلاح, مثال أن يكون له زيجة سابقة أو دخل مختلف او يدعى شقة بمواصفات كاذبة او وظيفة أرقى..وبعض الناس لديهم حالة كذب مرضى فيكذبون فى أمور مثل المركز الاجتماعى والعائلى والدخل, وهى تعد من أكثر الصفات الذميمة التى تهدد العلاقات الاجتماعية وخاصة فى أمور الزواج. ولخطورة الغش على الأسرة والمجتمع نهى صلى الله عليه وسلم عنه وقال (من غشنا فليس منا ) صفا الفقى خبيرة التنمية الذاتية مرشدة أسرية تقول إن الإنسان بفطرته كائن اجتماعى يأنس بالناس ويأنسون به, فكان من الأولى أن يكون ذلك الإنس بين الزوجين ومن هنا كانت مخاطبة الله تعالى للزوجين (وخلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكونوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) وذلك هو أساس العلاقة الزوجية المتوازنة والناجحة أن الزواج وسيلة وليس غاية, وسند وملجأ للزوجين فى مواجهة ضغوط وصعوبات الحياة، وكلما فهم الشخص ذاته كان أكثر صدقا واستطاع أن ينجح فى اختيار شريك حياته الذى يكمله بكل شفافية ووضوح بعيدا عن أى أقنعة مزيفة مصيرها السقوط مهما طال ارتداؤها، فالأفضل لكل طرف التحلى بالصدق والتجمل الإيجابى عند البدء فى بناء عش الزوجية، وعدم التسرع فى الاختيار، والبحث والتدقيق والسؤال والاستخارة، مطلوب أيضا عدم الانجذاب للمظاهر، وعدم قبول الزواج مع تعليق الأمل أن يتم التغير بعد الزواج.. وتضيف لابد من الوضوح فى التعامل والبعد عن التجمل المبالغ فيه والغش سواء فى الأسلوب والمعاملة او الأفكار او المظهر والتعرف على سيكولوجية كل منهما. والتحدث والإنصات الجيد لبعضهما بكل اهتمام وعدم الخجل والمصارحة، واحترام الأهل، ومعرفة حقيقة أن الزواج مسئولية وتضحية، وتقبل الاختلاف الطبيعى. وأخيرا تنصح الشباب المقبلين على الزواج بأن يتوجهوا الى المؤسسات الإرشادية المختصة والمؤهلة قبل الإقبال على هذه الخطوة المهمة ودخول عش الزوجية.