أجرى وزير الخارجية سامح شكرى أمس نشاطا مكثفا فى ثانى أيام زيارته للعاصمة البلجيكية بروكسل تمهيدا لاجتماعه مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى لبحث التعاون المشترك، فضلا عن مناقشة العديد من قضايا المنطقة. وبدأ شكرى نشاطه أمس بلقاء وزير الخارجية البلجيكى ديديه ريندرز، حيث عقد الوزيران جلسة مشاورات لمتابعة مسار العلاقات الثنائية وسبل تطويرها فى شتى المجالات، لا سيما الرغبة المصرية فى تعزيز التعاون الاقتصادى وتشجيع رؤوس الأموال البلجيكية على الاستثمار فى مصر. ومن جانبه، أشاد وزير الخارجية البلجيكى بالمواقف المصرية المتوازنة التى تحرص على تعزيز الاستقرار الاقليمي، كما اهتم أيضا بالتعرف على ملامح برنامج الإصلاح الاقتصادى للحكومة المصرية، معربا عن إعجابه بما تحقق حتى الآن، خاصة على صعيد إدماج الشباب فى الأنشطة الاقتصادية المختلفة، مشيرا إلى استعداد الجانب البلجيكى لإرسال بعثة تجارية إلى مصر فى أقرب فرصة لاستكشاف أفق تدعيم التبادل الاقتصادى والتجارى بين البلدين. كما أعرب الوزير البلجيكى عن تطلع بلاده للتنسيق مع الأجهزة الأمنية المصرية لمراجعة إرشادات السفر البلجيكية إلى مصر. ومن جهته، صرح المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية، بأن مباحثات الوزيرين اشتملت على تبادل وجهات النظر تجاه القضايا والأزمات الإقليمية. وأوضح أن شكرى تناول تفصيلا الرؤية المصرية لمحاربة الإرهاب فى إطار دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى لتجديد الخطاب الديني، مؤكدا ضرورة عدم التمييز بين تطرف عنيف وآخر غير عنيف، حيث إن الجماعات الإرهابية تستقى أفكارها من ذات المنبع الفكرى الذى يحض على العنف والقتل بما يتنافى مع الأعراف الإنسانية. وأضاف أن المحادثات تناولت أيضا الأوضاع فى ليبيا والجهود المصرية لتقريب مواقف الأطراف الليبية من أجل تنفيذ اتفاق الصخيرات، فضلا عن تقييم الجولة الأخيرة لمحادثات جنيف بين الأطراف السورية، والأوضاع فى اليمن وجهود مكافحة إرهاب تنظيم داعش فى المنطقة. كما عقد شكرى أمس لقاءً مع ديميتريس أفراموبولوس المفوض الأوروبى للهجرة والمواطنة والشئون الداخلية تناول مبادئ الموقف المصرى تجاه قضية الهجرة غير الشرعية على ضوء اعتماد الجانب الأوروبى على مصر كشريك يمكن التعويل عليه فى وقف تدفق موجات الهجرة غير الشرعية. واعتبر المفوض الأوروبى أن مصر جزء أساسى من منظومة الأمن الأوروبية، كما ثمن الدور المصرى فى ليبيا الذى يسهم فى معالجة تدفقات الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط، مشيرا إلى استعداد الاتحاد الأوروبى للتعاون مع مصر وتعزيز قدرتها فى مجال ضبط ومراقبة الحدود. وصرح المتحدث باسم الخارجية بأن شكرى شدد على الموقف المصرى بعدم إقامة معسكرات احتجاز للاجئين أو المهاجرين فى مصر، حيث يقيم اللاجئون والمهاجرون على الأراضى المصرية بكل حرية ويتمتعون بكل الخدمات المتاحة للمواطن المصري، وأشار إلى أن المطلوب هو دعم قدرات مصر لتوفير الحياة الملائمة والخدمات للاجئين، وهو ما اتفق معه المسئول الأوروبي، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبى لا يريد إقامة مراكز احتجاز فى مصر، وإنما يرغب فى توفير جميع سبل الدعم للقدرات المصرية، ويتطلع الجانب الأوروبى للتعاون مع مصر فى هذا الصدد من خلال مشروعات تنموية لبناء القدرات والتدريب المهنى ومعالجة جذور الظاهرة. وتابع المتحدث أن شكرى استعرض الجهود الكبيرة التى تقوم بها مصر فى مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، بدءًا من تشكيل لجنة وطنية لمكافحتها وإقرار القانون الخاص بذلك فى مجلس النواب، ومرورا بنجاح السلطات المعنية فى مصر فى الحيلولة دون خروج أى مركب هجرة غير شرعية من مصر إلى أوروبا منذ سبتمبر 2016. وأكد شكرى ضرورة تبنى منظور أكثر شمولية فى التعامل مع هذه الظاهرة لا يقتصر على البعد الأمنى وحده، وإنما يأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية التى تدفع نحو الهجرة غير الشرعية، وبالتالى العمل على بناء القدرات وفتح قنوات الهجرة الشرعية. كما عقد وزير الخارجية جلسة مباحثات مع أمين عام حلف شمال الأطلنطى «الناتو» ينز ستولتنبيرج بمقر الحلف ببروكسل. وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية بأن اللقاء بدأ بتوجيه التهنئة من أمين عام الحلف للوزير شكرى بمناسبة إقامة تمثيل دبلوماسى مصرى لدى الحلف للمرة الأولي، وهو ما يمثل دفعة نوعية للعلاقات بين الجانبين. وتطرقت المحادثات لمختلف التحديات الأمنية التى تمر بها المنطقة، حيث استمع ستولتنبيرج للرؤية المصرية إزاء أزمات المنطقة، وبالأخص الجهود المصرية لإحلال الاستقرار والسلام فى ليبيا عبر استضافة القاهرة جولات الحوار للفرقاء الليبيين لمحاولة تقريب وجهات النظر فيما بينهم. وكان وزير الخارجية قد عقد أمس الأول فى مستهل زيارته لبروكسل اجتماعا مع الممثلة العليا للشئون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبى ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية فيديريكا موجيرينى بمقر السفير المصرى فى بروكسل إيهاب فوزي. وأكد شكرى خلال اللقاء أهمية الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبى فى مختلف المجالات، وتطلع مصر للدعم الأوروبى فى المرحلة الدقيقة الحالية التى تمر بها المنطقة والعالم، معربا عن تقديره للجهود التى تم بذلها على مدى العام الماضى للتوصل إلى اتفاق بشأن وثيقة أولويات المشاركة، وهو ما تم الاتفاق بشأنه مؤخرا بما يفتح مجالا لتطوير العلاقات بين مصر والمؤسسات الأوروبية على نحو يعكس الأولويات المصرية وفقا لرؤية 2030 للتنمية المستدامة.