* الأزهرى: نحتاج لأطروحة عاجلة لإخماد نيران الفكر المتطرف * عبدالهادى علام: المواطن الفلسطينى يعانى آخر احتلال على وجه الأرض * عبد المنعم سعيد: الشباب فاعل أساسى فى مستقبل القضية الفلسطينية * سعد الهلالى يدعو شباب فلسطين إلى رفض الفكر المتطرف والبعد عن الطائفية * الفقى: مصر لم تدعم فصيلا أو شخصا بل تراهن على الشعب الفلسطينى كله
اختتمت أمس ندوة العين السخنة، التى تقيمها مصر تحت عنوان «تطوير الخطاب الدينى لدعم القضية الفلسطينية» والتى يشارك فيها عدد غفير من شباب غزة وتفاعلوا فى عدد من ورش العمل حول قضايا المواطن الفلسطينى وهمومه اليومية ومعاناته تحت الاحتلال والحصار ومحاولات الصهيونية لطمس هويته الثقافية وتراثه الحضارى وتشعبت الحوارات من مختلف الزوايا وصولا الى محاولات القائم بالإحتلال الى تديين الصراع وتحويله الى صراع اسلامى يهودى بعيدا عن محتل يمارس فرض ارادته على الارض بالقوة العسكرية وصاحب ارض وصاحب حق اعزل يواجه ويدافع وصولا الى حقوقه المشروعة وتبادل الشباب الفلسطينى على هامش الندوة الأفكار والآراء مع اساتذة العلوم السياسية والشريعة حول سبل تعزيز العلاقات المصرية الفلسطينية وتطويرها فى جميع المجالات. وفى اليوم الثانى لفاعليات اللقاء تحدث الدكتور أسامة الأزهرى عضو الهيئة الاستشارية لرئاسة الجمهورية عن الصلات العميقة التى تربط بين الشعبين المصرى والفلسطينى ومنذ ان اندلع الصراع فى القرن الماضى والمصريون يتحدثون عن الصراع بوصفه العربى الإسرائيلى وليس الفلسطيني، فالمواطن فى مصر معنى بالصراع الإسرائيلى ويعتبر القضية الفلسطينية هى عربية مصرية، واضاف ان كل العلماء فى فلسطين اما تخرجوا من الازهر او تعلموا من مخرجاته الفقهية، فصار الخطاب الدينى الفلسطينى مصبوغا بثقافة مصرية وبلغة ازهرية وسطية بعيدة عن منابع العنف والتطرف والغلو، وتحدث الازهرى عن تيارات وجماعات وتكوينات العنف والتكفير، ووصفهم بالخوارج الذين نعتوا الامام على بن ابى طالب بالكافر وهو الامام بما له من قامة ومقام عند الرسول عليه الصلاة والسلام، وان الفكر التكفيرى العنيف حتما ولزاما ان ينمو ويتوازى معه الفكر الإلحادى حتى انتشرت جماعات الملحدين وهى جماعات يصنعها ويشكلها الفكر التفكيرى العنيف، بما يحتم على المجتمعات ان تعيد صياغة الانسان الوطنى الذى يعد او لبنة فى صناعة الحضارة. وقال الأزهرى نحن فى حاجة إلى تقديم اطروحة عاجله لأطفاء نيران الفكر المتطرف . والمتطرفون على غرار داعش وبوكر حرام الذين يقدمون الدين فى غاية القبح يجب أن نقدم طرحا عميقا يكشف عن مقاصد الشرع الشريف ويفند مزاعم هذا الفكر المتطرف. واضاف الأزهرى امام الشباب الفلسطينى ان تيارات الفكر المتطرف والإلحاد تزيد على 25 تيارا تدور حول 40 فكرة منها الحاكمية ، والتكفير ، والولاء ، والبراء ، والخلافة ، والوطن ، ونشأت هذه التيارات نتيجة لدخول غير متخصصين المجال الشرعى دون إعداد ومؤهلات . وقال الأزهرى ان هناك فرقا كبيرا بين الفكر الصحيح والفكر المتطرف وضرب مثلا بالعلامة الراحل فضيلة الامام الشيخ محمد متولى الشعراوى كمثال للفكر المستنير ، وأبو بكر البغدادى كمثال للفكر المتطرف . وأضاف ان الشيخ الشعراوى نموذج مستنير ونتعلم منه جميعا ، علماء وشيوخا ومواطنين ، أما ابو بكر البغدادى فهو نموذج للفهم غير الصحيح للدين ..مشيرا الى ان ظاهرة التطرّف قديمة ، فالخوارج خرجوا عن سيدنا على بن أبى طالب أحد الخلفاء الراشدين وأحد المبشرين بالجنة وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الأزهرى انه عبر التاريخ ، كلما وجدت موجة من الفكر المتطرف وجدت معها موجة من الفكر الإلحادى ، والرافد الأكبر لهذا الفكر المتطرف هو تقديم الدين بصورة منفرة مع إصرار صاحب هذا الفكر على ان هذا هو الدين . وأوضح الأزهرى اننا نحتاج إلى إعادة صناعة الشخصية الوطنية بعد ان بدأت التيارات التكفيرية استهداف ،مفهوم الوطن والمواطنة ولذلك يجب تجديد معالم الشخصية الوطنية حتى نستطيع ان نعبر هذه الأزمة. وقال اننا نحتاج أيضا إلى بناء الحضارة الإسلامية الصحيحة القائمة على القرآن والسنة وبناء المؤسسات التى تحمى هذه الحضارة ،ولكى نقدم نموذجا صالحا لصحيح الدين يجب ان يكون القائم على هذا الامر لديه فهم صحيح للشرع ويفهم الواقع ويدركه ويكون لديه القدرة على الربط بين الشرع والواقع محمد عبد الهادى علام رئيس تحرير الأهرام ثم التقى على هامش الندوة محمد عبد الهادى علام رئيس تحرير الأهرام فى لقاء موسع مع الشباب الفلسطينى عن مدى ارتباط القضية الفلسطينية بالشعب المصرى باعتبارها جزءا لايتجزأ من الامن القومى المصرى وتجرى هذه اللقاءات والفاعليات لتحريك القضية الفلسطينية الى الامام باعتبارها قضية امن قومى عربى بعد ان تراجعت نسبيا فى السنوات الاخيرة وتعمل مصر بشدة على الدفع بها للأمام ومن خلال الفلسطينيين انفسهم والمفصل الفاعل والمحرك فى الشخصية الفلسطينية هو الشباب الفلسطينى المؤمن بحقه فى الحياة والوطن والكرامة، بأدوات عصرية تتناسب وحركة الحضارة الانسانية التى قطعت اشواطا واسعة فى العلوم التكنولوجية والعلوم الإنسانية، ولأن حل القضية الفلسطينية لابد وان يخرج وينبع من داخل الشخصية الفلسطينية ودور الاشقاء هو دفع القضية الى محاور الاهتمام الدولى ومساعدة الشباب الفلسطينى على النهوض بقضيتهم والعمل على طريق التحرر بأدوات عصرية فاعلة نعرض من خلالها على العالم مفاهيم انسانية ومعايير اخلاقية ندفع فيها معانى الحق لانسان يعانى من اخر احتلال على وجه الارض ويعانى من سطوة قوة مدججة باحدث وسائل القتال العالمية وهو اعزل اليدين لايملك غير انه صاحب حق تم الاعتداء على ارضه وتاريخه وثقافته، مضيفا ان فى حديثنا عن الارهاب نتوجه الى تكوينات فكرية معينة متناسيين ان اهم بل واخر انواع الارهاب هو الاحتلال كما فى الحالة الفلسطينية وتحدث علام عن ميثاق اعلامى شريف يأخذ بتوجيه القضية الفلسطينية الى بوصلة التوحد ولا ينساق وراء المصالح الفصائلية الضيقة التى ضيعت ومازالت تضيع القضية الفلسطينية، واشار الى دور الاعلام فى تصحيح المسار والانحياز بالدرجة الاولى الى الشارع الفلسطينى والمواطن الفلسطينى على الارض وتبنى قضاياه العادلة وحقوقه المشروعة. الدكتور عبدالمنعم سعيد الخبير الإستراتيجى ورئيس مجلس ادارة الأهرام الاسبق وتحدث الدكتور عبدالمنعم سعيد الخبير الإستراتيجى ورئيس مجلس ادارة الأهرام الاسبق مشيرا الى تفاقم الاوضاع العربية الذى جعل القضية الفلسطينية لم تعد القضية المحورية بل صارت احدى قضايا الشرق الاوسط رغم كونها قضية الامن القومى العربى واستعرض الدكتور سعيد الاسباب التى ادت الى تراجع القضية الاهم من موقعها المحوري، مشيرا الى الانقسام الفلسطينى الذى بدد الجهود وافشل المساعى ونطالب العالم ان يقف بجوارنا ويساند الحق لإقامة دولة فلسطينية فإذا بنا امام دولتين فلسطينيتين وتشرذم الحق امام الصراع على السلطة السياسية، وبعده الصراع على الهوية وهى ثقافة سكان الدولة فتجزأت الهوية بين هوية وطنية وهوية دينية عقائدية واحيانا طائفية، وصرعات اخرى نشبت بين الاحزاب والفصائل تلتهم فى حدتها معايير التحرر الوطنى وآلياته الوطني، وصراعات بين الحكومات النظامية والجماعات الفكرية بل وبعض الجماعات الفكرية تتصارع فيما بينها، واضاف رغم الكثير من العوامل والمتغيرات العالمية التى تضعف القضية لكن صاحب الحق لا يمكن ان يعرف اليأس، ودعا الشباب الفلسطينى الى الترفع عن الفصائلية وحمل شعلة التحرير بفكر شبابى متطور يفهم اليات العصر ويتعامل بوسائل تكنولوجية حديثة ويقرأ بإجادة الخارطة العالمية وما يجرى عليها ويوجه خطابه الى شعوب العالم فى مختلف انحاء الارض ويتواصل مع شباب مختلف عنه فى اماكن بعيدة من العالم ويشرح قضيته العادلة وحقه المشروع والقانونى الذى اقرته له مختلف بل ومعظم المنظمات الدولية، ولابد ان يحمل خطابه هذا صبغة انسانية تقبل بالأخر وتقبل بالتعايش السلمى وتظهر باخلاق الاجحاف الواقع عليهم من محتل يوظف كل السبل لإطالة امد الاحتلال. وان السيناريو الاسوأ هو استمرار الوضع الحالى من الضياع والتشرذم ولابد من السعى وبسرعة لتغيير آليات العمل الراهنة والتحرر من القيود الراديكالية واصحاب افكار العودة للماضى على مزاعم دينية الذين يسعون الى مايسمى دولة الخلافة، وطبقا لما وصلت اليه الإنسانية فى تكوين الدولة الحديثة هو ان تحتكر القوة بشكل احادى اما وجود جماعات وفصائل وميليشيات فهو النكوص والتراجع والتشرذم وضياع القضايا الوطنية. وأكد الدكتور مصطفى الفقى مساعد وزير الخارجية الأسبق ان مصر تبذل كل جهد مستطاع من أجل حل القضية الفلسطينية وحصول الشعب الفلسطينى على حقه فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس . وقال الفقى ان مصر تحترم خيار الشعب الفلسطينى فهى لم تدعم فصيلا او شخصا بل تراهن على الشعب الفلسطينى كله والذى نأمل أن يسعى بكل السبل الى وحدته الوطنية . وقال فى الجلسة الثانية بعنوان « الصورة النمطية للعرب والمسلمين من وجهة نظر الغرب» ان مصر تفتح الأبواب لكل قيادات الشعب الفلسطينى فهى فتحت أبوابها للرئيس الرمز ياسر عرفات ابو عمار عندما كان رمزا للوحدة الفلسطينية وفتحت أبوابها للرئيس محمود عباس ابو مازن وفتحت أبوابها أيضا لإسماعيل هنية كرموز الشعب الفلسطينى ولكن لا توجد لها مجموعة معينة أو شخص معين محسوب عليها وتدعمه ، وان مصر لم تتلطخ أيديها بالدماء الفلسطينية فهى تتبع سياسة شريفة مع الفلسطينيين فهى بلد واضحة عندما تفعل شيئا تفعله فى العلن فعندما قرر الرئيس الراحل انور السادات زيارة القدس، قام علنا بزيارة القدس وامام الجميع فمصر لا تفعل شيئا فى الخفاء والتاريخ يشهد . وقال أن النضال الفلسطينى لابد أن يأخذ نمطا عصريا حقيقيا فى ظل الإدرة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب، مؤكدا أن مصر تسعى دائما لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطينى خاصة فى قطاع غزة. وأشاد الفقى بمشاركة الأعداد الكبيرة من الشباب الفلسطينيين فى الندوات المصرية المتعلقة بالشأن العام أو مناقشة قضايا معينة، واصفاً المشاركة ب «الممتازة»، فى الوقت الذى أكد فيه على رغبة مصر فى إثراء فكر الشباب الفلسطينيين من جميع الفئات لدعم القضية الفلسطينية. وقال الفقى «قوى الشر والعدوان لا تريد للمنطقة الاستقرار، ومن ثم يجب توخى الحذر فى التعامل مع مجريات الأمور، وأن يكون الشعب صاحب فكر ورؤية لتحقيق استقراره ومصالحه». وحول المصالحة والانقسام قال الفقى لا توجد نية حقيقية لدى الطرفين فتح وحماس لإنهاء الانقسام فكل طرف متمسك بما هو فيه واعتبر الانقسام وصمة عار .. مشيرا الى ان الشعب الفلسطينى لا يقف على قلب رجل واحد. فلاتوجد أى حركات تحرر فى العالم تريد تحرير بلادها ومنقسمة على نفسها. كما أكد الدكتور سعد الدين الهلالى أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر أن طرح قضية تجديد الخطاب الدينى تأخر كثيراً خلال العقود الماضية، ولابد من التعامل معها بكل جدية . وقال إن الخطاب الدينى لبعض القائمين على الخطابة فى العصر الحاضر جعل عن جهل ان الاٍرهاب قرين للاسلام وان الدعوة لتجديد الخطاب لا يعنى كما يُزعم البعض بانه دعوة للتغير فى الدين نفسه وهذا قول مغلوط ، فى الوقت الذى دعا فيه إلى احترام قدسية الأديان، والتأكيد على الانفرادية فى علاقة الإنسان بربه مستشهداً بالعديد من الآيات القرآنية واضاف الهلالى ان القائمين على الخطاب الدينى هم من أوصلونا لهذه النتيجة وعلينا إنقاذ هذا الدين من تلك السمعة السيئة عن طريق المشاركة حيث ان الدين لله وليس لأحد والنَّاس جميعا اصحاب الدين الحقيقي. وأوضح الهلالى أن الفترة الأخيرة شهدت اقتران الإرهاب بالإسلام، واصفاً الأمر بأنه «محزن للغاية» بعد أن أصبح الارتباط والاقتران بعد أحداث العنف والتطرف والإرهاب فى بلاد كثيرة. ودعا الشباب الفلسطينى إلى التدبر والتفكير، دون أن يكون هناك أوصياء على الدين من قبل المروجين لأنفسهم بأنهم يتحدثون باسم الدين أو الذات الإلهية وقال الهلالى «لايجب أن يستخدم الدين ككرة لهب فى وجه الأخر، ولايجب أيضاً استخدامه كتاج ووجاهة للبعض، ومن ثم التعامل مع كل أصحاب اللحى أو العمائم على أن مخالفتهم تعنى مخالفة الذات الإلهية أو الدين» وأثنى الهلالى على تفاعل شباب فلسطين معه خلال الندوة، موجهاً حديثه لهم «أنتم فى فلسطين وفى مصر مسئولون عن إنقاذ الدين من السمعة السيئة التى يروج لها البعض، والناس هم أصحاب الدين الحقيقي، والحديث عن الدين شخصاني، والإرهاب يتحدث عن نفسه فقط. واشار الهلالى الى ان مدخلات الشباب اليوم تدل على ان الدين جاء بدعوة لاحترام الانسان لعقله ومن حق كل فرد ان يعتز بدينه ويقدسه حتى نعيش فى وئام بعيدا عن الجماعة والطائفية كونها بداية الدمار. ومن جانبه أكد القيادى الفلسطيني، عاكف المصري، مقرر المؤتمر الشبابى ، أن هدف المشاركة فى المؤتمر ليس فقط إيجاد طرح وجهة نظرنا بضرورة إعطاء تسهيلات أكبر لتخفيف الحصار على قطاع غزة والتخفيف من معاناة سكانه، بل أيضًا تفاعل الشباب الفلسطينى مع اساتذة السياسة والفقة والشريعة فى مصر لتبادل الآراء حول تحديد الخطاب الدينى وتأثيره على القضية الفلسطينية .