نستكمل في هذا المقال عرض جوانب جديدة من ميثاق الشرف الانتخابي الذي توافقت عليه معظم القوى السياسية في تونس ونركز على ما يتعلق بادارة الحملة الانتخابية والعملية الانتخابية وتمويل الانتخابات بما يكفل نزاهتها والتعبير الصادق عن ارادة الناخبين. وقد اوضحنا فيما سبق ان اكثر من 20 كيانا وحزبا وتحالفا سياسيا قد اشتركت معا في صياغة هذا الميثاق والالتزام بما تضمنه من قواعد وشروط تضمن نزاهة الانتخابات. وفيما يتعلق بادارة الحملة الانتخابية تعهدت الاطراف الموقعة على الميثاق باحترام حقوق المنافسين وباتخاذ جميع التدابير الضرورية لاحترام حق الجميع في اجراء حملاتهم الانتخابية في جو من الصفاء. وحقوق جميع الاطراف المنافسة وحريتها في التجمع السلمي والقيام بحملتها الانتخابية والتمكن من الوصول الى الناخبين بحرية وعقد الاجتماعات العامة والنفاذ الى وسائل الاعلام والقيام بحملات سياسية بكل حرية وتوزيع ادبياتها الانتخابية دون قيد او اكراه او ترهيب وما يترتب على ذلك من تأكيد حقوق المواطنين في المشاركة في الانشطة السياسية واحترام ما جاء في القوانين المنظمة للانتخابات وضمان حياد الادارة ودور العبادة والمباني الحكومية والتربوية وما يتطلبه ذلك من عدم مضايقة الصحفيين او الحيلولة دون ممارسة المترشحين الاخرين لحقهم في توزيع المنشورات والملصقات وعدم منع اي طرف منافس من تنظيم التجمعات والمهرجانات والمسيرات الانتخابية. وعدم حرمان اي شخص من حقه في المشاركة في التجمعات السياسية التابعة للمنافسين. وقد اهتم الميثاق بان يلتزم الجميع بالحد من مخاطر الفوضى والاشتباكات اثناء النشاط الانتخابي من خلال إعلام السلطات بتوقيت الحدث وتاريخه ومكانه واحترام القوانين والتوجيهات المتعلقة بحفظ النظام والامن. وتفادي تنظيم مسيرات او تظاهرات متزامنة مع انشطة المرشحين الاخرين. وعلاوة على ذلك تلتزم الاطراف الموقعة على الميثاق بالتعاون مع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وبالمشاركة النشطة في جميع آليات التشاور والتنسيق التي تضعها اللجنة، كما تلتزم بالتعاون مع قوات الامن لتعزيز بيئة انتخابية سلمية وللحفاظ على الامن العام. اما فيما يتعلق بالعملية الانتخابية ذاتها فقد نص الميثاق على ضرورة تعاون كل الاطراف ومرشحيها وممثليها مع مسئولي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وفقا للقانون لضمان حسن سير جميع مراحل التصويت وعمليتي الفرز واعلان النتائج ويتطلب ذلك: التعاون مع هيئة الانتخابات للمساهمة في ضمان اجراء انتخابات سلمية ومنظمة وضمان حرية الناخبين الكاملة في ممارسة حقهم في التصويت دون التعرض لأي مضايقة او اعاقة. تمتنع الاطراف المصادقة على ميثاق الشرف عن نشر معلومات كاذبة حول الانتخابات او محاولة تضليل الناخبين كما تمتنع عن القيام باي شكل من اشكال الضغط او التضليل على الناخبين من اصحاب الاحتياجات الخاصة او الاميين او ذوي القدرات المحدودة وعدم استغلال النفوذ للحد من حرية اختيارها. وتمتنع هذه الاطراف عن تقديم الاموال او الهبات او الهدايا للناخبين بما يتجاوز ما يسمح به التشريع وعن ترهيبهم او تهديدهم لإجبارهم على التصويت لمصلحة حزب او مرشح معين او ضده. كما تسعى الاطراف اثناء كل مراحل المسار الانتخابي لتوفير عناصر تكافؤ الشروط والفرص لاجل مشاركة افضل للنساء والشباب والمسنين وتبذل ما امكن من جهد لتشجيع وتيسير مشاركة الفئات المهمشة والفقيرة وذات الامكانات المتدنية. كما يتعين قبول نتائج الانتخابات والاستفتاءات حين الاعلان عنها والاعتراف بالمؤسسات المنبثقة عن هذه الانتخابات واعتماد السبل القانونية للطعون والامتثال لقرارات الهيئات المسئولة عن البت فيها وعن تسوية النزاعات وما يتطلبه هذا الموقف من الاعتراف بنتائج الانتخابات برحابة صدر في حال فوز طرف منافس وحث الانصار على قبولها. والتحلي عند الفوز بالتواضع وضبط النفس، وتسلم الاطراف المشاركة في الانتخابات بان كل المترشحين مهما كانت انتماءاتهم يصبحون فور انتخابهم ممثلين لكافة الشعب وتلتزم بالتصرف على هذا الاساس قبل الاقتراع واثنائه وبعده مهما كانت نتائج الانتخابات. واما فيما يتعلق بالتمويل والشفافية فان الوعي مطلوب بحساسية المسألة المالية وتأثيرها الجسيم على نزاهة العملية الانتخابية ومصداقيتها وباهمية احترام مقتضيات الشفافية ودرء كل مظاهر الريبة فيما يتعلق بتمويل الانشطة السياسية وبالتوظيف السليم للمال قبل الحملة الانتخابية واثنائها وبالتصرف الرشيد فيه وفق المبادئ والقواعد التي ينص عليها القانون وبعدم استعمال المال في انشطة من شأنها التأثير السلبي على الناخب بشراء ذمته والنيل من كرامته. وتطبيقا لهذا الموقف من مسألة التمويل والشفافية فقد افرد الميثاق مساحة كبيرة لكل ما يتعلق بدور المال في الانتخابات ابتداء من احترام سقف النفقات الانتخابية بما يضمن المساواة بين مختلف الاطراف المتنافسة. وبذل كل العناية والحرص والدقة عند اجراء العمليات المالية من خلال حساب بنكي وحيد بما يضمن شفافيتها ومصداقيتها والالتزام بفتح هذا الحساب البنكي الوحيد وتنزيل جميع العمليات به من قبض وصرف ثم غلقه طبقا للتشريع الجاري العمل به والنصوص والترتيبات والضوابط ذات الصلة والاحتفاظ بجميع الوثائق المثبتة للمال المستخدم في الانتخابات ومصادره ومجالات إنفاقه. هذا العرض الموجز لتجربة تونس في صياغة الميثاق الانتخابي وما جاء به من قواعد وإجراءات والتزامات يؤكد اننا امام تجربة مهمة يمكن ان نستفيد منها فيما يتعلق بنزاهة الانتخابات في مصر. لمزيد من مقالات عبدالغفار شكر;