أصيبت المنظمات الحقوقية المصرية بالصدمة، بسبب ما بدا أنه سياسة واقعية جديدة بدأت تنتهجها ألمانيا تجاه مصر، بتجنيب القضايا الخلافية لمصلحة قضايا التعاون بالمجالات السياسية والاقتصادية. وكان العديد من المنظمات الحقوقية المصرية اجتمعت مع انجيلا ميركل المستشارة الألمانية بمنزل السفير الألمانى بالقاهرة السفير يوليوس جيورج لوى مساء أمس الأول، لمناقشة أجندة الحريات وحقوق الإنسان فى مصر التى يتصدرها تمويل المنظمات الأجنبية بمصر، بما فيها وضعية المنظمات الألمانية التى تعرضت للتضييق عليها مؤخرًا مما اضطرها للانسحاب من مصر. إلا أن الاتفاق السياسى الذى وقعه الجانبان المصرى والألمانى قبل ساعات من الاجتماع، سمح بتسوية أوضاع تلك المنظمات، تحديدًا مؤسستى «فريدرش ناومن»، و«كنر اوديناور» الألمانيتين اللتين أغلقتا مكاتبهما بمصر بعد أزمة قضية التمويلات الأجنبية، تحديدًا وأن إحداهما متهمة بشكل رئيس بتلك القضية، ورئيسها السابق بالقاهرة صدر ضده حكم غيابي. ولذا فقد نزع ورقة ضغط كبيرة من يد تلك المنظمات الحقوقية تجاه ميركل والرئيس عبد الفتاح السيسي، التى كانت تلوح بها للضغط على الدولة خلال الزيارة. وأتت براجماتية ميركل نفسها خلال الاجتماع ما بدا أنه توافق فى الرؤى بين البلدين على نوعية القضايا والتحديات التى يجب مواجهتها، لتضفى بعدًا جديدًا على التطور الحادث بالعلاقات المصرية الألمانية بعيدًا عن القضايا الخلافية. فحسب تأكيدات جمال عيد رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أحد المشاركين فى اللقاء، أن ميركل بعدما استمعت لشكوى المنظمات الحقوقية من زيادة مساحة التضييق الأمنى عليها، والمطالبة بضرورة ألا تضع الدولة الحريات السياسية والديمقراطية فى مواجهة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والعمل على تطويرهما معًا جنبا إلى جنب، قالت ميركل إن الناس يسعون للحريات وأنها تتفهم ذلك، وأن هناك ضرورة لدعم من يعملون لدعم المجتمع؛ لأن الشعور بالخطر يؤدى دومًا لفقدان الثقة، وأنها شخصيًا تعرف ذلك باعتبارها من ألمانياالشرقية سابقاً، إلا أنها لم توجه أى انتقادات للدولة ومسئوليها. اعتبر عضو مجلس حقوق الإنسان حافظ أبو سعدة، أن الاتفاق السياسى غير كاف لعودة عمل المنظمات الألمانية لمصر، إنما مرتبط بشكل أساسى بالعديد من الإجراءات التى يأتى فى مقدمتها إعادة النظر بقانون الجمعيات الأهلية وضرورة تدخل الرئيس فى إزالة هواجس المنظمات الحقوقية، بالإضافة لتوفير مناخ آمن دون أن تتهم بكونها مصدر خطر كامن ضد الأمن القومي. بينما توقع عضو المجلس جورج إسحاق عودة عمل المنظمات الألمانية لمصر مرة أخرى كأحد توابع زيارة ميركل لمصر، حيث سيعمل الاتفاق السياسى بين البلدين على تقنين أوضاعها، وأن الارتقاء بمجالات التعاون الاقتصادى الراهنة، وفتح مجالات جديدة للاستثمار الألمانى داخل مصر، سيسهم فى إزالة العديد من النقاط الخلافية بين البلدين بما فيها قضايا الحريات العامة. إلا أن هناك العديد من المنظمات الحقوقية قد أ ثارت قضية كيفية المواءمة ما بين عودة ليس المنظمات الألمانية فحسب، وإنما أيضًا بقية المنظمات الغربية تحديدًا، والقيود الواردة فى قانون الجمعيات الأهلية تحديدًا البند الذى يُجرم عمل أى منظمة أجنبية تابعة لحزب أو نقابة، لكون أغلب المنظمات الألمانية والغربية تابعة لأحزاب سياسية فى بلدانها.