السيدة انتصار السيسي تهنئ الشعب المصري والأمتين العربية والإسلامية بعيد الأضحى    وزير العمل يستعرض أمام وفد دولي ما تشهده مصر من نهضة صناعية واقتصادية    محافظ بني سويف يشهد ذبح الأضاحي في أول أيام عيد الأضحى    أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة بأول أيام عيد الأضحي المبارك    إقبال كبير على مجزر البساتين لذبح الأضاحى مجانا فى أول أيام العيد    آلاف الفلسطينيون يؤدون صلاة عيد الأضحى في المسجد الأقصى المبارك    وزير الدفاع الإسرائيلي: لن يكون هناك هدوء واستقرار في لبنان دون أمن تل أبيب    ناصر منسي: كنت أعلم أنني سأشارك أمام بيراميدز وأسجل هدفًا    الأرجنتين تهزم تشيلي وتواصل صدارة تصفيات أمريكا الجنوبية    159 مركز شباب استقبلت الآلاف لأداء صلاة عيد الاضحى بالغربية    محافظ الدقهلية يشارك مرضى التأمين الصحي وأبناء دار المساعي الاحتفال بعيد الأضحى    محافظ الإسكندرية: رفع حالة الطوارىء بجميع المديريات خلال عيد الأضحى المبارك    قطار يدهس شخصين في أسيوط أول أيام عيد الأضحى    الآلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى المبارك بسوهاج    «هيجيلي موجوع».. نانسي نور تغني لزوجها تامر عاشور على الهواء (فيديو)    السيدة انتصار السيسى تهنئ الأمتين العربية والإسلامية بعيد الأضحى    في ذكرى رحيله.. محمود المليجي مسيرة فنية بين أدوار الشر وقلوب محبيه    محافظ الدقهلية يتفقد مستشفى التأمين الصحي عقب صلاة عيد الأضحى    جامعة القناة تعلن خطة التأمين الطبي بالمستشفيات الجامعية خلال عيد الأضحى    "إكسترا نيوز" ترصد مظاهر احتفالات المواطنين بعيد الأضحى في مصر الجديدة    سعر الريال السعودي اليوم الجمعة 6 يونيو 2025 وفي جميع البنوك اول ايام العيد    حماس: مستعدون لمفاوضات جدية وهادفة لوقف إطلاق النار ورفع الحصار عن غزة    وسط أجواء احتفالية.. الآلاف يؤدون صلاة العيد في الإسكندرية    العيد تحول لحزن.. مصرع شقيقان وإصابة والدتهما فى حادث تصادم بقنا    محافظ بني سويف يؤدي صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد عمر بن عبدالعزيز    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد المصطفى بشرم الشيخ    محافظ الجيزة يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بساحة مسجد مصطفى محمود    وزير الدفاع الإسرائيلي: لن يكون هناك هدوء في بيروت ولا استقرار في لبنان وسنواصل العمل بقوة كبيرة    وفاة الملحن الشاب محمد كرارة (موعد ومكان الجنازة)    محافظ شمال سيناء يؤدي صلاه العيد في مسجد الشباب بالشيخ زويد    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة اول ايام عيد الاضحى المبارك    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير    محافظ القليوبية يوزع الورود على الزائرين بمنطقة الكورنيش ببنها    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 6 - 6 - 2025 والقنوات الناقلة    فرحة العيد تملأ مسجد عمرو بن العاص.. تكبيرات وبهجة فى قلب القاهرة التاريخية    الله أكبر الله أكبر.. المئات يؤدون صلاة العيد بساحة دنفيق بقنا.. فيديو    أوكرانيا تتعرض لهجوم بالصواريخ والمسيرات أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص    الله أكبر كبيرًا.. أهالي جنوب الجيزة يصدحون بالتكبيرات من مركز شباب الجُملة| فيديو وصور    الرئيس السيسي يغادر مسجد مصر بالعاصمة بعد أداء صلاة عيد الأضحى المبارك    فى أحضان الفراعنة ..آلاف المواطنين يؤدون صلاة العيد بساحة أبو الحجاج الأقصري    وعلى أزواج سيدنا محمد.. تكبيرات عيد الأضحى المبارك بمحافظة أسوان.. فيديو    تدخل عاجل بمجمع الإسماعيلية الطبي ينقذ شابة من الوفاة    متحدث الأمين العام للأمم المتحدة: نحتاج إلى المحاسبة على كل الجرائم التي ارتكبت في غزة    بينها «الفرجة والسرور».. هذا ما كان يفعله رسول الله في عيد الأضحى المبارك    حسن الرداد: هذا العيد مختلف بوجود مولودتي فادية.. سميتها على اسم والدتي الراحلة    عيدالاضحى 2025 الآن.. الموعد الرسمي لصلاة العيد الكبير في جميع المحافظات (الساعة كام)    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    أفشة؛ التقسيمة في الأهلي أقوى من مباريات الدوري المصري    الفرق بين صلاة عيد الأضحى والفطر .. أمين الفتوى يوضح    وفاة الإعلامية والكاتبة هدى العجيمي عن عمر 89 عاماً    طرح البرومو الرسمي لفيلم the seven dogs    بعد التتويج بالكأس.. الونش: الفوز بالكأس أبلغ رد على أي انتقادات    بعد التتويج بكأس مصر.. الزمالك يهدد بتصعيد أزمة انتقال زيزو ل الأهلي    محافظ سوهاج يتفقد الحدائق العامة والمتنزهات استعدادًا لعيد الأضحى    خطوات عمل باديكير منزلي لتحصلي على قدمين جميلتين في عيد الأضحى    صبحي يكشف سبب حزنه وقت الخروج وحقيقة سوء علاقته مع عواد    قطر تهزم إيران بهدف نظيف وتنعش آمالها في التأهل إلى مونديال 2026    في وقفة العيد.. «جميعه» يفاجئ العاملين بمستشفى القنايات ويحيل 3 للتحقيق (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لو أن الفتى حَجَر!
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 03 - 2017

وأنا أقرأ رواية محمد داود الأخيرة «صخرة بيتهوفن» (دار ميريت – 2017), أو وأنا أقرأ أعماله عموماً, ترن فى ذهنى عبارة قالها الشاعر العربى القديم «ابن مقبل»:
ما أطيب العيش لو أن الفتى حَجَرٌ/ تنبو الحوادث عنه وهو ملمومُ
تلك ليست أمنية بطل الرواية وحده, الذى يسميه داود «جالس الرصيف» ولا اسم له غير ذلك, والذى يُسِرُّ لصديقه برغبته فى أن «يتجمد تمثالاً». بل هى أيضاً رغبة تلح على قارئ الرواية, بل وقارئ محمد داود منذ روايته الأولى «قِف على قبرى شوية»: رغبة التحول إلى حجر, لعل ذلك الألم الإنسانىّ الرقيق كشفرة الموسى يلطُف بالقلب ولا يخمشه فى كل صفحة. ولا أعنى ذلك الشجن الرومانسى لأغانى الحب وحكاياته؛ بل ذلك الرادار المتعاطف الحنون فى قلب يرصد آلام البشر ويتوجع منها ويحكيها فيوجع قارئه, حتى وإن كان يسخر ويتهكم وهو ينقل لك ما رصده. ذلك أن حكاية داود تثير السخرية, جنباً إلى جنب مع تنهدات التعاطف الإنسانى. إنها حكاية مجتمع يكثفه داود فى ميكروباص متكدس بأوجاع المصريين, وبما وصل إليه بعضهم – للأسف – من انحطاط, وما ينتجه ازدحامهم وتكدسهم نفسه من أخلاق ليست أصيلة فيهم, فنرى المتزاحم يطلب الركوب (الخلاص) بأى ثمن, حتى إن أبدى أثناء ذلك أنانية وقسوة بل ونذالة ليست – أو لم تكن – طبعاً متأصلاً فيه, وقد يندم عليها بعض الراكبين («جالس الرصيف» مثلاً) بمجرد نجاحه فى الحصول على مقعد. ولكن مَن «جالس الرصيف» هذا, ولماذا أعطاه كاتبه هذا الاسم؟ الرصيف هنا رصيف موقف الميكروباص, وهو الإطار الخارجى, الهامش الذى يلزمه الإنسان المتفرج, المتأمل بطبعه. و«جالس الرصيف» هنا إنسان مثقف, دارس للفلسفة تشغله التأملات ولا يميل للتلاحم مع محيطه الخارجىّ, فيلزم الرصيف فى «الموقَف» ولا يقوم منه, وإن قام أخيراً فإنه يمشى ويركب مغمض العينين مستسلماً للتيار. وهو فيه تلك الخِصلة - التى ربما تعذب داود نفسه كما يتضح من أعماله: رهافة فى الحس تجعله يتمنى أن يصبح تمثالاً من حجر. ويشكل كاتب الرواية تلك النعمة/ الآفة كاريكاتورياً حين يجعل «جالس الرصيف» لا يكتفى بعزل نفسه عن محيطه بوضع سماعة فى أذنيه تتدفق منها الموسيقى طوال الوقت, بل يقوم فى المشهد الافتتاحى للرواية ويتوجه لإحدى الصيدليات يشترى منها قطناً وشاشاً يضعهما عازلاً بين عينيه وعدستى نظارته, ليحكم عزلته تماماً فتشمل حاستى السمع والبصر, إضافة لعقله الغائب فى ملكوته الخاص. وحين تنتهى رحلة الميكروباص بجريمة قتل, حيث تنغرس مطواة أكثر الشخصيات وحشية وشراسة فى صدر أكثر شخصيات العمل رقة ووداعة وكرماً – حين تحدث تلك الفاجعة النهائية, يعطينا الكاتب إشارة توحى بأن «جالس الرصيف» –الوحيد الذى يعرف كيفية الوصول للقاتل الهارب – لن يقوم بإبلاغ البوليس عن الشخص الذى يمكن أن يقود الشرطة للقاتل, ف«جالس الرصيف» فى مشهد النهاية, بعد أن خلع سماعة الموسيقى من أذنيه, وأزاح القطن والشاش عن عدستى نظارته أمام هول المشهد الذى انتهى بالفاجعة, يعيد تركيب السماعة فى أذنه و إسدال ستار الموسيقى بينه وبين محيطه المنحط والمحزن, مادام لا يستطيع أن يستحيل تمثالاً من حجر!
الرواية تسخر من «جالس الرصيف» وتدينه وتتعاطف معه وتتوجع له فى نفس الوقت, وذلك دأبها مع كل الشخصيات تقريباً: الشاب والفتاة, عصفورا الكناريا الجالسان متشابكىْ الأصابع فى خفاء صف المقاعد الأخير؛ «وذات القفة» حيث تجتمع البطولة والنذالة فى شخصية الأم الريفية التى حولتها الحياة إلى بهلوان لتربى ابنتها اليتيمة الطالبة بكلية الصيدلة, فهى خليط من اللصة والأم المثالية؛ وِ«معقود الملامح» الذى يستمع إلى باطنه الموشك على الانفجار فى أية لحظة, أو هكذا يظن ذلك الموبوء بالوساوس وأوهام المرض؛ «والفتلة»: وكيل المدرسة القبطىّ الذى يعانى من الغربة فى مجتمع يسوده الهوس الدينى بتلك المدينة الإقليمية؛ ثم أخيراً «الصاعق», واسمه «حماصة», ذلك البلطجىّ الذى يقتل «حمدى» الفلاح الوديع.
الرواية مكتوبة بشاعرية وبحس فكاهى معاً. وهو مزيج نادر جدير بالقراءة, حيث العجب الباعث على البسمات, وذلك التكثيف والتقطير لآلام الإنسان, المصرى خصوصاً, الموجع فى رهافته, كالنصل أو كمبضع الجراح, الذى يجعل القلب يتمنى لو كان من حجر!
لمزيد من مقالات بهاء جاهين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.