نتيجة الحصر العددي لانتخابات الدائرة الثالثة بالإسماعيلية    أسعار مواد البناء في مصر اليوم.. الحديد والأسمنت    وزيرة التخطيط تستعرض تطور تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية    بشرى للعمالة غير المنتظمة في بداية العام الجديد 2026    زيلينسكي يشكر قادة الاتحاد الأوروبي على موافقتهم تقديم الدعم المالي لأوكرانيا    وزير الخارجية يؤكد لنظيره التنزاني أهمية التعاون والتكامل في نهر النيل لتحقيق المنفعة المشتركة    الجيش العراقي ينفذ إنزالا جويا في سوريا، ما القصة؟    الاحتلال يشن قصف جوى ومدفعى على خان يونس جنوب قطاع غزة    كأس عاصمة مصر.. الأهلي يبحث عن الفوز الأول من بوابة سيراميكا    الداخلية تضبط 20 شخصا من أنصار مرشحين بسبب التشاجر فى الإسماعيلية    النيابة تستدعي مدير ناد صحي بالمعادي نشب بداخله حريق هائل    مقدمة برنامج بقناة فضائية تتهم التيك توكر إنجي حماده بالاعتداء عليها    "ليلة الفن والحياة"، ساقية الصاوي تكشف أجندة احتفالاتها الاستثنائية لاستقبال 2026    بعد تكريمه من جامعة السوربون، تعرف على المشروع الفكري لمحمد عثمان الخشت ومؤلفاته    أستاذ لغويات: اللغة العربية تمثل جوهر الهوية الحضارية والثقافية للأمة    مصر تهدد بتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك مع السودان    السلام الملتهب في غزة: تحديات المرحلة الثانية من خطة ترامب    اللجنة العامة للدائرة الثالثة بمحافظة الإسماعيلية تعلن نتيجة الحصر العددي لأصوات الناخبين    تفحم 7 منهم.. كواليس مصرع وإصابة 11 شخصًا في حريق سيارة بالجيزة    حمد الله يعتزل اللعب الدولي بعد التتويج بكأس العرب    اليوم.. الأهلي يواجه سيراميكا كليوباترا في الجولة الثانية من كأس عاصمة مصر    المنتخب يخوض أولى تدريباته بمدينة أكادير المغربية استعدادا لأمم إفريقيا    سنن وآداب يوم الجمعة – وصايا نبوية للحياة اليومية    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    فضل الخروج المبكر للمسجد يوم الجمعة – أجر وبركة وفضل عظيم    أوبرا الإسكندرية تحيي ذكرى رحيل فريد الأطرش بنغمات ملك العود    من الإسكندرية إلى القاهرة والعكس، جدول كامل لمواعيد قطارات اليوم الجمعة 19 ديسمبر 2025    نائب وزير الإسكان يبحث التعاون مع شركة كورية متخصصة في تصنيع مكونات محطات تحلية المياه والصرف الصحي    ننشر الحصر العددي للدائرة السابعة في انتخابات النواب 2025 بالشرقية    مشاجرة عنيفة وألعاب نارية باللجان الانتخابية في القنطرة غرب بالإسماعيلية، والقبض على 20 متورطا    زيلينسكى: وفدنا فى طريقه إلى أمريكا لجولة جديدة من مفاوضات التسوية    العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتابع إجراءات تشغيل البالون الطائر بالأقصر    مستشار الرئيس للصحة: لا يوجد وباء والوضع لا يدعو للقلق.. والمصاب بالإنفلونزا يقعد في البيت 3 أو 4 أيام    الحصر العددي للدقهلية: تقدم عبدالسلام وأبو وردة والجندي ومأمون وشرعان    واشنطن تفرض عقوبات على سفن وشركات شحن مرتبطة بإيران    اللجنة العامة ببنها تعلن الحصر العددي لجولة الإعادة بانتخابات النواب 2025    مؤشرات أولية طبقا للحصر العددي، تقدم عيد حماد في دائرة حلوان والتبين والمعصرة    بالأرقام، الحصر العددي للدائرة الثامنة بميت غمر    نجاة الفنان وائل كفوري من حادث طائرة خاصة.. اعرف التفاصيل    بسبب خطأ.. إعادة فرز أصوات الناخبين في اللجنة الفرعية الرابعة بالدائرة الأولى بالزقازيق    عادل عقل: فيفا يحسم مصير برونزية كأس العرب بين السعودية والإمارات.. فيديو    كأس عاصمة مصر - إبراهيم محمد حكم مباراة الزمالك ضد حرس الحدود    رئيس الوزراء يرد على أسئلة الشارع حول الدين العام (إنفوجراف)    مش فيلم.. دي حقيقة ! شاب مصري يصنع سيارة فوق سطح منزله مع "فتحى شو"    بميزانية تتجاوز 400 مليون دولار وب3 ساعات كاملة.. بدء عرض الجزء الثالث من «أفاتار: نار ورماد»    مصطفى بكري: الطبقة المتوسطة بتدوب يجب أن تأخذ حقها.. وننقد حرصا على هذا البلد واستقراره    رحلة التزوير تنتهي خلف القضبان.. المشدد 10 سنوات ل معلم صناعي بشبرا الخيمة    تحرش وتدافع وسقوط سيدات| محمد موسى يفتح النار على صاحب محلات بِخّة بالمنوفية    محافظ القليوبية يستجيب ل محمد موسى ويأمر بترميم طريق بهادة – القناطر الخيرية    كونتي: هويلوند يمتلك مستقبلا واعدا.. ولهذا السبب نعاني في الموسم الحالي    غدا.. انطلاق ماراثون انتخابات نادي الرواد الرياضي بالعاشر    «قلبي اتكسر»| أب مفجوع ينهار على الهواء بعد انتهاك حرمة قبر نجلته    رئيس غرفة البترول: مصر تستهدف تعظيم القيمة المضافة لقطاع التعدين    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    اللجنة العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتفقد مطار الأقصر (صور)    عجة الخضار الصحية في الفرن، وجبة متكاملة بطعم خفيف وفوائد عديدة    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البحث عن .. وَنَسْ
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 03 - 04 - 2014

أليست معجزة؟ أن يولد شيء من لا شيء! لا إنه في الحقيقة يولد من قوة أكبر، وطاقة أعظم لا يمكننا إدراكها. الله خلق الإنسان كأعظم معجزات خلقه
هل هناك معجزة أكبر من تلك؟..
أن تري ورقة بيضاء، خالية من أي كلمة أو خط أو لون. ورقة لا وزن لها تقريباً تتحول بقدرة قادر إلي مسرح يتحرك عليه بشر، يتكلمون، يصارعون الحياة ويواجهون أنفسهم. يحبون ويكرهون. يجربون لحظات السعادة وتصفعهم لطشات القدر.
حروف وكلمات تسود المساحة البيضاء، تحول الفراغ إلي كتلة. وتجعل من الصمت صوتاً، ومن السكون حياة صاخبة، يتحرك بشرها ويتفاعلون مع أحداثها.
كثيرا ما بهرتني تلك الحقيقة: أن الكاتب يبث الحياة في أوراقه البيضاء، الخاوية. أحيانا وبينما تستغرقني قراءة رواية حتي أجد نفسي وقد انفصلت تماما عن كل ما حولي، أسمع أصوات شخصيات الرواية، تلفحني سخونة أنفاسهم، أري تعبيرات وجوههم وتحدثني نظرات عيونهم. أشعر بهم يجلسون معي، يتكلمون، يضحكون، يبكون، يشتهون، يصرخون.
أليست معجزة ؟ أن يولد شيء من لا شيء ! لا إنه في الحقيقة يولد من قوة أكبر، وطاقة أعظم لا يمكننا إدراكها. الله خلق الإنسان كأعظم معجزات خلقه. ووهب بعضاً من مخلوقاته نفحات من تلك القوة الغامضة. قوة الخلق وطاقة الوحي التي تخلق عالما كاملا من لا شئ أو من تلك الطاقة العجيبة التي تغمرنا دون أن نراها، ونحسها دون أن نلمسها .
تلك التجربة الفريدة تذهل الكاتب نفسه قبل أن تبهر غيره. ليس الكاتب فحسب، بل الرسام، النحات، المؤلف الموسيقي . هؤلاء الذين عاشوا مرحلة الخلق، وتعذبوا أمام تلك المساحات البيضاء أو الكتلة الصماء، يتوسلون إليها أن تمنحهم أسرارها ،و تجود عليهم بوحيها.
منافي الرب
الثلاثاء:
أوحت لي تلك الرواية المبهرة للأديب أشرف الخمايسي بتلك التهاويم وذلك الإبحار في عالم الكاتب الروائي، ذلك العالم الذي يخلقه في فضاء خياله ثم يبدأ في بنايته علي الورق .«منافي الرب» رواية خلقت عالمها وسحبت قارئها للعيش فيه .
رواية تحتفي باللغة العربية الجميلة، مفرداتها، موسيقاها، وقعها علي النفس. تلك اللغة التي انسحقت في الآونة الأخيرة تحت مفاتيح الكيبورد، وأدباء الموجة الجديدة الذين يعتقدون أن الحداثة هي ألا تقيم أي اعتبار للغة بل تكسرها وتهشمها ولو استطعت اسحقها سحقاً !
أعود إلي »منافي الرب» تلك الرواية التي فاجأتني بعالمها الروائي الساحر ولغتها الفصحي الرائقة وكأنها تنبع من بئر العذوبة . لغة جميلة ومفردات مختارة بدقة جواهرجي وجمل دالة موحية، تجعلك تري المشهد، تحسه، تري شخصيات الرواية وتتفاعل معهم .
الفكرة التي تدور حولها الرواية البديعة والتي تنتمي إلي مدرسة الواقعية السحرية في الأدب هي: الخلود. وعلاقة الحياة بالموت والأحياء بالأموات. »حجيزي« الذي قارب عمره علي المائة عام يبحث علي امتداد أحداث الرواية عن هدف واحد وهو: ألا يدفن بعد أن يموت !
الوحدة مؤلمة في القبر والونس جميل! تلك الفكرة التي استوحاها الأديب من التراث الفرعوني حيث تحنيط الأموات استعدادا للحياة الاخري التي ستدب فيهم بعد الموت .و كذلك من قصة المسيح عليه السلام الذي يحيا بعد الموت .
فكرة رمزية تدور حول البحث عن الخلود والهروب من الموت .و هي نوع من الفانتازيا الأدبية المنطلقة من الواقع . فالموت هو الحقيقة المؤكدة في حياتنا، لكنه أيضا الحقيقة الغامضة التي لا نستطيع معرفة كنهها أو تفاصيل تجربتها .ببساطة لأن أحدا لم يعد من الموت ليروي ماذا حدث هناك !
الرواية رحلة فلسفية، نفسية ،غنية بالمعرفة عن عالم الصحراء الذي تدور فيه، الكاتب يشرح في غلاف الرواية الأخير السبب الذي دفعه إلي إنجاز تلك الرواية فيقول: وإذا بي أنا الإنسان المدعو ب »أشرف الخمايسي« كأني أسمع هذا المعزي، يهمس في أذني، بصوته الذي هو أعذب من ماء نبع دفاق: أنت مهموم بالخلود، تحب الحياة، ويؤلمك الموت، كذلك كان »حجيزي بن شديد الواعري«، وله في هذا الخصوص من الفهم حكاية عجيبة، يجب ألا تمضي هذه الإنسانية نحو اكتمالها من غير معرفة حكمة هذا الشيخ، فاكتب أيها الكاتب الملهم هذه القصة ،فلقد سألت الله أن يوحي إليك بتفاصيل الرواية، وسأسأله أن يهبك من مدد الإبداع. تلك الرواية رشحت لنيل جائزة البوكر العربية كأفضل رواية ووصلت إلي القائمة الطويلة .و لا أدري كيف لم تصل إلي القائمة القصيرة للجائزة ؟! علي كل الأحوال ليس بالجوائز يحفر الأديب مكاناً راسخاً في قلوب وعقول قرائه. أهنئك أشرف الخمايسي بروايتك المختلفة في كل شئ والتي أعتبرها رواية عالمية بكل المقاييس لا تقل عن أعمال ماركيز أو ايزابيل الليندي .وأهمس في أذنك: الجمهور أهم !
حمدين.. ودي سيلفا
الخميس:
استوقفتني تصريحات السفير معصوم مرزوق المتحدث الرسمي لحملة حمدين صباحي وأهمها أن المرشح يتبني خطة »دي سيلفا« الرئيس البرازيلي الذي قاد البرازيل في ظروف صعبة شبيهة بالظروف التي تمر بها مصر الآن واستطاع أن يعبر بها من عنق الزجاجة وأن يحقق طفرة إقتصادية مشهود لها في بلاده في عشر سنوات فقط.
و لا شك أن دخول حمدين السباق الرئاسي يعطي زخما قويا للمنافسة بين مرشحين قويين لكل منهما رؤاه، ومؤيدوه. وهذا أمر جيد جدًا يرسم معالم الطريق الحقيقي نحو الديمقراطية التي نسعي إليها ونتوق إلي ترسيخها في مصر.
كل التوفيق للمنافسين الشريفين ومن المؤكد أن السباق هذه المرة سيكون ذا مذاق مختلف له طعم الوطن .
عزيزي .. محمد خان
الجمعة:
أولا: أود أن أهنئك بالحصول علي الجنسية المصرية وأري أنك أحق الناس بها تقديرا لعطائك الفني المميز وحسك المصري الأصيل الذي يتجلي في أعمالك السينمائية الراقية .
ثانيا: أقر وأعترف أنني من أشد المعجبين بإسلوبك السينمائي الذي يغوص في أعماق الفكرة، ويلتقط بحرفية عالية تفاصيل إنسانية بالغة الرقة والجمال .تعجبني مشاهد في أفلامك تجسد عفوية الشخصيات وردود أفعالها الطبيعية ولديك عدسة قادرة علي اقناع المشاهد، بل وجعله يعيش الأحداث كما لو كان جزءا منها . يتعاطف، يغضب، يضحك، يبكي. والأهم من ذلك كله هي تلك الحالة التي تبقي في الذهن والوجدان بعد مشاهدة الفيلم .حالة من التأمل .. التفكير..والتساؤل تظل موجودة وهذا في رأيي سمة الأفلام العظيمة .. العلامات التي تبقي وتعيش لعشرات السنين .
ثالثا: حدث ذلك معي عندما شاهدت »زوجة رجل مهم».. موعد علي العشاء«.. »شقة مصر الجديدة« وغيرها من روائعك السينمائية. لكنني - وبكل أسف- لم أشعر بشئ من هذا وأنا أشاهد أحدث أعمالك »فتاة المصنع« . قد يصدمك رأيي خاصة أن كم الدعاية الإعلامية للفيلم غير مسبوق، ومقالات النقاد كلها تمدح وتقول أحلي كلام لمحمد خان . إلا أنني- وبكل صدق - شعرت بالإحباط عندما ذهبت بكل حماس لمشاهدة فيلم لمخرجي المفضل محمد خان ولم أجد العالم السينمائي الذي اعتدت أن أعيش داخله مع أفلامه جميل أن نناقش قضايا البسطاء والمقهورين من خلال قصة إنسانية عميقة وبسيطة .المشكلة أنني لم أجد قصة أتعاطف معها، لم ألتقط الرسالة أو »المورال« الذي يريد الفيلم أن يقوله .أيضا كان إقحام أغنيات سعاد حسني في مشاهد الفيلم مستفزاً للغاية. عقدة الفيلم غائبة أو تائهة. أعتقد أن الفكرة كانت تصلح لفيلم وثائقي، حتي اسمه يعطي الإحساس بذلك طالما أن القصة الدرامية مفككة وغير محبوكة. البطلة ياسمين رئيس ،وهي وجه جديد أدت أداء رائعاً استحقت عنه جائزة مهرجان دبي السينمائي كأحسن ممثلة. ورغم ذلك لم يعجبني الفيلم، لم أجد فيه روح محمد خان . أعرف أن كلامي غريب وسط هوجة الإحتفاء بالفيلم إعلاميًا، لكن هذا رأيي. ربما لأن سقف توقعاتي لفيلم موقع من محمد خان عالِ جدًا. ربما !
أحلي الكلام:
»صورة ..صورة .. صورة ..كلنا كده عايزين صورة تحت الراية المرفوعة« رحمة الله علي العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ الذي احتفلنا منذ أيام بذكري وفاته السابعة والثلاثين. كان وسيظل صوت الثورة .. صوت الشعب.
أليست معجزة؟ أن يولد شيء من لا شيء! لا إنه في الحقيقة يولد من قوة أكبر، وطاقة أعظم لا يمكننا إدراكها. الله خلق الإنسان كأعظم معجزات خلقه
هل هناك معجزة أكبر من تلك؟..
أن تري ورقة بيضاء، خالية من أي كلمة أو خط أو لون. ورقة لا وزن لها تقريباً تتحول بقدرة قادر إلي مسرح يتحرك عليه بشر، يتكلمون، يصارعون الحياة ويواجهون أنفسهم. يحبون ويكرهون. يجربون لحظات السعادة وتصفعهم لطشات القدر.
حروف وكلمات تسود المساحة البيضاء، تحول الفراغ إلي كتلة. وتجعل من الصمت صوتاً، ومن السكون حياة صاخبة، يتحرك بشرها ويتفاعلون مع أحداثها.
كثيرا ما بهرتني تلك الحقيقة: أن الكاتب يبث الحياة في أوراقه البيضاء، الخاوية. أحيانا وبينما تستغرقني قراءة رواية حتي أجد نفسي وقد انفصلت تماما عن كل ما حولي، أسمع أصوات شخصيات الرواية، تلفحني سخونة أنفاسهم، أري تعبيرات وجوههم وتحدثني نظرات عيونهم. أشعر بهم يجلسون معي، يتكلمون، يضحكون، يبكون، يشتهون، يصرخون.
أليست معجزة ؟ أن يولد شيء من لا شيء ! لا إنه في الحقيقة يولد من قوة أكبر، وطاقة أعظم لا يمكننا إدراكها. الله خلق الإنسان كأعظم معجزات خلقه. ووهب بعضاً من مخلوقاته نفحات من تلك القوة الغامضة. قوة الخلق وطاقة الوحي التي تخلق عالما كاملا من لا شئ أو من تلك الطاقة العجيبة التي تغمرنا دون أن نراها، ونحسها دون أن نلمسها .
تلك التجربة الفريدة تذهل الكاتب نفسه قبل أن تبهر غيره. ليس الكاتب فحسب، بل الرسام، النحات، المؤلف الموسيقي . هؤلاء الذين عاشوا مرحلة الخلق، وتعذبوا أمام تلك المساحات البيضاء أو الكتلة الصماء، يتوسلون إليها أن تمنحهم أسرارها ،و تجود عليهم بوحيها.
منافي الرب
الثلاثاء:
أوحت لي تلك الرواية المبهرة للأديب أشرف الخمايسي بتلك التهاويم وذلك الإبحار في عالم الكاتب الروائي، ذلك العالم الذي يخلقه في فضاء خياله ثم يبدأ في بنايته علي الورق .«منافي الرب» رواية خلقت عالمها وسحبت قارئها للعيش فيه .
رواية تحتفي باللغة العربية الجميلة، مفرداتها، موسيقاها، وقعها علي النفس. تلك اللغة التي انسحقت في الآونة الأخيرة تحت مفاتيح الكيبورد، وأدباء الموجة الجديدة الذين يعتقدون أن الحداثة هي ألا تقيم أي اعتبار للغة بل تكسرها وتهشمها ولو استطعت اسحقها سحقاً !
أعود إلي »منافي الرب» تلك الرواية التي فاجأتني بعالمها الروائي الساحر ولغتها الفصحي الرائقة وكأنها تنبع من بئر العذوبة . لغة جميلة ومفردات مختارة بدقة جواهرجي وجمل دالة موحية، تجعلك تري المشهد، تحسه، تري شخصيات الرواية وتتفاعل معهم .
الفكرة التي تدور حولها الرواية البديعة والتي تنتمي إلي مدرسة الواقعية السحرية في الأدب هي: الخلود. وعلاقة الحياة بالموت والأحياء بالأموات. »حجيزي« الذي قارب عمره علي المائة عام يبحث علي امتداد أحداث الرواية عن هدف واحد وهو: ألا يدفن بعد أن يموت !
الوحدة مؤلمة في القبر والونس جميل! تلك الفكرة التي استوحاها الأديب من التراث الفرعوني حيث تحنيط الأموات استعدادا للحياة الاخري التي ستدب فيهم بعد الموت .و كذلك من قصة المسيح عليه السلام الذي يحيا بعد الموت .
فكرة رمزية تدور حول البحث عن الخلود والهروب من الموت .و هي نوع من الفانتازيا الأدبية المنطلقة من الواقع . فالموت هو الحقيقة المؤكدة في حياتنا، لكنه أيضا الحقيقة الغامضة التي لا نستطيع معرفة كنهها أو تفاصيل تجربتها .ببساطة لأن أحدا لم يعد من الموت ليروي ماذا حدث هناك !
الرواية رحلة فلسفية، نفسية ،غنية بالمعرفة عن عالم الصحراء الذي تدور فيه، الكاتب يشرح في غلاف الرواية الأخير السبب الذي دفعه إلي إنجاز تلك الرواية فيقول: وإذا بي أنا الإنسان المدعو ب »أشرف الخمايسي« كأني أسمع هذا المعزي، يهمس في أذني، بصوته الذي هو أعذب من ماء نبع دفاق: أنت مهموم بالخلود، تحب الحياة، ويؤلمك الموت، كذلك كان »حجيزي بن شديد الواعري«، وله في هذا الخصوص من الفهم حكاية عجيبة، يجب ألا تمضي هذه الإنسانية نحو اكتمالها من غير معرفة حكمة هذا الشيخ، فاكتب أيها الكاتب الملهم هذه القصة ،فلقد سألت الله أن يوحي إليك بتفاصيل الرواية، وسأسأله أن يهبك من مدد الإبداع. تلك الرواية رشحت لنيل جائزة البوكر العربية كأفضل رواية ووصلت إلي القائمة الطويلة .و لا أدري كيف لم تصل إلي القائمة القصيرة للجائزة ؟! علي كل الأحوال ليس بالجوائز يحفر الأديب مكاناً راسخاً في قلوب وعقول قرائه. أهنئك أشرف الخمايسي بروايتك المختلفة في كل شئ والتي أعتبرها رواية عالمية بكل المقاييس لا تقل عن أعمال ماركيز أو ايزابيل الليندي .وأهمس في أذنك: الجمهور أهم !
حمدين.. ودي سيلفا
الخميس:
استوقفتني تصريحات السفير معصوم مرزوق المتحدث الرسمي لحملة حمدين صباحي وأهمها أن المرشح يتبني خطة »دي سيلفا« الرئيس البرازيلي الذي قاد البرازيل في ظروف صعبة شبيهة بالظروف التي تمر بها مصر الآن واستطاع أن يعبر بها من عنق الزجاجة وأن يحقق طفرة إقتصادية مشهود لها في بلاده في عشر سنوات فقط.
و لا شك أن دخول حمدين السباق الرئاسي يعطي زخما قويا للمنافسة بين مرشحين قويين لكل منهما رؤاه، ومؤيدوه. وهذا أمر جيد جدًا يرسم معالم الطريق الحقيقي نحو الديمقراطية التي نسعي إليها ونتوق إلي ترسيخها في مصر.
كل التوفيق للمنافسين الشريفين ومن المؤكد أن السباق هذه المرة سيكون ذا مذاق مختلف له طعم الوطن .
عزيزي .. محمد خان
الجمعة:
أولا: أود أن أهنئك بالحصول علي الجنسية المصرية وأري أنك أحق الناس بها تقديرا لعطائك الفني المميز وحسك المصري الأصيل الذي يتجلي في أعمالك السينمائية الراقية .
ثانيا: أقر وأعترف أنني من أشد المعجبين بإسلوبك السينمائي الذي يغوص في أعماق الفكرة، ويلتقط بحرفية عالية تفاصيل إنسانية بالغة الرقة والجمال .تعجبني مشاهد في أفلامك تجسد عفوية الشخصيات وردود أفعالها الطبيعية ولديك عدسة قادرة علي اقناع المشاهد، بل وجعله يعيش الأحداث كما لو كان جزءا منها . يتعاطف، يغضب، يضحك، يبكي. والأهم من ذلك كله هي تلك الحالة التي تبقي في الذهن والوجدان بعد مشاهدة الفيلم .حالة من التأمل .. التفكير..والتساؤل تظل موجودة وهذا في رأيي سمة الأفلام العظيمة .. العلامات التي تبقي وتعيش لعشرات السنين .
ثالثا: حدث ذلك معي عندما شاهدت »زوجة رجل مهم».. موعد علي العشاء«.. »شقة مصر الجديدة« وغيرها من روائعك السينمائية. لكنني - وبكل أسف- لم أشعر بشئ من هذا وأنا أشاهد أحدث أعمالك »فتاة المصنع« . قد يصدمك رأيي خاصة أن كم الدعاية الإعلامية للفيلم غير مسبوق، ومقالات النقاد كلها تمدح وتقول أحلي كلام لمحمد خان . إلا أنني- وبكل صدق - شعرت بالإحباط عندما ذهبت بكل حماس لمشاهدة فيلم لمخرجي المفضل محمد خان ولم أجد العالم السينمائي الذي اعتدت أن أعيش داخله مع أفلامه جميل أن نناقش قضايا البسطاء والمقهورين من خلال قصة إنسانية عميقة وبسيطة .المشكلة أنني لم أجد قصة أتعاطف معها، لم ألتقط الرسالة أو »المورال« الذي يريد الفيلم أن يقوله .أيضا كان إقحام أغنيات سعاد حسني في مشاهد الفيلم مستفزاً للغاية. عقدة الفيلم غائبة أو تائهة. أعتقد أن الفكرة كانت تصلح لفيلم وثائقي، حتي اسمه يعطي الإحساس بذلك طالما أن القصة الدرامية مفككة وغير محبوكة. البطلة ياسمين رئيس ،وهي وجه جديد أدت أداء رائعاً استحقت عنه جائزة مهرجان دبي السينمائي كأحسن ممثلة. ورغم ذلك لم يعجبني الفيلم، لم أجد فيه روح محمد خان . أعرف أن كلامي غريب وسط هوجة الإحتفاء بالفيلم إعلاميًا، لكن هذا رأيي. ربما لأن سقف توقعاتي لفيلم موقع من محمد خان عالِ جدًا. ربما !
أحلي الكلام:
»صورة ..صورة .. صورة ..كلنا كده عايزين صورة تحت الراية المرفوعة« رحمة الله علي العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ الذي احتفلنا منذ أيام بذكري وفاته السابعة والثلاثين. كان وسيظل صوت الثورة .. صوت الشعب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.