وزير الخارجية يعلق على دعوات الحرب مع إسرائيل خلال العدوان على غزة    متحدث الصحة: قانون 71 لسنة 2007 للصحة النفسية تأكيد على سرية بيانات متلقي العلاج    رمضان 2026 يشهد صراعًا دراميًا منتظرًا.. دُرّة وأحمد العوضي في قلب أحداث «علي كلاي»    حكيمي يوجه رسالة قوية لجماهير المغرب ويدعو للوحدة خلف المنتخب    خلال جولاته الميدانية.. محافظة الإسكندرية يشن حملة مكبرة بمنطقة باكوس وشارع سينما ليلى بحي شرق    حزب المحافظين يدعو لترحيل علاء عبد الفتاح من لندن.. والديهي ساخرا "خليه عندكم مش عايزينه"    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم قرية عابود شمال غرب رام الله بالضفة الغربية    محافظ الفيوم يتابع غلق لجان التصويت في اليوم الثاني لانتخابات النواب بالدائرتين الأولى والرابعة    مدير مكتبة الإسكندرية يوزع جوائز المبدعين الشباب 2025    رئيس وزراء الصومال: نستخدم القنوات الدبلوماسية للدفاع عن أرضنا ووحدتنا    التشكيل الرسمى لقمة كوت ديفوار ضد الكاميرون فى بطولة كأس أمم أفريقيا    تامر أمين ينتقد أداء الأهلي بعد الخروج من كأس مصر: المشكلة غياب الروح    المستشار إسماعيل زناتي: الدور الأمني والتنظيمي ضَمن للمواطنين الاقتراع بشفافية    أشرف الدوكار: نقابة النقل البري تتحول إلى نموذج خدمي واستثماري متكامل    بوليسيتش يرد على أنباء ارتباطه ب سيدني سويني    تفاصيل وفاة مُسن بتوقف عضلة القلب بعد تعرضه لهجوم كلاب ضالة بأحد شوارع بورسعيد    تفاصيل اجتماع وزير الرياضة مع اتحاد رفع الأثقال    القضاء الإداري يسقِط قرار منع هيفاء وهبي من الغناء في مصر    عاجل- رئيس الوزراء يستقبل المدير العام للمركز الأفريقي لمكافحة الأمراض ويؤكد دعم مصر لاستضافة الآلية الأفريقية للشراء الموحد    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    إيمان عبد العزيز تنتهي من تسجيل أغنية "إبليس" وتستعد لتصويرها في تركيا    سكرتير مساعد الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجي بمدينة دكرنس    تراجع أسواق الخليج وسط تداولات محدودة في موسم العطلات    نائب محافظ الجيزة يتفقد عددا من المشروعات الخدمية بمركز منشأة القناطر    أمم أفريقيا 2025| منتخب موزمبيق يهزم الجابون بثلاثية    شوط سلبي أول بين غينيا الاستوائية والسودان في أمم أفريقيا 2025    ترامب يعلن توقف القتال الدائر بين تايلاند وكمبوديا مؤقتا: واشنطن أصبحت الأمم المتحدة الحقيقية    هذا هو سبب وفاة مطرب المهرجانات دق دق صاحب أغنية إخواتي    جامعة بنها تراجع منظومة الجودة والسلامة والصحة المهنية لضمان بيئة عمل آمنة    «مراكز الموت» في المريوطية.. هروب جماعي يفضح مصحات الإدمان المشبوهة    نجاح أول عملية قلب مفتوح بمستشفى طنطا العام في الغربية    سقوط عنصرين جنائيين لغسل 100 مليون جنيه من تجارة المخدرات    محافظ الجيزة يشارك في الاجتماع الشهري لمجلس جامعة القاهرة    «اليوم السابع» نصيب الأسد.. تغطية خاصة لاحتفالية جوائز الصحافة المصرية 2025    وزير الإسكان: مخطط شامل لتطوير وسط القاهرة والمنطقة المحيطة بالأهرامات    نقابة المهندسين تحتفي بالمهندس طارق النبراوي وسط نخبة من الشخصيات العامة    إسكان الشيوخ توجه اتهامات للوزارة بشأن ملف التصالح في مخالفات البناء    هيئة سلامة الغذاء: 6425 رسالة غذائية مصدرة خلال الأسبوع الماضي    محمود عاشور حكمًا لل "VAR" بمواجهة مالي وجزر القمر في كأس الأمم الأفريقية    قضية تهز الرأي العام في أمريكا.. أسرة مراهق تتهم الذكاء الاصطناعي بالتورط في وفاته    رسالة من اللواء عادل عزب مسئول ملف الإخوان الأسبق في الأمن الوطني ل عبد الرحيم علي    وزارة الداخلية تضبط 4 أشخاص جمعوا بطاقات الناخبين    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    " نحنُ بالانتظار " ..قصيدة لأميرة الشعر العربى أ.د.أحلام الحسن    من مخزن المصادرات إلى قفص الاتهام.. المؤبد لعامل جمارك بقليوب    انطلاقا من إثيوبيا.. الدعم السريع تستعد لشن هجوم على السودان    قيادات الأزهر يتفقدون انطلاق اختبارات المرحلة الثالثة والأخيرة للابتعاث العام 2026م    لتخفيف التشنج والإجهاد اليومي، وصفات طبيعية لعلاج آلام الرقبة والكتفين    أبرز مخرجات الابتكار والتطبيقات التكنولوجية خلال عام 2025    أزمة السويحلي الليبي تتصاعد.. ثنائي منتخب مصر للطائرة يلجأ للاتحاد الدولي    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    بدون حبوب| أطعمة طبيعية تمد جسمك بالمغنيسيوم يوميا    كييف تعلن إسقاط 30 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    لافروف: روسيا تعارض استقلال تايوان بأي شكل من الأشكال    الناخبون يتوافدون للتصويت بجولة الإعادة في 19 دائرة ب7 محافظات    أول تعليق من حمو بيكا بعد انتهاء عقوبته في قضية حيازة سلاح أبيض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بريد الجمعة يكتبه : أحمد البرى
الوعد المستحيل!
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 03 - 2017

ترددت كثيرا فى الكتابة إليك، وحاولت أن أحل مشكلتى بنفسى ولكنى واجهت صعوبة شديدة فى التغلب على متاعبى
ووجدتنى غير قادر على تحمل الصعاب التى تدمرنى نفسيا وصحيا، وانتهيت إلى أن أستعين بخبرتك فى معالجة قضايا أسرتى وحياتى الزوجية، فأنا شاب لم أكمل الثامنة والعشرين من عمرى، ويشهد أهالى المنطقة التى أعيش فيها بجنوب الجيزة أننى على خلق، ويعرف زملائى فى العمل عنى الاستقامة والإلتزام، ولم يعكر صفو حياتى شىء إلى أن التحقت بالجامعة ووصلت إلى السنة النهائية فى كليتى إذ فكرت وقتها فى اختيار شريكة حياتى، ووجدت صعوبة بالغة فى البحث عمن تناسبنى فى المجتمع الواسع الذى أعيش فيه، ولازمنى الخوف من التورط فى زواج تقليدى أقبله رغما عنى، بحكم أن دخول بيوت الناس ليس أمرا سهلا بالنسبة على الأقل للتنشئة التى تربيت عليها، وعلاقات المعارف والقرابة والصداقة مع الآخرين، وهادنى تفكيرى إلى التنقيب عن زوجة المستقبل بين زميلاتى، دون الدخول فى علاقة مباشرة مع أى منهن، ثم وقعت عيناى على إحداهن، وظللت أنظر إليها فى صمت كلما التقينا فى الكلية، وفى نهاية العام وقبل أن يذهب كل منا إلى سبيله أفضيت إلى زميلة مشتركة لنا بما فى قلبى من مشاعر تجاه فتاتى، فتكفلت بالحديث معها، ورفع الحرج عنى، وفاتحتها فى أمرى، فقابلت كلامها بسخرية شديدة فى البداية، وبعد أن راجعت موقفها، تحدثت معى فى أمور عامة، وتقابلنا أكثر من مرة خلال تحضيرنا أوراق التخرج، ثم افترقنا، وعرف عدد من أصدقائى حكايتى، فحذرونى من أنها علاقة غير متكافئة من حيث المستوى الاجتماعى، إذ أنها تسكن فى منطقة راقية، وهناك فرق كبير بينها وبين المنطقة التى نعيش فيها، وبعد فترة التقيت بزميلتنا المشتركة، وتجدد الحديث عن فتاتى، وجمعتنا الأقدار من جديد، ووافقت هذه المرة على أن أتقدم لطلب يدها من أسرتها، والتقيت عددا من أهلها، وشرحت لهم ظروفى ووضعى الاجتماعى، وأبلغتهم أننى سأعتمد على نفسى فى تجهيز عش الزوجية، والبحث عن فرصة عمل مناسبة، وزاروا المنطقة التى أعيش فيها، وشاوروها فى الأمر، فرحبت بأن تكون معى فى أى مكان، ومع ذلك حذرونى من تقلباتها، وأكدوا لى أنها لن تتكيف معى، ولن ترضى بالمعيشة فى ظروفى بعد الحياة الرغدة والميسورة التى تحياها مع أسرتها، وتركت لها فرصة الاختيار وتحديد موقفها، فأكدت رغبتها فى الارتباط بى وطلبت منى أن أسعى إلى الانتقال إلى منطقة أخرى غير التى سنتزوج فيها بعد أن تتحسن أحوالى، فوعدتها بأن أبذل قصارى جهدى لإسعادها وتلبية رغباتها، وتزوجنا وسط تحفظ من أسرتينا، وانتقلتا إلى شقة الزوجية، لنبدأ حياتنا معا، وفى الشهور الأولى عمت السعادة بيتنا، ووجدتها رقيقة ومهذبة، وراضية بالمعيشة فى منطقتنا الشعبية، ثم تمردت شيئا فشيئا على المكان والجيران، وحل النكد محل الفرح، وذقت طعم المعاناة لأول مرة فى حياتى، وحاولت أن أتفادى نشوب أى مشكلات بيننا، وقابلت تمردها بصبر وألفة ومحبة، ولكن هيهات لها أن تحيد عن موقفها الرافض لوجودها بين أهلى وجيرانى، وعلى مدى أربع سنوات لم تهدأ، ولم يلن جانبها أبدا، ولم يحل إنجابها طفلتنا الأولى عن افتعال «الخناقات»، ورفعت صوتها علىّ، وسبتنى كثيرا، وقللت من شأن أهلى، وأنا عاجز عن اتخاذ موقف منها، ولم أستطع البعد عنها، أو الرحيل من منطقتنا، والمعيشة بجوار أهلها، فبدأت فى الذهاب إليهم لفترات قصيرة ثم طالت أيام وجودها فى بيتهم، وضغطت علىّ لتلبية رغبتها فى السكن الراقى، فلجأت إلى أمها وأختها وخالها، ولم أجد صدى لشكواى لديهم، بل إن أمها لم تهتم بهذا الأمر فهى تعيش بمفردها، وأغلب ساعات اليوم تكون خارج المنزل، وعلى سبيل التجربة امتثلت لرغبتها فى المعيشة مع أمها إلى أن تتيسر الأحوال حتى تسير عجلة الحياة بنا برغم عدم اقتناعى بهذه الخطوة التى عارضتها والدتى كثيرا، وتصورت أن زوجتى ستهدأ، وستتحسن معاملتها لى بعد أن حققت ما كانت ترمى إليه بوجودها وسط أهلها، لكنها استمرت فى أسلوبها الجاف معى، وذات مرة تعدت علىّ بالقول، وتجمع أهلها، وهممت بمغادرة المنزل، فإذا بها تتعرض لحالة إغماء، فاستدعوا طبيبا من المنطقة وقعّ الكشف عليها، وقال إنها تعرضت لصدمة أفقدتها النطق بعض الوقت، ولم يكن ممكنا أن أتركها وهى على هذه الحال، وظللت إلى جوارها حتى تعافت من أزمتها الصحية، وكانت وقتها حاملا فى إبنى الثانى، وقد زرنا الطبيب لمتابعة حالتها الصحية، وبينما كنا فى انتظار دورنا فى العيادة أصبت بصداع شديد وزغللة فى عينىّ، ولم أدر لذلك سببا، إذ لم أشك من أى أعراض من قبل حيث إننى رياضى، ولعبت كرة القدم سنوات طويلة، وزرت طبيبا متخصصا فى الأمراض الباطنة فى الليلة نفسها فأجرى لى تحليل سكر عشوائيا، ولاحظت عليه الاندهاش والوجوم، فسألته عن التحليل، فقال لى إن الجهاز لا يستطيع قراءة نسبة السكر فى الدم، وربما يكون به عطل، وأشار علىّ بعمل تحليل دم فى أحد المعامل، فنفذت ما طلبه، وإذ بنسبة السكر «ستمائة»، وأننى على وشك الدخول فى غيبوبة، برغم عدم إحساسى بأى متاعب!
وبدأت رحلة العلاج والشفقة من الجميع، وحاولت أن أقنع زوجتى بأن نعيش فى بيتنا خاصة أننى مازلت فى بداية مشوار الكفاح، لكنها أصرت على أن أستأجر لها شقة خاصة بها إلى جوار والدتها لأنها لن تعيش فى منزل أسرتها، ولم أفلح فى إقناعها بأننى لن أستطيع دفع الإيجار ومصاريف العلاج وتلبية متطلبات المعيشة، ولما كانت والدتها تعرف طباع ابنتها المتمردة، فإنها عرضت علىّ المساعدة ببعض المصروفات، فرفضت بشدة، واعتبرت ذلك إهانة لى برغم ما أكنه لها من احترام، فهى سيدة فاضلة بمعنى الكلمة، والحق أنها لم تتركنى فريسة للتفكير القاتل، ورأت أن تساعدنا بصورة أخرى حيث أعطتنا شقة هى نصيب زوجتى فى الميراث، وجهزناها بالأثاث، وصرفنا كل ما معنا من مدخرات، وساعدتنا أيضا فى التشطيبات بصورة غير مباشرة، وقابل أهلى موافقتى على المعيشة فى شقة زوجتى بثورة عارمة، واعتبرتنى أمى ميتا، وعشت صراعا نفسيا عنيفا بينها وهى التى لم أغضبها ولامرة واحدة طول عمرى، وبين زوجتى التى قالت لى أننى ضحكت عليها حين وعدتها بتلبية مطالبها قبل الزواج، وهكذا لم أرض أحدا، مع أننى لم أفكر فى نفسى أبدا، وسعيت دائما لإرضاء الجميع على حساب راحتى وسعادتى، وملت فى النهاية إلى كفة زوجتى واستقررنا فى شقتنا الجديدة، لكن حالها لم تتغير، وتقلل من شأنى دائما، وتعايرنى بأنها هى التى تولت كل شىء بنفسها، وأننى ضعيف الشخصية، ووصل بها الأمر إلى أنها طالبتنى بتوفير شقة أخرى من مالى الخاص بدعوى أن الشقة التى نعيش فيها ملك لوالدتها، وأنها «زعلانة» منها، وترغب فى الانتقال إلى سكن يخصنا وحدنا!، فلم أرد عليها وكتمت أحزانى، ولما وجدتنى صامتا هدأت بعض الشىء، لكن فورانها يتجدد بين لحظة وأخرى، وتقابلنى بتكشيرة يقشعر لها بدنى، ولا ألقى منها أى احترام، وكأنى أعيش مع «ديكتاتورة» تأمر وتنهى كما تشاء، وعلىّ قبول إملاءاتها بلا مناقشة أو قل هى «سى السيدة» فى المنزل، فإذا جاريتها بنفس أسلوبها تغضب وتحيل حياتى إلى نكد لا ينقطع، لدرجة أننى لا أستطيع أن أفعل شيئا دون أمر منها حتى زيارة الأصدقاء أو مجرد الخروج من المنزل، وصرت غير قادر على تحمل هذه الحياة القاسية، وقد لا تصدق أننى أخشى أن أتأخر عن العودة إلى البيت بسبب المواصلات، أو أن أقابل زميلا لى دون علمها، وكل ذلك فوق طاقتى، لكنى أمتثل له رغما عنى حفاظا على البيت والأولاد.. إننى أتمتع بشخصية قوية فى عملى وأمام الناس، لكنى ضعيف تماما فى البيت أمامها، بينما هى تتباهى بأن كل طلباتها أوامر، وأننى لا أرفض لها طلبا، وكلما ضاقت بى السبل ألجأ إلى خالها وأختها، فيقفان معى ويواجهانها بما تفعل، فلا ترد عليهما، ثم تعنفنى بأنى أكسفها وأفضحها أمام أهلها، وأننى أكذب عليهم، وأنه لن يستطيع أحد إثناءها عن موقفها.. لقد فاض بى الكيل وأفكر جديا فى الانفصال عنها، لكنى متردد فى اتخاذ هذا القرار لتداعياته على إبنىّ وحياتى ومستقبل أسرتى، فبماذا تنصحنى؟
ولكاتب هذه الرسالة أقول :
لقد جريت وراء السراب بوعدك المستحيل لفتاتك بالإنتقال إلى شقة فاخرة فى منطقة راقية فى أقرب وقت إرضاء لغرورها، واستجابة لشرطها الأساسى للزواج بك، فأنت تعلم تماما أنه لن يكون بإمكانك تحقيق وعدك لها فى المستقبل القريب، ولن تستطيع أن تخلع رداء أسرتك وأهلك وناسك لترتدى ثوبا آخر ليس بإمكانك الحصول عليه، ومع ذلك مضيت بإصرار نحو الارتباط بها غير مبال بالعواقب الوخيمة التى ستقع حتما بعد انقضاء أيام العسل الأولى للزواج، وهو ما حدث بالفعل، إذ وجدت نفسك تابعا لها، وخاضعا لإملاءاتها عليك، وأنت مسلوب الإرادة، غير قادر على اتخاذ أى قرار حتى فيما يتعلق بتحركاتك اليومية، وعلاقاتك بأصدقائك، ومواعيد عودتك إلى المنزل، فهل يعقل أن تترك لها الحبل على الغارب إلى هذا الحد، وماذا تنتظر بعد ذلك؟.
لقد تعدت الأمور بينكما مرحلة العناد إلى مرحلة سيطرتها عليك، فالتصلب فى الرأى والجحود وعدم المرونة تضفى على الأسرة جوا خانقا، وتنشر فى البيت ظلالا قاتمة، وتهيىء المناخ لنفثات الشيطان وهمزاته، مما ينذر بالاقتراب من الخطر، ولذلك كان يجب عليك أن تعالج هذه المشكلة ولا تدع زوجتك تدفع حياتكما إلى طريق مسدود، فلقد هادنتها فى موقفها المستفز بالسكوت والهدوء والانصياع لأوامرها، أما هى فنسيت أن الزوجة الصالحة تطيع زوجها، وترسم معه خريطة حياتهما، فهو أمانة فى يديها، ومنبع الإحساس والرحمة والمشاعر وتدفق الحنان، وفى ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة، الودود، الولود، الحنون على زوجها، التى إذا آذت أو أوذيت، جاءت حتى تأخذ بيد زوجها، ثم تقول: والله لا أذوق غمضا حتى ترضى، وهذه الزوجة فى الجنة»، ولقد جعل الله تعالى قوامة البيت للرجل فقال فى كتابه الكريم «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِى الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا» (النساء 34)، ففى مثل هذا الجو من الصلاح تكون قوامة الرجل بعطفه وحنانه على أسرته، ولا يجوز للمرأة بأى حال أن تحبس زوجها، أو تمنعه من الخروج من البيت، بل ولا يجوز للرجل أن يمنع زوجته من الخروج فى بعض الأحيان للحاجة الملحة، ولكن عندما تنقلب الموازين، فهذا أمر ينهى عنه الإسلام، وقد كره رسول الله «المترجلة» من النساء، فالزوجة تأثم بمثل فعلها، بل توجب غضب الله عليها بمثل هذا الفعل الذى يكاد أن يهدم البيت، ومن هنا فإن زوجتك ترتكب إثما عظيما بموقفها منك، ولا يعنى هذا أن تفعل ما يحلو لك ولا تلقى لها بالا، ولكن عليك أن تراعى التوازن بين خروجك لزيارة أصدقائك، وائتناس زوجتك بك فتخصص وقتا للجلوس معها، ومناقشة أموركما فى هدوء لتكون على بينة من الخطوات التى تتخذها فى عملك وحياتكما معا، وهذا حق لها، فخير الأمور أوسطها، وقد فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك، فكان يداعب زوجاته ويكون معهن فى كثير من شئونهن، وفى الوقت نفسه كان يخرج مع أصحابه، ويتدارس معهم شئون الدعوة إلى الله، فوازن بين الأمور كلها. أما عن سب زوجتك لك، فهذا لا يصح، ولا يجوز بأى حال، لا لك، ولا لها، فالمسلم عفيف اللسان، ويترفع عن فحش القول، ويأمرنا الله سبحانه وتعالى بذلك فى كتابه الكريم «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا» (البقرة83)، فالزوجة يجب عليها القول الحسن لزوجها وأمر الله الرجال بحسن معاشرة الزوجات، فقال «وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» (النساء 19)، وفى المقابل فإن للزوج حقا كبيرا على زوجته، فجاء فى الحديث الشريف: «أعظم الناس حقا على المرأة زوجها، وأعظم الناس حقا على الرجل أمه»، ولا شك أن زوجتك هى الأخرى قد أخطأت كثيرا حين اختارتك منذ البداية بشرط الخضوع التام لإرادتها، وتلبية رغباتها وأوامرها، فهى من نوع النساء اللاتى يشترطن فى شريك الحياة أن يكون ضعيفا ومستسلما لرغباتهن دون أن يتأملن عواقب هذا الاستسلام على حياتهن الزوجية، وفى هذا الصدد أقول إن علاقة الزوج بزوجته تتأثر بالتربية الأولى له وبعلاقة أبويه بحيث تنعكس على طبيعته فى الأسرة الجديدة، فأحيانا حينما يعيش الشاب فى أسرة طبيعة العلاقة بين الأب والأم تسلطية، بحيث يكون الأب متسلطا على الأم، فإنها تنعكس على طبيعة أسرة الشاب الجديدة، ويصبح نقيضا لصورة والده فينقاد إلى زوجته، وأحسب أن هذا هو ما حدث معك، وإن لم تشر إليه، ولم توضح طبيعة العلاقة بين والدك الذى لم تذكر عنه شيئا ووالدتك، وهكذا أعطيت صلاحيات أكبر لزوجتك ثم تركت لها الحبل على الغارب، فانتزعت منك كل شىء، وسيطرت عليك سيطرة تامة.
وبصراحة فإن الزوجة التى تحاول أن تفرض شخصيتها على زوجها، وتجعله يخشاها هى شخصية غير سوية وتتصف بالأنانية، لأن المرأة السوية تعى فى داخلها أنها تحتاج إلى رجل قوى تستند عليه، والزوجة الحكيمة هى التى تتوقف أمام خضوع زوجها لها، فالعلاقة بينهما لن تستقيم على هذا النحو، وأرى أن على أى زوجين يعيشان بهذه الطريقة أن يراجعا موقفيهما من بعضهما، ومن هذا المنطلق ينبغى أن تتدرب على كيفية إدارتك بيتك، والتحكم فى ذاتك وزيادة ثقتك بنفسك، وتنمية شخصيتك وردود أفعالك بما يتناسب مع الدور المطلوب أن يكون لك فى حياة أسرتك، ويجب أن تمتثل زوجتك لرؤيتك، وإلا فلن تستقر حياتكما أبدا، فاشرح لها كل شىء بوضوح، وخيّرها بين أن تتكامل قراراتكما، ويكون أمركما شورى بينكما، وبين أن تسرحها بإحسان، فإن اختارت الحل الذى ينقذ حياتكما الزوجية من الفشل، اعطها فرصة أخيرة لعلها تتراجع عن موقفها وتعيد حساباتها، وإن تمسكت بالتسلط وإملاء قراراتها عليك، فلا تتردد فى الانفصال عنها، إذ أن الطلاق حينئذ سيكون هو الحل الوحيد مهما أجلته، ووقتها سيكون عليك أن تتريث قبل الإقدام على زيجة جديدة، وأن تختار شريكة حياتك القادمة على أسس واضحة بعد أن تضع معها النقاط على الحروف، وفقك الله وسدد خطاك، وهو وحده المستعان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.