تنطلق الخميس المقبل.. امتحانات الصف السادس الابتدائي نهاية العام 2025 بالقليوبية    البابا تواضروس يهنئ بابا الفاتيكان.. ووفد كنسي يحضر التنصيب    «الشيوخ» يستعرض تقرير لجنة الشئون الاقتصادية والاستثمار    «مشاكل فنية وتراجع كبير في مخزون المياه».. سبب إغلاق بوابات مفيض سد النهضة    من صعيد مصر.. البنك الأهلي ينظم حوارا مفتوحا مع عملاء المشروعات الصغيرة والمتوسطة    وزير العمل يتفقد مديرية العمل بدمياط ويؤكد دعم التدريب والتشغيل ودمج ذوي الهمم    المركزي يتوقع نموا اقتصاديا أعلى من توقعات الحكومة العامين الحالي والمقبل    ثروة للبترول تعلن زيادة الاحتياطات المؤكدة بمنطقة غرب كلابشة 3.5 مليون برميل    وزير التعليم العالي: القاهرة الكبرى تستحوذ على 41% من موازنة التعليم.. و20% للصعيد    الداخلية السعودية تدعو للإبلاغ عن مخالفي أنظمة الحج    المشاط تبحث مع المفوض الأوروبي للشراكات الدولية سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية مع فريق أوروبا    "تنكروا بملابس نساء".. تفاصيل عملية إسرائيلية خاصة في خان يونس    وزير الخارجية الإيراني: التخصيب حق قانوني لإيران وليس قابلًا للتفاوض    الجيش الإسرائيلي يدعو إلى إخلاء 3 مناطق في جنوب غزة    إعلام روسي: روسيا تصنّف "العفو الدولية" منظمة غير مرغوب فيها    مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال    تزوجى من غيرى ولا تحرمى نفسك من شىء .. آخر كلمات إيلى كوهين لزوجته فى وصيته    الزمالك يُنفق أكثر من 100 مليون جنيه مصري خلال 3 أيام    تقارير: مانشستر يونايتد يقترب من إتمام صفقة ماتيوس كونيا    الزمالك يعلن إرسال مستحقات باتشيكو لإنهاء أزمة إيقاف القيد    وزير الرياضة يُشيد بتنظيم البطولة الأفريقية للشطرنج ويعد بحضور حفل الختام    اندلاع حريق بمزارع نخيل في قرية القصر بالوادى الجديد -صور    مصرع شخص وإصابة سيدة فى حادث انقلاب سيارة بالدقهلية    ننشر مواصفات امتحان مادة الرياضيات للصف الثالث الابتدائي الترم الثاني 2025    حملات أمنية لضبط متجري المخدرات والأسلحة والهاربين من تنفيذ الأحكام    ضبط 5 أطنان أرز وسكر مجهول المصدر في حملات تفتيشية بالعاشر من رمضان    «كتم أنفاسه ب كوفية».. تأجيل محاكمة المتهم بقتل زميله في القليوبية    تنطلق يوليو المقبل.. بدء التسجيل في دورة الدراسات السينمائية الحرة بقصر السينما    أسعار تذاكر المتحف المصري الكبير قبل الافتتاح الرسمي.. ومواعيد الزيارات    وزير الثقافة يجتمع بلجنة اختيار الرئيس الجديد لأكاديمية الفنون    إلهام شاهين تشيد بفيلم المشروع X: «أكشن بمستوى عالمي» (صور)    ركن نجيب محفوظ بمكتبة الإسكندرية.. ذاكرة حيّة لأديب نوبل    متى وقفة عيد الأضحى 2025 في مصر؟.. فضل صيامها والأعمال المستحبة في اليوم المبارك    جامعة سوهاج تطلق قافلة طبية بقرية الكوامل بحري -صور    مجلس الوزراء : لا وجود لأي متحورات أو فيروسات وبائية منتشرة بين الدواجن    بعد تشخيص بايدن به.. ما هو سرطان البروستاتا «العدواني» وأعراضه    محافظ الدقهلية يتفقد عيادة العباسي للتأمين الصحي    باستعدادات استثنائية.. صور من امتحانات نهاية العام بجامعة حلوان التكنولوجية    كشف ملابسات مشاجرة 5 أشخاص في المطرية    مسابقة الأئمة.. كيفية التظلم على نتيجة الاختبارات التحريرية    إعلام عبري: نائب ترامب قرر عدم زيادة إسرائيل بسبب توسيع عملية غزة    إطلاق مبادرة لخدمة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة بالإسماعيلية    تعرف على حالة الطقس اليوم الإثنين 19-5-2025 فى الإسماعيلية.. فيديو    صندوق النقد يبدأ المراجعة الخامسة لبرنامج مصر الاقتصادي تمهيدًا لصرف 1.3 مليار دولار    "أونروا": تضرر وتدمير 92% من المنازل فى قطاع غزة    صدامات نارية في إياب ربع نهائي كأس عاصمة مصر مساء اليوم    باكستان والهند تردان على "انتهاء وقف إطلاق النار"    "القومي للمرأة" يستقبل وفدا من كلية الشرطة الرواندية وكبار الضباط الأفارقة    "الإدارة المركزية" ومديرية العمل ينظمان احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية    أسطورة مانشستر يونايتد: سأشجع الأهلي في كأس العالم للأندية 2025    متحف الحضارة يحتفل باليوم العالمي للمتاحف 2025    هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر .. دار الإفتاء توضح    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    نجم بيراميدز يرحب بالانتقال إلى الزمالك.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم الكبير الدكتور فاروق الباز‏:‏
الوفاق وإطلاق طاقات الثورة‏..‏المهمة الأولي للرئيس مرسي

أعادت ثورات الربيع العربي للمواطن حريته المسلوبة وكرامته المهدرة وحقوقه المستباحة‏,‏ ليس هذا فقط ولكنها أعادت العرب كلهم الي قلب التاريخ الذي عاشوا علي هامشه سنوات طويلة مظلمة.. تحت نظم حكم استبدادية عاتية في جبروتها وتخلفها وفسادها. لم يعد العرب ولن يكونوا بعد اليوم الاستثناء الديمقراطي الوحيد في العالم, ولن يكونوا ايضا الثقب الأسود في هذا الكون المتقارب بفعل ثورة الاتصالات وأحلام الحرية والعدل والمساواة التي تجمع شعوب الارض علي اختلاف ألوانها وثقافتها وحظوظها من الثراء والتقدم, أرادت الشعوب العربية الحياة واستجاب القدر بعد ان عاندها طويلا, وأشرقت شمس الحرية بعد ان احتجبت سنين عددا. بزغ نورها المبارك من الغرب من تونس الخضراء ليبدد ظلمات الليل الطويل في مصر وليبيا واليمن وقريبا سوريا, ما يحدث في مصر والمنطقة العربية هو اعادة ميلاد جديد لها, تحول تاريخي حقيقي وجذري سيعيد رسم الخريطة السياسية في المنطقة وخارجها لسنوات مقبلة, المشهد الداخلي والإقليمي بالغ التعقيد والسيولة, الاحداث متلاحقة والتطورات سريعة والتغييرات تخطف الابصار, لهذه الاسباب رحنا نبحث عمن يقف خارج المشهد برمته يروي لنا كيف تبدو الصورة من بعيد لا من قلبها, فلن نطمئن ولن نكتفي برصد الجانب الذي نراه فقط. من اجل هذا تفتح الأهرام صفحاتها اعتبارا من اليوم لنشر سلسلة من الحوارات أجراها محرروها ومراسلوها حول العالم مع عدد من الخبراء والسياسيين والمفكرين الأجانب والعرب خارج مصر, لعلنا نجد في رأيهم ما يعيننا علي رؤية أوضح لواقعنا ومسيرتنا. اين نحن الان وفي أي اتجاه نسير وتسير بنا ومعنا المنطقة كلها.
هذا الفلاح معجون بمصر.. أسرته من قرية بالسنبلاوين, وولد في الزقازيق وتربي في دمياط ودرس في جامعة القاهرة وخرج في مظاهرات تطالب بالاستقلال الحقيقي قرب معسكرات الإنجليز قبيل ثورة2591. سافر من مصر إلي واشنطن لا يملك إلا بكالوريوس العلوم في أوائل الستينيات.. ثم بدأت شهرته تلمع في السماء, حين اختارته وكالة الفضاء الأمريكية ناسا ليكون مسئولا عن تحديد المكان الذي ستهبط فيه سفينة الفضاء أبوللو فوق سطح القمر لأول مرة في تاريخ البشرية.. منذ تلك الرحلة ذاع صيته, ونزل إلي الأرض يمشي, اختاره الرئيس السادات مستشارا علميا له.. تعددت لقاءاته مع الرئيس لعرض أبحاثه وتصوراته.. شاهد نائب الرئيس وقتها حسني مبارك الذي وجده عديم الرؤية لا يملك المبادرة ويفضل أن يبقي متحصنا في مجموعة عمل صغيرة حتي تفرض الأحداث نفسها عليه فرضا.. ويصف مبارك بأنه بطيء في رد الفعل لا يتحرك إلا بعد أن تمسك النار في هدومه!
خلال مهرجان جامعة القاهرة للعلوم في نهاية2010 سأله الشباب: أين العلماء وأين العلوم.. أرنا الطريق يا دكتور الاستشعار عن بعد, فرد عليهم: لا تعتمدوا علينا.. جيلنا خربان.. أين العلوم التي تستحق أن يقام لها مهرجان.. وضعنا كل استثماراتنا أثناء النهضة في مؤسسات ومصانع ثم بعناها.. نحن جيل فاشل.. الأمل فيكم أنتم.. انهضوا إذا أردتم أن يكون لكم صوت وعقل ووجود..
وصدق الشباب الوعد.. بعد شهور قليلة انفجر بركان الغضب في52 يناير, وقامت الثورة وكان وقودها الجيل الجديد, كما توقع عالم الفضاء وجيولوجيا الأرض.. فاروق الباز..
ومر عام ونصف, وفي عصر الأحد الذي كان المستشار فاروق سلطان يعلن فيه اختيار أول رئيس مصري مدني بإرادة شعبية.. كان العالم فاروق الباز رئيس مركز الاستشعار عن بعد بجامعة بوسطن يحتفل ب تخرج ياسمين أولي حفيداته وحلم عمره من الجامعة, وكنت أول المهنئين حين اتصلت به في العصر الجديد.. وقبل ساعات من تسليم السلطة من المجلس الاعلي للقوات المسلحة الي الي الكتور محمد مرسي..
وهذا تفصيل ما دار:
سألته: تابعت المشهد السياسي المصري الذي أسفر عن ولادة مرحلة جديدة تماما كنت تتمناها وتحلم بها هل توقعت هذه الولادة المتعثرة لأول رئيس مدنيعلي مرحلتين للرئيس وكيف تقرأها؟
أسعدني كثيرا أن تصل مكالمتك فور إعلان نتيجة أول انتخابات حرة لرئاسة مصر, خاصة لأننا تحدثنا عن أحوال البلد, قبل قيام الثورة وبعدها, وأسعدني أيضا فرحة الناس والعالم كله بديمقراطية مصر واختيار الغالبية للعالم الدكتور محمد مرسي, أول رئيس مدني للجمهورية الثانية.
وبالتأكيد كنت أتوقع انبثاق مرحلة جديدة في تاريخ مصر المعاصر تليق بمكانتها بين الأمم.فقد كانت مصر علي مدي العصور منبعا للحضارة والفكر والعلم والثقافة والفن والبناء وحسن الأداء. ولكن كما قلت من قبل بين آونة وأخري تخبو فيها شعلة الحضارة وينطوي شعب مصر علي نفسه وكأنه في غيبوبة, ولكن سرعان ما يفيق هذا الشعب العظيم من التغييب وينتفض بكل حيوية ونشاط لكي تتوهج شعلة الحضارة مرة أخري في أرض مصر.
كذلك كنت أتوقع أن تكون الولادة متعثرة لأن الثورات بطبيعتها تغيير عشوائي للوضع, ولابد أن تمر في محن في بداية انطلاقها. وكثيرا ما ذكرت لشباب الثورة أنني أشبه الثورة بالزلزال القوي لأنها تغيير للوضع القائم. الزلزال عبارة عن حركة لكتلة من كتل القشرة الأرضية تخل بوضعها بين الكتل الأخري. بعد هذه الحركة التي ينتج عنها زلزال قوي, تبدأ الكتل الأخري في الحركة للتوازن في الوضع الجديد وحركاتها تعرف بالتوابع. كل زلزال تأتي بعده توابع, ولكن الأهم أن التوابع لا تكون بقوة الزلزال الأصلي علي الإطلاق, وهكذا كان الحال في توابع الثورة ومازال غرضها الأصلي قائما لا تشوبه شائبة.
قلت لي أن رسالتي وصلت أثناء احتفالكم بتخرج حفيدتكم ياسمين, في نفس الظروف السعيدة التي تتخرج فيها مصر لتثبت جدارتها وتتأهل للالتحاق بركب الدول الديمقراطية..هل ربطت بين حفلي تخرج حفيدتكم وتخرج الديمقراطية المصرية, وهل فكرت في العريس سعيد الحظ اللي اختاره المصريون, وماذا كان شعورك عندما عرفت أنه الدكتور محمد مرسي؟
ضحك الدكتور فاروق بالتشبيه من قلبه, وكرر:
فعلا عريس سعيد الحظ.. لكن' ياويله', عموما هذا قول ينبغي علي الدكتور مرسي أن يتمعن في مغزاه, فهو راع وكل راع مسئول عن رعيته ومهمته الأولي ينبغي أن تكون تحقيق التصالح والوفاق ثم إطلاق طاقات الثورة في المجتمع للبناء, وهذا التشبيه ينبغي أن يضعه في اعتباره عندما يبدأ مهام عمله تجاه العروس في العصر الديمقراطي الحديث, وهو مطالب أيضا بالمودة والقسط بين الجميع.
هل اتوقع ابتهاجك لخبر استقالته من رئاسة حزب الحرية والعدالة وربما جماعة الإخوان المسلمين, لأن هدفه هو الحكم بالعدل لا يشاركه في حكمها تحقيق أهداف جماعة أو حزب. ؟
ضحك الدكتور فاروق وقال: نعم أحيي الدكتور مرسي علي هذا القرار لأن هذا معناه أنه سيكون رئيس كل المصريين ولا يدعم جماعة علي حساب مجموعات أخري من رعاياه
أول رئيس مصري مدني وعالم ومهندس وليس عسكريا ولا موظفا حكوميا.. ماذا تتوقع أن يتميز به في ادارته للبلاد عن سابقيه؟
معناه أن إدارة مصر سوف تعتمد علي مواطنين مؤهلين كل في مجال تخصصه, ولن نري رئيس أي مؤسسة صديق فلان وقريب فلان ومن جماعة فلان!
وخطابه الأول ماذا أوحي لك؟
كان متزنا ومقبولا من كل الجوانب كبداية, صحيح أنه لم يشكر منافسه كما لاحظت أنت كفلاح مثلي لكنه حوي رؤوس موضوعات, ولم يتجاهل أيا من النقاط الهامة في المرحلة القادمة
أمام الرئيس الجديد العديد من التحديات كيف ترتبها؟
- أهم تحد واختبار للرئيس الجديد محمد مرسي هو وحدة الوطن والوفاق الوطني, وعلاج الجروح وإرساء الأمن والأمان لجميع المواطنين. وهذا أمر يتم بعدم التفرقة بين مسلم ومسيحي أو رجل وامرأة أو شاب وكهل أو غني وفقير أو أستاذ وفلاح. أو نظام قديم وجديد خاصة بعد أن أثبت الشعب رشده في الاختيار وانحاز الي طريق الثورة, وطالما عندنا قضاء نثق في عدالته, ونرضي بحكمه, فمصر لكل المصريين دون تفرقة والشعور بالمصرية هو أهم صفاتنا جميعا دون أي شك.
يأتي بعد ذلك فورا الحث علي رفعة الاقتصاد. يتم ذلك بالعمل الدائم لدعم الإنتاج بالمؤسسات الحكومية والخاصة علي حد سواء. ويلزم ذلك تشجيع المبادرات, وخاصة بين الشباب لأنهم قادرون علي تغيير الواقع وسلوك مخططات جديدة ينجم عنها زيادة الفرص وتحسين المنتج كما ثبت ذلك في كل الدول التي تقدمت. رقعة الاقتصاد تؤهل لازدياد فرص العمل وإزدهار المجتمع.
الرئيس التركي استعجل تسليم السلطة في مصر وكذلك فعلت هيلاري كلينتون, كما بالغت المستشارة الألمانية ميركل في اهتمامها حين وضعت في رسالة تهنئتها للرئيس خارطة طريق.. هل اعتبرت ذلك مثل الفلاحين أمثاليتدخلا في الشأن الداخلي لمصر ؟
- أنا معك كلية وتماما لأنني أيضا فلاح من أب وأم ولدا في قرية صغيرة في دلتا النيل. وأعتبر رؤي الغرباء تدخلا في شؤوننا الداخلية, وكنت أقول ذلك لمن معي عند سماع مقترحاتهم. في نفس الوقت أنا أعلم علم اليقين أنه لم يكن تدخلا في شؤوننا, ولكن كان اهتماما بأمرنا. كان سبب ذلك دائما أن مصر لها أهمية خاصة بين الأمم منذ بزوغ فجر التاريخ البشري. علينا أن نفهم ذلك ونعلم أيضا أننا كنا مركز الكون, حين كانت هذه الشعوب تأكل ورق الشجر, وينبغي أن نمسك بالفرصة لنعود لمكانتنا ونحن نستطيع, لو وجهنا طاقة الثورة وجهتها الصحيحة, ولا نعمل إلا ما تمليه ضمائرنا في سبيل تحقيق هذا الهدف, وأن تبقي مصر أولا فوق الانتماءات والحزبية الضيقة.
شهدت الانتخابات الرئاسية عملية استقطاب حادة بين الدولة الدينية والدولة المدنيةبشكل ما, هل سميتها كذلك أم كان لك توصيفا آخر وبماذا تنصح المعسكر الذي لم يأت منصب الرئيس علي هواه؟
- لقد اتسم شعب مصر بالتدين والصلاح منذ بداية تاريخه أي منذ7000 عام. إتصف المصريون منذ القدم بالعبادة والعمل الصالح, وهم أول من حث علي العبادة وحسن السلوك في هذه الحياة إيذانا بالحياة الآخرة. أقصد من هذا أن التدين صفة وراثية في كل مصري ومصرية. لذلك فأنا لا أجد مجالا للحديث عن الدولة الدينية والدولة المدنية. الدين للناس وليس للدولة ولا يصح للدولة أن ترغم الأفراد علي شعائر معينة. في نظري لن تكون مصر أبدا دولة دينية ولكن شعب مصر سيبقي شعبا متدينا إلي الأبد.
كيف تابعت عملية تشكيل اللجنة التأسيسة للدستور في المرتين, وهل تري أنها كانت البداية الصحيحة لدستور صحيح, وقد كنتم أول من طالب بالدستور أولامنذأكثر من51 شهرا
- نعم, ربما كان من الأمثل أن نبدأ بالدستور حتي لا يعبث البعض بحريات الناس أو مكاسب الثورة. كان يجب تشكيل دستور يضمن حريات كل مصري ومصرية ومسلم ومسيحي إلخ. لم يتم ذلك, وعلينا الآن اختيار مجموعة من الحكماء لوضع دستور جديد. وعلي وجه العموم يصح أن يكون الدستور وثيقة مختصرة بلغة سهلة لتحديد مؤسسات الدولة وعلاقتها في صورة تؤهل إجماع الناس عليها دون تميع أو ألغاز.
عرفت أنك كنت من المرشحين لدخول الجمعية التأسيسة.. لكن أم محمد وأنا لا أعرفها دخلت نيابة عنك..هل تم اتصال معك في هذا الشأن.. ما تعليقكم؟
- لقد سمعت بترشيح إسمي للمشاركة في لجنة الدستور, وإن كان ترشيحا غير رسمي من شباب الثورة, أقول ذلك لأنني لم أتلق شيئا رسميا بهذا الخصوص. طبعا أنا علي أتم الاستعداد للمشاركة في أي شئ يهم الوطن ولكني أعتقد أن العمل في لجنة الدستور يستحسن أن نتركه لمتخصصين في القانون,وإن كانت الشروط تنطبق علي أي( أم محمد) ينبغي ضمها فورا قبل فاروق أو غيره ولا تنسي أنني أب ل أربع بنات وأربع حفيدات ولي ثلاث أخوات.
هل أنت مع من قالوا أن وصول د. مرسي والفريق شفيق للنهائي معناه أن الثورة اختطفت.. وهل مازلت تري أن فرص الثورة مازالت قائمة؟
- أنا لا أعتقد أبدا أن الثورة كانت قد اختطفت بوصول الدكتور محمد مرسي والفريق أحمد شفيق إلي خط النهاية. لم أكن أتوقع أن يصل شباب الثورة إلي مثل هذا المركز لعدم خبرتهم علي المدي الطويل بالعمل السياسي. لقد ذكرت لهؤلاء الشباب مرارا أن عليهم بدء العمل المجتمعي مع عامة الناس في عشوائيات المدن والقري والنجوع للاستعداد للإنتخابات القادمة أو بعد القادمة. معني هذا أنني كنت أتوقع مكسب المخضرمين سياسيا بغالبية الأصوات, هذا لا يعني أبدا أن الثورة قد اختطفت ولكنها ولدت والآن تحبو رويدا رويدا وستقف علي أقدامها وتمشي في غضون عشر سنوات علي الأكثر.
- وهل تضمن أن تتعلم الثورة المشي قبل عشر سنوات؟
- ضماني الوحيد في انخراط الشباب في العلم.. أكرر عليكم بالعلم, فهو مثل القضاء يكاد يهتف الاستقلال التام, أو الموت الزؤام فلو أردنا نتيجة جيدة للعلم لابد أن نبعد عنه فكرة الولاء والأمن.. لو فقدنا الثقة في انتماء العالم خربت الدنيا, ليس علينا إلا أن نخطط ونتابع تنفيذ الخطة إذا نجح العالم نرفع له القبعة ونعطيه تعظيم سلام, لا ننظر في عقيدته ولا لونه ولا دينه.
كنت قريبا من الرئيس السادات.. ماهي الخريطة الجيولوجية والجغرافية التي ستعطيها للرئيس الجديد عن كنوز مصر التي لم تكتشف أو تستغل؟
- مصر تزخر بالكثير من الثروات التي كانت تهدر في العهد البائد. أضرب لكم مثلا بخامات الفوسفات التي كان يشتريها من مصر شخص ما لبيعها في العالم, وكأن مصر غير قادرة علي بيعها. كان يشتري الطن بحوالي24 دولارا مع أن المملكة المغربية كانت تبيع خاماتها المماثلة في السوق العالمي بحوالي60 دولار. السبب في هذه الخيبة أنه كان هناك مصري في المعادلة يكتسب من العملية لقربه من الطبقة الحاكمة.
أما عما نعرفه عما تزخر به الأراضي المصرية فهناك الكثير من الزملاء في المساحة الجيولوجية ومعهد الصحراء ومركز الاستشعار والجامعات والوزارات المختلفة. قام الكثير منهم وخاصة بالمساحة الجيولوجية بمسح صحرائنا للتعرف علي ما تكمن بها من كنوز يمكن استغلالها. لذلك فأملي أن تبدأ مرحلة الرئاسة الجديدة باحترام أهل الخبرة والعلم والإخصائيين في مصر وسؤالها عما يجب استخدامه من خبرات تبعا لما لديهم من ومعرفة.
وبالنسبة لما أستطيع أن أقدمه شخصيا أعود هنا إلي ممر التنمية وهو مقترح لإنماء الشريط المتآخم غربا لوادي النيل والدلتا من ساحل البحر المتوسط شمالا إلي حدود السودان جنوبا, يؤهل ذلك لفتح آفاق جديدة لإقامة المدن والقري واستصلاح الأراضي وبناء المصانع والمدن الصناعية والمرافق والمنتجعات في مساحة ضعف المساحة المستخدمة حاليا, أي عشرة ونصف مليون فدان يهم هذا كثيرا لأن الإحصائيات الرسمية تقول
أولا: أن أراضي النيل الخصبة تختف بمعدل30 ألف فدان في كل عام تحت البناء, أي أن5.5 مليون فدان من الأرض الزراعية الممتازة التي تكونت عبر مليون سنة, سوف تختفي خلال183 سنة إذا لم يتوقف ذلك بفتح آفاق جديدة للتوسع العمراني.
ثانيا: أن تعداد السكان في عام2050 سوف يزداد حوالي60 مليون نسمة أي أن تعدادنا سوف يصل إلي140 مليون نسمة. لذلك فنحن نحتاج إلي مساحات جديدة للعيش والبناء وإنتاج الغذاء وهذا ما يؤهله ممر التنمية مع تسهيل الاتصال بالطرق والقطار بين كل بلاد الوطن, وفي شرق العوينات540 بئرا جوفية.. نستطيع أن ننتج منها قمحا يكفي كل شعب الصين.
.. والطاقة النووية.. من أين نبدأ ؟
من مراجعة دروس الماضي, فالهنود منذ خمسين سنة كانوا متخلفين زينا.. حتي شكلنا مثلث عدم الانحياز في الخمسينيات, وعملنا معاهدة مع الهند.. حول الشراكة في تطوير الأبحاث النووية.. أرسلنا نحن مبعوثين.. وهم وضعوا خطة ونفذوها ووصلوا.. ونحن عملنا مؤسسات.. وخرجنا علماء.. والنتيجة أن الهنود عملوا مفاعلات نووية.. وعلماؤنا اشتغلوا بالتدريس في الصوت والضوء!
والإيرانيون.. طول عمرنا كنا الأخ الأكبر لهم.. في البداية كان فيه منافسة وغيرة وإحساس كل منا بمكانة الآخر ثم جاء شاه إيران تزوج أخت الملك لأن هواه مصري.. ورغم أن مشروعهم النووي بدأ بعد اتفاقنا مع الهند بخمس أو ست سنوات, لكنهم تميزوا بالجرأة والمرأة, فنصف هيئات التدريس عندهم سيدات وعالمات وباحثات.. يحترمن العلم رغم الشادور..
الآن الدعاية الغربية تحاصرنا بوهم اسمه قوس الشيعة.. من أجل أن يخيفوا دول الخليج, ويعزلوها عن مصر, ويتحقق الهدف ألا نقترب من بعض ونستفيد منهم.
منذ سنوات طويلة وأنا أسمعك تراهن علي الشباب واستغربت عندما قلت لي في جامعة القاهرة أن جيلنا فشل والأمل في الجيل القادم وبعد أيام قامت الثورة.. هل سينجحون في استغلال اللحظة الراهنة أم تضيع منهم الفرصة ؟
- نعم, كنت دائما ومازلت أراهن علي الشباب لأن أبناء وبنات مصر يتصفون بالذكاء والحيوية البدنية والنشاط الفكري إضافة إلي الفكاهة والفهلوة. لا ينقص هؤلاء إلا الدعم المعنوي والتعليم الجيد والتدريب الصحيح لنقل مصر إلي مستقبل أفضل., ومازلت أكرر ما قلته وكتبته من قبل عن جيلنا جيل الفشل إذا كان جيلي قد فشل في تحقيق الآمال المذكورة, فلا مكان له في قيادة الأمة العربية, ويجب أن يتنحي. يلزمنا جيل أكثر حيوية ونشاطا, أقل سنا يتصف بالشجاعة والقدرة علي الريادة لينتشل العالم العربي من الوضع المأسوي الحالي. شق طريق جديد يستلزم رؤية جديدة لجيل شاب. لذلك يلزمنا أولا أن يعترف جيلي بالفشل ويحدد الأخطاء التي أدت إليه لكي يستطيع جيل جديد نشيط من المضي في طريق آخر.
- ماذا بقي من أحلامك
كان حلم عمري أن أسافر إلي القمر خاصة عندما درسته وحفظته, كأنه حارة جنب البيت. أخذت رأي زوجتي فقالت: لا نستطيع الاستغناء عنك إلا بعد أن يتخرج العيال.. طير زي ما أنت عاوز في الكون الواسع.. وفعلا.. أنا الآن أهوي التحدي في عيون الشباب, وأحمد الله أنني وجدتهم أخيرا في بلدي فأحيو داخلي الثقة والأمل, وأغنوني عن الرغبة في الطيران في الفضاء
لذلك فإني أغتنم الفرصة لأن أقول لشباب مصر رجالا ونساء إغتنموا الفرصة واستمروا في جمع العلم والمعرفة لأن هذا يؤهل الثقة بالنفس وتلك تؤهلكم لنيل احترام الناس لكم. واقتناء العلم والمعرفة لا يتم بسهولة, فهو يستلزم احترام الوقت والتفاني في العمل. يجب أن يعتبر كل منكم العمل المضني شرفا كبيرا وليس حملا ثقيلا. لقد نجحتم في إعادة كرامة مصر بثورتكم المبهرة وعليكم دوام العمل لثبات رفعة هذا البلد المعطاء.
ماذا تقول عن القشة التي قصمت ظهر الرئيس السابق ونظامه, وكيف تشاهد نهايات عصره؟
- منذ أوائل عصر مبارك وأنا أعلم أنه عصر ضائع لا محالة, لعلمي بشخصيته أثناء عملي كمستشار للرئيس السادات. كان الرجل طوال حياته قليل العمل عديم القراءة يستحوذه ضبط وربط المجموعة المحيطة به فقط دون النظر لما يجري من حولنا, أسوأ صفاته أنه كان عديم المبادرة يفضل أن يبقي في مكانه حتي تمسك النار في هدومه, ثم يبدأ في تنظيم التفاعل معه, لا قيادة ولا ريادة. هذا ولم تكن هناك قشة واحدة قصمت ظهره ولكنه كان تراكم القشات واحدة فوق الأخري في كل يوم خلال30 عاما أي أن أكثر من10.000 قشة قد قصمت ظهره!
حكم مبارك مصر ثلاثين سنة ففقدت في عصره ما بنته من مكانة عربية وأفريقية وعالمية منذ الاستقلال تقدمت لحكوماته بمشروع ممر التنمية عندما كانت تكلفته6.5 مليار جنيه, ضحكوا عندما قلت لهم هذا المشروع متنفس للوادي القديم الذي سينقرض بعد ثمانين سنة, واليوم تزيد تكلفة تنفيذ المشروع علي100 مليار جنيه, فاختاروني عضوا في المجلس القومي للعلماء, الذي اكتشفت أنه ربما كانت مهمة هذا المجلس الذي ضم خيرة العقول هي وضع رؤية وخبرة علماء مصر العظام في ثلاجة.
أخيرا.. ألمس زيادة هائلة خلال الحوار في مساحة التفاؤل بالعهد الجديد..
أتفق معك أن حوار اليوم هو حديث من أجل مستقبل مشرق لمصر وأهلها الكرام. منذ قيام ثورة25 يناير2011 حتي اليوم نري خطوات الجيل الحالي واحدة تلو الأخري علي طريق السداد. إذا ما تعثرنا بين آونة وأخري لا يهم ذلك أبدا ما دام طريق الصلاح واضحا. علنا نتعلم من كل الأخطاء للوصول إلي بر الأمان وتحقيق العيش الكريم السعيد لكل مصري ومصرية ونثبت للعالم أن شعب مصر قادر علي ثبات كيانها ودوام رفعتها علي مر السنين
وأعدك إن شاء الله أن مصر سينصلح حالها خلال20 سنة.. بشرط أن نحفظ ونحترم العلم والمعرفة والتسامح0 وينعدم الجهل والخرافة..
في النهاية.. خالص دعواتي للسيدة حرمكم وتهنئتي للجميلة ياسمين وهل مازلت متفائلا وتنصحها بزيارة مصر الآن لتتأكد بنفسها أن مصر ستعود الي القمة كما يدرسونها في كتب ألحضارات بأمريكا ؟
ضحك الدكتور فاروق الباز وقال أنها الآن كبرت وتأكدت أن التاريخ أعطي مصر حقها وكذلك المدرسة الأمريكية التي جعلت درس حضارة مصر أول دروس العام الدراسي, وقالت لي ياسمين هذه الأيام أن مصر يمكن أن تعود عظيمة كما كانت, وأن هذه الثورة هي البداية, أن ما جري ويجري الآن سوف يعيد شيئا من عظمة مصر الأزلية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.