أكد فيصل بن معمر، الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات ،أهمية الحوار موضحا أن رسالة المركز هي الإسهام في تعزيز التعايش والسلام من خلال العمل كمنصة تجمع بين القيادات الدينية وصانعي السياسات لمواجهة التحديات التي تواجه المجتمعات الإنسانية المعاصرة. وقال بن معمر في حوار مع «الأهرام» ان نشر وترسيخ ثقافة الحوار هو الوسيلة الأكثر فعالية في مواجهة الخطاب الذي يستخدم الدين لتبرير العنف ضد الآخرين. فخطاب هذه الجماعات يستغل جهل بعض الأفراد بمعتقدات الطرف الآخر، ويوظفه في سبيل نشر الخوف والكراهية، لافتا إلي أنه من خلال الحوار، يتعرف أتباع الأديان علي بعضهم البعض، ويتم تعزيز المشتركات الإنسانية والتفاهم والتعاون فيما يخدم البشرية ويعزز المواطنة المشتركة بين أبناء الوطن الواحد، وكذلك يوسع دائرة الاعتدال ويسهم مساهمة فعالة في مكافحة التطرف والحد من نشاطات دعاة الكراهية والعنف. وفيما يلي : نص الحوار: ما أبرز أهداف مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في ظل الصراعات الموجودة في منطقة الشرق الأوسط؟ والقضايا التي يهتم بها كأحد أهم ملامح مشروع التطوير والتحديث؟ تم تأسيس مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات كمنظمة دولية فريدة من نوعها، حيث إنها تجمع بين القيادات الدينية وصانعي السياسات بهدف نشر قيم الحوار والتعايش وتعزيز التسامح، والسعي إلي تحقيق الأمن والسلام والاستقرار بين أتباع الأديان والثقافات.ويعد المركز وبرامجه خطوة أساسية في العلاقات المبنية علي الحوار والتفاهم والتعايش بين مختلف الحضارات والثقافات البشرية. والمركز هو إحدي المبادرات العالمية التي تبنتها المملكة العربية السعودية بمشاركة كل من النمسا ومملكة اسبانيا والفاتيكان كعضو مراقب لتعزيز التعايش والاحترام بين الشعوب والأمم، في إطار جهوده لإرساء وترسيخ ثقافة الحوار والعيش المشترك. ويعد الهدف الرئيسي للمركز هو تعزيز التعايش والحوار واحترام الآخر وترسيخ الوسطية والاعتدال. كما أن مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات يعتبر المنظمة الدولية الوحيدة التي يتم ادارتها من قبل مجلس إدارة يتكون من 9 قيادات دينية من المسلمين والمسيحيين واليهود والبوذيين والهندوس. ويعمل المركز من خلال برامجه في أوروبا وأمريكا بالإضافة إلي أربع مناطق يتم تركيز بعض النشاطات فيها وهي أفريقيا الوسطي ونيجيريا وميانمار والشرق الأوسط، وبالأخص العراق وسوريا. وعلي سبيل المثال بعض برامج المركز تضم برنامج وسائل التواصل الاجتماعي كمساحة للحوار، وبرنامج شبكة المعاهد والمؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية في العالم العربي. كما أنه من جدير الذكر أن للمركز حضورا علي أرض الواقع في كل من مناطق التركيز الأربعة. ومن أبرز شراكات المركز لتحقيق أهدافه في الشرق الأوسط شراكته مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي ، وقد تم التركيز علي بناء برامج حوارية مشتركة بين المسلمين والمسيحيين وغيرهم من أتباع الأديان في العراق وسوريا ولبنان ومصر والأردن . إلى أى مدي أسهمت المؤتمرات والفاعليات التي عقدها المركز في ترجمة هذه الاهداف على أرض الواقع؟ إن أهداف المركز الاستراتيجية ترتكز علي إخراج الحوارات من إطارها النظري إلي إطار أكثر ملامسة للواقع وقضاياه وإشكالياته حول المواطنة المشتركة. فالمركزيحمل رسالة عالمية حظيت بتقدير من صانعي السياسات حول العالم والعلماء والمفكرين من جميع الأديان والمذاهب. علماً أن المركز قد نظم، أو تعاون في تنظيم، أكثر من 70 فعالية حول العالم، وهذا يشمل المؤتمرات الدولية والمحلية، وحلقات النقاش، والدورات التدريبية في مجال الحوار والتعايش في 25 دولة حول العالم، حيث شارك في تلك الفعاليات أكثر من 50 شخصية قيادية دينية، وأكثر 2700 متدرب في مجال الحوار بين أتباع الأديان والثقافات. وعلي سبيل المثال، عقد المركز مؤتمرا وورش عمل متعددة حول مناهضة العنف باسم الدين ، وكان ذلك المؤتمر الأول من نوعه حيث انه جمع بين عدد كبير من القيادات الدينية المتنوعة الذين اتحدوا وأدانوا بصوت واحد العنف باسم الدين، أي دين كان. حيث إنهم اتفقوا علي أنه لا يوجد أي دين يدعو إلي العنف، وأنه لا بد من أن يكون الدين دافعا للسلام والمواطنة المشتركة، كون الأديان مهما تنوعت، فرسائلها تدعو للسلام والتعايش والمحبة والحوار. ومن خلال ذلك اللقاء تم تكوين عدة برامج وعقد عدة مؤتمرات مصغرة من نفس النوع، مثل برنامج وسائل التواصل الاجتماعي كمساحة للحوار، ومؤتمر أثينا، وملتقي أتباع الأديان في روما العام الماضي. كيف عمل المركز علي مواجهة تأجيج الصراع بين الحضارات تحت غطاء الكراهية للدين وأتباعه،وربط الإرهاب والتطرف بالدين؟ إن العنف والإرهاب المرتكب باسم الدين لا يمت بأي صلة لأي دين، وخصوصاً ما يدعيه تنظيم «داعش»الإرهابي،وغيره من الجماعات المتطرفة من ارتباطها بالدين.فالجماعات الإرهابية استخدمت الدين زورا وبهتانا لتبرير أفعالها وأعمالها الإجرامية. إن من أهم سمات الفكر المتطرف، وما يترتب عليه من ممارسات إرهابية، هو ميل منظريه ورموزه إلي استغلال النصوص الدينية في غير موضعها لترويج أطروحاتهم المتطرفة، وذلك من خلال تشويه قضايا دينية، وسياسية بالغة التعقيد، ومن خلال هذا التشويه تمكن دعاة الفكر المتطرف من حشد الأتباع، خصوصا من بين الشرائح الاجتماعية الأقل حظا من التعليم والثقافة. وإنه من الأهمية توظيف التعاليم الدينية من أجل تشجيع التعايش والتفاهم المتبادل، بحيث يؤدي ذلك إلي نجاح الحوار في تدعيم الجهود الدولية لمواجهة التطرف. ومن خلال عمل المركز بالشراكة مع بعض برامج الأممالمتحدة وغيرها من المنظمات الدولية، نسعي لإنشاء منصة عالمية تجمع القيادات الدينية علي طاولة الحوار لتمكينهم من مكافحة خطاب الكراهية، وخاصة ذلك الذي يستخدم الدين لتبرير العنف. التوعية مهمة حيث إن القيادات الدينية المسئولة لا يجب أن تصمت عن مواجهة من يحاولون استغلال الدين لتبرير الكراهية والعنف والإرهاب. من خلال الحوار، ويجب تمكين القيادات الدينية من تفعيل السلام في مجتمعاتها، حيث انه عند الوصول إلي مرحلة التفاهم يصبح الإنسان أقل عرضة للانحراف وراء خطاب الكراهية والعنف. وإن الحوار هو الطريقة المثلى للفهم والتعرف علي الآخر. كيف يمكن نشر ثقافة الحوار وترسيخها بين أطياف المجتمع من وجهة نظركم؟ وإلي أي مدي يسهم الشباب والفتيات في الحوار؟ وهل هناك حواجز للتواصل؟ ثمة أهمية بالغة للحوارونتائجه ، ومن الضروري الإسراع في تطبيقه علي أرض الواقع. فنحن نؤمن جميعا بأهمية تنوعنا الديني والثقافي والحضاري في مجتمعاتنا العربية، وان هذا التنوع له جذور عظيمة في حضارتنا، وهذا التنوع إذا لم يتم المحافظة عليه وصيانته فإننا جميعاً معرضون للخطر.ولقد لاحظنا في السنوات القليلة الماضية ارتفاع وتيرة استخدام الأفراد لوسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن آرائهم حول مختلف الظواهر والقضايا الإنسانية. وفي حين أن شبكات التواصل الاجتماعي قد عززت من قدرات الأفراد علي التعارف والتواصل، إلا أنها، وبكل أسف، أصبحت في بعض الأحيان أدوات لنشر الكراهية بين أتباع الأديان والثقافات. ومن هذا المنطلق بادر المركز بتأسيس برنامج تدريبي لتعزيز قدرات القيادات الدينية الشابة علي استخدام شبكات التواصل الاجتماعي لتعزيز قيم الحوار والتعايش، ومواجهة خطاب التطرف والكراهية. كما أن المركز يعمل منذ بضع سنوات علي برنامج الزمالة الدولية.وهو برنامج يجمع بين مجموعات من القيادات الدينية والناشطين الإجتماعيين من 25 دولة حول العالم في برنامج مدته عام يجمع بين التدريب على مهارات الحوار،والتواصل فيما بينهم، وتبادل الخبرات المتنوعة، وتشجيعهم علي التعرف علي الآخر، والتعاون مع بعضهم بعضا في تكوين فعاليات تعليمية في مجال الحوار للتطبيق علي أرض الواقع في مجتمعاتهم. ما آلية المركز في تحقيق الوسطية ومنهج الاعتدال في المجتمع وتعزيز ثقافة الحوار ؟ دور المركز هو تعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات لبناء الاحترام والتعايش المتبادل بين أتباع الأديان والثقافات، والحفاظ علي التنوع الديني، والحفاظ علي التعايش، والحريات الأساسية، والسلام واحترام المقدسات والرموز الدينية. هذا الهدف يعتبر في غاية الأهمية في زمننا الراهن الذي تتزايد فيه أعمال العنف والصراع. وكما ذكرت آنفاً، فإن آلية عمل المركز تقوم علي أساس الجمع بين القيادات الدينية وصُنّاع السياسات. ولدي المركز مجلس إدارة يتكون من قيادات دينية تمثل أكبر الأديان انتشاراً في العالم. ولدي هذه القيادات خبرة واسعة في مجال تفعيل دور الحوار بيت أتباع الأديان والثقافات في مواجهة دعوات التطرف والكراهية بإسم الدين. ومن خلال هذه القيادات الدينية، وغيرهم من القيادات الدينية التي تربطها علاقات قوية مع المركز، يمكن نقل تلك الخبرات إلي الناشطين في مجال الحوار لتعزيز قيم الوسطية والاعتدال في مجتمعاتهم. كما لدي المركز برامج تعليمية حول مهارات الحوار والتعايش، وبرامج الزمالة، والندوات التي يعقدها المركز حول العالم بالتعاون مع المنظمات الدولية مثل الأممالمتحدة، جميعها تصب في تكريس قيم الوسطية والاعتدال في المجتمعات الإنسانية. ماهو دور المركز في ظل الصراعات ومحاولة تفتيت منطقة الشرق الأوسط والحوار مع الآخر؟ الإرهاب والتطرف والعنف، وخصوصا ما يرتكب منه باسم الدين وباسم استغلال الدين لأغراض سياسية أو تطرف إيدلوجي، يتزايد بكل أسف في مناطق كثيرة من العالم عبر فوضي تستغلها الجماعات المتطرفة تحت شعارات دينية وسياسية لتقويض المجتمعات العربية، والقضاء علي التنوع والتعايش في هذه المجتمعات .ونحن نعلم جميعا أن عصابات الإجرام لم تستثن أحداً وركزت علي بعض المجموعات الدينية والعرقية الذين يشكلون مكونات أساسية لمجتمعاتنا الدينية والثقافية منذ آلاف السنين، حيث تجري محاولات من قبل الإرهابيين والمتطرفين لإحداث فوضي وهذا الأمر يجب الحذر منه ومعالجته بحكمة لأن التطرف والإرهاب لا دين له ولا ثقافة وأصبح يشكل ظاهرة عالمية. وكما ذكرت سابقا، فإن نشر ثقافة الحوار هي الوسيلة الأكثر فعالية في مواجهة الخطاب الذي يستخدم الدين لتبرير العنف ضد الآخرين. فخطاب هذه الجماعات يستغل جهل بعض الأفراد بمعتقدات الطرف الآخر، ويوظفه في سبيل نشر الخوف والكراهية. ومن خلال الحوار، يتعرف اتباع الأديان علي بعضهم البعض، ويتم سحب البساط من دعاة الكراهية والعنف. بشكل مختصر، إن الإرهاب يولد الخوف من الآخر، والخوف يولد الجهل بينما الحوار يؤدي إلي تجاوز الحواجز النفسية ويقضي علي الجهل، وبالتالي يقضي علي الخوف، ويمكن للشعوب التعارف والتفاهم من خلال الحوار للحد من الصراعات والعنف والإرهاب.