سورة الفيل من السور المكية وآياتها خمس، وهذه السورة رغم قصرها إلا أنها مليئة بالدروس والعبر وهي وغيرها من السور التي فيها المواعظ الكثير. وتهدف إلى التذكير وتدعو إلى اخذ الدروس ممن سبقوا من الأقوام والأمم وحتى الأفراد الذين طغوا وبغوا وعاثوا في الأرض فسادا واعتقدوا مخطئين أن ما بين أيديهم من مال وعتاد وجاه وما بهم من قوة وما حولهم من عدد سيكون مانعا لعذاب الله وشديد عقابه.... يقول الله تعالى: “الم تر كيف فعل ربك باصحاب الفيل الم يجعل كيدهم في تضليل وارسل عليهم طيرا ابابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف ماكول”.صدق الله العظيم وهذه السورة فيها تذكير بمنة الله تبارك وتعالى على قريش حيث صرف الله عنهم أصحاب الفيل الذين تحركوا بقيادة أبرهة في زحف نحو مكة بقصد هدم الكعبة فكان مصير أصحاب الفيل ومصير قائدهم أبرهة الأشرم هو الهلاك والدمار. أبرهة إسمه أبرهة الأشرم ، كان تابع للنجاشي هو وقائد الجيش اسمه أرياط ، تنازعوا على الزعامة ، ولذا قام أرياط بضرب أبرهة فشرم له شفتيه فسمي أبرهة الأشرم ....وقام العسكر الموالين لة بضرب أرياط فقتلوة فبقي أبرهة كملك لليمن واسترضي ملك الحبشة لأنه قاتل عنه ببلاد اليمن ...وبنى مكانا بصنعاء ليصرف العرب عن الكعبة في مكةالمكرمة الذين كانوا يقصدونها ويطوفون حولها فلذلك جهز جيشا من ستين ألف ومعهم الفيلة وتوجه إلى مكةالمكرمة. . فلقد ظن أبرهة ان ببناءة لمكان منمق ومزخرف بصنعاء سيستطيع أن يصرف الناس عن الحج إلى بيت الله الحرام او الكعبة المشرفة.. أول بيت وضع للناس والتي أقام أركانها نبيان عظيمان عليهما الصلاة والسلام هما إبراهيم وابنه إسماعيل أن هدم الكعبة وتحويل الحج إلى المكان الذي بناة في مستطاعه. سار أبرهة من اليمن بجيشه الجرار وبأفيال ظنا منة أنها لا تغلب ولا تقهر، لم يمروا بقوم إلا ارهبوهم وغلبوهم وهزموهم. إلى أن وصل بالقرب من مكة ..وهناك نزل أبرهة وأغار جيشه على إبل أهل مكة..... وبعث أبرهة حناطة الحميري إلى مكة وأمره أن يأتيه بأشرف قريش وان يعلمه بان أبرهة لم يأت إلى مكة ليقاتل إلا إذا صده أهلها عن البيت الحرام ...فرد عبد المطلب جد الرسول علية افضل الصلاة والسلام علي رسول ابرهه وقال لة: "والله ما نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة...هذا بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم فوالله ما عندنا دفع عنه".... فقال له حناطة فاذهب معي إليه..فلما رآه أبرهة أجله ونزل عن سريره وجلس معه على البساط وقال لترجمانه اسألة عن حاجتة ..... فرد عبد المطلب: حاجتي هي ان يرد لي الملك الأبل...... فقال أبرهة : أعجبتني حين رأيتك ثم قد زهدت فيك حين كلمتني.. أتكلمني في إبل أصبتها لك؟ وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك وانا قد جئت لهدمه ؟ فقال له عبد المطلب: أنا رب الإبل وإن للبيت رب يحمية". وعاد عبد المطلب إلى مكة فأخذ بحلقة باب الكعبة وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرون على أبرهة وجنده... ثم خرجوا إلى رؤوس الجبال.....فلما تهيأ أبرهة لدخول مكة وهيأ جيشه... بركت الأفيال... ضربوها فأبت ورفضت ان تستجيب...فوجهوهم الي اليمين فقاموا مهرولين في اتجاة الشام وأرسل الله عزوجل عليهم طيرا ابابيل أي طيور تأتي في جماعات .. مع كل طائر ثلاثة أحجار من الطين المتحجر يحملها: حجر في منقاره وحجران في رجليه لا يصيب منهم أحدا إلا هلك ....فولوا هاربين يبتدرون الطريق ويسالون عن طريق العودة وعرب الحجاز ينظرون عما انزل الله بأصحاب الفيل من نقمة...ولم يسمعوا سوي صراخ وعويل وعبارة : "أين المفر والإله الطالب. والأشرم المغلوب و ليس الغالب" وكل هذا بعد ان اصبحوا كالعصف المأكول أي الزرع او التبن الذي تعصف بة الرياح بسهولة لقد جعل الله عزوجل مكرهم وسعيهم في هدم الكعبة في تضليل أي لم ينالوا مرادهم .... تلك قصة أبرهة وأصحابه أصحاب الفيل الذين جعل الله كيدهم في تضليل وبواروخسارة... وكيف لا وحرب الله إذا أعلنها على عدوه لا تبقى منة شيء .. فذلك هو عقاب الله وذلك هو عذابه الذي تسلط على من بغى وطغى وتجبر... وفي هذه القصة –كما بينت السورة الكريمة- عبرة عظيمة حيث وقعت بمكة في عام مولده صلى الله عليه وسلم و تدل على عظمة قدرة الله تعالى وانتقامه من الجبارين, وتدل على مكانة بيته المعظم وحرمته وشرفه, وعلى إنعامه تعالى على قريش بصد عدوهم عنهم وفيها تنبيه لقريش وغيرهم من المكذبين إلى شدة أخذه تعالى للباغين والظالمين وأنه سبحانه وتعالى قادر على تعذيبهم بما يشاء , وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر. فتذكر أيها الظالم: قول الله عز وجل "وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء" – ابراهيم 42-43. المزيد من مقالات رانيا حفنى