تحتل قضية الهجرة الشرعية وغير الشرعية حيزا كبيرا من الاهتمام المحلى والعالمى، وقد عادت هذه القضية الى واجهة الأحداث عقب قرارات الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب والتى تتلخص فى حظر دخول رعايا سبع دول عربية،اضافة الى ايران، الى «الجنة» الأمريكية..وقد اختلف مع الكثيرين بصدد لوم ترامب على اجراءاته ،وهى تستحق، ليس اللوم فحسب، بل والادانة الدامغة لأن التعميم مرادف للفاشية،إذ ليس مقبولا ان يقرر الرئيس الامريكي،ان جميع ابناء هذه الدول، وهم مئات الملايين، هم إرهابيون. ولكن لا بد من طرح السؤال المحورى لماذا يهاجر رعايا هذه الدول من بلادهم ،لو لم تكن الحياة مستحيلة فيها؟..أى أن الأجدر باللوم هى أنظمة الحكم التى أحالت حياة الناس الى كابوس مقيم وكذلك، بلا أدنى شك،الولاياتالمتحدةالامريكية التى اكملت الخطة البريطانية بإحالة الوطن العربى الى منطقة تعيش فوق سطح من الصفيح الساخن الذى لا تهدأ سخونته،بل كثيرا ما تصل الى درجة الاشتعال التى لا تبقى ولا تذر، وهى التى أنشأت إسرائيل، كدولة طائفية فى قلب المنطقة العربية ،كما ان بريطانيا هى المؤسس لجماعة الإخوان المسلمين.. استخدمت امريكا الدين الاسلامى لتنفيذ مخططاتها المتعددة الجوانب ومنها على سبيل المثال لا الحصر، استغلال المسلمين،أنظمة وبشرا وأموالا،فى حربها ضد الاتحاد السوفييتى السابق فى افغانستان ،حتى انهار وانفردت هى بالسيطرة على العالم .. وكان الرئيس الأمريكى الأسبق رونالد ريجان يصف المقاتلين العرب والمسلمين فى حرب افغانستان «بالمجاهدين» وفور انهيار الاتحاد السوفيينى سارع بنعتهم «بالإرهابيين!». لا بد من الاعتراف باننا وقعنا فريسة الشعارات البراقة الكاذبة والمدمرة عبر تجار الدين ومموليهم ،حيث زرعوا بذور الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية ،وجعلونا نستيقظ ذات يوم على كابوس داعش فى اكثر من قطر عربي..ومن الطبيعى ان يعرف الطفل الصغير ان من يمد داعش ومثيلاتها من تنظيمات الاسلام السياسي، هى القوى التى تصنع السلاح وليس اصحاب الذقون الذين يبشروننا بالدولة الاسلامية وهم يمسكون بالمدافع او يركبون الدبابات والعربات الغربية الصنع..وكنت قد كتبت مقالا منذ سنوات بعنوان «تكبيير» حذرت فيه من أن تراكم المشاهد لممارسات «الإسلاميين» الوحشية،مثل من يأكل كبد الجندى السوري، وهو يردد هتاف «الله اكبر» وكذلك ذبح أسرى داعش مع الصراخ بشعار الله اكبر، يمهد الرأى العام العالمى لتنفس الصعداء ،عندما تبيدنا جهة ما وهو «يُكبر»!!. وفى الايام الأخيرة واكب قرار ترامب بمنع هجرة الدول المذكورة، حادث محاولة الاعتداء على متحف اللوفر بالعاصمة الفرنسية باريس، وقد استوقفنى الحادث من اكثر من زاوية ،فهو أولا يصب فى قناة ترامب باعتبار العرب المسلمين إرهابيين بامتياز، معادين للحضارات الانسانية بادعاء انها محرمة وإمعانا فى تأكيد ذلك ،هتاف الله أكبر والشاب المعتدى يصيب احد جنود حراسة المتحف..والأمر الثاني، شديد الاهمية فى رأيي، هو ان المعتدي، مصرى الجنسية، وكأنه «عتاب» على ترامب لعدم ادراجه مصر بين الدول التى شملها الحظر الأمريكي..وانا من الجيل المؤمن بأن ،من لسعته الشوربة، ينفخ فى الزبادي، ومن ثم يصعب على استبعاد المؤامرة، بينما لا توجد فى الوطن العربى تقريبا، دولة لا يتقاتل ابناؤها ولا تؤجج أنظمتها نيران الحروب المذهبية، وكأننا استيقظنا فجأة على أن الخلاف بين سيدنا على ومعاوية كان بالامس القريب، واندلعت الحرب الشعواء بين أنصار على وأنصار معاوية،اى بين السنة والشيعة! لقد بات العربى او المسلم بين نارين ،نار الحياة فى وطنه ..الطارد..ونار الرفض العالمى له،بل والادهى ،ان امتداد الارهاب الى اوروبا ادى الى الارتياب فى كل مسلم او عربى ،ومحاولة فصلهم من اعمالهم..وكأن «الدولة الإسلامية» هى الجحيم وليس الجنة الموعودة ،مع تواطؤ مريب ومفزع من صمت المؤسسات الدينية على جرائم هؤلاء وجرائم مموليهم وحماتهم. لمزيد من مقالات فريدة الشوباشى;