على مدار 3 أيام.. بدء فعاليات الدورة الافتتاحية المؤهلة للترشح على مقعد عميد كلية بالمنيا    جامعة الإسكندرية: خطة شاملة للتحول الرقمي.. ومراجعة عاجلة لصيانة المباني قبل الصيف    جامعة مصر للمعلوماتية: 15 يوليو آخر موعد للتقديم في منحة ريم بهجت    البنك المركزي: تعطيل العمل بالبنوك الخميس 3 يوليو بمناسبة ذكرى ثورة 30 يونيو    «مدبولي» يناقش مع اللجنة الاستشارية للاقتصاد الكلي مقترحات التعامل مع الأحداث الإقليمية    إزالة 108 حالات تعدٍّ ضمن المرحلة الثانية من الموجة ال 26 في أسوان    وزارة النقل: جار تنفيذ 17 محورا مروريا على نهر النيل    بسباق الصناعة النظيفة.. الحزام الصناعي الجديد بالأسواق الناشئة يتجه لتجاوز أكبر اقتصادات العالم    الحكومة الإيرانية: لا خطر على سكان المناطق المجاورة للمواقع النووية    خبير استراتيجي: إيران لن تجلس على مائدة المفاوضات وهي مهزومة    ثلاثي إنتر ميلان يقترب من العودة أمام ريفر بليت بمونديال الأندية    «مبقاش تحليل.. ده خناقة».. الغندور ينتقد سيد عبدالحفيظ وميدو بسبب لاعبي الأهلي    رياضة القليوبية تناقش ضوابط انعقاد الجمعيات العمومية بمراكز الشباب    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية بالقليوبية    «ميدان ملك القلوب».. وزير الصحة يشهد حفل الإعلان عن تدشين تمثال السير مجدي يعقوب    5 أبراج تحب الليل والهدوء.. هل أنت منهم؟    مدير مركز جنيف للدراسات السياسية: واشنطن وتل أبيب نسفتا الدبلوماسية.. فيديو    غدا.. افتتاح قصري ثقافة نخل وقاطية بشمال سيناء    الأزهر للفتوى: الغش في الامتحانات سلوك محرم يهدر الحقوق ويهدم تكافؤ الفرص    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كأنك تقول ان هناك طريق "غير جاد"    لتجنب الدوخة والإرهاق.. 8 مشروبات طبيعية تقيك من الجفاف في الصيف    بروتوكول تعاون بين جامعة أسوان ومؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب    دراسة صادمة: أضرار غير متوقعة للقهوة سريعة التحضير على العين    جوارديولا يكشف عن وجهته المستقبلية    "اشتروا هدوم وكوتشيات".. رسالة قوية من شوبير على خروج لاعبي الأهلي من المعسكر    مشوار استثنائي حافل بالإنجازات .. ليفربول يحتفي بمرور 8 سنوات على انضمام محمد صلاح وبدء رحلته الأسطورية    طلب إحاطة بشأن تأخر إضافة المواليد ومستحقى تكافل وكرامة وأصحاب كارت الخدمات المتكاملة لبطاقات التموين    "انفجار أنبوبة غاز السبب".. النيابة تحقق في حريق سوق فيصل    حيازة مخدرات تقود عاملا للمؤبد وتغريمه 100 ألف جنيه بالقليوبية    الأرصاد الجوية : الطقس غدا شديدة الحرارة وارتفاع بالرطوبة والعظمى بالقاهرة 35 درجة    ضبط عناصر إجرامية وتجار مخدرات وأسلحة ومصرع عنصر خطير بأسوان    ضبط المتهمين بتسلق طائرة هيكلية في الشرقية    أيمن الجميل: تدشين منطقة جرجوب الاقتصادية الخاصة نقطة مضيئة للاستقرار والتعاون بين أفريقيا وأوروبا رغم الصراعات والحروب فى المنطقة    تحت قبة الشيوخ.. النواب يطالبون بآلية لترخيص مزاولة مهنة المعلم    رئيس "الشيوخ" يحيل تقارير اللجان النوعية إلى الحكومة -تفاصيل    وزير الخارجية التركي يلتقي نظيره الإيراني في إسطنبول    بحضور نائب رئيس الوزراء ووزير الثقافة.. محافظ الجيزة يشارك في فعاليات إقامة تمثال يخلّد مسيرة الدكتور مجدي يعقوب    أحمد عزمي يكشف مصير فيلم «المنبر»| خاص    إيرادات السبت.. "ريستارت" الثاني و"في عز الضهر" بالمركز الثالث    "حماة الوطن": اختيار المعلمين المؤهلين ضرورة لبناء جيل قادر على تطوير مصر    بدء أعمال جلسة الشيوخ لمناقشة ملفات التنمر والتحرش في المدارس    محمد علي مهاجمًا محمد حسان بسبب إقامته عزاء لوالدته: تراجع عما أفتيت به الناس في الماضي    الرئيس السيسى يجتمع مع رئيس الوزراء ووزير المالية.. فيديو    "عليك نسيان كرة القدم".. كازورلا من خطر بتر القدم إلى قيادة أوفييدو للدوري الإسباني    تفاصيل اجتماع وزير الرياضة مع الأمين العام للاتحاد الافريقي    هيئة الرعاية الصحية تطلق برنامج "عيشها بصحة" لتعزيز الوقاية ونمط الحياة الصحي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    طريقة عمل الثومية السوري، ألذ وأسرع سلطة مع المشاوي والسندوتشات    مصرع شخص وإصابة آخر إثر سقوط حائط عليهما داخل فيلا بالتجمع الأول    خامنئي يبدأ مسار تسليم الراية.. كيف تختار إيران مرشدها الأعلى؟    زينة تُفاجئ جمهورها بدور مذيعة في فيلم "الشيطان شاطر"    "حياة كريمة" تقترب من إنجاز مرحلتها الأولى بتكلفة 350 مليار جنيه.. أكثر من 500 قرية تم تطويرها و18 مليون مستفيد    زلزال بقوة 5.2 درجة قرب جزر توكارا جنوب غربي اليابان    وزير الخارجية الإيراني: الهجوم الأمريكي على إيران انتهاك مشين لمباديء لميثاق الأمم المتحدة    كورتوا: لا نلتفت للانتقادات وعلينا الفوز على باتشوكا لانتزاع الصدارة    غسلو 90 مليون جنيه.. سقوط شبكة خطيرة حاولت تغطية جرائمها بأنشطة وهمية    الحرس الثوري الإيراني: القدرات الأساسية للقوات المسلحة لم يتم تفعيلها بعد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 22-6-2025 في محافظة قنا    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترامب وموقعة "السفارة"
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 02 - 2017

تخيم مشاعر القلق والريبة على حلفاء واشنطن، وخصومها - على حد سواء - مع تولي الرئيس الخامس والأربعين قيادة الولايات المتحدة رسميا في العشرين من يناير الماضي، لأن الرئيس المنتخب دونالد ترامب (70 عاما)، لم يكن المرشح المفضل لدى الكثيرين، لغموض سياسته الخارجية، فهو ليس ملتزما بأيديولوجية معينة، كما أنه لم يخرج من أوساط حزبية أوسياسية تحدد نهجه السياسي، على عكس منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، التي يعرفها العالم جيدا ما يسهل توقع سياساتها الداخلية والخارجية، التي كانت ستتبعها إدارتها في حال فوزها بإنتخابات الثامن من نوفمبر 2016 الماضي.
وتتزايد هواجس الحلفاء من الإدارة الأمريكية الجديدة، بسبب إعلان ترامب، خلال حملته الانتخابية عن نيته حال وصوله إلى البيت الأبيض تبني سياسات من شأنها تقويض الأسس السياسية والأمنية والاقتصادية للنظام الدولي الذي شكلته الولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، بتنصله من مبدأ "التضامن" لحماية الحلفاء في حال تعرض أحدهم للاعتداء.
وفي المقابل طالبهم، لاسيما المملكة العربية السعودية وكوريا الجنوبية واليابان، بالسعي لامتلاك سلاح نووي للدفاع عن أنفسهم في ظل غياب الالتزام الأمريكي بأمنهم، طالما لا يدفعون مقابل الحماية، والتقليل من أهمية حلف شمال الأطلنطي (الناتو)، ودوره في حفظ الأمن والاستقرار الدوليين. هذا فضلا عن سياساته الاقتصادية التي أعلن عنها، وخاصة مطالبته بإلغاء الاتفاقيات التجارية الدولية، وتبني سياسات حمائية من شأنها تهديد حرية التجارة والليبرالية الاقتصادية للنظام الدولي الحالي.
لا يخفى علي أحد اليوم حال مدينة القدس العربية، وما تتعرض له من سياسات وإجراءات احتلالية تهويدية، عبر التعدي على معالمها العربية والاسلامية والمسيحية، ومحاولة تهجير أهلها من الفلسطينيين بالتضييق عليهم، لا سيما سحب هوياتهم ومنعهم من الإقامة فيها، ومنعهم من البناء، وإعادة ترميم المنازل ودور العبادة، ورفض إصدار التراخيص للمؤسسات التعليمية والطبية والخدمية، فيما تستمر سياسات الإحتلال الرامية إلى تغيير الهوية العربية للمدينة المقدسة.
في ذات السياق، وبالتوازي مع تلك السياسات والانتهاكات، فإن حكومة الاحتلال بقيادة بنيامين نتانياهو، تسعى اليوم للضغط على الإدارة الأمريكية الجديدة، لاستصدار قرار رئاسي لنقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس. ومن ثم فإن نجاح إسرائيل في استصدار ذلك القرار يمثل تهديدا خطيرا على مستقبل القضية الفلسطينية، لأنها تعني اصطفافا أمريكيا صريحا - بما تمثله من قوة فاعلة في السياسية الدولية - لصالح ضم الاحتلال لمدينة القدس، كما تعني رفضا لمفاعيل القرارات الدولية ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار الدولي "242".
مع اعلان الاحتلال الإسرائيلي، عن إنشاء دولته على أرض فلسطين عام 1948، واغتصابه لأجزاء كبيرة من القدس (84,1 % من مساحتها آنذاك)، دخلت هذه المدينة مرحلة جديدة من الصراع الديني والسياسي على حد سواء بين الفلسطينيين والعرب من جهة، وإسرائيل وحلفائها من جهة أخرى. فيما شكلت حرب يونيو1967، نقطة تحول كبرى في هذا الصراع، فبعد استيلاء الاحتلال على الشطر الشرقي من مدينة القدس، برزت المطالبات الإسرائيلية، بالإعلان عن القدس "عاصمة موحدة وأبدية لدولة إسرائيل"، وهو ما أقره برلمان الاحتلال ال "كنيست" عام 1980، في خطوة لا يعترف بها المجتمع الدولي ولا منظمة الأمم المتحدة.
يعتبر النزاع القائم حول وضع القدس، مسألة محورية في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، إذ يعتبرها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم، كما ورد في وثيقة "إعلان الاستقلال" (صادرة في الجزائر15 نوفمبر 1988)، كما تنادي السلطة الفلسطينية، بالإعلان عن شرقي القدس المحتلة عاصمة للدولة الفلسطينية، في الوقت الذي يعتبرها الاحتلال، عاصمته الموحدة ويتعامل معها على هذا الأساس. وتعترف الأمم المتحدة، بالشطر الشرقي من القدس، كأرض محتلة تخضع لبنود معاهدة جنيف الرابعة، وترفض بذلك الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية عليه، كما هو الحال بالنسبة لواشنطن، التي ترفض رسميا، شأنها شأن باقي دول العالم، الاعتراف بالضم الإسرائيلي لشرقي القدس منذ عام 1967.
منذ أواخر ستينات القرن الماضي، اتسمت المواقف الأمريكية، إزاء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، بتقديم دعم كبير يضمن تفوق دولة الاحتلال، وتميزها في منطقة الشرق الأوسط، وذلك بغض النظر عن هوية الرئيس الذي يدير البيت الأبيض.
وبعد فوز دونالد ترامب، في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، برزت مخاوف عديدة في الأوساط الفلسطينية، لا سيما إزاء وعود الرئيس الأمريكي الجديد، بإحداث تغييرات عميقة على سياسة بلاده، فيما يتعلق ب ملف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وذلك في أعقاب تصريحاته المتكررة حول عزمه نقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل، من مقرها الحالي في مدينة تل أبيب (وسط فلسطين المحتلة عام 1948) إلى مدينة القدس.
تصريحاته بشأن نقل السفارة، بدأت في غمرة حملته الانتخابية، وتحديدا في مارس 2016، حيث تعهد ترامب، في خطاب أمام "إيباك" وهي من أقوى جمعيات الضغط اليهودية على أعضاء الكونجرس الأمريكي، بنقل سفارة واشنطن إلى ما أسماها "عاصمة إسرائيل التاريخية"، وهو المطلب الذي ينادي به الكثير من المسئولين الإسرائيليين الذين بدأوا يطالبون ترامب، بتغيير الوضع القائم في مدينة القدس.
أثار وعد ترامب، بهجة عارمة لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلية، التي اعتبرت أن تنفيذه سيعد صفعة قوية ليس للفلسطينيين فقط، بل لليسار الإسرائيلي، الذي يرفض الاعتراف بالقدس كعاصمة موحدة للدولة العبرية. ودفعت تصريحات ترامب، المتكررة حول نقل السفارة برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، لوصف هذا التحول ب"العظيم"، أما بلدية القدس الاحتلالية فاختارت كلمة "مذهل". فيما، حظي الوعد الأمريكي، برفض فلسطيني على كافة المستويات الرسمية والشعبية والفصائلية، والتي رأت فيه محاولة لإشعال المنطقة، وخرقا للقرارات والمواثيق الدولية، التي تعتبر شرقي القدس، أرضا محتلة وترفض قرارات ضمه لإسرائيل.
وتكمن خطورة هذا الأمر في أنه يعد بمثابة اعتراف نهائي بالقدس عاصمة للدولة العبرية، وهو ما من شأنه القضاء على عملية السلام، وترك آثار مدمرة على أمن المنطقة واستقرارها، بحسب ما يراه المستوى الفلسطيني الرسمي. وقد سبق للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير (الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني)، أن أعربتا مرارا وتكرارا، عن رفضهما نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، حيث أن هذه الخطوة "ستقضي على أي أمل في التوصل إلى اتفاق سلام لحل الصراع"، بحسب تقديرهما. فضلا عن تأكيد السلطة الفلسطينية، على عزمها تكثيف جهودها على الصعيد الدبلوماسي، بالتوازي مع الحراك الشعبي على الأرض، للضغط على الإدارة الأمريكية الجديدة وحملها على التراجع عن قرارها.
يبدو أن مسعى ترامب، لم يحظ بإشادة سلفه باراك أوباما، الذي اعتبر أن نقل سفارة بلاده إلى القدس، قد يؤدي إلى نتائج من شأنها "تفجير" الوضع، مبديا قلقه إزاء تراجع فرص حل الدولتين للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. وقال أوباما في آخر مؤتمر صحفي له كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، "عندما يتم اتخاذ خطوات أحادية مفاجئة تتعلق ببعض القضايا الجوهرية والحساسيات المتعلقة بأي جانب، فإن ذلك قد يفجر الوضع".
تسبب المسعى الأمريكي ببروز ملامح ردود أفعال دولية غاضبة، ففي الوقت الذي وصفت فيه الخارجية الفرنسية على لسان وزيرها جان مارك إيرلوت، اقتراح نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ب "الاستفزازي"، كما حذرت أوساط عربية، من "عواقب وخيمة"، تترتب على تنفيذ ترامب لوعوده، في حين تمتنع أخرى عن التعقيب على المسألة تقليلا من شأنها، على اعتبار أن ترامب، لن يقدم على تنفيذ تهديداته، التي لم تكن سوى جزءا من خطته لكسب السباق الانتخابي، بحسب بعض التقديرات. أخيرا ماذا سيحدث في حال قيام ترامب بنقل السفارة؟ هل ستضطر المنطقة للتهيؤ لتوترات إضافية، أو حتى العنف؟!
لمزيد من مقالات ابراهيم النجار;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.