منذ صدور قرار مجلس الأمن بإدانة الاستيطان وإسرائيل تتحدى قوانين الأرض وتمارس عربدة سياسية طالت شعوب العالم أجمع وها هى دول الاتحاد الأوروبى تعلن عن رفضها لرد فعل إسرائيل على قرار مجلس الأمن ويخرج مؤتمر باريس بإدانة للإستيطان لا تقل من ما جاء بالإجماع الدولى فى مجلس الأمن، وبيان عاجل من اليابان عن رفض وإدانة الإستيلاء على الأراضى المحتلة باسم نشاط غير شرعى تتحدى فيه إسرائيل العالم أجمع، وهنا تم الإعلان عن مشروع قطار لربط تل أبيب بحائط البراق أو حائط المبكى حسب التسمية الإسرائيلية. والمشروع من ظاهره هو ربط للأماكن المقدسة بكل التجمعات اليهودية داخل إسرائيل، ولكن وصول القطار إلى البلدة القديمة هو تدمير عمدى للأحياء العربية ينذر بكارثة لا تقل وطأة عن نقل السفارة، فمن أجل المضى فى السياسة العنصرية القاضية بتهويد مدينة القدس ومقدساتها وفرض الأمر الواقع عليها، من خلال مشروع الربط، الذى سيؤدي إلي تشويه المدينة المقدسة وإحداث معالم تهويدية تطغى على عروبتها، وأن هذه المعالم والحدائق المستحدثة ما هي إلا مرافق للهيكل المزعوم، وهكذا تأخذ إسرائيل القضية صعودا وهبوطا معلنة التحدى لأى إجراء دولى فى طريق حل الدولتين. من القدس إلى تل أبيب تعود فكرة انشاء خط سكة حديد بين القدس وتل أبيب منذ احتلال الضفة الغربية عام 1967، ومع قرار مجلس الأمن والحراك الدولى وصولا إلى حل الدولتين كشفت إسرائيل عن وجهها العنصرى، وتتسابق الصحف العبرية فى شرح المشروع وخط سيره من تل أبيب مرورا بيافا إلى القدس بتكلفة تصل إلى 7 مليارات شيكل، بل كشفت صحيفة هاآرتس عن خطوات كان تجرى تحت أسوار البلدة القديمة لحفر نفق سير القطار منذ سنوات والذى سيتم تشغيله بعد عام ونصف العام وتحديدا في مارس 2018، وحسب موقع «يديعوت احرونوت» عن وزير المواصلات «يسرائيل كاتس» ومدير عام قطارات إسرائيل «بوعز تسفير» أن المشروع قائم لتشييد قطار سريع يقطع المسافة بين القدس وتل ابيب في 28 دقيقة، وأن العمل في إنشاء خط القطار دخل هذه الأيام في مراحله الأخيرة حيث انتهى العمل بحفر النفق الطويل وتم صب الأسمنت بداخله فيما يتوقع الإنتهاء من بناء الجسر الأخير بعد شهر من الآن فيما يتركز العمل حاليا على إقامة منظومة القطار نفسه. وقال وزير المواصلات «كاتس» انه لم تعد هناك عقبات مالية أو أي عقبات أخرى يمكنها عرقلة المشروع ومنع تسليمه في الفترة المحددة. ويعتبر خط القطار السريع الذي سيربط بين تل أبيب والقدس امتدادا للخط الحديدي القائم حاليا والرابط بين محطات مطار بن جوريون- تل أبيب وتم مد سكة الحديد من المطار إلى منطقة اللطرون على مدخل القدسالغربية ومن هناك تدخل الخطوط الحديدية في خمسة أنفاق بعضها أنفاق مزدوجة يبلغ طولها الإجمالي 20 كم. وبلغت وتيرة الحفر اليومي بواسطة الآلات التي تم إستيرادها من ألمانيا 22 مترا يوميا وسيسير القطار وفقا لمدير هيئة قطارات اسرائيل داخل النفق بسرعة 160 كم/س ما يعني قطع النفق والخروج منها خلال 4 دقائق. ردود فلسطينية وفى بيان صفى قالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان صحفى، إن حكومة اليمين في إسرائيل برئاسة بنيامين نيتانياهو تواصل تحديها لإرادة السلام الدولية، وتمردها على القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام، وإمعانا من الحكومة الإسرائيلية في تخريب الجهود الإقليمية والدولية الهادفة إلى إحياء عملية السلام ومفاوضات حقيقية وجادة على أساس حل الدولتين، صادق نيتانياهو ووزير حربه أفيجدور ليبرمان على بناء 2500 وحدة استيطانية جديدة في عدد من مستوطنات الضفة الغربيةالمحتلة، في ثاني قرار بتعزيز الإستيطان وتكثيفه منذ تنصيب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ثم يأتي تشييد القطار الإسرائيلى ليهدد القدس القديمة وطابعها العربى وهويتها الإسلامية المسيحية، وأن هذا القرار هو جزء من مخطط استيطاني أكبر، يهدف إلى تغيير الواقع الديمغرافي والجغرافي في الضفة الغربيةالمحتلة بما فيها القدسالشرقية من جانب واحد، ووضع المزيد من العراقيل والصعوبات أمام إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة. ورأت الوزارة أن هذا القرار «الإستعماري الإحتلالي هو خطوة اسرائيلية مقصودة لفرض وقائع جديدة على الأرض، تستبق الرعاية الأمريكية المأمولة لحل الصراع، ويأتي فيما يمكن تسميته ب المرحلة الرمادية الإنتقالية التي يعطي فيها الرئيس الأمريكي ترامب اهتماما لقضايا أخرى إن استمرار إسرائيل في تغولها الاستيطاني دون مساءلة أو محاسبة، سيؤدي الى احداث تحول دراماتيكي فيما يتعلق بحل الدولتين، ما سيفرض على الفلسطينين تبني خطوات قانونية وسياسية نوعية للدفاع عن حقهم، ويدفع نحو مواجهة ليس فقط مع اسرائيل، إنما أيضا العجز الدولي، بما فيه الصمت الأمريكي الحالي، وأكدت الوزارة أن ردود الفعل الدولية المتواضعة من استهجان وأدانات ووصف القرار بأنه «عقبة» لم تعد كافية ولا ترتق لمستوى الحدث، خاصة في ضوء قرار مجلس الأمن رقم 2334 ومضمونه، مطالبة مجلس الأمن الدولي بحماية قراراته والدفاع عنها، مشيرة إلى إنها ستطالب الأمين العام للأمم المتحدة بالتسريع بتقديم تقريره الأول حول الإستيطان الإسرائيلي وقبل انقضاء المهلة المطلوبة، وذلك في ضوء التصعيد الإسرائيلي الإستيطاني غير المسبوق، والتحدي الإسرائيلي المباشر للقرار ذاته وللإرادة الدولية التي وقفت خلفه. مسئولية الرباعية الدولية أدان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، النشاطات الإستيطانية لحكومة إسرائيل واعتبر القرار يؤكد نهج تلك الحكومة الإسرائيلية في الإستهانة بالإرادة الدولية وتحديها، وإجهاض أي مساعٍ تبذل على طريق تحقيق حل الدولتين. وقال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية محمود عفيفي أن أبو الغيط يستشعر خطورة هذا الإعلان، تحديدا لأنه قد يكرس لوضع جديد من جانب الحكومة الإسرائيلية الرافضة للسلام، وهو يأتي عقب التحدي الإسرائيلي للرؤية التي اكدها مؤتمر باريس للسلام في 15 يناير الجاري، والقائمة على عدم القبول بأي حلول سياسية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وما اكده قرار مجلس الأمن الأخير 2334 من رفض المجتمع الدولي بأكمله الاعتراف بأية تغييرات على الأرض، ما عدا تلك التي يتفق عليها الطرفان، ويعتبر الأمين العام للجامعة العربية أن حكومة الإستيطان في إسرائيل ربما استشعرت الإستقواء ضد الإرادة الدولية الواضحة مع بعض التطورات الدولية الأخيرة، محذرا من مخاطر هذا النهج وتداعياته المحتملة على فرص تحقيق السلام والإستقرار في الشرق الأوسط والعالم، مؤكدا أن الأطراف الدولية المتصدية لإعادة الحياة للعملية السياسية مثل لجنة الرباعية تقع عليها مسئولية خاصة في هذا الخصوص، وحث الإرادة الدولية على الوقوف في وجه سياسات الحكومة الإسرائيلية التي توشك بإمعانها في البناء الاستيطاني غير الشرعي، أن تغلق الطريق بالكامل وللأبد أمام أي فُرصة لتسوية سلمية للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.