فيلم «لالا لاند» للأمريكى الشاب داميان شازيل هو حديث الناس من كل الاعمار فى العالم الان. منذ تم الاعلان عن بدء تنفيذ الفيلم والكل ينتظر تحفة فنية من هذا المخرج الشاب الكبير الموهبة.حقق الفيلم نجاحا جماهيريا كبيرا حيث حصل مؤخرا على سبع جوائز جولدن جلوب وايرادات تبلغ 130 مليون دولار بأمريكا وحدها رغم ان ميزانيته 30 مليونا فقط. وحصل عن أكثر من 230 نقدا ايجابيا فى صحف ومواقع عالمية بنسبة متوسطة 8.7 من 10 حسب تقديرات موقع روتن توماتو وميتا كريتك المتخصصين. يحكى لالا لاند عن قصة حب رومانسية فى اجواء شديدة الرقة بين عازف بيانو واعد وممثلة صاعدة. سبب اختيار اسم الفيلم هكذا انه يعبر عن عالم مدينة لوس أنجلوس التى تبدأ حروف اسمها بالانجليزية بحرفى اللام والالف. ولالا لاند يعنى أيضا باللغة الدارجة عالم الاحلام والعالم الخيالى البعيد. يثبت هذا الفيلم المقولة الشهيرة التى تقول : «ليس المهم ماذا تحكي، لكن المهم كيف تحكيه». فليس هناك مضمون استثنائي فى لالا لاند ولا قضية كبرى ولا معلومات مدوية عن عالم ما، لكنه به حرفية صياغة المشاعر الانسانية البسيطة بطريقة سلسة ورائقة وعذبة. الفيلم يبدأ بمشهد افتتاحى عبقرى فى أحد جوانب الطريق السريع بمدينة لوس أنجلوس والسيارات لا تتحرك خطوة الى الامام حتى تصل الكاميرا لبطلتنا ميا ( ايما ستون) و هى تبدأ الغناء عن الحلم و فجأة يرقص ويغنى معها كل رواد السيارات العالقين، كل يغنى رقصة خاصة به من فلامنكو أو ريجى وغيرها وكأن الأحلام هى الكفيلة بتحريك كل شىء متجمد أو سخيف فى الحياة. ميا خادمة فى مقهى فى انتظار الحصول على فرصة فى عالم التمثيل، لكن يبدو أن الحظ يعاندها وترفض مرة تلو أخرى فى تجارب الأداء أمام مساعدى الاخراج المسئولين عن الحاق الممثلين بالعمل. وفى لحظة ضيق وشعور باليأس تنجذب لموسيقى قادمة من أحد البارات كأنها تشفى روحها المتعبة و تربت على مشاعرها. لتكتشف أن عازفها هو الشاب سباستيان الذى يبدو كأنه ساحر البيانو ومروض النغمات. يطرد الشاب من عمله فى هذه الليلة و يتجاهلها عندما تحاول أن تواسيه وكأنها نذير شؤم بالنسبة له. ثم وهى تخرج من فشل لاخر ، تقودها الأقدار لمقابلة سباستيان فى حفل اخر من حفلات لوس أنجلوس الصباحية الصاخبة، ويعتذر لها عن الموقف السابق ويصطحبها لتمشية طويلة وبعدها لنادى لموسيقى الجاز، ويشرح كل منهما للآخر حبه للفن ويبدو كأن الفن هو الرباط السحرى الذى مزج كيمياء الهوى بينهما. تجد ميا نفسها تنفصل عن شاب اخر معجب بها والذى تواعده وتندمج مع سباستيان أكثر حتى أنها تترك هذا الشاب اثناء حفل عشاء وتذهب للحاق بعازف البيانو ليشاهدا فيلما معا. ويختما ليلتهما برقصة جميلة وهما يطلان على لوس أنجلوس مدينة الأحلام. ينضم سباستيان لفرقة جاز متجولة لكنه يضجر لأن ذلك ليس حلمه، فهدفه هو افتتاح علبة موسيقى خاصة به يعزف فيها ما يحب.ثم نشهد سلسلة من الخلافات والاقتراب والابتعاد بين العاشقين تتخللها أداؤهما للأغانى والرقصات فى أماكن ساحرة بالمدينة. ميا تقوم بتمثيل مسرحية مونودراما لكن سباستيان لا يحضر العرض فتهجره وتعود لمنزل أمها. فيصالحها وهو يسوق لها خبرا جميلا أنه تم استدعاؤها من أحد وكلاء الممثلين لعمل دور مهم، ثم يصطحبها لحضور تجربة الأداء. وتبلى فيها بلاءا حسنا وتصبح على أعتاب تحقيق أحلامها. يتقابلان فى لقاء صراحة رومانسى ويصارحها بأنها لابد ان تتفرغ لعمل الممثلة ويخرج من حياتها فى صمت. ثم تمر خمس سنوات وتكون ميا اشتهرت وتزوجت رجلا اخر تذهب معه بالصدفة لتناول العشاء فى علبة موسيقى لتكتشف انها خاصة بسباستيان الذى حقق حلمه هو الاخر. ينظر كل منها للاخر وكأن حبهما لبعض مازال مستمرا. مخرج الفيلم وكاتبه داميان شازيل أصبح متخصصا فى الأفلام الموسيقية التى تشبه كلاسيكيات هذا النوع التى كانت تصنع فى هوليوود وفرنسا فى الخمسينيات والستينيات، واعترف ان مصادر وحى افلامه أعمال مثل مظلات شيربور والغناء تحت المطر وتوب هات وبوجى نايتس. فيلم شازيل السابق هو الذى منحه تلك الفرصة الكبيرة فى عالم هوليوود. الفيلم هو اويبلاشب عن معاناة عازف درامز فى مدرسة موسيقى مع معلم قاس لا يعرف الرحمة. اعترف شازيل ان الفيلم مستوحى من حياته حيث بدأ حياته هو الاخر كعازف دارمز.فى لالا لاند لم يصور شازيل لوس أنجلوس كمدينة للخطايا أو الجريمة أو نهم المال أو حتى للأحلام الوهمية كما صورها غيره من المخرجين مثل كوينتن تارانتينو و بول توماس أندرسون، لكنها جسدها كمكان صنعه أناس حلموا بالمستحيل وحققوه. لمزيد من مقالات احمد عاطف;