ما زالت المرأة المصرية تحتاج إلى قوانين جديدة للحد من العنف الذي يمارس ضدها، المتمثل في ظاهرة العنف الأسرى, والتحرش بكل اشكالة, والختان والأجبار علي الزواج والحرمان من التعليم والميراث. بالأضافة الي حاجتها الي تعديلات لبعض القوانين التي تظلمها وتبخس من حقها بشكل كبير وبخاصة قوانين الأحوال الشخصية. ولقد وجهت في الفترة الأخيرة العديد من المنظمات النسائية رسائل عدة إلى البرلمان، حتى يكون العون والسند لهم فى سن هذه القوانين. فأشارت د.هدى بدران، رئيس الاتحاد العام لنساء مصر، وعضو مجلس إدارة رابطة المرأة العربية، الي ان قانون الأحوال الشخصية الموجود حاليًا لا يعطى المرأة المصرية حقها كاملاً، لأن به ثغرات كبيرة تؤثر على المرأة ودورها فى المجتمع المصرى, مثل تعدد الزوجات الغير مشروط بالأضافة الي قانون الأسرة الذي لا ينصف المرأة ويضر بالأطفال. وقد قدم المجلس القومي للمرأة، مشروع قانون يجرم العنف ضد المرأة، إلى مجلس النواب، لإقراره خلال الفصل التشريعي الحالي. المشروع يجرم كافة مظاهر العنف الجسدي أو التمييز السلبي ضد المرأة، بما فيها العنف الأسري، بالإضافة إلى تجريم الحرمان من الميراث، والزواج بغير إرادة الأنثى، وحرمانها من التعليم الأساسي، والتحرش وعدم المساواة في الفرص والعمل, كما يجرم التشهير بالنساء عبر شبكة الإنترنت، ويرفع عقوبة الإغتصاب إلى الإعدام. فمن المؤسف أن يكون القانون المصري فيها هو أحد أهم الأسباب الرئيسية التي أوصلت المرأة إلى أوضاع متردية، حيث لاتزال هناك العديد من القوانين التي تكرس التفاوت وتقوم بالتمييز بين الرجل والمرأة في كثير من القضايا والحقوق، ومن تلك القوانين موضوع الحماية الجنائية، وقضايا الأحوال الشخصية، والشهادة في المحاكم, وكذلك القوانين العقابية واستخدام مبدأ الرأفة مع الرجل في جرائم القتل التي يقوم مرتكبوها بتغطيتها تحت مسمى جرائم الشرف. ولذا تقدمت النائبة مارجريت عازر، عضو مجلس النواب بلجنة حقوق الإنسان، بمشروع قانون «تعديل بعض أحكام قانون العقوبات للمساواة بين الرجل والمرأة « والخاصة بعقوبة الزنا، واستندت التعديلات إلى 4 محاور أساسية، تتمثل فى المواد الدستورية الخاصة بمنع التمييز وكفالة الدولة المساواة بين الرجل والمرأة، ومبادىء الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والنصوص التشريعية ممثلة فى قانون مكافحة التمييز. لذا ليس من العدل معاقبة المرأة التى ترتكب ذات الجرم بعقوبة أشد أو أخف من عقوبة الرجل. فلا يجوز التفرقة بين رجل وإمرأة في عقوبة لنفس الجريمة, داعية إلى إنهاء التمييز القانوني فيما يتعلق بتغليظ العقوبة على المرأة مقابل تخفيفها على الرجل. فالقانون يميز بين الرجل والمرأة في العقوبة، فالمرأة التي يثبت زناها تعاقب بالحبس سنتين طبقاً للمادة «274» من قانون العقوبات، أما الزوج الذي يثبت زناه في منزل الزوجية فيعاقب بالحبس ستة أشهر طبقاً للمادة 277, كما يخفف قانون العقوبات عقاب الزوج الذي يفاجئ زوجته حال تلبسها بالزنا فيقتلها هي وشريكها، فلا تطاله العقوبات المقررة للقتل العمد أو الضرب المفضي إلى الموت، وإنما يعاقب بالحبس مدة 24 ساعة فقط طبقا للمادة 237. كما تقدمت بمشروع قانون لمجلس النواب لتمكين المرأة المعيلة اقتصاديًا، حتي تكون لدينا امرأة مصرية منتجة قادرة على العمل والعطاء وأن تكفل نفسها بنفسها بأن تكون جزء من عمل وزارة التضامن الأجتماعي. وبالفعل فأن قانون الأحوال الشخصية قديم منذ 1929، ومر بمراحل طويلة من الإضافة والتعديل، وأصبح مليئًا بالثغرات والعيوب؛ وبالتالي فأنة لا يحتمل الترقيع، بل إن المجتمع يحتاج إلى قانون جديد، يقوم على فلسفة واضحة تحمي الأسرة، وتراعي المصلحة الفضلى للطفل. أن كثير من دول العالم المتقدم تبنت العديد من الخطط و الأفكار التى أدت إلى تطوير منظومة العدالة الأسرية و صولاً لنظام يضمن العدالة لطرفى العلاقة الأسرية . هذا وتتبنى المحاكم فى الدول الغربية نظاما يهدف لإنهاء كافة تفاصيل دعاوى الأسرة من نفقة و رؤية و كل ما يتعلق بدعاوى الأحوال الشخصية دفعة واحدة فيما يعرف بالاتفاق الشامل الذى يعرضه القاضى على طرفى التداعى فى حضور محاميهما و يتم بموجبه وضع عقد ملزم للطرفين تتضمن بنوده كل التفاصيل ثم يتم ختمه بمعرفة القاضى ليصبح عقدا رسميا ملزما للطرفين و تراقب المحكمة من خلال وحدة التنفيذ الملحقة بالمحكمة أى إخلال بهذا العقد كما يمكن عرض أى إخلال على القاضى للنظر فيه. كما يتم استخدام التكنولوجيا فى محاكم الأسرة فى الدول الغربية بشكل كامل سواء بدءا من الحصول على المشورة القانونية أو تقديم طلب أو رفع دعوى أمام القضاء. هذا ويمكن فى مصر تبنى خطة متكاملة لتطوير محاكم الأسرة من خلال العناية بأبنية محاكم الأسرة والتى تعانى من تدهور شديد, ولاشك أن استخدام التكنولوجيا الحديثة بشكل واسع داخل محاكم الأسرة من شأنه أن يؤدى لسهولة الإجراءات أمام تلك المحاكم. كذلك تحتاج قوانين الأحوال الشخصية لعدة تعديلات تشريعية هامة تتلاءم مع التطورات الحاصلة فى المجتمع و تسهل من إجراءات التقاضى فى مجال الأحوال الشخصية . بأختصار الي جانب تعديل القوانين جذريا, يجب أن تتبنى الدولة مشروعا قوميا لعدالة الأسرة بالتعاون بين مجلس الوزراء و وزارة العدل و المجلس القومى للمرأة و المركز القومى للبحوث الاجتماعية من اجل تطوير محاكم الأسرة و جعلها محاكم عصرية متطورة. ويجب إطلاع القضاة على الأنظمة الحديثة لعدالة الأسرة فى دول غرب أوروبا و الولاياتالمتحدة و كندا. وأخيرا يجب تدريب موظفى محاكم الأسرة على استخدام التكنولوجيا الحديثة. فإن إصلاح منظومة عدالة الأسرة فى مصر تحتاج لخطة متكاملة حتى يصبح لدينا نظام قضائى يوفر العدالة لطرفى الدعوى.