تبدأ مصر مرحلة جديدة, هي عصر الجمهورية الثانية, وهي مرحلة, بكل المقاييس السياسية والمعايير الديمقراطية, ليست لها سابقة في التاريخ المصري.. فهذه هي المرة الأولي, التي ينتخب فيها الشعب رئيسا مدنيا عبر صناديق الاقتراع, عقب ثورة شعبية أطاحت بالنظام السابق, وأسقطت رموزه, وهي ثورة52 يناير.1102 وقد تبلورت أهداف الثورة عبر أروع ثمانية عشر يوما ظلت في خلالها الثورة مشتعلة في ميدان التحرير بالقاهرة, وساحات الحرية في المحافظات المصرية حتي اسقاط النظام السابق, ولذلك, فإن أهداف ثورة52 يناير, التي تحظي بإجماع كل أطياف المجتمع وكل القوي الوطنية, هي التي تحدد اتجاه السياسات التي تنتهجها البلاد, وفي مقدمتها الديمقراطية والحكم المدني, في إطار دولة القانون, واقتران ذلك بالعمل الجاد لتحقيق العدالة الاجتماعية, وصولا إلي تحقيق الحياة الكريمة والكرامة الإنسانية للمواطنين دون تمييز أو تفرقة, ومما يدعو للتفاؤل أن الرئيس الجديد أعلن التزامه بذلك في أول خطاب وجهه إلي الشعب بعد انتخابه. وكان ولايزال الدافع العميق لثورة52 يناير هو الرفض الكامل والقاطع لنظام الحكم الشمولي الاستبدادي, الذي أفرخ حالة غير مسبوقة من الفساد والجور علي حقوق المواطنين وإهدار ثروات الوطن, ومن ثم فلا سبيل تحت أية ذريعة من الذرائع, لإمكان إعادة إنتاج الحكم الشمولي, وإنما السبيل الذي حددته ثورة52 يناير للنهوض بالوطن وإعلاء شأن المواطن, هو إقامة الدولة المدنية الديمقراطية الدستورية. وتتسق هذه الدولة المنشودة مع الطموحات التاريخية للمصريين منذ الثورة العرابية وثورة919 وحتي ثورة52 يناير, ومما لا جدال فيه, أن إفساح المجال أمام المعارضة الوطنية هو السبيل لتعزيز الممارسة الديمقراطية, ذلك أن جوهر الديمقراطية يتمثل في الجدل السياسي الخلاق بين الرأي والرأي الآخر, من أجل تحقيق المصالح العليا للوطن. إن مصر بانتخاب شعبها لأول مرة رئيسا مدنيا, تبدأ عصر الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.. وهي قادرة بتضافر كل القوي الوطنية علي التصدي لأية تحديات.