تبدأ القوي السياسية والحزبية بكل أطيافها الفكرية مرحلة جديدة من مراحل التطور الوطني, وهي مرحلة برلمان الثورة والممارسة الديمقراطية. وقد حددت ثورة52 يناير1102 أهداف هذه المرحلة ومقاصدها في غمار إطاحتها بالنظام السابق, نظام تحالف الاستبداد والفساد. وثمة هدفان متلازمان يعبران أصدق تعبير عن مقاصد الثورة, وهما: الديمقراطية والعدالة الاجتماعية, وهما يفصحان عن أشواق الشعب وطموحاته في حياة إنسانية كريمة, وهذا هو الهدف الأسمي للعمل السياسي. ولأن برلمان الثورة يمثل المنبر الرسمي الذي يعبر عن إرادة الشعب, فإن كل القوي الوطنية تتطلع إلي هذا البرلمان كي يرسي أسس الممارسة الديمقراطية, ويرسخ أدبيات الحوار بين الرأي والرأي الآخر, استهدافا لتحقيق المصالح العليا للوطن. وهو مبدأ أصيل من مبادئ الديمقراطية, ويعبر عن جوهرها الذي يتجلي في الإيمان بتبادل السلطة. وإذا كانت الديمقراطية تشير بجلاء إلي الحكم الرشيد, فإن هذا الحكم لا تكتمل أركانه إلا بالعدالة الاجتماعية, وهي تعني أول ما تعني وضع معايير موضوعية محددة لتكافؤ الفرص بين أبناء الشعب, دون تمييز أو تفرقة. ومما لا جدال فيه أن العدالة الاجتماعية هي السبيل لتحقيق الاستقرار السياسي, ومن ثم ازدهار التنمية الاقتصادية, علي نحو يلبي الاحتياجات الأساسية للمواطنين, وبذلك تنهض البلاد وتتقدم. ومما يؤكد التلازم الوثيق والعميق بين الديمقراطية والعدالة الاجتماعية, وصولا إلي تحقيق مجتمع الحكم الرشيد, وهذا ما تشهده أمريكا ودول أوروبية في الآونة الأخيرة, فقد تصاعدت فيها, ولاتزال, حركات احتجاجية غاضبة ومناهضة لإجراءات تستهدف النيل من العدالة الاجتماعية لمصلحة أقطاب النظام الرأسمالي القائم... ومن ثم, فإن المهمة الوطنية الأساسية لبرلمان الثورة هي ترسيخ الممارسة الديمقراطية, وتحقيق العدالة الاجتماعية.