افرزت ثورة52 يناير, التي قادها الشباب المصري وشاركت فيها القوي والحركات السياسية بعض المفاهيم الجديدة حيث طرحت شعار التغيير السياسي, الذي تجسدت مظاهره علي المستوي القومي في تغيير النخبة الحاكمة. وفي ظل هذه المفاهيم الجديدة يضحي تغيير الفلسفة التي سار عليها نظام الادارة المحلية منذ الستينيات من القرن الماضي امرا جوهريا ومحوريا, وذلك لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة والتي تستلزم استنفار كافة القوي والاجهزة المحلية لدعم مسيرة التنمية. ذلك ان الادارة المحلية يجب أن تصبح بمثابة القناة التي تنقل مشكلات المجتمع( الاقتصادية والاجتماعية والبيئية) وحاجاته المختلفة من جهة وتعيد للمجتمع حل هذه المشكلات واسليب الوفاء بحاجاته الاساسية خاصة, ان وحدات الادارة المحلية تقدم ما يزيد علي52% من الخدمات التي يقدمها الجهاز الاداري في الدولة. وقد اضحت اللامركزية المجتمعية حقا من حقوق الانسان تجسدت مظاهرها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان حيث اشارت المادة12 منه إلي ان لكل شخص حق المشاركة في ادارة الشئون العامة وكذلك المادة02 من الاعلان الامريكي لحقوق وواجبات الانسان والتي اشارت الي التلازم بين الديمقراطية واللامركزية. وتتمثل معالم هذه الفلسفة في الاخذ بمفهوم اللامركزية المجتمعية من خلال بعض الآليات الرئيسية التي تشكل محور هذه الثقافة وتتضمن تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني ممثلة من الاحزاب السياسية والجمعيات الاهلية والنقابات المهنية. فاللامركزية المجتمعية تحتاج إلي مجتمع مدني يقوم بدور الوسيط بين المواطنين من جهة واجهزة الادارة المحلية الشعبية والتنفيذية من جهة أخري. ويمكن أن تلعب منظمات المجتمع المدني دورا مهما في تقييم جودة الخدمات التي تقدمها المحليات ورصد المشاكل التي يواجهها مواطنو الوحدات المحلية وتقديمها الي الاجهزة المحلية لإيجاد الحلول لها. وتهدف اللامركزية المجتمعية الي تحقيق مجموعة من الاهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والادارية. وتتمثل الاهداف السياسية في زيادة فرص المشاركة السياسية في المجتمع وتعزيز الوحدة الوطنية, بينما تتمثل الاهداف الاقتصادية في زيادة فعالية توصيل واداء الخدمات العامة وتطوير عناصر البيئة الاساسية كالنقل والمياه والكهرباء وكذلك تطوير مختلف الخدمات ومشروعات التنمية المحلية وتحقيق العدالة في توزيع الموارد العامة. وفي مجال الاهداف الاجتماعية فإنها تهدف إلي زيادة الوعي لدي سكان الوحدات المحلية بأهميتهم وتحملهم مسئولية مواجهة المشاكل المحلية. بينما في مجال الاهداف الادارية نجد انها تتضمن منح الفرص للمحليات لحل مشاكلها بكفاءة اكبر, والعمل علي زيادة فعالية توصيل واداء الخدمات وتوفير البنية التدريبية الملائمة لإفراز الكوادر السياسية. قصاري القول ان تبني مفهوم اللامركزية المجتمعية من خلال قوي المجتمع المدني سوف يعمل علي تحسين ادارة الحكم عبر تعزيز المساءلة والمشاركة والشفافية, ذلك ان ادارة الحكم الرشيد تتطلب مشاركة الدولة والمجتمع المدني باختلاف تنظيماته لمواجهة التحديات المستقبلية التي افرزتها ثورة52 يناير. كبير باحثين بجهاز القرية المصرية