شبرا ملس او سعودية الغربية كما كان يطلق عليها، هي احدي قري مركز زفتي بالغربية، هذه القرية كانت تعج بالعمل والحركة بفضل الانشطة القائمة علي زراعة الكتان وصناعته وتصديره. أصبحت الآن مريضة بالبطالة بعد ان كانت ملجأ لكل من يبحث عن فرصة عمل حتي من القري المجاورة لها, والسبب هو الانتكاسة الكبيرة التي تعرضت لها هذه الصناعة بعد قيام الدولة ببيع شركة طنطا للكتان والتي تحتوي علي قرابة ثلاثين مصنعا لمستثمر سعودي والذي بدوره قام بغلق الشركة وتسريح العمالة. في البداية يشرح ممدوح عبدالخالق أحد مزارعي الكتان ومصدريه كيف ان قريته كانت الاولي علي مستوي الشرق الأوسط في زراعة الكتان وانتاجه, وبالرغم من تحقيق الشركة لأرباح كبيرة ومساهمتها في ادخال العملة الصعبة تم بيع الشركة للمستثمر السعودي بمبلغ68 مليون جنيه بالرغم من ان بها اصولا تتعدي ملياري جنيه, والامر لم يتوقف عند ذلك كما يوضح ممدوح فالمستثمر الذي قام بعملية الشراء منذ ثلاثة أعوام, أوقف العمل بعد موسم واحد فقط ثم اجبر العمال علي الخروج بالمعاش المبكر مقابل40000 جنيه كمكافأة, لكن العمال المرتبطين بصناعتهم قاوموا وحاولواتنظيم وقفات احتجاجية للمطالبة بحقوقهم محاولين استرجاع المصنع للقطاع العام. ولقد قامت وزيرة القوي العاملة عائشة عبدالهادي بمفاوضات مضنية لاقناع المستثمر بدفع مستحقات العاملين والتي حسب قولهم لم يحصلوا عليها بالكامل. والعمال ليسوا الفئة الوحيدة التي تضررت من توقف العمل في مصانع الشركة. يقول نصر عبدالعاطي هيكل احد المزارعين منذ بيع المصنع توقف حالنا جميعا لأن نشاط الكتان يمر بأكثر من مائة مرحلة وذلك يحتاج إلي عمالة كثيرة ومتنوعة, تبدأ بزرع المحصول, ثم حصاده يدويا لأنه المحصول الوحيد الذي لايصلح جمعه إلا يدويا ثم نقل المحصول من الاراضي ومن القري المجاورة الي المصانع والتي تحتاج الي عمال نقل وسائقين, ثم مرحلة التصنيع التي تتطلب عمالة فنية متعددة ومتنوعة, ولذلك قريتنا كانت تستقبل ايدي عاملة من القري المجاورة وحتي طلبة الجامعات والمدارس كانوا يشتركون في العمل, الكل كان يعمل ويربح فمتوسط يومية العامل كانت تصل الي مائة جنيه. سيد سائق سيارة نقل يؤكد كيف انه معرض وهو وآخرون للسجن بسبب توقفهم عن سداد الاقساط الشهرية الخاصة بسياراتهم كنت اقوم بنقل الكتان من الأراضي الي المصانع والعمل كان لا ينتهي والآن وبعد توقف النشاط لا أجد ما انقله وبالتالي لا استطيع سداد الأقساط ولا حتي اطعام أولادي.. ومع تبدل حال القرية وازدياد نسبة البطالة, بدأت تظهر عواقب هذه الظروف السيئة. فالسرقة بالاكراه وتجارة المخدرات بدأت في تهديد القرية. وأخيرا انتقلت عدوي الهجرة غير الشرعية الي القرية. ومنذ قرابة الأسبوعين فقدت القرية ثلاثة من أبنائها في محاولتهم الهجرة غير الشرعية الي ايطاليا عن طريق رشيد. وبالرغم من هذا الحادث المؤلم لم يتوقف الشباب بل والأطفال عن التفكير والتدبير للسفر بهذه الطريقة ووجد سماسرة الموت في هذه القرية ارضا خصبة لممارسة نشاطهم الاجرامي, يقول احمد شاب من القرية منذ ان اكملت دراستي المتوسطة وانا اعمل مع والدي في القهوة واتقاضي خمسة جنيهات, مبلغ لا يكفي حتي لمصروف يوم واحد, وكنت اضع املا في ان أجد عملا في مصنع من مصانع الكتان, لكن بعد توقف النشاط لا أجد سوي الهجرة وحتي لو تعرضت للمخاطر. ومع كل هذه الظروف القياسية يطالب اهل القرية المسئولين بأن يجدوا طريقة لاسترجاع الشركة واعادة تشغيلها لكي تنتهي المأساة التي يعاني منها أهل القرية وبالتالي تختفي البطالة التي لم تعرف طريقها لهذه القرية سوي في السنتين الماضيتين.