عبر مئات من الكيلومترات تمتد أشرطة السكة الحديدية.. ومعها وعلى التوازى تفكر الدولة في بناء أسوار لهذه السكك الحديدية.. مرة بحجة أنها تحمي الناس من العبور الخاطئ.. ومرة بحجة أنها تمنع المتسللين إلي داخل أرصفة القطارات.. وهذا أمر جيد لا غبار عليه. وفي مدن الزقازيق ومنيا القمح وبنها والقاهرة يجري بناء أسوار بارتفاع عال يتجاوز أحيانا الأربعة أمتار.. والطول ليس هو المشكلة، المشكلة أن هذه الأسوار يتم بناءها بحجر من الطوب الحصوي الفاخر المكلف.. ويتم بعد ذلك تمحيره.. ثم يقوم المقاول بطلاءه ليتكلف مرة أخري.. بالإضافة إلي استهلاك وقت كبير لعمل كل ذلك. أعتقد موقنا أن كل هذه الخطوات هي نوع من أنواع إهدار للمال العام بطريقة قانونية وخفية.. إذا ما قارناها مثلا ببناء سور من الحديد المشكل الجميل. سور السكة الحديد الحديدى بدلا من الأسمنتي قد يوفر ملايين مهدرة تبددها عوامل التعرية والإهمال فنعاود الكرة من جديد وتتزايد خسارتنا، كما أنه يسهم في توفير الوقت والجهد وعدم تعطيل الطرق.. لأنها ستكون سهلة التركيب والنقل، هذا أولا.. أما ثانيا: فإن السور الحديدى سيوفر منظرا جماليا يجعل المسافرون بالقطار يرون من خلاله القري والنجوع والكفور بدلا من أن يظل السور الأسمنتي يلاحقهم طوال رحلة سفرهم.. مشكلا حائلا بينهم وبين المكان. ثالثا: يمنع السور الحديدى الناس المطلة بيوتهم عليه من إلقاء مخلفاتهم وراءه كأنهم لم يروها ولم يصنعوها.. لأنها سترتد إليهم. رابعا: سيقل معدل التهدم والانهيار في أسوار السكك الحديدة او يختفي.. فانهيار أسوار السكك الحديدة وانحرافها وميلانها يحدث يوميا ونراه بأعيننا على كل جنبات المحطات تقريبا.. ذلك يجعلنا نعيد البناء مرة اخرى، وهو الأمر الذي اثبت عدم جدواه فلماذا الاستمرار فيه؟! خامسا: إعادة التدوير حيث يمكن أن نعيد تدوير الحديد إذا ما تعرض للصدأ أو التآكل بفعل العوامل الجوية بينما لا نستطيع إعادة تدوير الطوب والإسمنت والرمل والدهانات. أعلم أن هناك رأيا له وجاهته بأن السور المصنوع من الحديد ستتم سرقته ليلا من قبل تجار الخردة.. ولكن الرد علي هؤلاء يكون بسؤالهم أين شرطة النقل والمواصلات؟!.. أين الدوريات الراكبة المتجولة.. أين الحراس وأين الناس؟!.. لا يمكن أن يكون الخوف من اللصوص هو إهدار الوقت والجهد والمال. تماما مثل اختراع السفن، فالسفن آمنة في موانيها، ولكن ليس من أجل ذلك تم صنعها.. كذلك الحال.. لو فكرنا في اللصوص ما وضعنا طوبة واحدة في الصحارى ولا بنينا مدنا جديدة.. ولا تحركنا خطوة واحدة باتجاه التقدم ورفع الكفاءة. وختاما أكبر مثال أطرحة لنجاح فكرة السور الحديدى هو سور كورنيش النيل ومنظره البديع وتصميمه الأنيق واتاحته فرصة لرؤية النيل.. بدلا من الكتل الخرسانية المصمتة[email protected] لمزيد من مقالات أحمد سعيد طنطاوى;