لا شك ان غياب الرقابة وعدم تفعيل القوانين أدى الى ظهور فئات محتكرة لا يشغلها سوى مكسبها المادى دون النظر إلى البسطاء من أين يحيون وكيف يعيشون ونظرا لغياب الجانب الدينى أصبحت هناك ازمة ضمير .. فلا احد يخشى الحلال من الحرام والجميع يجرى وراء مصلحته فقط فالدين لديهم اصبح أقوالا وليس أفعالا. الدكتور احمد مجدى حجازى استاذ علم الاجتماع السياسى بكلية الاداب جامعة القاهرة يوضح ان الازمات التى يشهدها المجتمع نتاج عدة عوامل مختلفة فالواقع يفرز مجموعة من المحن والازمات الكثيرة التى تؤثر بشكل عام سواء كانت اقتصادية أو أمنية او سياسية أو ثقافية، فكل هذه العوامل قد تتجمع فى مرحلة استثنائية فى المجتمع فتؤثر على الضمير الاخلاقى وفى الوقت نفسه هناك مجموعة متشابكة من العوامل تساعد على تعقيد الأزمة وهى أما عوامل اساسية تؤثر بشكل مباشر او عوامل وسيطة تظهر إلى جانب العوامل الأساسية فتزيد من حدتها أوعوامل مساعدة. ويؤكد ان الضمير الاخلاقى يتأثر بالظروف الموجود بها المجتمع وفى ظل تنامى الازمات وشعور الانسان بعدم وجود حلول بشكل عام تزداد حدة الظاهرة. ويرى أن التنشئة الاجتماعية ليست وحدها العامل الاساسى فى تربية الفرد فهناك مصادر عدة تساهم فى تكوين الشخصية فالاعلام يلعب دورا والمدرسة والمعلومات المتاحة على كل وسائل الاتصال الحديث ترسخ فكرا معينا لدى الشخص لذلك فان مسألة التنشئة ننظر لها بمنظور موسع ليس داخل الاسرة او المدرسة فقط فهى عملية تتم بشكل مستمر من خلال مصادر عدة تؤثر على تكوين الشخصية والاتجهات والافكار ونمط الحياة الفكرى والموضوعى داخل المجتمع وتوجهات الافكار وسلوكياتهم والتعامل مع النظام والمجتمع ومختلف العلاقات الاجتماعية ويضيف استاذ علم الاجتماع أن غياب القانون احد العوامل المهمة المتسببة فى غياب الضمير فالدولة تفرض مبادئ محددة فى ظل علاقاتها بالمواطن (الدستور ) فهو بمثابة عقد اجتماعى بين المواطن والحاكم فالدستور ينص على ان الدولة المصرية دولة مدنية لذلك لابد من وضع قوانين تعادل مايسمى بالمدنية ويضيف ان المواطن مادام وافق بشكل عام على تلك العقد المبروم بينه وبين الدولة اصبحت التشريعات ملزمة عليه ويتم تنفيذ القانون عليه بشكل مباشر وعام وعادل بين الفئات الاجتماعية المختلفة ويشدد على أنه مادام القانون لا يتفق مع متطلبات العصر فلابد من تعديله لان المجتمع المتقدم والمنظم يستطيع تنظيم العلاقة بين المواطن والدولة، فعلى سبيل المثال هناك قوانين للمرور لكنها غير مفعلة لذلك نجد الفوضى تملأ الشوارع، فالاقتناع بالقوانين يحدث مشاركة بين المجتمع والدولة لذلك لابد ان ينفذ القانون بدقة وبشكل عادل. ويشير الدكتور منتصر محمود مجاهد استاذ الفكر الاسلامى والفلسفة الاسلامية بكلية الآداب جامعة السويس إلى ان أصل الأزمات فى المجتمع يرجع إلى وجود ازمة ضمير اخلاقية وانسانية وعدم مراقبة لجشع واحتكار التجار ففى ظل عدم توافر الجانب الانسانى يسعى كل شخص لتحقيق هدفه فقط ولا يعنيه إلا نفسه ومصلحته فقط وباقى المواطنين يهلكون او يموتون، هذا لا يعنيه!! وأوضح أنه إذا وجد الجانب الضمير او الاخلاق لدى الغالبية العظمى سنحل معظم المشكلات فعلى سبيل المثال ازمة السكر الاخيرة هى ازمة مفتعلة والمتسبب فيها المحتكر الذى لا يهمه سوى مصلحته ومكسبه فقط ولا يعنيه غيره. ويضيف ان نقص الجانب الدينى لدينا هو اصل كل المشاكل والازمات التى نمر بها فاصبح الكلام فى الدين اكثر من العمل به فالحرامى يعطيك اكثر من مبرر دينى وفى النهاية هو سارق فاصبحنا نبرر الأخطاء باسم الدين مع أنه لابد ان يكون هناك عمل يسبق القول. ويؤكد ان التربية لها دور فى تكوين اخلاقيات وسلوك الفرد الا ان الجانب التعليمى لا يزرع قيما ولا سلوكا ولا اخلاقيات فمادة الدين التى تدرس بالمدارس مهمشة والموجود بها بعيد عن السلوكيات واذا فرض وتعلم منها شيئا لا يجد القدوة التى يسير على نهجها لذلك سادت الوحشية والجبروت داخل المجتمع وطغى الجانب المادى فكل انسان يجرى وراء الامل وكيفية تحقيق حلمه وجمع المال ولا يوجد فى ذهنه اليتيم والمسكين والفقير. ويطالب دكتور منتصر بتفعيل دور السياسة والرقابة لأن من امن العقوبة أساء الادب فيوجد رقابة ولكن لا توجد قوة صارمة تضرب بيد من حديد على المتلاعب فعند تطبيق القانون كثير من المشاكل سيتم حلها وعند ربط الرقابة مع الضمير سيتم إصلاح الأحوال وستعم الرحمة والإنسانية بالمجتمع ويمنع الاحتكار والسيطرة. ويؤكد دكتور احمد يحيى استاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة السويس ان الازمات فى المجتمع ترجع الى غياب القانون والرقابة أما الضمير فهى مسألة نسبية فيوجد عند فرد وقد لايوجد عند الآخر وتتراكم الأزمات وتشتد حدتها لعدم تفعيل القوانين وعدم وجود رقابة صارمة على الأسواق او التجار فهناك احتكار مباشر عند استيراد السلع وآخر غير مباشر عند تخزينها وإخفائها ثم اعادة بيعها بسعر اغلى فالجانب الدينى لابد ان يتوافر فى كل التعاملات كى يشعر الافراد ببعضهم البعض ويتعامل التجار مع المواطنين بالحلال والحرام ومراعاة مصالح الافراد ولكن الحقيقة ان جانب الدين موجود باللسان والاقوال فقط. ويطالب بتطبيق القانون بكل حزم على التجار والمحتكرين المستوردين او المتعاملين بالجملة فلابد من وجود ثقافة للتعامل مع الازمة فاذا وجدت ازمة فى سلعة معينة وتم توافرها فى الجمعيات التعاونية وتم تحديد نصيب الفرد بكيسين نجد ان كل فرد يذهب بطرق مختلفة ويشترى اكثر من نصيبه المحدد ولا يهمه إلا مصلحته ونفسه وهو ماحدث فى بيع وشراء السيارات فمن كان يملك سيارة ثمنها 60 او 70 الف جنيه استغل الازمات الحالية ورفع ثمنها الى 100 او 200 الف لعدم وجود رقابة فلابد من توعية المواطنين فالاعلام يلعب دورا مهما فى تصعيد الازمات فنجد ان ازمة السكر او البنزين او غيرها صنعها الإعلام لذلك لابد من تنمية وزرع الجانب الدينى وعمل ندوات بالمساجد فمن لا يرتدع بالقرآن يرتدع بالسلطان فالتوعية بكيفية التعامل مع الازمة وتطبيق القانون والرقابة المستمرة يساعد على حل الازمات.