المشهد الأول : نهار خارجى أمام محطة مترو المنيب ، عقارب الساعة تشير إلى الثانية عشرة ظهرا ، العشرات يزدلفون إلى البوابات ، حيث تتكدس عربات الميكروباص أمام المحطة ، فى انتظار العائدين من المترو تنادى «واحد عياط» .. «بدرشين ياأستاذ؟». خلف هذه العربات تتوارى بوابات المحطة ، ما أن يفسح لك السائقون - الذين اصطفوا كالصيادين المهرة ، لاصطياد زبائنهم - طريقا إلى الدخول ، ستجد أمامك ثلاثة أبواب تدخل من أيهم للبوابة الإليكترونية ، فى المقابل باب واحد فقط مفتوح للخروج يزدحم وراءه العشرات ، وأمام شباك التذاكر طوابير ، حيث يوجد 3 موظفين على 3 شبابيك ، بينما الشبابيك الأخرى «معطلة» ، البوابات الإليكترونية تعمل فى وضع الدخول فقط ، الخارجون منها يلتزمون بأوامر الموظف الواقف على البوابة الذى يردد على مدار اليوم تلك العبارة «سيب التذكرة فوق وعدى .. الماكينة مفتوحة» ، وبمرور السلالم والخروج إلى رصيف الانتظار ، ستنتبه إلى عدم وجود سلال لإلقاء القمامة ، لكن يوجد عمال نظافة ، لن يطول انتظارك فالقطارات لا تتأخر فى هذه المحطة ، سيأتى القطار سريعا ، وهذا ما وجدناه بأنفسنا ، حين خضنا التجربة التى سننقلها لكم خلال السطور القادمة ..حيث تباينت أراء المواطنين ما بين الموافقة بشروط على رفع سعر التذكرة وبين المعارضة التامة لذلك حتى فى حالة رفع مستوى الخدمة المشهد الثانى : نهار داخلى فى أحد قطارات المترو الذى يتجه نحو محطة الجيزة ، عرباته بدأت تزدحم ، ويصعد باعة جائلون محملون بحقائب من كل شيء، تريد أن تشتريه لبيتك لن تحتاج إلى تخصيص وقت لشرائه من السوق أو المحلات ، يمكنك القيام بذلك فى الوقت الذى تخصصه لركوب المترو يوميا ، والشراء منه بأسعار تنافسية ، لكن لا تجزع إذ ما شاهدت عراكا بين الباعة ، فبينما نحن ركوب إذ ببائعه فى العقد الثانى من عمرها ، تعرض بعض مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة ، ووجدت أخرى تنادى بنفس منتجاتها ، فسألتها على الفور : «أنت تابعة ل عصام؟» ، ويبدو أن عصام هذا هو زعيم «السريحة» فى مترو الخط الثانى ، وهو من يوزع عليهم البضائع التى سيبيعونها ، ويحدد لهم المحطات والساعات التى سيبيعون فيها ، ويحاسبهم عليها ، بل ويتحمل عنهم نسبة من الغرامات التى من الممكن أن تحصلها منهم شرطة مرفق المترو .. المشهد الثالث : نهار داخلى .. المترو يصل محطة فيصل ، حيث يزدحم ازدحاما شديدا ، ولا يصبح هناك موضع لقدم ، ثم يصل إلى محطة الجامعة ، ليزدحم أكثر ، نهلة - طالبة بجامعة القاهرة - قالت :» اعتدت ركوب المترو منذ سنوات ، صحيح أنه شديد الازدحام ، لكنه الوسيلة الأسرع « ، الباعة الجائلون يعلقون شماعات الملابس فوق رؤوسهم الركاب لبيعها ، لكنها لم تجرؤ على توبيخهم خوفا من رد فعلهم.. وتقول أوافق على رفع سعر التذكرة بشرط تواجد شرطة نسائية «متخفية « داخل عربات المترو لحمايتنا من كل أشكال المشاجرات والسرقات التى نتعرض لها. وما أن وصل المترو لرصيف محطة الشهداء ، حتى رأينا الركاب المنتظرين مكدسين ، إحداهم قالت : «المترو تأخر ، له كم يوم يتأخر فى المحطة دى والناس بتبقى هتقع على القضبان من الزحمة» ويشكو حافظ أبو الدهب مدير الطيران بإحدى شركات السياحة من طول مدة التقاطر مما يتسبب فى الزحام داخل عربات المترو وكذلك عدم التزام الركاب بالعربات المخصصة لهم .. فالرجال يركبون عربات السيدات دون مراعاة للخصوصية أو خوف من غرامة المخالفة , بل يصل الآمر الى أن هناك بعض الركاب لا يلتزمون بدفع قيمة تذاكر الركوب ويحترفون طرقا للتسلل للعربات دون ملاحقة و يضيف أن كثيرا من المحطات تعانى من الأعطال وتحتاج الى صيانة وإصلاح خاصة بالنسبة المرضى وكبار السن من رواد المترو ولكنه يؤيد رفع سعر التذكرة مقابل رفع مستوى الخدمة فمهما ارتفع سعرها لن يصل إلى مستوى سعر البنزين لسيارته التى سيتركها ليستقل المترو. على الجانب الأخر يعترض عبد السلام عبد القادر موظف على رفع سعر التذكرة قائلا أنه يجب مراعاة أن معظم رواد المترو من محدودى الدخل ولن يتمكنوا من تحمل كل هذه الأعباء .. ويؤيده فى الرأى مدحت كامل موظف قائلا أن هناك موارد أخرى يمكن الاعتماد عليها لزيادة الإيرادات بدلا من الضغط على ميزانية «الغلابة» على الجانب الأخر يؤيد طارق ناجى طالب جامعى رفع سعر التذكرة بشرط أن يكون وفقا لعدد المحطات فليس من المنطقى أن يتساوى من يركب من المرج الى حلوان مع من يركب محطتين أو ثلاثة فقط ويمكن تمييز ذلك من خلال لون التذكرة وقبل كل شىء التفتيش المستمر اتجهنا إلى رصيف المرج ، كان المترو أكثر هدوءا ، قليل من المنتظرين ، داخل العربة عدد من الباعة ، القطارات أقدم من قطارات مترو الخط الثانى ، هناك باب بين عربتى السيدات مفتوح ، ومع سير القطار يهتز ذهابا وإيابا ، ماكينات الخروج أيضا معطلة ، «شيماء» طالبة بجامعة عين شمس كانت عائدة لتوها من الكلية ، تمزح مع صديقتها قائلة» التكييف اللى حسيناه فى مترو العباسية خسرناه هنا !!» .. توقف القطار فى المحطة التالية محطة «العتبة» ، وذهبنا لنرى مترو العباسية ، فمسح عنا مارأينا فى سابقيه ،سواء مترو الخط الأول أو الخط الثانى ، فالمترو نموذجى ، تقف تنتظر القطار القادم ، وأمامك لوحة رقمية تخبرك كم ستنتظر بالدقيقة لوصول أقرب قطار ، المحطة شديدة النظافة ، بها الكثير من مقاعد الانتظار، الباب يفتح للنزول من اتجاه ، ثم يغلق ليفتح للصعود من اتجاه آخر ، مما يقلل التكدس على الرصيف ، جميع قطاراته حديثة ، ماكينات التذاكر تعمل دخولا وخروجا، المترو نموذجي.. انتهت الرحلة وكل مرتادى المترو يريدون لو يصبح مترو الخط الأول والثانى ك»مترو العباسية».