عمرو أديب ل مصطفى بكري: التعديل الوزاري إمتى؟.. والأخير يرد    عاجل: سعر البصل الأحمر اليوم فى سوق العبور للمستهلك اليوم الجمعة 3 مايو 2024    وزير الشباب والرياضة يتفقد معسكر يلا كامب بمدينة دهب    الصحة العالمية: 3 مستشفيات فقط فى رفح الفلسطينية تعمل بشكل جزئي    "المجلس الوطني الفلسطيني": الاحتلال قتل وأعدم واعتقل مئات الصحفيين لمنعهم من نقل الحقيقة    اتحاد الكرة يحدد 20 مايو موعدا لانطلاق الدورة التدريبية للرخصة A    لعنة تخطي الهلال مستمرة.. العين يخسر نهائي كأس الرابطة من الوحدة    فوزي لقجع: لو كنت أتدخل في تعيين الحكام لفازت المغرب بأمم أفريقيا    الأمن العام يضبط 51 قطعة سلاح و35 كيلو مخدرات بالمحافظات    مصرع شاب في حادث انقلاب دراجة نارية بالفيوم    أحمد كمال يفجر مفاجأة عن اعتزاله الفن    أحمد كريمة: الحجامة ليست سنة نبوية لكنها وصفة بيئية موجودة منذ ما قبل النبي    فريق طبي يستخرج مصباحا كهربائيا من رئة طفل    الوزراء: منظومة الشكاوى الحكومية تلقت 2679 شكوى بمخالفات مخابز    الغضب بشأن غزة يخيم على فوز حزب العمال في الانتخابات المحلية البريطانية    وظائف وزارة العمل 2024.. بالتعاون مع شركات القطاع الخاص    أخبار الأقصر اليوم.. تفاصيل لقاء قائد قطاع المنطقة الجنوبية لإدارة التراخيص والتفتيش ونائب المحافظ    في عيد العمال.. تعرف على أهداف ودستور العمل الدولية لحماية أبناءها    بمشاركة كوكا، ألانيا سبور يتعادل مع أنقرة 1-1 في الدوري التركي    أنشيلوتي يؤكد مشاركة نجم ريال مدريد أمام قادش    ردا على بيان الاهلي.. الكومي يكشف تفاصيل ما سوف يحدث في أزمة الشيبي والشحات    رئيس إسكان النواب: توجد 2.5 مليون مخالفة بناء قبل عام 2019    كيف يعاقب قانون العمل المنشآت الممنتعة عن توفير اشتراطات السلامة المهنية؟    قتلا الخفير وسرقا المصنع.. المؤبد لعاطل ومسجل خطر في القاهرة    بعد غيبوبة 10 أيام.. وفاة عروس مطوبس تفجع القلوب في كفر الشيخ    "قطّعت جارتها وأطعمتها لكلاب السكك".. جريمة قتل بشعة تهز الفيوم    خبير اقتصادي: "ابدأ" نجحت في إنشاء مشروعات تتوافق مع السوق المحلي والأجنبي    الحزن يسيطر على ريم أحمد في عزاء والدتها بمسجد الحمدية الشاذلية| صور    «خفت منها».. فتحي عبد الوهاب يكشف أغرب مشاهده مع عبلة كامل    ياسمين صبري تخطف الأنظار بتمارين رياضية في «الجيم» | صور    "ربنا يتصرف فيكم".. فريدة سيف النصر ترد على الاتهامات في كواليس "العتاولة"    بعد محور جرجا على النيل.. محور يربط «طريق شرق العوينات» و«جنوب الداخلة - منفلوط» بطول 300 كم لربط الصعيد بالوادي الجديد    أجمل دعاء ليوم الجمعة.. أكثر من الصلاة على سيدنا النبي    من 100 سنة، مرسوم ملكي بحل أول مجلس نواب مصري بعد دستور 1923 (فيديو)    حسام موافي يوجه نصائح للطلاب قبل امتحانات الثانوية العامة (فيديو)    «السمكة بتخرج سموم».. استشاري تغذية يحذر من خطأ قاتل عند تحضير الفسيخ (فيديو)    المؤتمر الدولي لكلية الألسن بجامعة الأقصر يعلن توصيات دورته الثالثة    برشلونة يوافق على انتقال مهاجمه إلى ريال بيتيس    المحكمة الجنائية الدولية عن التهديدات ضد مسئوليها: يجب أن تتوقف وقد تشكل أيضا جريمة    ضبط ربع طن فسيخ فاسد في دمياط    بالصور| انطلاق 10 قوافل دعوية    خدمة الساعات الكبرى وصلاة الغروب ورتبة إنزال المصلوب ببعض كنائس الروم الكاثوليك بالقاهرة|صور    رئيس قوى عاملة النواب يهنئ الأقباط بعيد القيامة    في تكريم اسمه |رانيا فريد شوقي: أشرف عبد الغفور أستاذ قدير ..خاص    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    تنفيذ إزالة فورية لتعدٍّ بالبناء المخالف بمركز ومدينة الإسماعيلية    بواسطة إبراهيم سعيد.. أفشة يكشف لأول مرة تفاصيل أزمته مع كولر    المقاومة الفلسطينية تقصف تجمعا لجنود الاحتلال بمحور نتساريم    المنتدى الاقتصادي العالمي يُروج عبر منصاته الرقمية لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    سوسن بدر تعلق على تكريمها من مهرجان بردية لسينما الومضة    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    سموتريتش: "حماس" تبحث عن اتفاق دفاعي مع أمريكا    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصراع بين العولمة والمحافظة
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 12 - 2016

يبدو أن عالمنا مقبل على فترة من الصراع بين تيارين متناقضين: الأول يجسد إستراتيجية العولمة التى ألفناها عبر العقدين الماضيين، وتحدثت عن عالم واحد مفتوح للتجارة والاستثمار وحركة رأس المال والبشر، مع انسياب الفضاء المعلوماتى متحررا من كل القيود عبر وسائط التواصل المتعددة، وبعضها وسائط اجتماعية نُظر إليها فى العقد الأخير، ولدورها فى عاصفة الربيع العربى، على أنها وسائط تغيير للعالم. والثاني يعكس إستراتيجية العزلة، التى تبدو متصاعدة، ارتباطا بالتيارات اليمينية المتصاعدة فى أوروبا والولايات المتحدة، على النحو الذى وشى به اتفاق البركزيت (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى) وانتخاب السيد دونالد ترامب، حيث تتبدى نزعة نكوصية عن أيديولوجيا العولمة التى كانت الولايات المتحدة فى القلب منها، مثلما كانت بريطانيا بمنزلة الجذر الملهم لها، منذ آدم سميث صاحب الدعوة إلى مبادئ التجارة الحرة والسوق المفتوح. وعلى الرغم من أن القارة الأوروبية طالما شهدت حركة بندولية لم تتوقف بين اليمين واليسار، تكاد تأخذ صفة الدورية، فإن مظاهر عديدة تشى بأن موجة الصعود اليمينى هذه المرة أكثر اتساعا وعمقا عما سبقها من موجات كان أبرزها التاتشرية الريجانية مطلع الثمانينيات من القرن الماضى، إذ لم يعد الأمر يقتصر على بلد أو اثنين أو ينحصر فى مجال الاقتصاد وحده، بل يكاد يصير عاما وشاملا، ينعكس فى أشكال جد مختلفة، ما بين الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبى، إلى هيمنة اليمين الفرنسي التقليدى على التيار الديجولى ممثلا فى فرانسيس فيون، مع صعود اليمين العنصرى ممثلا فى جان مارى لوبن، مرورا بالنمسا وهولندا وإيطاليا وألمانيا حيث حركة تصعد حركة «بيجيدا».
تتجذر ديناميات هذه الموجة فى تناقضات العولمة التى استفحلت إلى درجة باتت قيدا على مسيرة نموها، فالمعترضون البريطانيون على الاتحاد الأوروبى لديهم شعور عميق بالخوف من زحف المهاجرين وما انطوى عليه من مخاطر اختراق الإرهاب بعض أبرز عواصم الديمقراطية الغربية؛ ولأن مشاعر الخوف غالبا ما تكون أعلى عند الأجيال الأكبر سنا والأقل اندماجا فى الثقافة الكونية فقد اتخذت النزعة المحافظة الرافضة للاتحاد الأوروبى فى بريطانيا شكلا جيليا، حيث صوت أغلبية الشباب لصالح البقاء، فيما صوت الكبار لصالح الخروج. أما المصوتون لمصلحة ترامب، ففضلا عن مخاوف عموم الأمريكيين التقليدية إزاء الإرهاب والهجرة، والتى غازلها ترامب بسوقية وعنصرية، هناك إحباطاتهم الخاصة من الآلية الجهنمية المتمثلة فى تجزئة عمليات الإنتاج لأغلب السلع، ونقل جل الصناعات الثقيلة إلى الخارج، خصوصا إلى منطقة آسيا بحثا عن العمالة الرخيصة، ما أدى إلى زيادة البطالة لدى الطبقة العاملة البيضاء، التى أعادت اكتشاف نفسها سياسيا خارج القواعد التقليدية للحزب الجمهورى.
ثمة مفارقة فى هذا السياق، إذ طالما تمحور تيار مناهضة العولمة حول اليسار فى البلاد الأكثر تقدما، وحول التيارات القومية فى بلدان الجنوب الأقل تقدما، حيث الحرص على دور تدخلى للدولة فى الاقتصاد، كانت العولمة قد أطاحت به. أما اليمين فكان دوما أقرب إلى حرية السوق، وتحرير التجارة، ودور محدود للدولة (الحارسة) فى الاقتصاد، وجميعها تتواءم مع متطلبات العولمة. تفسير ذلك أن الفجوة بين الثراء والفقر قد اتسعت على نحو يصعب رتقه، فلم يعد فقط بين دول غنية (مركزية) وأخرى فقيرة (طرفية) بل وأيضا داخل كل المجتمعات بين طبقات غنية تزداد غنى، وأخرى فقيرة تزدادا فقرا. بل إن التفاوت قد شق طريقه إلى قلب الطبقة الوسطى نفسها داخل المجتمع الواحد بين الفئات الأكثر اندماجا فى الفضاء المعولم، والثورة التكنولوجية الثالثة، والقادرة بمهاراتها الفائقة على تجاوز تحدى هجرة رأس المال الصناعى إلى الخارج، ونمو معدلات الأتمتة (الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا بديلا عن العامل البشرى فى أداء العديد من الخدمات التى لا تحتاج إلى مهارات خاصة). وبين الفئات الأكثر ارتباطا بالفضاء الصناعى التقليدى، حيث الصناعات الثقيلة التى ارتبطت بالثورة الصناعية الثانية لا تزال سائدة، حيث تستمر المهارات العادية فى أعمالها ولكن مع دخول أقل أحيانا أو تسريح بعضها أحيانا أخرى عندما يجرى تصدير تلك الصناعات إلى دول أقل تقدما، وهو ملمح ربما يفسر لنا نمط تصويت الولايات المتأرجحة فى الانتخابات الأمريكية الأخيرة، خصوصا ميتشيجن وبنسلفانيا وفلوريدا وويسكونسن، والتى صوتت لترامب، آملة فى أن يستعيد للمتبطلين فيها بعضا من الصناعات التى غادرتها إلى الصين خصوصا، وهو الأمل الذى كشف ترامب عن تجاوبه معه حينما أعلن أخيرا أن أول قراراته عقب تسلم مقعده فى 20 يناير المقبل سيكون الانسحاب من اتفاقية التعاون الاقتصادى عبر الباسفيكى والتى تضم 12 بلدا أغلبها آسيوي، وهو الأمر الذى أثار مخاوف تلك الدول وعلى رأسها اليابان التى أعلنت أن تلك الاتفاقية لا تساوى شيئا دون الولايات المتحدة. كما يفسر لنا فى المقابل عمق المعارضة التى أبدتها كاليفورنيا، عاصمة الفن والسياحة ووادى السليكون، مهد الثورة التكنولوجية وأيديولوجيا العولمة، رمز القوة الناعمة الأمريكية، لانتخاب الرجل إلى حد انطلاق دعاوى تطالب بانفصال الولاية الأمريكية الأكبر، وهو أمر لن يحدث يقينا وإن كان له مغزاه الواضح فى الكشف عن قوة التيارات التقدمية، النازعة إلى الاندماج العالمى، الرافضة لاستراتيجيات الانعزال القومى ما يؤكد صعوبة هزيمة العولمة كبنية شاملة تعكس مرحلة متقدمة فى حركة التاريخ، وإن أمكن مراجعتها كأيديولوجية هيمنة مفرطة فى لعبة الأمم.
[email protected]
لمزيد من مقالات صلاح سالم;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.