القبض على 27 شخصًا هتفوا لإعادة الانتخابات بعد خسارة مرشحهم بالشرقية    وزير التعليم العالي: الجامعات الأهلية تحظى بدعم كبير من القيادة السياسية    الادارية العليا تستقبل 31 طعناً على نتيجة ال 30 دائرة الملغاة    وزير قطاع الأعمال العام يجتمع بمجلس إدارة "مصر للسياحة" بتشكيله الجديد    87 ألف طن قمح رصيد صوامع الغلال بميناء دمياط اليوم    وزير الإسكان يختتم جولته اليوم بتفقد مشروع طريق محور سفنكس    محافظ أسوان يبحث توصيل الخدمات والمرافق ل40 مصنعا.. اعرف التفاصيل    «مصر للسياحة» تخطط لتطوير الفنادق التابعة والتوسع في تطبيقات التحول الرقمي    500 ألف نسمة في 4 أشهر.. الإحصاء: عدد سكان مصر بالداخل يصل 108.5 مليون    الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر للجهود الرامية لإنهاء الأزمة الروسية - الأوكرانية عبر الحلول السياسية    كيف يسهم التعاون بين روسيا وإفريقيا في تعزيز الأمن الغذائي؟.. رئيس الأفريقي للدراسات يجيب    ماذا جاء في وثائق إبستين عن ترامب؟    انهيار مبنيين متضررين من قصف للاحتلال الإسرائيلي على غزة    الدوري الإنجليزي، تشيلسي يتأخر بثنائية أمام نيوكاسل في الشوط الأول    عقد قران بنتايج على نجلة أحمد سليمان    الأفضلية التاريخية مع أصحاب الأرض في افتتاح أمم إفريقيا.. والمغرب يستعد لكسر عقدة 1988    وزير الشباب من داخل ملتقى التوظيف بالمنيا: نطالب الشباب بالتفاعل لبناء الذات ولا وقت للكسل    مواجهة نارية على لقب البريميرليج.. مانشستر سيتي يصطدم بوست هام اليوم    أمم إفريقيا - مؤتمر الركراكي: حكيمي ضحى من أجل المغرب.. ولا أشعر بالضغط    أمم إفريقيا - مدرب جزر القمر: أتمنى مشاركة حكيمي ضدنا.. والجماهير لن تسجل الأهداف    مصرع فتاة سقط عليها ونش أثناء أعمال البناء في برج بطوخ    تأجيل محاكمة متهم بقتل صاحب منزل لسرقة أمواله بشبرا الخيمة للأربعاء المقبل    تعليم جنوب سيناء تعلن جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول لمرحلة الثانوية العامة صباحي ومسائي    سر غياب أحمد الفيشاوي عن جنازة والدته سمية الألفي    غدا.. تعامد الشمس على معابد الكرنك.. احتفالية عالمية تعلن بداية الشتاء    المركز القومي للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية يطلق الدورة الأولى من مسابقة زكريا الحجاوي لدراسات الفنون الشعبية    خبير: إسرائيل حولت الهدنة إلى حرب صامتة ومخطط قوة الاستقرار تخدم أهدافها    وزير الصحة يتفقد مستشفى الخانكة للصحة النفسية    وصول 14 من أطباء الجامعات المصرية إلى مستشفى العريش العام لفحص المرضى بالمجان    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    محمد عنتر: الزمالك "اختياري المفضل" دائما على حساب الأهلي.. والأندية الشعبية في خطر    بعد إعلان ارتباطه رسميا.. هذا هو موعد زفاف أحمد العوضي    الكويت تحتفل بالذكري الثانية لتولي الشيخ مشعل الأحمد مقاليد الحكم .    إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بطريق الفيوم القاهرة الصحراوي    أحمد مجاهد ناعيا محمد صابر عرب: عزاء مُفجع.. واعتذار واجب    سحب 666 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    ضبط طن ونصف استربس دواجن وبسطرمة مجهولة المصدر بشبرا الخيمة    محكمة باكستانية تقضي بسجن عمران خان وزوجته 17 عاما في قضية فساد    روسيا تعلن تحرير بلدتين جديدتين شرق أوكرانيا    دار الإفتاء تعلن نتيجة رؤية هلال شهر رجب لعام 1447 هجريا بعد المغرب    وزير الزراعة يبحث مع وفد صيني مستجدات إنشاء مصنع متطور للمبيدات بتكنولوجيا عالمية في مصر    وزارة العمل: 664 محضرا خلال 10 أيام لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    مستشار الرئيس للصحة: الوضع الوبائي مستقر تمامًا ولا يوجد خطر داهم على أطفالنا    دار الإفتاء توضح علامات الاستخارة وتحذر من ربطها بالأحلام فقط    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : لعنة الله على تلك .. المسماة " ديمقراطية !?    فوز الدكتور أحمد طه بجائزة الطبيب العربى 2025.. وعميد قصر العينى يهنئه    ضمن مبادرة صحح مفاهيمك، أوقاف الإسماعيلية تواصل التوعية ضد التعصب الرياضي    مكتبة مصر العامة بالأقصر تستقبل وفد المركز الثقافي الكوري لبحث التعاون    إزالة 10حالات تعد وبناء مخالف في الغربية    المبادرات الرئاسية تعيد كتابة التاريخ الصحي لمصر    أزهري يعلق علي مشاجرة الرجل الصعيدي مع سيدة المترو: أين هو احترام الكبير؟    نشرة أخبار طقس اليوم السبت 20 ديسمبر| الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة    ذكرى ميلاده ال95.. صلاح جاهين يصرخ عام 1965: الأغنية العربية في خطر!    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    القبض على إبراهيم سعيد لاعب كرة القدم السابق وطليقته داليا بدر بالقاهرة الجديدة    نائب وزير الخارجية يلتقي الممثل الخاص لسكرتير الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث    طائرات ومروحيات أمريكية تشن هجوما كبيرا على عشرات المواقع لداعش وسط سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصراع بين العولمة والمحافظة
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 12 - 2016

يبدو أن عالمنا مقبل على فترة من الصراع بين تيارين متناقضين: الأول يجسد إستراتيجية العولمة التى ألفناها عبر العقدين الماضيين، وتحدثت عن عالم واحد مفتوح للتجارة والاستثمار وحركة رأس المال والبشر، مع انسياب الفضاء المعلوماتى متحررا من كل القيود عبر وسائط التواصل المتعددة، وبعضها وسائط اجتماعية نُظر إليها فى العقد الأخير، ولدورها فى عاصفة الربيع العربى، على أنها وسائط تغيير للعالم. والثاني يعكس إستراتيجية العزلة، التى تبدو متصاعدة، ارتباطا بالتيارات اليمينية المتصاعدة فى أوروبا والولايات المتحدة، على النحو الذى وشى به اتفاق البركزيت (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى) وانتخاب السيد دونالد ترامب، حيث تتبدى نزعة نكوصية عن أيديولوجيا العولمة التى كانت الولايات المتحدة فى القلب منها، مثلما كانت بريطانيا بمنزلة الجذر الملهم لها، منذ آدم سميث صاحب الدعوة إلى مبادئ التجارة الحرة والسوق المفتوح. وعلى الرغم من أن القارة الأوروبية طالما شهدت حركة بندولية لم تتوقف بين اليمين واليسار، تكاد تأخذ صفة الدورية، فإن مظاهر عديدة تشى بأن موجة الصعود اليمينى هذه المرة أكثر اتساعا وعمقا عما سبقها من موجات كان أبرزها التاتشرية الريجانية مطلع الثمانينيات من القرن الماضى، إذ لم يعد الأمر يقتصر على بلد أو اثنين أو ينحصر فى مجال الاقتصاد وحده، بل يكاد يصير عاما وشاملا، ينعكس فى أشكال جد مختلفة، ما بين الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبى، إلى هيمنة اليمين الفرنسي التقليدى على التيار الديجولى ممثلا فى فرانسيس فيون، مع صعود اليمين العنصرى ممثلا فى جان مارى لوبن، مرورا بالنمسا وهولندا وإيطاليا وألمانيا حيث حركة تصعد حركة «بيجيدا».
تتجذر ديناميات هذه الموجة فى تناقضات العولمة التى استفحلت إلى درجة باتت قيدا على مسيرة نموها، فالمعترضون البريطانيون على الاتحاد الأوروبى لديهم شعور عميق بالخوف من زحف المهاجرين وما انطوى عليه من مخاطر اختراق الإرهاب بعض أبرز عواصم الديمقراطية الغربية؛ ولأن مشاعر الخوف غالبا ما تكون أعلى عند الأجيال الأكبر سنا والأقل اندماجا فى الثقافة الكونية فقد اتخذت النزعة المحافظة الرافضة للاتحاد الأوروبى فى بريطانيا شكلا جيليا، حيث صوت أغلبية الشباب لصالح البقاء، فيما صوت الكبار لصالح الخروج. أما المصوتون لمصلحة ترامب، ففضلا عن مخاوف عموم الأمريكيين التقليدية إزاء الإرهاب والهجرة، والتى غازلها ترامب بسوقية وعنصرية، هناك إحباطاتهم الخاصة من الآلية الجهنمية المتمثلة فى تجزئة عمليات الإنتاج لأغلب السلع، ونقل جل الصناعات الثقيلة إلى الخارج، خصوصا إلى منطقة آسيا بحثا عن العمالة الرخيصة، ما أدى إلى زيادة البطالة لدى الطبقة العاملة البيضاء، التى أعادت اكتشاف نفسها سياسيا خارج القواعد التقليدية للحزب الجمهورى.
ثمة مفارقة فى هذا السياق، إذ طالما تمحور تيار مناهضة العولمة حول اليسار فى البلاد الأكثر تقدما، وحول التيارات القومية فى بلدان الجنوب الأقل تقدما، حيث الحرص على دور تدخلى للدولة فى الاقتصاد، كانت العولمة قد أطاحت به. أما اليمين فكان دوما أقرب إلى حرية السوق، وتحرير التجارة، ودور محدود للدولة (الحارسة) فى الاقتصاد، وجميعها تتواءم مع متطلبات العولمة. تفسير ذلك أن الفجوة بين الثراء والفقر قد اتسعت على نحو يصعب رتقه، فلم يعد فقط بين دول غنية (مركزية) وأخرى فقيرة (طرفية) بل وأيضا داخل كل المجتمعات بين طبقات غنية تزداد غنى، وأخرى فقيرة تزدادا فقرا. بل إن التفاوت قد شق طريقه إلى قلب الطبقة الوسطى نفسها داخل المجتمع الواحد بين الفئات الأكثر اندماجا فى الفضاء المعولم، والثورة التكنولوجية الثالثة، والقادرة بمهاراتها الفائقة على تجاوز تحدى هجرة رأس المال الصناعى إلى الخارج، ونمو معدلات الأتمتة (الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا بديلا عن العامل البشرى فى أداء العديد من الخدمات التى لا تحتاج إلى مهارات خاصة). وبين الفئات الأكثر ارتباطا بالفضاء الصناعى التقليدى، حيث الصناعات الثقيلة التى ارتبطت بالثورة الصناعية الثانية لا تزال سائدة، حيث تستمر المهارات العادية فى أعمالها ولكن مع دخول أقل أحيانا أو تسريح بعضها أحيانا أخرى عندما يجرى تصدير تلك الصناعات إلى دول أقل تقدما، وهو ملمح ربما يفسر لنا نمط تصويت الولايات المتأرجحة فى الانتخابات الأمريكية الأخيرة، خصوصا ميتشيجن وبنسلفانيا وفلوريدا وويسكونسن، والتى صوتت لترامب، آملة فى أن يستعيد للمتبطلين فيها بعضا من الصناعات التى غادرتها إلى الصين خصوصا، وهو الأمل الذى كشف ترامب عن تجاوبه معه حينما أعلن أخيرا أن أول قراراته عقب تسلم مقعده فى 20 يناير المقبل سيكون الانسحاب من اتفاقية التعاون الاقتصادى عبر الباسفيكى والتى تضم 12 بلدا أغلبها آسيوي، وهو الأمر الذى أثار مخاوف تلك الدول وعلى رأسها اليابان التى أعلنت أن تلك الاتفاقية لا تساوى شيئا دون الولايات المتحدة. كما يفسر لنا فى المقابل عمق المعارضة التى أبدتها كاليفورنيا، عاصمة الفن والسياحة ووادى السليكون، مهد الثورة التكنولوجية وأيديولوجيا العولمة، رمز القوة الناعمة الأمريكية، لانتخاب الرجل إلى حد انطلاق دعاوى تطالب بانفصال الولاية الأمريكية الأكبر، وهو أمر لن يحدث يقينا وإن كان له مغزاه الواضح فى الكشف عن قوة التيارات التقدمية، النازعة إلى الاندماج العالمى، الرافضة لاستراتيجيات الانعزال القومى ما يؤكد صعوبة هزيمة العولمة كبنية شاملة تعكس مرحلة متقدمة فى حركة التاريخ، وإن أمكن مراجعتها كأيديولوجية هيمنة مفرطة فى لعبة الأمم.
[email protected]
لمزيد من مقالات صلاح سالم;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.