مدير التفتيش والرقابة ب"التعليم" يتفقد مدارس الشرابية    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025    وصول أول وفد سياحي لمحافظة أسيوط لزيارة مسار رحلة العائلة المقدسة    شاهد لحظة تحطم طائرة عسكرية تركية بين جورجيا وأذربيجان| علي متنها 20 شخصًا    تايوان تجلي 8300 شخص مع اقتراب العاصفة فونج وونج وضربها للجزيرة بالأمطار والفيضانات    الشروق تكشف تفاصيل جلسة عودة الثقة بين حسام حسن والشناوي    الزمالك يكشف تطورات أزمة أرض النادي بأكتوبر    محاضرة تاريخية بجامعة القاهرة للدكتور أحمد غنيم حول "المتحف المصري الكبير وتعزيز الهوية الوطنية"    بعد غلقه من أنصار مرشح.. الأمن يعيد فتح طريق قنا - قفط    مصر تعزى تركيا فى ضحايا حادث سقوط الطائرة العسكرية    وزير الخارجية: مستعدون لدعم المحكمة الدائمة للتحكيم وتيسير أداء مهامها في حل النزاعات الدولية بالطرق السلمية    وزير الخارجية يتوجه إلى تركيا    تعرف على سعر الدولار في الشرقية الأربعاء 12112025    اسعار الحديد فى الشرقية اليوم الاربعاء 12 112025    خبير لوائح يكشف مصير شكوى الزمالك في واقعة زيزو وهشام نصر    طقس مصر اليوم.. درجات الحرارة المتوقعة بالمحافظات    عقب إخلائه بلحظات.. انهيار عقار من 8 طوابق بالجمرك غرب الإسكندرية    مباحث الجيزة تكتشف جريمة بشعة داخل شقة مهجورة فى بولاق الدكرور.. التفاصيل    18 نوفمبر موعد الحسم.. إعلان نتائج المرحلة الأولى لانتخابات النواب 2025 وخبير دستوري يوضح قواعد الفوز وحالات الإعادة    "فاطمة رشدي.. سارة برنار الشرق" ندوة بدار الكتب اليوم    حمو بيكا يودع إسماعيل الليثي بكلمات مؤثرة: "يا وجع قلبي عليك يا أخويا"    ينطلق اليوم برعاية السيسي، 10 معلومات عن النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة    نتائج أولية بانتخابات النواب بديرمواس في المنيا: الإعادة بين علاء قدري ومحمد جمال    زعمت أن أحدهم حاز طائرة لاسلكية .. أحكام قاسية على 9 معتقلين في قضية "اللجان الإعلامية للإخوان"    أسعار الفاكهة اليوم الأربعاء 12 نوفمبر في سوق العبور للجملة    نقيب الإعلاميين: الإعلام الرقمى شريك أساسى فى التطوير والذكاء الاصطناعى فرصة    أخبار مصر: انهيار عقار من 8 طوابق بالإسكندرية، الحصر العددي لأصوات المرشحين بالمحافظات، قرار من النيابة ضد سائق إسماعيل الليثي    ياسمين صبري تهنئ مي عز الدين بعقد قرانها: «فرحانة ليكي من قلبي»    عباس: الإجراءات القانونية بشأن تسليم الفلسطيني هشام حرب لفرنسا في مراحلها النهائية    حظك اليوم الأربعاء 12 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    استشهاد طفل فلسطيني متأثرا بإصابته جنوب نابلس    دعمًا لمرشحيه بمجلس النواب.. «مستقبل وطن» ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بدمياط    رسميًا.. موعد امتحانات شهر نوفمبر 2025 لصفوف النقل الجديدة بعد تعطيلها بسبب انتخابات مجلس النواب    انطلاق الدورة الأولى من مهرجان «توت توت» لكتب الأطفال في ديسمبر المقبل بالمعهد الفرنسي    خالد سليم يشعل ليالي الكويت بحفل ضخم ويحتفل ب«ليلة مِ اللى هيّا» مع جمهوره    طن الشعير اليوم.. أسعار الأرز والسلع الغذائية الأربعاء 12-11-2025 ب أسواق الشرقية    بكام الفراخ النهارده؟ أسعار الدواجن والبيض في أسواق وبورصة الشرقية الأربعاء 12-11-2025    «زى النهارده».. استخدام «البنج» لأول مرة في الجراحة 12 نوفمبر 1847    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    تحقيق عاجل من التعليم في واقعة احتجاز تلميذة داخل مدرسة خاصة بسبب المصروفات    انقطاع التيار الكهربائي بشكل الكامل في جمهورية الدومينيكان    تسع ل10 آلاف فرد.. الجيش الأمريكي يدرس إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من غزة    سبب استبعاد ناصر ماهر من منتخب حلمي طولان وحقيقة تدخل حسام حسن في إقصاء اللاعب    لتجنب زيادة الدهون.. 6 نصائح ضرورية للحفاظ على وزنك في الشتاء    حبس المتهم بالتسبب في وفاة والدته بعيار ناري أثناء لعبه بالسلاح بشبرا الخيمة    مواجهة قوية تنتظر منتخب مصر للناشئين ضد سويسرا في دور ال32 بكأس العالم تحت 17 سنة    النيابة تطلب تحريات سقوط شخص من الطابق ال17 بميامي في الإسكندرية    علشان تنام مرتاح.. 7 أعشاب طبيعية للتخلص من الكحة أثناء النوم    كرة سلة - الأهلي يفوز على سبورتنج في ذهاب نهائي دوري المرتبط للسيدات    انتخابات مجلس النواب 2025.. بدء عمليات الفرز في لجان محافظة الجيزة    «ستأخذ الطريق الخاطئ».. ميدو يحذر حسام عبد المجيد من الانتقال ل الأهلي    بيان رسمي من خوان بيزيرا بشأن تجاهل مصافحة وزير الرياضة بنهائي السوبر    المستشار بنداري يشيد بتغطية إكسترا نيوز وإكسترا لايف ووعي الناخبين بانتخابات النواب    أخطاء تقع فيها الأمهات تُضعف العلاقة مع الأبناء دون وعي    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يعنى إيه كلمة وطن؟

فى الأسبوع الماضى كتبت مقالى عن جحود الأبناء بالوطن ووصلتنى رسائل كثيرة بهذا الخصوص، ولكن هناك رسالة استوقفتنى وجعلتنى اكتب هذا المقال. فقد أرسل لى أحد الشباب قائلا: «أى وطن تتكلم عنه وماذا يعنى الوطن لا أفهم تلك الكلمات ولا تعنى عندى شيئا».
وهنا أيقنت أننا نعيش أزمة فكر على كل المستويات، ورغم تعدد مصادر المعرفة ولكننا تركنا شبابنا بلا محددات لهويته وأفكاره، بل لم نهتم بما يشكل عقله وروحه، وتركناه وسط خضم بحر أمواج العالم العاتية تجذبه هذه وتلطمه تلك، ولم نكن له المرسى والشاطئ والمعونة لمعرفة الحقائق ومساعدته فى تحديد هويته.
فالرسالة طعنة لكيان الوطن فى مقتل، إذ يرى البعض أن الوطن كلمة رنانة استخدمناها كثيراً ولكنها لا تعنى شيئاً سوى ما يجنيه فى يومه من أسباب معيشته، ولذلك يراود الكثير حلم الهجرة لأنه يرى أن الحياة ما هى إلا أكل وشرب وحياة مريحة. وهنا وجب عليّ أن أعلق على معنى الوطن. وبداية لابد أن أفرق بين الانتماء لوطن والسكنى فيه.
فالوطن هو نحن فى الجغرافيا والتاريخ، بينما سكنى الوطن هو أنا فى جغرافيا بلا تاريخ. والفرق كبير جداً، هو فى الحقيقة الفرق بين الابن الذى يحيا وسط عائلته حتى وإن كان منزلا متواضعا، واللقيط الذى يعيش فى قصر. فالسكنى فى وطن أو بلد يعنى الوجود فى مكان للمعيشة من أكل وشرب بلا انتماء ولا تاريخ، هو فقط يعيش ليستهلك.
أما النحن فى الجغرافيا والتاريخ فقد يعنى الآتي: «النحن» هى المجتمع الذى ننتمى إليه وليس الذى نعيش فيه فقط، و «ننتمى» أى ما يشكل ذواتنا الخاصة وشخصياتنا من ذات كبيرة هو العقل الجمعى والمزاج الجمعي. فالوطن هو الذى يشكل هويتنا الخاصة، فالإنسان يولد فى مجتمعه ويتشكل عقله من البيئة المحيطة به التى قد تكون تجانسا كبيرا بين الدين والثقافة والفن والعائلة والمدرسة والأصحاب والشوارع والحارات وأشكال الناس وملابسهم، كل هذا يشكل هويتنا. فالهوية فكر وعاطفة وموسيقى وفن ولغة وتراث وعادات وتقاليد يكون فيها الفرد مشاركا لكل من فى وطنه يعيشها يومياً ينتمى ويعيش ويشعر بدفء الحياة فيها. وهذا الكيان الكبير الذى هو الوطن يحمل فى أعماقه حضاراته وأفكاره وكل معانى العائلة الكبيرة فكل الأمهات وكل الآباء وكل الأخوات هم العائلة الكبيرة للشخص الذى ينتمى إلى الوطن ليشكلوا الترابط فى الهوية الفردية.
الوطن أيضا هو الجغرافيا، هو الأرض والحدود، هو ما نحيا عليه من عمل يد الله لنعيش به سواء بحارا أو أنهارا أو ثمارا، هو تضاريس الوطن الذى نشعر فيه بالانتماء المادي. فحين خلق الله الإنسان خلقه من نفخة فمه فكانت روحه، ومن طين الأرض فكان جسده. وهذا يعنى أننا ننتمى لكيانين فى طبيعتنا أننا من الله بأرواحنا، ومن الأرض بأجسادنا والطين هو أجسادنا.
فتراب الوطن هو نحن لذلك هناك من يستغرب على من يكتب فى وصيته أنه حينما يموت يدفن فى وطنه، ولا يدرك أن هذا لأن جسده منتم إلى تراب الوطن. فالوطن هو أجدادنا بالحق لا على مستوى الانتماء العائلى ولكن الانتماء المادى أيضا. فتراب الوطن هو أجساد أجدادنا التى عاشوا هنا.
والجغرافيا تشكل هويتنا أيضا فحين نقول إن مصر طيبة هذا لأن النيل فيها مسالم ومعطاء للخير. وأراضى مصر فيها الحب لأنها أرض خصبة تعطى ثمار وأسباب الحياة. كما أن المناخ أيضاً يشكل الهوية فإشراق الشمس ونسمات الهواء واعتدال المناخ يؤثر فى مزاج الشخص ويصبغ النفوس بالأمل والفرح أو الكآبة والضيق.
والوطن أيضا هو التاريخ هو الحضارة المتراكمة عبر الزمن. وحين تكون هوية الوطن حضارة منذ آلاف السنين لا يظن أحد أن هذا تاريخ ومضى ولكنه ترسيخ عميق لفكر وروح نتوارثها فى طبيعتنا وتدخل فى هويتنا وفى الوجدان واللغة والأعياد والتقاليد. فحين تسير فى كل حى وكل شارع وتجد معابد فرعونية شامخة وأهرامات ومسلات ثم ترى كنائس وأديرة ومنارات ثم ترى مساجد ومآذن هذا لا يعنى أنها مجرد مبان ولكنها هوية أيضاً. وحين يحتفل الوطن باحتفالات يشارك فيها الجميع تكون هذه هويته فنرى فى رمضان الكل يدخل فى شركة الحب والسهر والفرح، وحين يأتى شم النسيم يخرج الكل للاحتفال. فهذه ليست مجرد أعياد لكنها هوية وطن.
فى بداية القرن العشرين كتب المفكر الإنجليزى «ليدر» كتابا اسمه «أبناء الفراعنة المعاصرون» قال فيه «أيام الفيضان المنخفض الذى يهدد المصريين كانت مسيرات المسلمين والأقباط معا مضى فى الشوارع تنشد بصوت واحد ونغم واحد تضرعا مشتركا صيغت فيه مقاطع من صلواتها التقليدية كيرياليسون أى يارب أرحم والله الله لا إله إلا الله».
هذا هو الوطن الذى يحمل حضارة حقيقبة راسخة فى أعماقنا. نعم هذه الهوية التى ثار لأجلها الشعب حين أيقن بعبقريته أنها مهددة أثناء حكم مجموعة كانت ترى أن الوطن تراب عفن وعملوا على تقسيمه وتقسيمنا وتشتيته وتشتيتنا.
عزيزى القارئ وإن كان الوطن يحمل جسدا نحيلا أنهكته المصائب والمؤامرات والأمراض ولكنه لا يزال واقفا بشموخ الأجداد، فهذا الجسد النحيل يحمل رأسا عبقريا هو حضارة آلاف السنين. ولا تظن عزيزى القارئ أننى أتكلم عن وطننا فقط بل كل الأوطان. أرجوكم لا تتغربوا أو تفرطوا فى الوطن بل حافظوا على أوطانكم لأنها هويتكم وميراث الأجداد وغنى الأحفاد. فلا تجعلوا أحدا يسرق منكم الوطن ويترككم أمواتا فى غربة. وكما قال «فولتير»: «خبز الوطن خير من كعكة الغربة». ويقول «هوميروس»: «ليس هناك شىء فى الدنيا أعذب من أرض الوطن».
كاهن كنيسة المغارة -الشهيرة بأبى سرجة الأثرية
لمزيد من مقالات القمص أنجيلوس جرجس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.