رغم مقاطعتى الصارمة لقناة «الجزيرة» الشوهاء فقد اضطررت لاستدعاء آخر خيباتها على اليوتيوب وهو الفيلم السفيه المعنون «العساكر» والذى استهدف الجيش المصرى فى محاولة رخيصة لتشويهه . يتصور الصغار أنه يمكن لأحجامهم أن تتضخم إذا ما تطاولوا على الكبار فينتجون فيلماً يكشف حقيقة هويتهم ووظيفتهم على الأرض العربية، ويتوهمون أنهم كما استطاعوا أن ينالوا من العراق بانطلاق طائرات الغزو من أرضهم فى 2003 ومن سوريا بتمويل الإرهاب على أرضها فى اللحظة الراهنة يمكنهم أن يمسوا أرض الكنانة بسوء ، ونقطة البداية فى الفيلم تفضح نواياه فهو يبدأ بالإشارة إلى مبدأ التجنيد الإجبارى فى مصر وكأنه سبة . لا يعلم هؤلاء أن المصرى يشرف بتكليف الدفاع عن وطنه وأن مصر ليس فيها من هو مستعد لتوكيل الغير للدفاع عنها أو شراء من يمثلونها فى البطولات الرياضية وهو معنى بديهى للوطنية لعله غاب عن ذهن الصغار ، والفيلم فاقد للصدقية أصلاً فروايته الشوهاء قائمة على أربع شهادات حصراً يدعون نسبتها إلى مجند سابق وصف ضابط وضابط احتياط فى الجيش المصري, وعقيد سابق فى الجيش الأمريكى يُقال إنه تعامل مع القوات المسلحة المصرية فى ثمانينيات القرن الماضى وهو الوحيد الذى رأينا وجهه وعرفنا اسمه أما الثلاثة الباقون فأُخفيت وجوههم وحُجبت أسماؤهم لضمان سلامتهم كما يدعون ويقينى أنهم ممثلون مأجورون ، والفكرة الأساسية التى تروج لها عصابة الأربعة هذه فى الفيلم أن الجيش المصرى هو جيش السوء : سوء فى التدريب والمعدات وظروف المعيشة والمعاملة، ولهذا لا يجد أحد شهود الزور غرابة فى أن يقول أن أكثر ما كان يرد إليه على جهاز الفاكس الذى يعمل عليه كان حالات الانتحار، أما الشاهد الأمريكى فكان يقول كلاماً عاماً لا يسمن ولا يُغنى من جوع ناهيك بتفاهته، وأن معلوماته تقف عند ثمانينيات القرن الماضى فضلاً عن تقاضيه بالتأكيد من المال ما يكفى للإساءة إلى جيش مصر . يذكرنى الفيلم بأسلوب ال bbc ، فهويلجأ أولاً إلى لقطات أرشيفية حقيقية راعى فيها أن تكون لعروض عسكرية لجنود وليس لمعدات حتى لا يكشف زيف مقولته عن تردى أوضاع الجيش المصرى ، ثم يستخدم ما يسميه لقطات مسربة يسهل تصويرها فى أى مكان ثم يُخرج مشاهد تمثيلية يبث فيها أسوأ سمومه ، ويتنقل بين هذه الأنواع الثلاثة بما قد يربك المشاهد العادى ويضفى شيئاً من الصدق فيما يراه ، وهو كذلك يستخدم أغنية للشيخ إمام تشيد بالجندى المصرى ويعرض معها المشاهد المفبركة التى تظهره قائماً بأعمال النظافة أو بأعمال أخرى لا علاقة لها بالقتال ، ويُدخل فى نسيج الفيلم لإعطاء انطباع بالموضوعية تصريحات لقيادة بارزة فى الجيش تتحدث عن دوره التنموى الذى لا يُعجب صناع الفيلم، ولست بحاجة إلى الحديث عن الجيش المصرى ومكانته ، ومع ذلك فقد كفانى الصديق العزيز الدكتور أسامة الغزالى حرب مؤونة هذا الحديث بعموده اليومى فى المصرى اليوم أمس الأول بعنوان «الجيش المصري» الذى أورد فيه تقييم «الكبار» للمكانة العالمية لجيشنا التى تضعه ضمن أفضل عشرة جيوش فى العالم . يعرف الصغار جيداً أن تاريخ الجيش المصرى وإنجازاته ممتد عبر العصور, وأن خير أجناد الأرض أصحاب سجل مشهود فى الدفاع عن العرب وحماية أمنهم وأن إنجازاتهم تدعو إلى الفخر حتى فى زمن الهزائم، ولعلهم سمعوا بمعركة رأس العش بعد أيام من هزيمة يونيو وغارات الطيران المصرى على المواقع الإسرائيلية فى الشهر التالى للهزيمة وإغراق إيلات بعد خمسة أشهر من وقوعها وحرب الاستنزاف وحرب أكتوبر العبقرية وصولاً إلى المعركة الظافرة بإذن الله مع الإرهاب الذى يمولونه والذى اختتموا فيلمهم السفيه بأنباء سقوط الشهداء فى معركة دحره, وكأنهم يقولون أن هذه هى النتيجة الطبيعية لجيش السوء بينما سطر كل شهيد من هؤلاء الشهداء الذين يشمتون فيهم قصة بطولة لا يمكن لمثلهم أن يفهمها وشهادة انتماء لوطن وتفان فى تحقيق رفعته . لو كنت من المسئولين عن الإعلام الرسمى والخاص فى مصر لعرضت الفيلم على أوسع نطاق ممكن فى حضور خبراء عسكريين وسياسيين ونفسيين - لزوم النفوس المريضة - وعسكريين حاليين وسابقين ومواطنين كى نغضب كثيراً ونضحك أكثر على ما ألَمَ بقوم من الكذب والسفه ، ولو كنت من إدارة التوجيه المعنوى بالقوات المسلحة لأعدت عرض الأفلام التى أنتجتها عن بطولات القوات المسلحة لعل الذكرى تنفعهم ولأنتجت المزيد من هذه الأفلام, ليس عن البطولات الحالية لقواتنا المسلحة فى مواجهة الإرهاب فحسب وإنما أيضاً عن تلك المعارك العظيمة التى خاضها الجيش المصرى عبر التاريخ وصولاً إلى تاريخنا المعاصر الذى يغيب الكثير من معاركه وأمجاده العظيمة عن الشاشة الفضية فإنهم يحاولون عبثاً إفساد وعينا وتثبيط عزائمنا والحط من كرامتنا ولا يجب علينا بحال أن نترك لهم ثغرة واحدة ينفذون منها ، أما من شاركوا فى هذه الجريمة ممن كرمهم الله بأن يكونوا مصريين فلا سامحهم الله إذ لا يندرج ما فعلوه فى باب الرأى أو التعبير عن وجهة نظر معارضة وإنما هو شروع فى محاولة تقويض وطن ، وهى جريمة نكراء سوف يحاسبهم شعبهم عليها ، وأتمنى أن يكون بعضهم ممن يمكن محاسبتهم مهنياً عن طريق نقاباتهم إن كانت لهم نقابات لأنهم فاشلون بامتياز فى مهنتهم ، وليعلم من الآن كل من يتعامل مع هذه القناة الشوهاء أياً كانت الذرائع أنه بتعامله هذا يسدد سهماً مسموماً إلى صدر الوطن . لمزيد من مقالات د. أحمد يوسف أحمد