رغم الارتفاع العالمي.. مفاجأة في سعر الذهب اليوم الأربعاء    ندوة "تحديات سوق العمل" تكشف عن انخفاض معدل البطالة منذ عام 2017    مدير المخابرات الأمريكية يزور إسرائيل لاستكمال مباحثات هدنة غزة اليوم    الأردن وأمريكا تبحثان جهود وقف النار بغزة والهجوم الإسرائيلي على رفح    ميدو: عودة الجماهير للملاعب بالسعة الكاملة مكسب للأهلي والزمالك    شريف عبد المنعم: توقعت فوز الأهلي على الاتحاد لهذا الأمر.. وهذا رأيي في أبو علي    المتحدث الرسمي للزمالك: مفأجات كارثية في ملف بوطيب.. ونستعد بقوة لنهضة بركان    إعادة عرض فيلم "زهايمر" بدور العرض السينمائي احتفالا بعيد ميلاد الزعيم    ياسمين عبد العزيز: محنة المرض التي تعرضت لها جعلتني أتقرب لله    شاهد.. ياسمين عبدالعزيز وإسعاد يونس تأكلان «فسيخ وبصل أخضر وحلة محشي»    ماذا يحدث لجسمك عند تناول الجمبرى؟.. فوائد مذهلة    بسبب آثاره الخطيرة.. سحب لقاح أسترازينيكا المضاد لكورونا من العالم    5 فئات محظورة من تناول البامية رغم فوائدها.. هل انت منهم؟    «الجميع في صدمة».. تعليق ناري من صالح جمعة على قرار إيقافه 6 أشهر    متحدث الزمالك: هناك مفاجآت كارثية في ملف بوطيب.. ولا يمكننا الصمت على الأخطاء التحكيمية المتكررة    «لا تنخدعوا».. الأرصاد تحذر من تحول حالة الطقس اليوم وتنصح بضرورة توخي الحذر    الداخلية تصدر بيانا بشأن مقتل أجنبي في الإسكندرية    تحت أي مسمى.. «أوقاف الإسكندرية» تحذر من الدعوة لجمع تبرعات على منابر المساجد    عاجل.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه لفلسطين المحتلة لاستكمال مباحثات هدنة غزة    مغامرة مجنونة.. ضياء رشوان: إسرائيل لن تكون حمقاء لإضاعة 46 سنة سلام مع مصر    3 أبراج تحب الجلوس في المنزل والاعتناء به    "ارتبطت بفنان".. تصريحات راغدة شلهوب تتصدر التريند- تفاصيل    رئيس البورصة السابق: الاستثمار الأجنبي المباشر يتعلق بتنفيذ مشروعات في مصر    «العمل»: تمكين المرأة أهم خطط الوزارة في «الجمهورية الجديدة»    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء والقنوات الناقلة، أبرزها مواجهة ريال مدريد والبايرن    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    جريشة: ركلتي جزاء الأهلي ضد الاتحاد صحيحتين    كيف صنعت إسرائيل أسطورتها بعد تحطيمها في حرب 73؟.. عزت إبراهيم يوضح    تأجيل محاكمة ترامب بقضية احتفاظه بوثائق سرية لأجل غير مسمى    هل نقترب من فجر عيد الأضحى في العراق؟ تحليل موعد أول أيام العيد لعام 2024    ضبط تاجر مخدرات ونجله وبحوزتهما 2000 جرام حشيش في قنا    الأونروا: مصممون على البقاء في غزة رغم الأوضاع الكارثية    أبطال فيديو إنقاذ جرحى مجمع ناصر الطبي تحت نيران الاحتلال يروون تفاصيل الواقعة    اعرف تحديث أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 8 مايو 2024    عاجل - "بين استقرار وتراجع" تحديث أسعار الدواجن.. بكم الفراخ والبيض اليوم؟    تراجع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأربعاء 8 مايو 2024    معجبة بتفاصيله.. سلمى الشماع تشيد بمسلسل "الحشاشين"    حسن الرداد: إيمي شخصيتها دمها خفيف ومش بعرف أتخانق معاها وردودها بتضحكني|فيديو    «خيمة رفيدة».. أول مستشفى ميداني في الإسلام    فوز توجيه الصحافة بقنا بالمركز الرابع جمهورياً في "معرض صحف التربية الخاصة"    رئيس جامعة الإسكندرية يشهد الندوة التثقيفية عن الأمن القومي    موقع «نيوز لوك» يسلط الضوء على دور إبراهيم العرجاني وأبناء سيناء في دحر الإرهاب    بعد تصريح ياسمين عبد العزيز عن أكياس الرحم.. تعرف على أسبابها وأعراضها    اليوم، تطبيق المواعيد الجديدة لتخفيف الأحمال بجميع المحافظات    وفد قومي حقوق الإنسان يشارك في الاجتماع السنوي المؤسسات الوطنية بالأمم المتحدة    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة لعام 1445 هجرية    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    ما هي كفارة اليمين الغموس؟.. دار الإفتاء تكشف    دعاء في جوف الليل: اللهم امنحني من سَعة القلب وإشراق الروح وقوة النفس    سليمان جودة: بن غفير وسموتريتش طالبا نتنياهو باجتياح رفح ويهددانه بإسقاطه    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    صدمه قطار.. إصابة شخص ونقله للمستشفى بالدقهلية    دار الإفتاء تستطلع اليوم هلال شهر ذى القعدة لعام 1445 هجريًا    طريقة عمل تشيز كيك البنجر والشوكولاتة في البيت.. خلي أولادك يفرحوا    الابتزاز الإلكتروني.. جريمة منفرة مجتمعيًا وعقوبتها المؤبد .. بعد تهديد دكتورة جامعية لزميلتها بصورة خاصة.. مطالبات بتغليظ العقوبة    إجازة عيد الأضحى| رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك 2024    القيادة المركزية الأمريكية والمارينز ينضمان إلى قوات خليجية في المناورات العسكرية البحرية "الغضب العارم 24"    ضمن مشروعات حياة كريمة.. محافظ قنا يفتتح وحدتى طب الاسرة بالقبيبة والكوم الأحمر بفرشوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سنغافورة فى مرمى الإرهاب.. والسؤال لم يعد «هل» بل «متى»؟!
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 12 - 2016

سنغافورة مجرد «نقطة صغيرة» على الخريطة إلا أنها بعزيمة الرجال ورؤية لى كوان يو الزعيم المؤسس تمكنت أن تقيم أمة متسامحة متعددة الأعراق والديانات.
وكنت وما زلت أشعر بإعجاب شديد من هذه «الدولة» المدنية وإصرارها على أن تكون حاضرة، بل قصة نجاح يتطلع إليها الآخرون. وأتذكر أن رئيس وزراء سنغافورة السابق السيد جوه تشوك قال لي: إن المشاكل التى ربما هى «أمور صغيرة» بالنسبة للدول الكبرى هى «تحديات وجود» للدول الصغرى مثل سنغافورة. وهذه هى العقلية، بل ربما نقول «الجدية» و«الذكاء» فى مواجهة الأزمات. ولقد عاودتنى هذه الحوارات مع رجالات سنغافورة التى تابعت تطورها على الطبيعة وأنا أشاهد القلق فى مواجهة «قضية الإرهاب»، وفى حوارات جانبية كثيرة مع أصدقاء ومسئولين كانت دائما ما تبرز هذه الجملة القاسية بسنغافورة فى مرمى الارهابا ولم يعد السؤال: هل ستشهد سنغافورة أعمالا إرهابية، بل متى سوف يحدث ذلك؟ والمدهش أن بلدا متقدما ويحظى فيه الناس من مختلف الأعراق بالرعاية، وجودة الحياة على أحسن مستوي. إلا أن ذلك كله للأسف لم يكن كافيا لأن يجنبها «فيروس التطرف»، ولا أن يستبعدها من دائرة استهداف «الارهاب» فى زمن العولمة ووسائل التواصل الاجتماعي. وعندما أخبرت محاورى السنغافوريين بأن «العملية الارهابية» المقبلة سوف تختبر «استعداداتكم الأمنية»، إلا أن الأهم أنها سوف تختبر «تماسك الأمة» الذى جرى بصبر على مدى 50 عاما. وقال الجميع «معك حق»، وبقدر ما يشغلنا اليوم التالى لهذا الهجوم الإرهابي، إلا أننا الآن مشغولون «باليوم السابق». وأحسب أن قدرا من الحوار يستحق أن يروى وبالقدر نفسه لابد أن نتوقف أمام مشاعر ومخاوف والأهم عمل هذه الأمة لمواجهة خطر لم يعد يستثنى أحدا، ولم يعد أمامنا من سبيل سوى التوحد فى مواجهته.
آسيا فى دائرة الخطر
ولعل تشخيص حجم الخطر الإرهابى جاء من تقديرات وزارة الدفاع، فقد أكد وزير دفاع سنغافورة نج انج هين أن بلاده ترى أن «التشدد الاسلامي» يمثل خطرا واضحا وحاضرا على آسيا، ولاسيما الخطر الذى قد ينجم عن ترابط جماعات أعلنت مبايعتها لتنظيم داعش. وقال وزير الدفاع إنه خلال السنوات الثلاث الأخيرة تجاوز عدد المتعاطفين مع داعش عدد مؤيدى تنظيم القاعدة خلال سنوات تأثيره العشر.
وكشف المسئول السنغافورى الرفيع عن أن عناصر من الجماعة الإسلامية «جناح للقاعدة» قد خططت لهجمات فى سنغافورة منذ بدء الألفية الثالثة. وأشار إلى أن بعض هذه العناصر قد بايعوا داعش وكذلك جماعة أبو سياف فى الفلبين. وأضاف هين بقوله «كثيرون ممن اعتقلوا من أعضاء الجماعة الإسلامية موجودون، وسيطلق سراحهم قريبا من السجن، ولديهم بالفعل صلات بخلايا من الجماعة الإسلامية» يقصد بعض أفراد من سنغافورة لديهم صلات بالجماعة الإسلامية فى إندونيسيا وأكد وزير دفاع سنغافورة «لذلك فالخطر هو أن يتشكل ارتباط بين هذه «الجماعات الفضفاضة» لتصبح قوة تهدد أمننا ورفاهيتنا».
وقد قامت سنغافورة بتوقيع اتفاق دفاعى مع الولايات المتحدة يشمل التشدد العابر للحدود، وبعد يوم واحد من التوقيع قال السيد هين إن تبادل المعلومات الاستخبارية يمثل عاملا مهما فى التعامل مع هذه القضية.
إدماج المجتمع فى المواجهة
ولعل من أهم الحوارات التى أجريناها فى سنغافورة كانت مع البروفيسور يعقوب ابراهيم وزير الاعلام والاتصالات والوزير المسئول عن شئون المسلمين وكان لافتا أن الرجل يتحدث بأقصى درجات الصراحة عن تهديد الارهاب لبلاده. واستوقفنى أنه لم يحاول أن يهون أو يدارى على هذه القضية الخطيرة، والتى ربما تدفع ببعض المسئولين فى بلدان أخرى إلى الإنكار أو محاولة التقليل من حجم التهديد. ولكن بالعكس قال السيد يعقوب «مثلما تعلمون لقد أجرينا تمارين الأسبوع الماضي، وذلك لمعرفة مدى استعداد الأجهزة الأمنية لمواجهة الأعمال الارهابية».
وتوقف الرجل لثوان قبل أن يكمل بتأكيده «نحن نعول كثيرا على ادماج المجتمع فى المواجهة مع الارهاب» وأشار الى أن المشاركة الفعالة من المجتمع مسألة فى غاية الأهمية سواء فى «اليوم السابق» للعملية الارهابية، وأيضا فى «اليوم التالي» للعملية الارهابية، وأكد أن الأمر مهم ألا يشعر المجتمع أو بعض أفراده بالذعر، وأن يتم إعداد الناس لحصار الأضرار، وأهم شيء ألا نفقد «تماسك المجتمع»، وألا تتفجر مشاعر الاسلاموفوبيا وأن يدرك الجميع أن هناك دوما بعض المتطرفين والارهابيين الذين لا يجب تحميل المجتمع أو «الجالية الاسلامية» بأسرها المسئولية عن أفعال هذه القلة القليلة من الأفراد.
وبعيدا عن المواجهة الأمنية قال الوزير يعقوب وهو نائب منتخب وأحد القيادات المهمة فى الحزب الحاكم إن الحكومة تحاول إدماج «العلماء الشباب» حتى يتفاعلوا مع الشباب، كما نحاول استغلال «طاقة الشباب» فى الأعمال الخيرية. وبالإضافة إلى ذلك فإننا نمنع الوعاظ الذين نعتبرهم «وعاظا سيئين» ويشمل هذا منع هؤلاء القادمين من الخارج وأشار إلى أن استراتيجية المواجهة تشمل أيضا «إعادة تأهيل المعتقلين».
وعند هذه النقطة من الحوار لم أستطع أن أمنع نفسى من سؤال مهم اكتسب أهميته من معرفتى أن الرجل الجالس أمامى هو المسئول عن «الأمن السبراني» أو أمن المعلومات فى بلاده، وكان السؤال البديهى والبسيط ترى هل لدينا الوسائل التكنولوجية لمعرفة من أين تأتى «المواد المحرضة» على الارهاب والتطرف وإزالتها؟!. ولقد سارعت قبل أن يجيب بالقول له «أريد إجابة بنعم أو لا» ثم أكملت بقولى «وعلى حد علمى فإن الولايات المتحدة هى من تسيطر على هذه الشبكة العنكبوتية.. أليس كذلك»؟!
ولقد اندهشت من صراحة الرجل الذى قال لى بابتسامة عريضة وملامح وجهه تقول أشياء كثيرة مفهومة فى مثل هذه المواقف: نعم الوسائل التكنولوجية موجودة لمعرفة مصدر هذه المواد كما أن الوسائل التكنولوجية موجودة أيضا لإزالتها. وفى اعتراف آخر وبنفس درجة الصراحة قال «نعم 80% من المعلومات وما يتم تداوله يعود إلى الولايات المتحدة وتملك القدرة التكنولوجية على معرفة من أين، فضلا عن من وراء ذلك».
وهنا كان لابد من سؤال آخر بديهى «إذن أين المشكلة».. وقال السيد يعقوب ابراهيم شارحا ومعيدنا إلى متاهة السياسة، وغابة العلاقات الدولية والمصالح المتعارضة، و«الأجندات الخفية» التى ربما أصبحت الآن واضحة. فلقد تكفل الرئيس الأمريكى المنتخب بعناء الاجابة عندما ألمح بوضوح عن مسئولية إدارة أوباما وهيلارى كلينتون فى نشوء داعش، كما أن وليام اسانج اتهم هيلارى بأنها دعمت الجماعات الارهابية والمتطرفة من أمثال داعش وجبهة النصرة.
على أى حال قال المسئول السنغافورى الرفيع إن «غير الموجود» هو «الوسائل القانونية» و«الاعتبارات المحلية». وهنا أشار إلى أن سنغافورة تمكنت من معرفة هوية صاحب أحد المواقع التى تحض على الكراهية والعنف والارهاب، والمفاجأة أن الموقع يعود إلى أحد الدعاة فى إندونيسيا. ويؤكد السيد يعقوب إبراهيم أن الجانب الإندونيسى فوجيء تماما عندما عرف هوية هذا الداعية، وقالوا لنا: كيف وهذا الرجل معتدل وفى محاضراته العلنية يتسم بالاعتدال ويختتم الواقعة بالقول إن الجانب الإندونيسى قال لنا: لا نستطيع التعاون معكم لاعتبارات داخلية وذلك نظرا لأن هذا الرجل له أتباع كثيرون!. ومن الأمور الأخرى التى اشتكى منها هى قلة التعاون الدولى فى مجال حماية الأمن المعلوماتي، وأشار الى ضرورة أن يطبق القانون الدولى على مسألة «الفضاء الاليكتروني» وأوضح أنه يمكن بالفعل وهو ما يحدث عملية اقتحام من الأفراد له إلا أن الأمر غير المقبول والذى لا يجب التسامح معه هو أن تتم عملية الاقتحام والقرصنة من خلال تشجيع أو حماية حكومية. وقال إن الأمر بات محلا للنقاش الدولي، والحوار ما بين الرأى العام. وقال إن مسألة الرقابة الحكومية محل جدل هنا فى سنغافورة فالبعض يرى ضرورة أن تخفف والبعض يرى العكس وأكد فى نهاية الحوار أن حكومته تعمل على حماية البنوك والاتصالات والنقل والمياه وأشار إلى أن أى شيء نقوم به لا يجب أن يهدد «المصالح العليا للبلاد»، وقال لذلك نحن فى حالة حوار دائم مع وسائل الإعلام حتى يفهموا تفكيرنا ونشرح لهم «السياسات» أحيانا قبل أن يتم صياغتها النهائية وإقرارها.
وأحسب أن «التسامح الديني» الذى يميز سنغافورة الآن لم يكن شيئا محفورا فى لحظة تأسيس هذه الدولة والتى عرفت «كلاما صعبا» من الاتحاد الماليزى بل شهدت سنغافورة أعمال شغب واحتكاكات عرقية. إلا أن ذلك الماضى الصعب يجعل من «التناغم الحالي» أمرا يجب رعايته والعناية به بشدة. ووفقا للآباء المؤسسين لمنظمة الحوار بين الأديان السنغافورية، والتى تأسست عام 1949، فإن الشيء الوحيد الذى يمكننا عمله كقادة دينيين هو أن ندعو أتباع كل دين للتعرف على تعاليم الديانات الأخرى من أجل خلق «روح الزمالة» فضلا عن أن روح التسامح والتعاطف والرغبة فى إقامة السلام هى من الأمور التى توحد جميع الأديان.
وفى زيارة لمقر المنظمة التقينا بعدد كبير من القيادات للأديان المختلفة: البوذية والمسيحية والإسلام والزرداتشية، وشرح لنا هؤلاء جميعا الترابط الانسانى الذى يجمع بينهم. وكان لنا حوار خاص مع الامام حبيب حسان الفائز بجائزة منظمة «الحوار بين الأديان» لعام 2015 فى سنغافورة وأوضح أن القادة الدينيين لهم دور كبير فى تقرير ما إذا كانت سوف تتجاوز التحديات المتعددة وتحافظ على التناغم والتسامح الدينى خلال هذه الفترة. وأشار إلى أن هذه التحديات تتمثل فى تنوع السكان وتزايد أهميته وتأثير وسائل التواصل الاجتماعى وتحديات العولمة.
وشرح الرجل الذى يعد أحد القيادات الاسلامية ثانى أكبر عدد من السكان بعد المواطنين من أصول صينية كيف أن رئيس الوزراء يحرص بنفسه فى التواصل مع القيادات الدينية وبالفعل شاهدنا صورا عدة لرئيس الوزراء لى هزين لونج خلال حواره مع أتباع وقيادات الديانات المختلفة. وأوضح الإمام حبيب حسن أن حكومة سنغافورة لعبت «دورا محوريا» فى تعزيز عملية التناغم الدينى من خلال: الاعتراف بأن الدين قوة اجتماعية بناءة، والفصل الصارم للدين عن السياسة تعزيز وتأكيد الحرية الدينية فى دستور البلاد وحماية الحقوق الدينية للأقليات.. ويؤكد أنه بصورة عامة فإن جهدا كبيرا قد بذل من أجل ضمان «التناغم الاجتماعي» فى سنغافورة من خلال نشر «تعدد الثقافات» والأدوات القانونية الصارمة، وإجراءات أخرى من «السياسات المرنة»!
ولقد تعددت اللقاءات والحوارات، إلا أن الزائر لسنغافورة سوف يسره كثيرا الجهد الذى يبذله مركز «مجموعة إعادة التأهيل الديني»، وفى خلال وقت قصير من المرور ما بين جنبات المكان والتوقف أمام شرح بسيط وعميق وبأسلوب بسيط ومن خلال وسائل عرض حديثة جوهر الأمور وهي: الجهاد وكيف أن الجهاد الأكبر هو جهاد النفس والولاء والبراء (وكيف أن عداء غير المسلمين هو أمر يناقض تماما التعاليم الإسلامية)، الخليفة (القرآن لا يذكر أى شيء عن الخليفة بصورة محددة فيما يتعلق بالمعنى السياسى، والاعتدال (ضرورة أن يعتدل المرء ويلتزم بالاعتدال)، التعايش (القرآن يشير إلى أن الله خلق الناس من ذكر وأنثى وجعلهم شعوبا وقبائل لكى يتعارفوا، وأن أحسنهم عند الله هو أتقاهم).
وفى الواقع أن هذا المركز يقوم بعمل جيد بإصدار منشورات وكتيبات صغيرة ترد على قضايا تؤرق الناس فى اللحظة الراهنة، ولعل الكتيب الصغير عن داعش والخلافة الإسلامية التى تبشر بها هى نموذج ممتاز لفكرة التصدى للأفكار المتطرفة، فقد شرحت من هم أتباع داعش، وكيف حذر منهم الرسول صلى الله عليه وسلم منذ زمن بعيد، وشرح القائمون على إعداد الكتيب ما هى رسالة الاسلام وهل ستقوم داعش بإقامة الخلافة التى سوف تحيى نظام الحكم الإسلامي، وكيف شوهت داعش صورة الاسلام والمسلمين.
ويبقى أن العديد ممن التقيت معهم حدثونى عن الأزهر مدرسة الاعتدال، وسعادتهم بزيارة الدكتور على جمعة ومحاضرته التى أسعدتهم، كما حكى لى أحد القائمين على مسجد خديجة فى سنغافورة كيف تبرع رجل أعمال صينى للمسجد «بالشندريلا» أى النجفة الكبيرة فى صحن الجامع وكيف أنهم أحضروها من مصر. كما تناولت الغذاء مع السفير فوق العادة زين العابدين رشيد المبعوث الخاص للشرق الأوسط فى أحد المعالم المهمة التى تعرض تاريخ المسلمين بجوار جامع السلطان فى قلب العاصمة، وفى الحى العربى الذى يزخر بأسماء عربية، لقد شاهدت الرجل وهو حريص على التواصل مع الناس، إلا أنه هو وجميع الأصدقاء الذين التقيتهم كانوا دائما ما ينتهى الحوار بالسؤال عن مصر وأحوالها وأزهرها وناسها وتاريخها، وأحسب أن لدينا تاريخا يجمعنا وقضية نواجهها معا وهى التصدى للإرهاب والتطرف، والعيش معا فى تناغم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.