أشاد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه أمس الرئيس السنغافورى تونى تان بمقر القصر الجمهورى فى ثانى أيام زيارته لسنغافورة ، بالتطور والتقدم الذى يحرزه الشعب السنغافوري، متمنيا لهم مزيداً من الرخاء، كما أشاد الرئيس بالمواقف السنغافورية الداعمة لإرادة الشعب المصرى وخياراته الحرة، و بالمشاركة الفاعلة لسنغافورة فى مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى بشرم الشيخ وافتتاح قناة السويس الجديدة. وقد أقيمت للرئيس ، قبيل اللقاء ، مراسم الاستقبال الرسمى وتم استعراض حرس الشرف، وعزف السلام الوطنى للبلدين. وصرح السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمى باسم الرئاسة، بأن الرئيس أعرب عن شكره وتقديره للرئيس السنغافورى على حفاوة الاستقبال والأجواء الإيجابية التى تسود الزيارة، مشيراً إلى حكمة القرار المصرى بالمبادرة إلى الاعتراف بسنغافورة فى ستينيات القرن الماضي. ومن جانبه ، أشار الرئيس السنغافورى إلى أن هذه الزيارة تعد الأولى لرئيس مصرى إلى بلاده، واعتبرها انطلاقة كبيرة علاقات بين البلدين. وأشار إلى أن الزيارة تتزامن مع احتفالات سنغافورة باليوبيل الذهبى لإقامتها، مشيرا إلى أن مصر كانت من أوائل الدول التى اعترفت بسنغافورة وساعدتها على الانضمام لحركة عدم الانحياز، كما أن السفارة السنغافورية بالقاهرة تعد أقدم بعثة دبلوماسية لسنغافورة على مستوى العالم، وهو الأمر الذى يعكس عمق علاقات التعاون بين البلدين والشعبين الصديقين. كما أشاد الرئيس السنغافورى بمشروع قناة السويس الجديدة وإنجازه فى زمن قياسى خلال عام واحد فقط، وهو الأمر الذى اعتبره الرئيس السنغافورى دليلاً على قدرة الشعب المصرى على العمل والإنجاز وثقته فى حكمة القيادة السياسية المصرية. وأشار «تان» إلى أن قناة السويس الجديدة تُعد بحق «هدية مصر» إلى العالم، نظراً لدروها المحورى فى تيسير حركة الملاحة الدولية. وذكر السفير علاء يوسف أن الرئيس أشار إلى تطلع مصر للاستفادة من الخبرة السنغافورية فى عدد من المجالات، ومن بينها تحلية ومعالجة المياه وتطوير الموانى مشيرا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد العديد من المشروعات التنموية التى ستنفذها مصر، ومن بينها مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، التى تضم ستة مواني، بالإضافة إلى تقديم الخدمات اللوجستية، وإنشاء عدد من المناطق الصناعية فى البحر الأحمر ومنطقتى العين السخنة وشرق بورسعيد .وقد رحب الرئيس السيسى بالاستثمارات السنغافورية فى مختلف المشروعات المطروحة، حيث استعرض الإجراءات والتشريعات التى اتخذتها وأصدرتها مصر أخيرا من أجل جذب الاستثمارات وتهيئة المناخ المناسب لذلك. وأعرب الرئيس السنغافورى عن تطلع بلاده للعمل والاستثمار فى مصر، مشيرا إلى أن لقاء الرئيس مع رجال الأعمال السنغافوريين يُعد فرصة مناسبة للتعريف بالاجراءات التى اتخذتها مصر لجذب المزيد من الاستثمارات، مشيرا إلى خبرة بلاده فى مجال إنشاء وإدارة المواني، وكذا فى مجال تحلية ومعالجة المياه التى كانت تعتمد سنغافورة على دول الجوار لتوفيرها وأصبحت الآن تحقق اكتفاءً ذاتياً عبر التكنولوجيا الفائقة لتحلية ومعالجة المياه. وعلى صعيد التعاون فى مجال التعليم، أشاد الرئيس السنغافورى بالدور المحورى الذى يقوم به الأزهر الشريف فى تعليم الطلبة السنغافوريين، حيث يدرس به حالياً نحو ثلاثمائة طالب سنغافوري، مثنياً على دور خريجى الأزهر السنغافوريين، وفى مقدمتهم مفتى سنغافورة، فى التعريف بصحيح الدين الإسلامي، ونشر قيم الاعتدال والوسطية والتسامح فى المجتمع، وهو الأمر الذى يساهم بفاعلية فى مكافحة الفكر المتطرف، ويحصن الشباب ضد خطر الانضمام للجماعات الإرهابية والمتطرفة. وفى سياق متصل، أشاد الرئيس السنغافورى بدعوة الرئيس إلى تصويب الخطاب الديني، مثنياً على موقف مصر القوى فى مكافحة الإرهاب وجهودها المبذولة من أجل دحره والقضاء عليه. وأوضح المتحدث الرسمى أن الرئيس السيسى أكد أهمية قيمة التعايش السلمى وضرورة التصدى بقوة وفاعلية للإرهاب، أخذاً فى الاعتبار آثاره المدمرة فكرياً واقتصادياً، مؤكداً أن أعمال العنف والقتل والتخريب هى أبعد ما تكون عن قيم الإسلام السمحة النبيلة التى تحض على الرحمة والتسامح وقبول الآخر. وأعرب الرئيس عن استعداد مصر للتعاون مع سنغافورة فى مجال تدريب وتأهيل الأئمة وعلماء الدين من خلال الأزهر الشريف ليتمكنوا من توجيه الشباب نحو الاتجاه السليم، والاستفادة من طاقاتهم فى مختلف المجالات المفيدة للمجتمع. ومن جانبه، أعرب الرئيس السنغافورى عن توافقه مع رؤية الرئيس بشأن مكافحة الإرهاب وأهمية التعايش السلمى ، وقال إن بلاده تستوعب العديد من الديانات والثقافات وتحرص على التعاون وتحقيق التوافق المجتمعي. وأشار فى هذا الشأن إلى أهمية الدور الذى يقوم به مركز الوئام الدينى الذى زاره أمس الرئيس السيسي، مضيفا أن مكافحة الإرهاب يتعين أن تتم من خلال استراتيجية شاملة لا تقتصر على الجوانب الأمنية فقط بل تمتد لتشمل أيضاً الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية وإعادة تأهيل المجتمع ليغدو أكثر تسامحاً. وأكد «تان» أهمية تعزيز التعاون والتواصل بين المؤسسات السنغافورية ونظيراتها المصرية فى مختلف المجالات. وأضاف المتحدث الرسمى أن الرئيس وجّه الدعوة إلى الرئيس السنغافورى لزيارة مصر، وهو الأمر الذى رحب به الرئيس السنغافوري، معرباً عن تطلعه لإتمام الزيارة للتعرف عن قرب على التجربة المصرية والاطلاع على التقدم الذى حققته مصر خلال العام الأخير، ولاسيما على الصعيد الاقتصادي. وعقب اللقاء ، اجتمع الرئيس بمقر القصر الجمهورى أيضاً مع رئيس الوزراء السنغافورى «لى هزين لونج»، حيث أشاد الرئيس بحكمة الزعيم التاريخى لسنغافورة «لى كوان يو» والد رئيس الوزراء الحالي، واهتمامه بالتصنيع كعنصر ضرورى لعملية التنمية الشاملة، فضلاً عن حرصه على عدم الاِعتماد على المُساعدات الخارجية وتأكيده على الاستثمارات الوطنية. ومن جانبه، أعرب رئيس الوزراء السنغافورى عن عميق امتنانه لإشادة الرئيس بوالده ودوره فى تأسيس سنغافورة والنهوض بها، مشيرا إلى اعتزاز بلاده بالدور التاريخى الذى قامت به مصر للاعتراف باستقلال سنغافورة وبعلاقات الصداقة الوطيدة التى جمعت بين الرئيس الراحل «جمال عبد الناصر» والزعيم السنغافورى «لى كوان يو». وأعرب الرئيس عن تطلعه لترجمة العلاقات التاريخية بين البلدين إلى خطوات عملية جادة للتعاون والعمل المشترك فى عدد من المجالات ذات الأهمية الحيوية، مشيرا إلى أن مصر ترغب فى تعميق تعاونها مع سنغافورة فى مجال التعليم العام والفنى والارتقاء بجودة التعليم الذى يتلقاه حوالى 22 مليون طالب مصري. وأشار رئيس وزراء سنغافورة إلى توافق البلدين فى الرؤي، سواء إزاء سبل إدارة العلاقات الثنائية أو فيما يتعلق بالقضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك. وفى هذا الإطار، أكد رئيس الوزراء السنغافورى دعم وتأييد بلاده لحصول مصر على العضوية غير الدائمة لمجلس الأمن لعاميّ 2016/2017. وأشار «لونج» إلى أهمية الاستثمار فى الكوادر البشرية عبر التعليم والتدريب الجيد، مستعرضا تجربة بلاده فى هذا الصدد، ومشيراً إلى معهد التدريب الفنى فى سنغافورة ودوره فى تخريج العمالة الماهرة. وأشار الرئيس السيسى إلى أنه فى إطار فعاليات زيارته إلى سنغافورة سيقوم المسئولون المصريون المعنيون بزيارة إلى المعهد للتعرف على الخبرة السنغافورية فى هذا الصدد. وكان الرئيس قد استهل اليوم الثانى لنشاطه فى سنغافورة بزيارةٍ إلى حديقة النباتات التى تقع على مساحة 74 هكتاراً وتُصنَف كثالث حديقة للنباتات على مستوى العالم. وشهد الرئيس مراسم تسمية إحدى زهور «الأوركيد» باِسمه، وذلك فى تقليد تتبعه سنغافورة، حيث تقوم بتسمية زهور الأوركيد بأسماء رؤساء الدول وكبار الشخصيات الدولية الزائرة لسنغافورة. وأوضح المتحدث الرسمى أن الرئيس أعرب عن خالص تقديره وامتنانه لهذه اللفتة الكريمة التى تعكس عمق العلاقات المتميزة التى تجمع بين البلدين والشعبين الصديقين، مشيداً بهذا التقليد الحضارى الذى يدلل على رقى سنغافورة وشعبها ويأتى متسقاً مع اهتمامها بالبيئة. وقد تم إهداء الرئيس كُتَيباً عن حديقة النباتات احتفالاً بمرور مائة وخسمين عاماً على إنشائها.